الحضارة هي القتل3


جهاد علاونه
2009 / 1 / 21 - 09:03     

كان المسيح المنتظر هو الذي سيخلص العمال-وهم مجموعة حراثين وحصادين وحرفيين صغار جدا بوسائل إنتاج أيضا أصغر منهم - والناس من الآلام الحزينة والتعب والنكد , وظهر المسيح وأختفى في ظروف غامضة ولم يتخلص الإنسان من التعب والنكد .

وكان الأمل في النهاية قد إنصب على الآلة والإنسان التقني , غير أنها أيضا فشلت جدا في تحرير العمال , أو أنها فقط الآلة فشلت في الدول العربية وأنا ألاحظ أن عامل أجنبي واحد في أوروبا ينجز ما يعجز عنه 100عامل عربي من خلال إمتلاكه لوسائل الإنتاج بالشكل الصحيح , ةأعرف صديقا لي كان يعمل في جمهورية إسرائيل قال لي : (أنا إشتغلت في إسرائيل بالزراعة وهناك الزراعه وغيرها من الأعمال أسهل بكثير من العمل في الدول العربية على مكاتب وغُرف نوم )!!!!!!!

وحين تقدمت وسائل الإنتاج كانت هي التي ستخلص الإنسان من الشقاء والتعب , بفضل إستعمال الآلة بدل اليد العاملة غير أنها -أي الآلة_ عملت على قهرالعامل وإبادة الروح المعنوية بالإنسان, وبالتالي ظهرت الشيوعية وكان لازما عليها أن تخلص الإنسان من سوء الحظ ونكد الطالع غير أن الشيوعية وحكومة العُمّال (الكمونة) لم تستطع أن تغير من حال العمال والشغيلة وبالرغم من التهم التي وجهتها الشيوعية إلى اللبرالية الرأسمالية غير أن العامل في الدول الرأسمالية كان يعيش ويكسب أحيانا أكثر من مستوى غير العامل في الدول الشيوعية .

وبالتالي فإن مسيح العمال والشغيلة لم يستطع تنفيذ ما وعد به العمال والشغيلة بتاتا .

ومازال المواطن في الأردن والدول العربية يكسبُ قوت يومه بالتعب والكد والنكد , وما زال سوء الطالع والحظ السيء إحدى أهم وأبرز المواصفات التي يتصف ُ بها الإنسان في الدول العربية .
وبالرغم من تقدم وسائل الإنتاج غير أن التعب والإرهاق من أهم مواصفات العمال والشغيلة , إن الحضارة هنا لم تنج الإنسان من سوء الحظ ونكد الطالع .

الحضارة التي نعرفها نحن اليوم لا تحترم ُ الإنسان ولا ترفعُ من شأنه بتاتا فالحضارة اليوم هي مجموعة أنظمة وقوانين رأسمالية برجوازية تهدف أولا وأخيرا إلى قهر الروح النضالية في العُمال والشغيلة وهي الحضارة التي تبيد بالديناميت مجموعات سكانية أو مدن بكاملها .

إن الحضارة التي نعرفها اليوم تختلف في مظهرها عن التي نتخيلها أنها قائمة , فهي ليست منتجعا سياحيا بل معتقلا سياسيا , ولا أدري هل غيرنا تعني الحضارة له الشيء الكثير من الرفاهية ؟وبالتالي نحن العرب فقط من يتعب ويشقى وغيرنا يعيشُ في بروج عاجية ؟.

إن الآلة التي حلت محل المُخلص لم تخلص الإنسان العربي من تعبه وشقائه بل هي على العكس زادت جدا من قهر الإنسان عبر إمتلاكها هي وسائل قهر جديدة , فالقوانين يكتبها رجال القانون بناءا على رغبة البرجوازيين وأرباب العمل الذين يتحكمون في الأسواق العالمية والقوانين والأنظمة الضامنة لحقوق العمال هي أولا وأخيرا تعمل على تأمين حقوق أصحاب العمل قبل العاملين والشغيلة ومازال الإنسان العربي أو العامل العربي يعيش هنا وهناك في تجمعات سكنية منظمة معماريا وهندسيا غير أن حقوق العامل ليست مؤمنة وليست متوفرة بكميات تسمح للعامل بأن يشعر بكرامته .
وفي النهاية يتحول العامل إى وزارة تنمية إجتماعية فاسدة في تنظيماتها وتشكيلاتها .