إنتخابات رابطة الكتاب الأردنيين 2009-2011


جهاد علاونه
2009 / 6 / 29 - 10:11     

كان يوم الجمعة الماضي يوما جميلا ويوما بالنسبة لي مهما لأنني إلتقيت بشخصيات على أرض الواقع وكنتُ من قبل لا ألتقيهم إلا من خلال الموبايل أو الصحف أو الكتب , كان ذلك اليوم 26-6-2009 يوم إنتخابات رابطة الكتاب الأردنيين 2009-20011 م , وقد إتجهنا سوية أنا والزملاء هاشم غرايبه وأمين الربيع سوية , صحيح أن الدوريات الخارجية قد أعطونا مخالفة عدم إستخدام حزام الأمان , ولكننا لم نعر إهتمامنا للمخالفة ودفعناها ولم نناقشها ولم نجادل الشرطة بها , لأن في أدمغتنا ما هو أهم من ذلك كله , نحن متوجهون للتحدي , حيث أن الأستاذ هاشم هو مرشح تيارنا المدعو (تيار القدس ) وتيار القدس هذا كان بالأصل قد تشكل من الشيوعيين والعلمانيين والماركسيين , وعلى الأغلب من الماركسيين العمليين , وهذا التيار قد رشح 11 عشر عضوا من بينهم سعود قبيلات رئيسا .
ولأول مرة أراقب هاشم غرايبه عن كثب , وقد تبين لي أنه شخصية غير قلقة وعدم مبالي وهادي جدا جدا فقد كان يجلس على مقعده دون أن يتحرك , أما أنا فإنني تقريبا جلست على أكثر من 100 مقعد , يعني أنني كنت قلق على تيار القدس أكثر من المرشحين أنفسهم .
ورأيت سعود قبيلات عن قرب وتبين لي أن الشيوعي السابق سعود قبيلات على درجة عالية من الأخلاق الكريمة والطباع الحسنة وحسن الود والمعاشرة إنه فعلا أهدىء من آنسة جميلة وصدقوني كنت كلما جلست بقربه أفضل أن لا أقوم إلا لشيء مهم جدا جدا جدا , فقد كانت الجلسة بقربه أمتع من مجالسة النساء , وهذا ليس ذما ولكن من المعروف أن الرجل حين يجالس إمرأة فإنه يلتصق بها لشدة ما تبعثه في روحه من سعادة وأكاد أن أجزم بأن سعود بعثها في نفسي , لجمال أخلاقه وأدبه وحسن وجهه ودماثة خلقه , ولا أريد الزيادة لأنني لا أتغزل بالحزب الشيوعي القديم , أنا خايف بكره في المستقبل أو إليوم يحكوا عني الزملاء أنني أتغزل بالحزب الشيوعي , مثل ما حكوا عن أغنية (عزاز ) و (مرينا بيكم حمد) .

وصلنا عمان وتوجهنا إلى الشميساني ,. إلى مجمع النقابات المهنية , حيث الإتساع لإجراء الإنتخابات أفضل من مبنى الرابطة في نفس الشميساني .

المهم أنني تلاقيت بأساتذة لم أكن أراهم إلا في الكتب : مثل هشام غصيب , وحين رأتني الدكتورة (هند أبو الشعر ) ذكرتني بما كتبته عن مجموعتها القصصية وبالذات عن قصتها الحصان , تلك القصة الوحيدة التي أقرأها كما أقرأ قصيدة شعر , ورأيت الدمعة وهي تكاد أن تسقط منها على الأرض وكدت ُ أن أبكي قبلها , لأن القصة وأنا صادق فيما أقول قد أثرت بي أكثر مما أثرت بها أو بنفس الدرجة .
ولا أنسى أن أقول لكم أنه يطيب لي البكاء حين أرى الأدباء , لأنني ألمس الجروح والإنفعالات عن قرب , وأرى نفسي بهم , أرى نفسي في السطور التي يكتبها هاشم غرايبه والشاعر نادر قواسمه ولواعج الشاعر عبد الرحيم مراشده , أرى نفسي قسيسا وراهبا يأبى الخروج من صومعته .

