التدخل في شؤون النقابات العمالية والمهنية مخالف لحرية التنظيم ومبادئ


مصطفى محمد غريب
2009 / 9 / 11 - 23:41     

التدخل في شؤون العمال ونقاباتهم العمالية والمهنية يعد انتهاكاً صارخا لقوانين ومعاهدات منظمة العمل العربية ومنظمة العمل الدولية وتوصياتهما بخصوص حرية التنظيم واستقلالية النقابات وهذه البديهية معروفة ولا يمكن التجاوز عليها إلا إذا أريد من هذا التدخل تحقيق أهداف حكومية وحزبية للسيطرة عليها وحرفها عن أهدافها وفي مقدمتها الدفاع عن مصالح العمال، ومن البديهيات المتعارف عليها أن النقابات شكل من أشكال تنظيم الطبقة العاملة وقد نشأت كحالة موضوعية وذاتية وسطرت أهدافها في هذا الشأن وتطور عملها اللاحق ليضمن ليس القضايا الطبقية وفي مقدمتها المطلبية فحسب بل الوطنية وبخاصة في البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة ، وشارك التنظيم النقابي الحر والطبقة العاملة العراقية في أكثرية النضالات الوطنية دفاعاً عن الوطن والسعي من اجل الاستقلال حتى تكللت نضالات الشعب الوطنية بالنصر وطرد القوى الاستعمارية إلا أن الالتفاف على مشروعية التنظيم النقابي والتدخل في شؤونه الداخلية استمرت في جميع العهود التي مرّ بها العراق وحتى الوقت الحاضر وتسعفنا الذاكرة والآخرين وبخاصة المطلعين على تاريخ نشوء النقابات العمالية والمهنية أن تلك التدخلات استطاعت في العديد من الحالات الهيمنة على قيادتها وتشويه تاريخ النضال النقابي واهم مرحلة وأخطرها هي مرحلة انقلابات حزب البعث العراقي وبخاصة انقلاب 17 تموز 1968 وما جرى من تداخلات وإصدار القوانين التي جعلت من النقابات والتنظيم النقابي عبارة عن منظمة حزبية تابعة للتنظيم الحزبي البعثي ليس لها أي ارتباط بمفهوم العمل النقابي الحر ومخالفة لأبسط الاتفاقيات العربية والدولية التي تنص على عدم تدخل الدولة في شؤون النقابات والعمل النقابي وأصبح التنظيم النقابي والطبقة العاملة غريبان عن بعضهما البعض، فلا الأول يهتم بقضايا العمال ويدافع عن حقوقهم بل العكس فقد أصبح أداة لدفع آلاف العمال إلى مطاحن حرب الخليج الأولى والحروب الأخرى ثم التجسس عليهم وكتابة التقارير الكيدية لزج من يخالفهم بالرأي، والثانية أي الطبقة العاملة ليس لديها ثقة به بعدما أصبح أداة بيد الدولة والحزب الحاكم ، التغيرات التي حدثت بعد سقوط النظام السابق أفرجت البعض من الحريات فبادر العمال إلى استغلالها لإعادة الحياة للتنظيم النقابي وقاموا بتأسيس إتحاداتهم ونقاباتهم العمالية والمهنية وكان عمال النفط الذين غدروا بحل تنظيمهم النقابي منذ 1987 ووفق قرار 150 القمعي الذي الغيّ صفة العمال في قطاع الدولة وجعلهم موظفين متصوراً انه يستطيع تفتيت وحدة الطبقة العاملة وإنهاء الصراع الطبقي وهو تصور غبي وجهل في قوانين المجتمع الطبقي ولهذا فان أول فرصة اتيحت للعمال ( الموظفين!!) حتى نفضوا عنهم غبار التسمية وعاد كل فرعٍ لأصله متجاوزين عقبات عدة ومُتحدّين الإرهاب والمليشيات المسلحة والأوضاع الأمنية المضطربة منطلقين من هدف وطني أصيل للخلاص من الجيوش الأجنبية وإعادة بناء العراق والنضال من اجل الحقوق المشروعة بما فيها حرية التنظيم النقابي والالتزام بالديمقراطية النقابية لكن المشكلة القديمة الجديدة التي واجهت الحركة النقابية هي محاولات التدخل في شؤون النقابات مما يجعلها تتلكأ في عملها الوطني والطبقي حيث يقوم البعض بعرقلة تمتعها بالاستقلالية بعيداً عن الهيمنة الحزبية مما دفع العمال إلى القيام باحتجاجات واعتصامات ومظاهرات عديدة طالبين من الحكومة عدم التدخل في شؤونهم الداخلية والضغط عليهم باتجاه منعهم من مواصلة نضالهم في سبيل الحقوق العمالية المشروعة ومطالبة الحكومة بإلغاء القوانين غير المنصفة وفي مقدمتها القرار 150 الصادر من قبل مجلس قيادة الثورة المقبور إلا أن الذي حدث وبدلاً من الإلغاء تم استغلال القرار المذكور من قبل وزارة النفط ووزيرها لتعلن عدم قانونية التنظيم النقابي وتشكيل النقابات في القطاع النفطي وبهذا تعترف الوزارة ووزيرها بالقرار " ألصدامي " وتعتمده في محاربة العمال والتنظيم النقابي فضلاً عن وجود تفاوت كبير في تطبيق البعض من القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء وبخاصة وزارة منظمات المجتمع المدني وكأنها وزارة منفصلة عن الحكومة حيث لم تنفذ قرارات مجلس الوزراء فيما يخص إجراء انتخابات للهيئات التحضيرية وواجباتها وحول انتخابات النقابات الاتحادية والمنظمات المهنية والاستمرار في وضع اليد على الأموال المحجوزة بقرار من قبل وزارة الجعفري بتاريخ 8/8/ 2005 التي كان من المفروض بحكومة المالكي ووزارة منظمات المجتمع المدني رفع الحجز للمباشرة في الانتخابات وممارسة نشاطاتها الطبيعية وتقوية علاقاتها مع الاتحادات والمنظمات العربية والدولية ولا نعرف لمن يخدم هذا التوجه المعادي للحركة النقابية ومنظمات المجتمع المدني من قبل وزارة منظمات المجتمع المدني ؟ ولماذا لا تحترم القوانين والقرارات التي صدرت من قبل مجلس الوزراء؟ لدينا جواب واضح على هذه الأسئلة والكثير منها فإن تدخل الحكومة من خلال الوزارة ووزيرها المذكورة تسعى للتدخل في شؤون النقابات وتحاول تقويض استقلالها وقراراتها وهذا ما يتناقض مع ما يعلن حول ممارسة الديمقراطية واستقلالية المنظمات والاتحادات النقابية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني