التهديد والوعيد جرائم يرفضها القانون والدستور


مصطفى محمد غريب
2010 / 8 / 20 - 13:17     

على ما يبدو أن البعض من المسؤولين في وزارة الكهرباء لم يتعظوا من تجارب التاريخ ليس في العراق فحسب بل في العالم، لم يستفيدوا من النهايات المخزية لدهاقنة الدكتاتوريين والعنصريين والفاشيين والنازيين وقادتهم الذين أصبحوا في مزبلته، والعالم المتحضر يبصق عليهم وعلى ما فعلوه من جرائم ضد العمال والحركة النقابية، ولم تكن لهم عبرة من تاريخ العراق ونضال الطبقة العملة العراقية الوطني والاجتماعي والطبقي وكيف أصبح الذين عادوها وحاربوا قادتها بالمعتقلات والسجون والتعذيب والإعدام نكرات أمام الشعب، هؤلاء الأحفاد يناطحون برؤوس من طين ضد الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي وهم ماضون في غيهم وحقدهم على التنظيم النقابي والنقابيين من العمال، ويبدو أن لغة التهديد مازالت تمارس بشكل علني بعدما كانت باطنية تحاك فيها الأحابيل وسبل التضليل وخداع المجتمع بحجة المصلحة العامة، ويحضرنا التشابه عندما أعلن ما يسمى مجلس قيادة الثورة بحل التنظيم النقابي في قطاع الدولة والمختلط حيث طُبل له بأنهُ لمصلحة العمال والمصلحة العامة فكم هزلت الفكرة وكم هُزل التشابه! .
إن مكتب المفتش العام في وزارة الكهرباء كما يظهر يعتبر نفسه قانوناً فوق الدولة والشعب وإلا كيف يستطيع إصدار أمراً لحظر كافة النشاطات النقابية غير المسجلة أصوليا " لا نعرف كيف يصنف المدعي العام ومن يتفق معهُ ما بين الأصولي واللااصولي " فهو يربط ما بين هذا التنظيم ومنظمات المجتمع المدني التي لا تتخذ من المواقع والأبنية الحكومية مقرات لها وبين اللجان النقابية ومقراتها، ويتهم بكل صراحة وبدون أي سند مادي أو قانوني بان النشاطات النقابية " ممارسات ومخالفات إدارية ومالية" ألا يجدر به أن لا يُحمل التنظيم النقابي ذنب أشخاص قد يمثلون جهات معينة ويتمتعون بحصانة حزبية حكومية مُرحلين إساءاتهم ومخالفاتهم القانونية على التنظيم النقابي ويحيل أي شخص مهما كان مركزه الوظيفي والنقابي إلى القانون ليحاسب كشخص لا يتحمل وزر أعماله لا التنظيم النقابي ولا النقابات، ولا ندري كيف يستطيع التنظيم النقابي والنقابيين العمال بتعطيل عمل " محطات التوليد " حسب ادعائه وهل راجع تاريخ نضال العمال وتنظيمهم النقابي ووجد أنهم كانوا مخربين للإنتاج وآلاته أم المحافظين عليه حتى في القطاع الخاص فكيف القطاع العام؟ ومن هم الذين يستخدمون التهديد في تعاملهم مع المسؤولين والموظفين؟ فمن يستخدم التهديد له سلطة وسند قوي في الحكومة على الأقل وليست النقابات أو منظمات المجتمع المدني، وإلا لهددوا رئيس الوزراء السابق الجعفري عندما وضع يده على أموالهم بدون وجهة حق ولا بصفة قانونية، ليس من المستبعد أن التوجه الأخير هو استكمالاً لمشوار السيد وزير النفط الذي حارب التنظيم النقابي منذ توليه وزارة النفط وعندما أصبح وزيراً للكهرباء بالوكالة أراد أن يستكمل نشاطه المعادي للتنظيم النقابي في وزارة الكهرباء، وعلى ما يبدو أن تفاني النقابيين المخلصين وعملهم المثابر ومواقفهم ضد قرار وزير النفط والكهرباء وكالة السيد حسين الشهرستاني الذي أصدره في تموز والمخالف للدستور جعل المفتش العام يدخل على خط المواجهة ويهدد بالويل والثبور، ومثلما اعتبر الوزير الشهرستاني العمل النقابي " بمنزلة العمل الإرهابي" فان المفتش يعتبر النشاطات النقابية غير قانونية ويجب أن تكون محظورة إلا إذا أُخذت الموافقة الرسمية وكأنها تابعة للوزارة أو مؤسسات الدولة الأخرى وبهذا يتحول القرار النقابي والعمل النقابي إلى آلة أو دائرة من دوائر الدولة ، وينص التهديد بشكل واضح إن عدم الالتزام والخضوع لهذا القرار سيتم طرد كل من يقوم بنشاط نقابي لأنه غير قانوني، ولعلنا نعود مرة أخرى للتذكير بأن الوزارة تلتزم بقانون العمل الذي شرع في عام 1987 السيئ الصيت والذي تجاوز على حقوق الطبقة العاملة العراقية في دوائر الدولة بتضمنه القرار 150 للعام نفسه والذي قام بإلغاء التنظيم النقابي في قطاع الدولة وهو جريمة ارتكبت من قبل النظام السابق هدفها تفتيت نضال الطبقة العاملة والتوجه لإضعاف وحدتها الطبقية ومكانتها في المجتمع العراقي وبما إن ذلك الفعل اللاقانوني واللاشرعي حاصر التنظيم النقابي في قطاع الدولة والقطاع المختلط فترة من الزمن وطبق بالوعيد والتهديد وإرهاب النقابيين فان وزارة النفط في الوقت الراهن وبعدها امتد الفعل إلى وزارة الكهرباء استعملت الطريقة نفسها الوعيد والتهديد بالشرطة والجيش وهو ما يتنافى مع الدستور العليل الذي أصبح يُفسر حسب أهواء من يريد خرقه.
الطبقة العاملة والحركة النقابية ليست بالسهولة التجاوز على حقوقها المشروعة والمنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية والعربية ولن تسمح بهذا التجاوز غير الطبيعي ومن وزير يقول انه قضى عشر سنوات في سجن النظام السابق وكان المفروض أن يحس بما عاناه النقابيون والتنظيم النقابي من إرهاب وتجاوز وتزييف إرادة العمال ويقف إلى جانبهم بدلاً من هذا التوجه المعادي لهم، نؤكد إذا كان هناك أشخاصاً يستغلون الأوضاع ويسيئون باسم النقابات والتنظيم النقابي فالقانون كفيل بهم لردعهم أما تحميل التنظيم النقابي والعمال الشرفاء وخلط الأوراق فتلك أكثر من جريمة ومن الأفضل التراجع عنها ومحاسبة المقصرين كأفراد مسؤولين عما قاموا به.