فهذا اليوم أنا لا أجالس سميحة خريس ولكنني أجالس جروحها وإنفعالاتها وقبسات نورها , ألامس الضحكات والوردات والزنابق , ألامس الفرح والبكاء والحياة العامة , ففي الرابطة تشتم رائحة الأمراض النفسية فكلنا والله مريضون نفسيا وعاطفيا ووجدانيا , وقد دعمتنا الحكومة الأردنية من أجل إستئجار مقر عام للرابطة لعله يشفينا من جروحنا وأمراضنا , ولولى عقد النقص التي بنا لما كتبنا سطراً واحدا , فالأديب الناجح يكون نجاحه على قدر أمراضه النفسية , وأريد أن أذكركم أنني رأيت أو مرت بقربي فتاة تلبس تنورة قصيرة فكاد أن يغمى عليّ لأنني إعتقدت أنها معشوقتي , وأردت أن أقوم بدوري كأحد المجانين .

وكنت ُ ذات مرة في إحدى المناقاشات حول الأدب النسوي وقد أسأت فعلاً للزميلة سميحة خريس الروائية الأردنية المعروفة , عامدا متعمدا وليس بحسن نية وحين جاءت عيني بعينها شعرت بالكسوف لأكثر من مرة , ولكنها في النهاية إبتسمت وقالت مرحبا أستاذ جهاد , عندها قدمت إعتذاري لها وكأنني أعتذر من رئيس جمهورية أو رئيس حكومة أو من خليفة أو إمبراطور كبير , لأن الزميلة سميحة فعلاً إمبراطورة في مملكتها الروائية , وسأزداد شرفاً عما قريب حين أحظى بقراءة روايتها الجديدة (نحن).
سلمت أيضاً على الزميلة ( بسمة النسور ) ولأول مرة ألقاها وجهاً لوجه , شكرتها على الفساد الثقافي , الذي لولاه ما عرفتني الحوار المتمدن ولا عرفتها , فلو وفرت لي الزميلة وقتاً لكتابة مقال في مجلة تايكي , لما توجهت فعلا لإلى الحوار المتمدن , وقد أزعجتها كلمتي وشعرت بقلة أدبي معها وطيب خلقها فإعتذرت منها ورجوتها أن تقبلي هدية متواضعة من قلمي , فأخذت هديتي عبارة عن كتابين من كتبي ووعدتها بالثالث ,وهي السيدة الوحيدة التي سلمتُ عليها ولم تعرفني بوجهي علما أن الغالبية هم من تعارفوا علي حين سألوا عني الأصدقاء الذين يعرفون وجهي .

وكذلك إلتقيت ب _مجدو القصص ) المخرجة والسينمائية والروائية وخفيفة الروح والظل والدم , وشربنا القهوة سوية وتناقشنا حول قضايا المرأة واتفقنا على كل الجوانب .

وبعد ساعة إكتمل النصاب القانوني وناقشنا التقرير المالي والإداري , وبدأنا بالإقتراع , وانا طبعاً إقترعت وغيري إقترع مثلي , وكانت الإنتخابات حرة ونزيهة , ومللنا جدا من طول الوقت وذهبنا هنا وهنا وهناك , وتحدثت مع الزملاء والزميلات , وإخترقت صفوف الناس وبحثت عن كوفي نت وقرأت الحوار المتمدن وقال لي بعض الزملاء حتى اليوم تقرأ الحوار المتمدن , اليوم من المفترض أن تكون في إجازه , ولا أنسى الدكتورة الصديقة الودودة المحترمة جدا 0 سناء الشعلان ) تلك الرائعة وأي روعة ! تلك التي تقف ُ أمامك وكأنها شاطىء بحري يبعثُ في نفسك الرفرش والسعادة والبهاء , وبصراحة شعرت أمامها بخجل كبير من عدم معرفتي الكافية بها.

