قراءة في برنامج مرشحي الرئاسة فيما يخص العمال ومطالبهم


فاطمة رمضان
2012 / 6 / 20 - 22:12     

بدأ كل من مرشحي الرئاسة محمد مرسي وأحمد شفيق برنامجيهما لانتخابات رئاسة الجمهورية، بالحديث عن ثورة 25 يناير، وأهدافها، وطلب كل منهما ثقة الشعب المصري، وطبعاً أصواته، من أجل استكمال مطالب الثورة، ووفاء لدم الشهداء، وإن أختلف كل منهما في الحديث عن طبيعة الدولة، سواء الدولة المدنية أوالدولة الدينية (وهو ما لا نستطيع التوسع فيه الآن)، وربما وجدنا كلام عن دعم المواطنة في برنامج شفيق، في مقابل الكلام عن الفهم الوسطي الشامل للشريعة الإسلامية في برنامج مرسي.
وإن كان من الواضح تماماً في برنامج شفيق طمأنة قيادات المجلس الأعلي للقوات المسلحة، علي مصالحهم، سواء فيما يخص عدم خضوع ميزانية القوات المسلحة للمحاسبة بحجة حماية الأمن القومي المصري، أو أن أنشطة القوات المسلحة ضرورة استراتيجية، وتدفع الضرائب، كذلك الحديث عن الأمن بشكل مباشر، وعن استعادة هيبة الدولة علي الجميع بلا استثناء، وفرض الأنضباط في الشارع المصري أمنياً وإدارياً، إعادة الثقة في جهاز الشرطة، توفير كل ما يحتاجة جهاز الشرطة من دعم مالي وفني لترسيخ الأمن، كل ذلك دون الحديث عن التطهير أو المحاسبة أو إعادة الهيكلة بشكل واضح، أي أننا أمام نموذج إعادة نظام حسني مبارك بكل ما فيه.

ولكن بالقراءة المتأنية في برنامجي المرشحان لرئاسة الجمهورية أحمد شفيق ومحمد مرسي فيما يخص العمال، نجد أن أي منهما لا يعبر عن العمال ولا عن أمالهم وطموحهم في "عصر جديد أو وطن أفضل" كما عنون شفيق برنامجه، ولا هو "مشروع نهضة ..إرادة شعب" كما عنون محمد مرسي برنامجة، لأن برنامج كل منهما يحتوي في طياته بالنسبة للعمال نفس السياسات التي ناضلوا ضدها في العقدان الأخيران، سياسات الليبرالية الجديدة بما تحوية من خصخصة أغلقت المصانع وشردت العمال، والتي أدت لتأقيت علاقة العمل حتي أن العامل أو الموظف يعمل لعشرات السنين ويخرج للمعاش دون أن يثبت أو يؤمن عليه، فيخرج ليجد نفسه وأسرته بدون أي معاش أو دخل بعد أن يكون قد وصل لسن لا يستطيع فيه العمل، وفي أحسن الأحوال يجد معاش ضئيل لا يكفيه وأسرته العيش الحاف، وفي برنامجيهما نفس قانون العمل بما فيه من تعسف وظلم وحقوق لصاحب العمل في فصل العامل، وإن استطاع فليذهب للمحكمة وتبقي قضيته بها سنوات عديدة، وهو بدون أي دخل، وإن كسب القضية فليس في القانون ما يجبر صاحب العمل علي تنفيذ حكم المحكمة، ونفس الظلم في الأجور، فشفيق يتحدث عن الحد الأدني دون أن يتطرق للحد الأقصي، والأخوان عندما يتحدثون عن الحد الأدني والحد الأقصي وجدناهم يتحدثون عن حد أدني 700 جنيه محسوباً فيها ليس الأجر الشامل فقط، بل ومحسوباً فيها حصة التأمينات التي يدفعها العامل وصاحب العمل، أي أن ما يتقاضاه العامل في يده ربما لا يصل لـ 500 جنيه شهرياً، ويتحدثون عن الحد الأقصي 35 ضعف وليته عام علي كل موظفي الدولة بل في كل وحدة ومؤسسة علي حدة، وكلاهما يتحدث عن تشجيع الأستثمار، وكلنا يعرف أن تشجيع الأستثمار لا يأتي إلا علي حساب العامل خصوصاً في بلد كل ما يميزها هو رخص الأيدي العاملة مع وفرتها، وجدنا في برنامج مرسي بشكل واضح نصوص ضد الحرية النقابية، فقد تحدث فقط عن العمل علي تعديل في قانون النقابات العمالية والذي يحافظ علي أتحاد العمال الذي كان وما زال أداة في يد الدولة والأمن ضد العمال ومصالحهم، و الذي يعمل الأخوان علي الهيمنة عليه بعد إزاحة مجاور ورجاله، فلا يريدون أي منافس في هذا المجال، وفيما يلي بعض مما ورد من نقاط في هذا المجال في برنامجي المرشحين:

1- ففي الوقت الذي وجدنا فيه مرسي يتحدث عن تحسين مناخ الأستثمار والقضاء علي معوقات إنطلاق القطاع الخاص، والأستفادة من الاستثمارات الأجنبية، وفي موضع آخر وجدنا في برنامج مرسي نص "زيادة القدرة التنافسية لمصر كمركز للاستثمار والأعمال وزيادة الأقبال علي الأستثمار في مصر"، نجد أن برنامج شفيق نص بشكل واضح علي "توفير كل السبل القانونية والإجرائية التي تؤدي إلي جذب الأستثمارات الأجنبية وتقديم مزايا خاصة للاستثمارات العربية"
2- وفي الوقت الذي وجدنا فيه برنامج مرسي يتحدث علي استحياء عن العمل علي ترشيد سياية الخصخصة وضبطها...، وجدنا شفيق لا يكفية وتيرة الخصخصة التي أغلقت المصانع والشركات، فهو يتحدث عن استراتيجية جديدة للتعامل مع الأصول المملوكة للدولة من خلال تطوير وتحديث نظم الإدارة وإخضاعها لمعايير التنافس، ولم ينسي أن يضع "مع حماية حقوق العمالة"، فكلاهما مع الخصخصة في النهاية.
3- ولأن شفيق يعلم جيداً بأن سياساته التي يطرحها سوف يكون ضحيتها العمال لا محالة، فقد جاء في مشروعة بشكل واضح "تبني مشروع قانون للتأمين ضد البطالة بما يضمن الحياة الكريمة لمن يفقدون فرص العمل التي كانوا يعملون بها بسبب دوران الأقتصاد"
4- وفي الوقت الذي لم يأتي ذكر للعمالة المؤقتة في برنامج شفيق وجدنا في برنامج مرسي التهرب من تثبيت العمالة بشكل خفي فقد أتي في برنامجه "العمل علي تثبيت العمالة المؤقتة أو توفير مرتبات وظروف عمل تضمن الأستقرار والمساواة" إذا أستطاعت الحكومة توفير مرتبات مساوية لزملائهم المثبتين، وتضمن لهم الأستقرار أي عدم الفصل ما هو المانع في تثبيتهم، ولماذا يظلون مؤقتين في هذه الحالة؟؟
5- في الوقت الذي جاء في برنامج شفيق "تطوير القوانين المنظمة للنقابات والتأكيد علي استقلال العمل النقابي وحرية إنشاء النقابات وتوسيع التمثيل النقابي لفئات المجتمع المختلفة"، وجدنا برنامج مرسي ينص بشكل واضح علي عدم السماح بالحرية النقابية فبدلاً من الحديث عن قانون الحريات النقابية وجدنا النص التالي "تعديل قانون 35 (قانون النقابات القديم الذي ينص علي اتحاد عمال واحد) بزيادة الحرية والحيلولة دون التفتت"، ليس هذا فقط بل وجدناه يعمل علي أحياء كل الأشكال التنظيمية التي ماتت فنجدهم يتحدثون عن وضع خطة لتطوير دور الأتحاد التعاوني الزراعي، وتفعيل نقابة العاملين بالزراعة والري، وذلك في مواجهة التنظيمات النقابية التي نشأت من رحم ثورة 25 يناير سواء نقابات العمال أو الفلاحين، ولسد الطريق أن يُنشأ الفلاحين والحرفيين أشكال تعاونية جديدة تناسبهم وتعبر عنهم وعن مصالحهم بحق.
6- الكلام عن حد أدني للأجور يضمن حياة كريمة للمواطن في برنامج شفيق، وجدنا تقريباً نفس النص عند مرسي مع إضافة الحد الأقصي ولم يقل لنا كم ضعف من الحد الأدني، وتحدث عن أن الأجر الأساسي هو عماد الراتب.
7- في الوقت الذي لم يأتي ذكر لقانون العمل في برنامج شفيق، وجدنا مرسي يتحدث عن تعديل بعض مواد قانون 12 لسنة 2003، بما يضع توازن عادل بين صالح العمل ورجال الأعمال وبين تحقيق مرتبات وظروف عمل أفضل للعامل، معني هذا أن أيا منهما لا ينتوي علي إصدار قانون عمل جديد يحمي الطرف الضعيف في المعادلة وهو العامل، وخصوصاً ضد الفصل والذي يضمن للعامل بقية حقوقه.

كل ما ذكرناه وغيره الكثير مما يصبح بجانبه معني لجمل عامة مثل "تحسين الظروف المعيشية للعمال والفلاحين"، أو "القضاء علي الفقر والبطالة"، و" تفعيل وتنظيم الدور الاجتماعي لرجال الأعمال" في برنامج مرسي، أو عبارات مثل "تبني استراتيجية لمكافحة الفقر والنهوض بالمناطق الفقيرة"، "الحفاظ علي دعم السلع الأساسية لمحدودي الدخل، و تحسين جودة السلع المقدمة علي البطاقات التموينية" في برنامج شفيق لا معني لها.
ونحن عمال مصر نقول لكل من السيدان أحمد شفيق ومحمد مرسي، المرشحان لرئاسة الجمهورية في الجولة الثانية، نعدكم بأننا سوف نستكمل إضراباتنا واعتصاماتنا ضد سياستيكما، أيا إن كان الفائز منكما لأنكم لا تعبرون عنا، وتتبنون سياسات ضد مصالحنا وحقوقنا بشكل مباشر.