عمال يتصدون لتظاهرة جماهيرية عمالية بالحجارة


فلاح علوان
2011 / 10 / 28 - 21:06     


واجه نحو 400 من العاملين بالتحميل في منفذ صفوان الحدودي التظاهرة الجماهيرية التي نظمت الاسبوع الماضي بقصد قطع المنفذ الحدودي والاعتصام هناك احتجاجا على انشاء ميناء مبارك من قبل السلطات الكويتية.
قام عمال التحميل برشق المتظاهرين بالحجارة لاغلاقهم المنفذ الحدودي، معتبرين الامر سيتسبب في وقف عملهم في التحميل، وقد تدخلت قوات الشرطة الموجود هناك لوقف المهاجمين، بعد ان منعت المتظاهرين من الوصول الى البوابة الرئيسية، وطلبت من المتظاهرين مغادرة المكان.
التظاهرة الجماهيرية التي جرى الاعداد لها منذ اكثر من اسبوع جرت بمشاركة نقابة عمال ميناء الفاو وبحضور رئيس النقابة، وقد قام النقابيون المشاركون بتوزيع بيان اتحادهم اتحاد المجالس والنقابات العمالية في العراق، رافعين لافتات الاتحاد ايضاَ، غير ان هذا لم يكن كافيا ولم يمنع العتالين المعدمين من مهاجمة التظاهرة.
العتالون يعيشون من عملهم اليومي، وبالتالي فان عدم حصولهم على عمل ليوم واحد له ضرره عليهم، وسيكون مفهوما عدم اشتراكهم في الاعتصام لهذا السبب، غير انهم شاركوا في التظاهرة السابقة بصورة واسعة. ان امتناعهم عن مساندة رفاقهم المتظاهرين، ربما يمكن تبريره، ولكن مهاجمة التظاهرة وبخاصة من العمال الاطفال ممن هم دون سن العمل، فان هذا امر له دلالاته.
من جانب اخر فان التظاهرة هي للاحتجاج ضد انشاء ميناء مبارك الذي سيحرم مئات الالاف من العمال من وظائفهم . ان 400 عتال ربما سيخسرون يوم عمل وبالتالي تكاليف معيشة يوم، ولكن هذا لم يكن كافيا ليبرر مهاجمة المتظاهرين الذين يتصدون لحرمان مئات الالاف من اعمالهم ، وبالاخص من قبل عمال مثلهم. ان تعبئة ضد التظاهرة قد جرت، بحسب العمال المتظاهرين، من قبل مسؤولين وتجار يهمينون على التجارة اليومية الواسعة في منفذ صفوان، انهم يتعاملون بملايين الدولارات يومياَ، وسيكون توقف العمل في منفذ صفوان سببا كافبا لهم للتحريض والتعبئة والانفاق ضد ممارسة تعرقل التظاهرة والاحتجاج، بل ولكل حركة مستقبلية ولكل اعتصام.
ان عمالا متأخرين سياسياَ وتنظيمياَ يمكن ان يكونوا عرضة في اي لحظة للدعاية البرجوازية وحتى لمعاداة رفاقهم العمال، سواء عن طريق الدعاية السياسية المعادية او التعبئة والتخويف والتهديد او عن طريق افساد مجموعة عمال متنفذين او ارشاء مجموعة اخرى. وحيث ان اي برجوازية على سطح الارض لا يمكنها باي حال من الاحوال، رشوة مجمل الطبقة العاملة، فانها لن تتوقف عن الدعاية والافساد وبث روح الفرقة والاحباط والفردانية وتفتيت الصفوف. ان البرجوازية ومن خلال ممثليها السياسيين يمكنها لعب هذا الدور بغياب التنظيم العمالي والوعي السياسي في صفوف الطبقة العاملة.
ان البرجوازية تقوم دوما وفي كل مكان بزرع الشقاق والصراعات بين العمال، سواء باستخدام كاسري الاضرابات ضد العمال المضربين او باستخدام الاقسام المتخلفة من البروليتاريا والبروليتاريا الرثة ضد الحركات الثورية، وقد شهدنا مناسبات عدة وعلى شاشات التلفزيون تبين ضرواة المواجهة بين المعدمين والجمهور الثائر.
مهما يكن من امر التعبئة والتحريض والافساد الذي مارسته او تمارسه البرجوازية عبر ممثليها ضد مصالح العمال، وباستخدام عمال مثلهم وليس بوليس وقوى امنية لقمع التظاهرة، الا ان هذا لم يكن ليتم قطعا وبهذه الصورة، اي ان يفوق عدد المهاجمين عدد المتظاهرين لولا كون فئة العتالين الذين يعيشون من كدهم اليومي وهم فرادى، غير منظمين، غير مرتبطين بباقي العمال في قطاعات اخرى، وبكلمة انهم غير مرتبطين تنظيميا او سياسيا بباقي اقسام طبقتهم، او ليسوا على وعي طبقي بانهم شركاء للعمال المحتجين وشركاء لمئات الاف العمال الذين سيفقدون وظائفهم وشركاء للعاطلين عن العمل الذين هم عمال فقدوا وظائفهم او هم يبحثون عنها.
لقد كشفت هذه المواجهة ضعف الحضور السياسي للطبقة العاملة في العراق وتشتتها وتاخرها النظري والفكري والتنظيمي.
وفي نفس الوقت قوة ونفوذ الفردانية، وهي من تاثيرات ونفوذ الطبقات المسيطرة، وضعف الانتماء للطبقة
عدم ترابط اجزائها ومكوناتها، ضعفها التنظيمي، ضعف الوحدة الطبقية، وضعف التيارات الاشتراكية داخلها.
ان النقص التنظيمي والسياسي لا يقتصر على العمال المهاجمين للتظاهرة، ان القسم النشيط من العمال الذين شاركوا في التظاهرة، لم يستند في عمله على تعبئة العمال كفاية، لقد شارك كجزء من تيارات وطنية ومخالفين لمشروع ميناء مبارك، من مسؤولين وتجار وناشطين شباب، دون التعريف بالسياسة المستقلة للعمال وبالمصالح المستقلة للطبقة العاملة.
وفضلا عن ان المسالة لا تتعلق بنضال اقتصادي مباشر، فانه يستوجب القيام بتعبئة وتحريض ودعاية واسعة في اوساط عموم العمال لكشف الخطر الفعلي الذي يتهدد مئات الالاف بل ملايين العمال. انا لا اقصد بهذه المقالة ان اضيف بحثا جديدا الى موضوع تم طرحه نظريا وسياسيا منذ اكثر من قرن، وانما قصدت الاشارة الى واقعة حصلت امام اعيننا وعشناها كاتحاد عمالي وكناشطين عماليين، برهت بوضوح وسطوع ان اساليب البرجوازية منذ مئات السنين هي هي، وان العمال المتاخرين هم عرضة لان يكونوا ضحية واداة بيد الطبقات المسيطرة، وان توجيهنا هذا الطرح لهم وايصاله الى صفوفهم عبر الناشطين والمنظمين، سيكون خطوة باتجاه تجريد البرجوازية من هذا السلاح، عبر ترسيخ الوعي الطبقي وتنظيم في صفوف العمال.