التنظيم النقابي في العراق


سعيد نعمه
2008 / 5 / 11 - 11:25     

لا يخفي على المهتمين بهذا التنظيم .انه تنظيم مهني عمالي يعبر عن إرادة الطبقة العاملة ويناضل من اجل الدفاع عن حقوقها و مصالحها, و هو في صراع مستمر مع الرأسمالية والبرجوازية سوى كانت رأسمالية الدولة أو الأشخاص أو الشركات. ولد هذا الصراع منذ ولادة الاستغلال ونمو الرأسمالية وتسلط الكنيسة وما انتفاضة عمال شيكاغو قبل قرن ونيف إلا نتيجة لهذا الصراع , قدم العمال التضحيات الجسام ولا زالوا وهناك عدد كبير من القادة المضحين . لان الرأسمالية تعتبر اليد العاملة كلفة وليس موجود ومن اجل زيادة إرباحها لابد من تقليل الكلفة من خلال زيادة ساعات العمل أو تقليل الأجور و تقليل عدد العمال. كان التنظيم النقابي في العراق و في زمن النظام السابق عبارة عن جهاز سلطوي بوليسي مرتبط بالتنظيم الحزبي آنذاك إي انه ينفذ توجيهات الحزب. لا علاقة له بمصلحة العمال وان التظاهرات أو المفاوضات أو الإضرابات و التي تعبر عن حرية الرأي أو من اجل المطالبة بحقوق هذه الطبقة كانت محظورة إلا التي يقرها الحزب والتي طالما يشرك التنظيم بها بالإكراه . بعد مرحلة الاحتلال اقصد الحرية الأمريكية لم يكن التنظيم بأحسن مما كان عليه. فقد قامت الحكومة ومنذ تأسيس مجلس الحكم سيء الصيت بالتصدي لهذا التنظيم ومنعه في القطاع العام . ألغت سلطة الاحتلال جميع القرارات السابقة إلا التي تخص العمال بل كرستها بمجموعة من القرارات اشد قمعا وتعسفا , بل أخذت تتعامل معه بالقمع والتعسف وهذا ما حصل لنقابات النفط والنقابات الأخرى و في معظم شركات القطاع العام وخصوصا وزارتي النفط والصناعة وأصبح هذا التنظيم محظورا مستندين إلى القرارات والقوانين السابق التي اقرها مجلس قيادة الثورة المنحل إضافة إلى القرارين رقم 3 ورقم16لسنة 2004 الذي اقرهما مجلس الحكم المنحل والأمر الديواني رقم 8750 لسنة 2005 . والأخطر من ذلك ظهور بعض الانتهازيين والوصوليين والاستغلاليين ليدعوا بأنهم قادة في الحركة العمالية مستغليين الظروف الأمنية والاقتصادية والفوضى السياسية , تدعمهم بذلك بعض الجهات والأحزاب السياسية من اجل الحصول على فوائد شخصية لهم ولأحزابهم . أصبحت هناك تعددية بالاتحادات كالتعددية بالأحزاب على سبيل المثال رئيس الاتحاد الفلاني طبيب وعضو المكتب التنفيذي في اتحاد أخر محامي وأخر دكتور وأخر برجوازي ورأسمالي وهكذا الحال . حتى من بقي من قيادات الاتحاد السابق استغل الظروف وحرق السجلات واخذ يسيطر ويضع اليد على بعض ممتلكات وعقارات الاتحاد ويستثمرها لحسابه إن لم نقل بان البعض أخفى جزءا منها علما بان للاتحاد ممتلكات في بغداد وجميع المحافظات حتى البناية التي بجوار قصر المؤتمرات في المنطقة الخضراء كما تسمى اليوم هي بناية الاتحاد الأصلية كذلك مبنى محافظة بابل اليوم هي مقر اتحاد بابل سابقا وكذلك في بقية المحافظات . أما الدستور فقد اقر التنظيم النقابي لكنه جعل ذلك مرتبطا بقانون و لا نعلم متى سينظم هذا القانون. لا أريد أن أطيل على القارئ الكريم لكن ما أود أن أوضحه بان التنظيم النقابي في العراق يعاني من نقص في القيادة أو عدم وجود قيادة حقيقية همها و عملها وجهدها من اجل الحركة العمالية والدفاع عن حقوق العمال