اشتداد الهجوم على حقوق العمّال والحل في الوحدة والنضال


حزب العمال التونسي
2005 / 3 / 13 - 11:24     

قطاع النسيج في تونس:
اشتداد الهجوم على حقوق العمّال والحل في الوحدة والنضال
170 عاملة بشركتي النسيج حنبعل1 وحنبعل2 بزرمدين من ولاية المنستير، وجدن أنفسهن خلال المدة الأخيرة على قارعة الطريق بعد أن قرر صاحب هاتين المؤسستين، وهو رأسمالي تونسي، غلقهما بدون سابق إنذار أو احترام للإجراءات القانونية الدنيا مما دفع العاملات إلى الاعتصام بدار الاتحاد المحلي قبل أن يغلق أعوان البيروقراطية أبوابه في وجوههن بأمر من المكتب التنفيذي. وما حصل بزرمدين لا يمثل حالة شاذة سواء بجهة المنستير مركز ثقل النسيج بالبلاد (822 مؤسسة تشغّل حوالي 50 ألف عامل وعاملة) أو بمناطق البلاد. وبالخصوص مناطق الساحل وبن عروس والشرقية. فهو جزء من ظاهرة عامة هي ظاهرة الطرد الجماعي للعمال التي ما انفكت تستفحل في السنوات الأخيرة والتي ينتظر أن تزداد استفحالا في السنوات المقبلة وبشكل خاص في قطاع النسيج بعد تحريره وإلغاء نظام الحصص الذي كانت تونس تستفيد منه. لقد قدّر أهل الاختصاص أن نسبة كبيرة من مؤسسات قطاع النسيج الذي يمثل العمود الفقري للصناعات المعملية (أكبر مشغّل لليد العاملة (50%) ونصف قيمة إجمالي الصادرات) ستفلس وأن 100 ألف عامل على الأقل سيجدون أنفسهم على قارعة الطريق يعززون صفوف جيش العاطلين عن العمل.

وكالمعتاد يحاول نظام بن علي التفصّي من مسؤولية ما يجري في قطاع النسيج بشكل خاص وفي مختلف القطاعات الصناعية الأخرى بشكل عام ليلقيها على عاتق "الظروف الدولية" و"اشتداد المنافسة"… أو على العمال أنفسهم… ولكن المسؤولية تبقى في الحقيقة مسؤوليته. فالاختيارات الاقتصادية التي رهنت البلاد لدى الدول والمؤسسات الأجنبية النهّابة اختياراته هو ولم يكن للعمال بشكل خاص وللشعب بشكل عام أي رأي فيها. كما أن الحال الذي عليه قطاع النسيج من من تدن مفرط لدرجة الاندماج (90% من الـ513 مؤسسة "معدة للتصدير بولاية المنستير هي مؤسسات مناولة، توفر اليد العاملة البخسة في حين أن بقية عناصر الإنتـاج من آلات وتجهيزات ومواد أولية يقع استيرادها من الخارج) مما يجعله على غاية من الهشاشة هو من مسؤولية نظام بن علي الذي لم يعمل على تطوير هذا القطاع وتحقيق اندماجه بالكامل أو على الأقل بنسبة كبيرة تقيه ولو إلى حد من التأثيرات الخارجية. وبالإضافة إلى ذلك فإن نظام بن علي هو المسؤول عن القوانين التي تسهّل على أصحاب رأس المال المحليين والأجانب طرد العاملات والعمال دون أن يجدوا الحماية اللازمة.

لقد وفـّر بن علي كل التشجيعات والتسهيلات والضمانات لأصحاب رأس المال كي يكدسوا الأرباح الطائلة. ولكنه لم يوفر أي شيء لحماية العمال بل إنه جردهم من حقوقهم الأساسية النقابية والسياسية حتى لا يقدروا على الدفاع عن تلك الحقوق. وقد لقي في البيروقراطية النقابية (جراد وبطانته) خير حليف له ضد العمال. فهذه البيروقراطية ساندت ولا تزال اختيارات بن علي الاقتصادية والاجتماعية المعادية للعمال والشعب (خوصصة المؤسسات، خوصصة التعليم والصحة، تحرير الأسعار، الزيادة في الضرائب والأداءات…). كما ساندت التشريعات المضرة بحقوق العمال وفي مقدمتها حق الشغل. وقد لاحظ العمال والعاملات بأنفسهم تخلي هذه البيروقراطية عنهم في أوقات الشدة. وهي لا تتورع عن التهجم على الذي يساندونهم من مناضلي الأحزاب السّياسية والمنظمات والجمعيات الحقوقية إضافة إلى كونها ترفض تعبئة العمال والعاملات في القطاع ذاته أو في الجهة أو على مستوى وطني لمواجهة سياسة الطرد الجماعي. وموقف البيروقراطية هذا ليس جديدا إذا عرفنا أنها تشكل جزءا لا يتجزأ من نظام بن علي، تعيش من فـُتاته مقابل تدجين العمال وإخضاعهم.

وأمام هذا الوضع ليس أمام عمال النسيج نساء ورجالا سوى التعويل على أنفسهم وعلى العناصر النقابية القاعدية المنتخبة من صفوفهم لمواجهة المصير البائس الذي يتهددهم. إن أخطر ما يمكن أن يحصل هو أن يظل عمال هذا القطاع يواجهون أوضاعهم بشكل منفرد مما يسهّل على الأعراف والسلطة والبيروقراطية النقابية إفشال تحركاتهم الجزئية والتلاعب بحقوقهم. إن مصلحة عاملات وعمال النسيج تقتضي منهم التوحد حول لائحة تظمّ مطالبهم المباشرة (منع الطرد الجماعي، توفير ضمان مالي من أصحاب الشركات لضمان حقوق أجرائهم عند تسريحهم، مراجعة التشريعات لحماية حقوق الشغالين وفي مقدمتها الحق في الشغل، إخضاع المؤسسات زاعمة الإفلاس لتسيير العمال وتقديم الدعم لهم، معاقبة الأعراف المتلاعبين بمصالح العمال) كما أنها تقتضي السعي إلى إيجاد نوع من التنسيق يتجاوز الهياكل النقابية التي تدافع عن مصالحهم.

ومن المؤكد أن العاملات وعمال النسيج سيجدون إلى جانبهم إذا تحركوا بشكل جماعي وفعال كل النقابيين النزهاء من مختلف القطاعات الأخرى. كما سيجدون إلى جانبهم كافة القوى الديمقراطية والتقدمية ومنها بالطبع حزب العمال الذي كان ولا يزال مدافعا أمينا عن مصالح الشغالين.