ضعف القوى الإستهلاكيهْ للعامل العربي


جهاد علاونه
2009 / 8 / 31 - 08:36     

اليوم وأنا أمرُ في إحدى الأسواق الشعبيه في محافظة إربد في الأردن قارنت بين محلات بيع الألبسه القديمه (الخردى) أو (الباله) كما يسمونها الناس , قارنت بينها في العدد والعدة وبين محلات بيع الملابس المفصله الجاهزه الجديده فوجدت أن محلات الألبسه القديمه هي أكثر بكثير في العدد والعدة من المحلات الخاصه ببيع الألبسه الجديده وهذه مشكلة ليست سهله بل تقف وراءها حكومات قمعيه تستهدف المواطن وحياته الكريمه.

والمسأله لها عمق وتأثير على يد العامل العربي مقارنة بالعامل الأجنبي في الدول المحترمه التي تحترم نفسها , ففي الدول المحترمه العامل أجره كبير وكثير وفي الدول العربيه قليل جداً وضئيل , والذي أجره ضئيل تكون عينه بصيره ويده قصيره عن إستبدال ملابسه بملابس جديده كما يفعل العامل الأجنبي , فالعامل الأجنبي أجره كبير وكثير لذلك قدرته الاستهلاكيه كبيره جدا وهو يستطيع في كل شهر أن يغير من ملابسه , أما العامل الأردني والعربي بشكل عام فإن أجره قليل جداً وهو لا يستطيع أن يلبي إحتياجات نفسه وبيته وأولاده لذلك تكون قدراته ضعيفه في كل شيء نظراً لضعف أجره اليومي وهذه موآمره تديرها مؤسسات قمعيه تستهدف قتل معنويات الشعب والحد منها بشكل مفزع ومقزز للعين وللقلب وللدماغ .

العامل العربي قدراته الانتاجيه ضعيفه جداً نظراً لأن سوق المستهليكين لا يطلب مزيداً من الألبسه والحاجيات بينما قدرات العامل الأجنبي في دولته المحترمه قويه جداً نظراً لحاجة المصانع لمزيد من البضائع التي يستهلكها الناس .

العامل في الدول الأجنبيه التي تحترم نفسها قدرته على الإنتاج محط إهتمام وإعجاب المستثمرين , وكما هي قدراته على الإنتاج مرفوعه ومعنوياته عاليه فبنفس الوقت لا بد من زيادة قدرة العامل على الإستهلاك كما هي على الإنتاج , وهذه نظرة من المستثمرين لتمرير بضاعة وإنتاج العمال , فالعامل يجب أن يستهلك ما ينتجه وإلا أصبح في المصنع كساد تجاري كبير , فالبضائع التي لا يستهلكها العامل تشكل عبئاً على المصانع من حيث التخزين والإتلاف , أما العامل العربي فإن قدراته على الإستهلاك ضعيفه جداً نظرا لأن أجره ضعيف , فأصحاب المحلات يشكون من قلة البيع والشراء وأصحاب الدكاكين والحرفيين الصغار والكبار , وكل المصالح التجاريه في الدول العربيه في أزمه نظراً لأن قدرات الناس على الإستهلاك ضعيفه جداً وبحاجه إلى دفع للأمام .

والدول العربيه لا تريد دفع قدرات العامل للأمام .

العامل الأجنبي يعمل ويستريح وينهي دوامه الرسمي ويذهب للبيت وهو مرتاح الضمير والبدن ويخرج من منزله مساء للتنزه وللشراء وبذلك يستهلك العامل ما ينتجه بينما العامل العربي لا يستطيع بعد نهاية دوامه اليومي أن يذهب للتنزه نظراً لأنه يكون متعب جداً قد فقد معظم طاقته الحيويه في الأعمال المرهقه طوال اليوم لذلك الأسواق تكون مقفله منذ الساعات الأولى المسائيه لأن العمال متعبون ولا يستطيعون الخروج من منازلهم للتسوق بينما في الدول الأخرى المحلات التجاريه على طول مفتوحه نظراً لأن العمال يأتون من أعمالهم مرتاحون فيذهبون للتسوق وللشراء , أما العامل العربي فإنه يأتي للمنزل وهو في رمقه الأخير وكأنه يعاني من سكرات الموت فلا يستطيع الخروج من المنزل يستلقي على ظهره ومن الصعوبة جداً أن يتنفس مثل الدواب, و يأكل العشاء وهو مغمض العينين و:ان كفيف البصر ولا يستطيع النهوض للعمل حتى في اليوم الثاني , بينما العامل في الدول المحترمه يتنزه بعد العمل وفي نهاية الإسبوع والشهر .

والعامل الأردني لا يشتري لنفسه ثياباً جديده إلا في الأعيتاد الرسميه أو بعد أن يفقد آخر (بنطلون) في خزانته , نظراً لأن أجره اليومي يا دوب يكفيه أكل وشرب , بينما العامل الأجنبي في كل شهر يستبدل ملابسه بملابس جديده نظراً لأن أجره مرتفعا .

مثلما هنالك إهتمام عالمي بزيادة الإنتاج هنالك إهتمام عالمي أيضا بزيادة الإستهلاك حتى لا نقع في الركود الاقتصادي , العامل العربي تتشابه ظروفه مع بعضه البعض في كافة الدول العربيه , فأهم شيء يميز حياته ضعف قدراته الإنتاجيه وضعف قدراته الاستهلاكيه وهذه نتيجه معروفه في كافة الدول الاستبداديه التي تستبد بالعامل وبالموظف وبالمثقف وبكل فئات المجتمع فالعامل والموظف قدراتهم الإستهلاكيه ضعيفه نظرا ً لضعف قدراتهم الشرائيه , فالعامل يعمل طوال اليوم وهو يكد ويتعب أكثر من 7-8-ساعات عمل بل وتصل ساعات عمله إلى 12 ساعه , ومع هذا فإن تلك الساعات من العمل المرهقه لا تحقق للعامل العربي ظروفاً ملائمه للإستهلاك لأن أجرته ضعيفه وساعات فراغه وإجازاته قليله , حتى أنه أحيانا أو دائماً يأخذ إجازة من العمل لكي يعمل في عملٍ آخر , فهو طوال النهار والأسبوع في إرهاق دائم فهو لا يستطيع لا التنزه وولا الإستهلاك.

والعامل العربي هو سبب أزمة الركود الإقتصادي في الدول العربيه , لأنه عاجز عن الإستهلاك فهو لا يستطيع إستهلاك ما ينتجه , لذلك يضعف إنتاجياً واستهلاكياً.

لذلك هذا هو سبب إنتشار الألبسه المستعمله والخرده , فالعرب يعتبرونها جديده وهذا فعلاً صحيح , فالعامل هنالك يستبدل ثيابه بأسرع مما يستبدلها المواطن العربي ويقبل عليها هنالك تجار يجمعونها ويبيعونها للدول المتخلفه في العالم الثالث (الثالث عشر).
إن رفع أجرة العامل تعود على المصنع والمستثمر بالفائدة , لأن قدرات العامل الشرائيه تزداد قوة.
وإن ساعات الفراغ للعامل في نهاية النهار , تعطي للعامل فرصه للخروج من المنزل للتسوق.
والراحه في العمل أيضاً تجعل جسم العامل بعد نهاية الدوام الرسمي مهيئاً وقابلاً لمزيد من النشاط , وهذا أيضاً سر خروج العمال في الدول المحترمه للتنزه وللتسوق مما يعود بالفائدة على الدوله وأرباب المصانع.