الشهرستاني في غطرسة -صدام ألغى النقابات وأنا ألغيها-


مصطفى محمد غريب
2010 / 7 / 28 - 13:20     

عندما نُذكّر ببعض السلبيات لا نهدف إلى التخريب وشحذ المواقف بل الإصلاح بمفهومه الايجابي وما كنا مغرضين عندما وقفنا بالضد من قرار رئيس الوزراء الأسبق الجعفري عندما جمد أموال منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ومازال القرار مستمراً ولم تنفع مع حكومة المالكي عشرات المطالبات برفع هذا التجميد وإطلاق أموال منظمات المجتمع المدني المحجوزة، وأكمل المشوار وزير النفط الحالي حيث أعلن بأن النقابات في مجال النفط وقطاع الدولة غير قانوني معتمداً على قرار سابق صادر من ما يسمى مجلس قيادة الثورة وبتوقيع صدام حسين، وقد تناقلت البعض من وسائل الإعلام تصريحه في هذا الصدد " عدم وجود قوانين تبيح العمل النقابي ولا وجود للديمقراطية وان صدام ألغى النقابات وأنا ألغيها " في هذا الصدد أتذكر مقابلاته مع وسائل الإعلام وحديثه عن اعتقاله عشرة أعوام في عهد صدام حسين وقارنت وضعه حالياً وأنا أقرأ التصريح وقلت لنفسي
ـــ على ما يظهر أن بريق السلطة والجاه والقوة جعلت من صدام بعد ذلك قدوة لهُ.
إن الوزير لم ينتبه وهو في غطرسة المسؤول البيروقراطي بأنه خرق الدستور الذي يعتبر وثيقة قانونية في البلاد حيث أكدت المادة (22) منه تكفل الدستور بالعمل النقابي ، إذاً ليست هناك مشكلة فصدام كان يعتبر القوانين جرة قلم.
منذ أن استوزر الرجل وهو يناصب الحركة النقابية في قطاع الدولة العداء ولو كان الأمر بيده لطور عدائه للحركة النقابية العراقية جميعها وهو يتصيد الفرص بعدما وجد أمامه جداراً فولاذياً من إرادة العمال ودفاعهم عن تنظيماتهم النقابية، ومع إطلالة شهر تموز والاحتفالات بالرابع عشر منه يعود الشهرستاني وزير الكهرباء بالوكالة ليصدر قراراً بإلغاء نقابات العمال في مؤسسات وزارة الكهرباء ويطلب من الشرطة والجيش مداهمة فروعها ومصادرة محتوياتها، لا نعرف لماذا هذا العداء من قبل السيد الوزير للنقابات وعمالها؟ ولماذا هذا الكره للتنظيم النقابي والأخير لم يكن منافساً على منصبه كوزير؟ هل يتصور كونه وزيراً أو مسؤولاً في الدولة انه فوق الطبقة العاملة وتنظيمها؟ أو يتصور انه وبحكم مسؤوليته الوظيفية يستطيع اتخاذ قرارات تلغى مؤسسات نقابية عمالية تمثل عشرات الآلاف من العمال، ألم ينصحه احد من مستشاريه إذا كان هذا تصوره فأنه تصور ساذج ، ألا يستفيد من التاريخ وأحكامه التي كانت بالضد من الذين يتجاوزون حدودهم من منطلق السلطة والمركز السياسي ويعللون قراراتهم غير الموضوعية وتعميمها على الآلاف من العمال ولجانهم النقابية، وما يثير الاستغراب أن القرار الذي صدر بتاريخ 20/7/2010 المرقم ( 22244) باسم وزارة الكهرباء يهدد في حالة المعارضة عليه أو عدم الامتثال له بإحالتهم إلى القضاء بتهمة الإرهاب وفق قانون رقم (13) لسنة 2003 والمادة رقم (4) فهل يتصور الإنسان كم هزلت الأوضاع بهذا القرار وكم يشعر المرء بالإحباط بعدما يقارن تضحيات الطبقة العاملة ومساهمتها في إعادة بناء البلاد وبين موقفه ومواقف البعض من الذين يرون في التنظيم النقابي عدواً يجب الانقضاض عليه والتخلص منه بأي طريقة كانتْ، متناسين أوضاع البلاد والقوى الإرهابية المتكالبة والمليشيات المسلحة والمافيا المنظمة والفساد المالي والإداري والصراع بين الكتل الفائزة على الكرسي الذهبي.
لقد أثار هذا القرار المجحف والمخالف لدستور البلاد حفيظة أكثرية الطبقة العاملة والخيرين من العراقيين ومنظمات المجتمع المدني وصدرت بيانات عديدة تدين القرار وتطالب بالتراجع عنه، بينما أقر مجلس اتحاد النقابات العمالية في البصرة التظاهر السلمي ضده احتجاجاً والمطالبة بإلغاء قرار الشهرستاني القاضي بإغلاق مقرات النقابات العمالية ومصادرة موجوداتها"، وطالبت نقابة ذي المهن الهندسية الفنية في بيانها " بحرية العمل النقابي" والتأكيد على أن عمل النقابات " مهني مطلبي وطني" ومحاسبة المسيئين داخل النقابات وفق القانون ، لان القانون وحده يكفل العدالة وليس الجيش والشرطة.
إننا نعتقد بعد انفضاض اجتماع البرلمان الأخير ولا نعرف متى يجتمع حسب أقوالهم واعتبار حكومة المالكي حكومة تصريف أعمال لن يحق لها عقد اتفاقيات استراتيجية أو إصدار قرارات تخص قضايا مصيرية لفئات اجتماعية واسعة فان قرار الوزير الشهرستاني بالوكالة باطل وليس قانوني لأنه وزير تصريف أعمال لزمن محدد ولحين تشكيل حكومة جديدة فضلاً أننا نحمل مجلس النواب لدورتين سابقتين مسؤولية بقاء القوانين والقرارات الجائرة والتعسفية التي أصدرها النظام السابق ومن بينها قرار 150 لسنة 1987 الذي منع العمل النقابي في قطاع الدولة، لقد كان أكثرية أعضاء البرلمان أما غائبين أبديين أو نصفيين أو يسعون لمكاسب حزبية وشخصية ذاتية وأهملوا الكثير من حقوق المواطنين بما فيها تأجيل القوانين اللازمة لفائدة المجتمع .
إننا ندعوا مع كل الخيرين إلى إلغاء قرار الوزير بالوكالة ووزير تصريف الأعمال، ومن يصف نفسه بصدام حسين عليه أن يرحل عنا وعن الطبقة العاملة ، وعلى شعبنا الوقوف بالضد منه واعتباره غير صالح لخدمة الوطن، فصدام وغيره من الدكتاتورين خط عليهم التاريخ واعتبرهم أعداء ليس لشعوبهم فحسب بل أعداء للبشرية