طبعاً من بداية الإنتخابات كانت الغلبة والقوة لتيارنا تيار القدس ولأول مرة أجد أن تيار القدس في الرابطة أقوى من حزب جبهة العمل الإسلامي والمرشحون على التوالي أقوى من أي شيء آخر في البلد :
وقد أظهرت النتائج أن هاشم غرايبه أقوى من رجال الدعوة , وأن سعود قبيلات وجعفر العقيلي أقوى جدا من ماء البلدية (حنفية البلدية ) حيث أن مية البلدية على الأغلب تنقطع ولا تصل في بعض الأيام إلى الطوابق العلوية, ولكن الزميل جعفر العقيلي وصل إلى شخصيات وطوابق عالية جدا .
وكانت نتائج الإنتخابات 8/4 ولكن مع تعادل بين الزميلة الدكتورة هدى فاخوري , والدكتور محمد مقدادي قائد الإئتلاف الثقافي , ونسيت أن أقول لكم أننا في رابطة الكتاب الأردنيين ننقسم إلى ثلاث تجمعات وهما :
تيار القدس , وهو التيار الذي أنتمي إليه أنا .
والتجمع الدمقراطي .
والإئتلاف الثقافي : والإئتلاف الثقافي إنطرح أصلاً من خلال طروحات منطقية وهي , أن التيار القدس أو التجمع هم دائماً من ينجح في الإنتخابات , وقد آن الأوان للتغير , فلا نريد لا قدس ولا تجمع بل نريد كيانا واحدا جديدا هو الإئتلاف الثقافي , قائم على حب العمل الثقافي والجماعي , بروح المساواة بين الناس وأن لا يكون الإختيار على أسس إقليمية , فبعض المثقفين إختاروا مرشحهم وتوجههم على أسس إقليمية , والغالبية طبعا على أسس ثقافية .
فلو مثلا فسرنا الإكتساح الكبير لجعفر العقيلي لقلنا أن جعفر من حيث المادة الإبداعية هنالك من يزيد عليه , وهو طبعا جيد , ولكن المرشحين إختاروه لأنه شخصية محبوبة ومهذبة ومؤدب وخجول ويخدم الكبير والصغير ويساعد كل الناس في الرابطة , وله عليهم جمايل كثيرة طبعا إلا أنا .
ولو قرناه بالزميل هاشم غرايبه , لتبين أن موقع عمل هاشم غرايبه ليس في صحيفة ولا مجلة أدبية , بل هو صاحب مختبر أسنان , ونجح بالزيادة على جعفر العقيلي وبالتساوي مع سعود قبيلات الرئيس الحالي والسابق , وقد إخترنا جميعنا هاشم غرايبه على أسس ثقافية لأنه مبدع وليس قطاع خدمات , وشخصية نبيلة جدا .
وفي النهاية كما قلنا تساوى في عدد الأصوات الزميل الدكتور محمد مقدادي رئيس الإإتلاف الثقافي مع الزميلة الدكتورة هدى فاخوري .
وكادت أن تحصل مشكلة كبيرة , وطلب المقدادي من الفاخوري الإنساحب له كونه الوحيد من تياره الذي حالفه الحظ , مقارنة مع تيارنا , وغرورقت أو كادت أن تبكي الفاخوري وفي النهاية أجبرت بالود المرأة على الإنسحاب للزميل المقدادي وبهذا حصلنا على سبع مقاعد من أصل 11 مقعد سبعة للقدس وواحد للإتلاف ,وثلاثة للتجمع الدمقراطي .
كنت أتمنى أن ينجح الزميل الدكتور سليمان الأزرعي ولم يحالفه الحظ علما أنه نجح في دورات كثيرة , أما الزميل مؤيد العتيلي فقد نجح لأول مرة في حياته , علما أنه كان يكتب الشعر قبل تأسيس رابطة الكتاب الأردنيين , أما الزميلة التي أحزنتني جدا فهي نهله الجمزاوي , التي كادت أن تبكي ولما , لأن الفارق بينها وبين آخر ناجح بسيط جدا جدا .

ما حصل في المشهد الإنتخابي هو دليل أو صورة واضحة عن المجتمع الأردني البحبوح , الذي يختلف مع بعضه بكافة فصائله ولكنه في النهاية يحتكم إلى العقل والمنطق ويحب كل الدول المجاورة ويقيم علاقات طيبة مع كل الدول الشقيقة والصديقة , تيار القدس هو المجتمع الأردني , والتجمع الدمقراطي الحر والنزيه رغم أنه لم يحالفه الحظ غير أنه نجح في مواقع كثيرة , وكان وما زال رجاله والنساء اللواتي به لا يبتزهم أحد لا في الثقافة ولا في الجمال الجسدي والروحي .