المهدورة كما هي حقوق الإنسان لا بل وصل بالبعض الاعتماد على بعض العناصر الميليشياوية لتصفية من ينتقدها أو يعارضها الرأي . أما الحكومة فلا تحسد على معاملتها لهذه الشريحة ابتداء من موقفها ضد هذا التنظيم في القطاع العام وإصدارها القرارات والتعليمات بمنعه كما أسلفت وانتهاء بقانون الضمان الاجتماعي التي هو المعاناة الأخرى لمن يحال من العمال على التقاعد أو ما يجري للعمال في القطاعيين الخاص والمختلط حيث تسريح العمال بدون سبب وبدون سابق إنذار وبدون حقوق وها هي معامل ومصانع ومؤسسات القطاع المختلط والقطاع الخاص قد أغلق معظمها وسرح عمالها وأضيف جيش جديد للعاطلين لا أحد يسأل عنهم وعن معاناتهم . مجلس النواب مهتم بسلفة و رواتب ومخصصات والراتب التقاعدي والإجازة الصيفية لأعضائه , وعدد المقاعد الوزارية التي تحصل عليها هذه الكتلة أو تلك لن اسمع يوما من خلال مناقشات مجلس النواب انه تطرق إلى ابسط ما يعانه الفرد العراقي لا أقول توفير الأمن أو العمل ولكن أقول توفير مفردات البطاقة التموينية أو الوقود لكنهم يتحدثون عن الميزانية الانفجارية إذن السؤال كم استفادة الفرد العراقي والعمال من هذه الميزانية ؟ لم تحصل الجماهير إلا على القتل والتهجير وزيادة أسعار الوقود وشحتها في منافذ التوزيع وكثرتها في السوق السوداء و سيطرت بعض المليشيات عليها. هل فكر احد من هؤلاء المسئولين كيف يعيش المواطن البسيط وكيف يعيل عائلته في ظل هذه الظروف المأساوية ؟ راتب العامل يتراوح من 75-200 ألف دينار واسطوانة الغاز كما يعلم الجميع يتراوح سعرها من 15-25 ألف دينار إن معاناة العمال في العراق لم يكن لها مثيل في العالم. في الحروب الضحية العمال لأنهم أول من يجندون أما أصحاب رؤوس الأموال والبرجوازية فأنهم إما أن يحصلوا على إقامة في الخارج أو يدفعوا البدل النقدي أو الرشاوى كما كان يحصل , والدليل أن الحروب التي دخلها العراق الداخلية والخارجية أغلبية الشهداء والضحايا والأسرى والمفقودين هم من العمال . كذلك الإعمال الإرهابية التي تنفذ الآن اغلب الضحايا هم العمال لأنها تستهدف الساحات العامة و الاسواق الشعبية و اماكان تجمع العمال ولم ينجو من ذلك حتى عمال التنظيف في أمانة بغداد هذه باختصار معاناة عمال العراق اليوم . إذن لا منقذ للعمال من هذه الحالات المأساوية إلا الاعتماد على أنفسهم وطرد كل الانتهازيين والاستغلاليين من صفوفهم ويغيروا هذا الواقع بوحدتهم و إرادتهم ونضالهم وتنظيم صفوفهم وان يكون لهم دور كبير في صنع القرار ولا يبقون ينتظرون رحمة السياسيين الذي لا تهمهم مصالح العمال بقدر ما تهمهم مصالحهم ومصالح أحزابهم . كذلك عليهم أن لا يسمحوا لغيرهم بقيادتهم أو التدخل بشؤونهم لأنهم هم الأولى بقيادة حركتهم ونقاباتهم وهم قادرين على ذلك ولديهم كل الوسائل والطرق وهذا ما أقرته اتفاقيات منظمة العمل الدولية وان يتصدوا لكل المخططات والمشاريع التي تقوم بها الحكومة من اجل إقصائهم وإبعادهم واستغلالهم والعودة بهم إلى عصر العبودية وأخرها قيام الحكومة بالعمل على إجراء انتخابات بإشرافها وتشكيل لجنة تحضيرية من قبلها وكأنما العمال غير قادرين على تشكيل لجنة تحضيرية أو إجراء انتخاب لكن الهدف هو خلق اتحاد لنقابات صفراء في القطاع الخاص والمختلط ينفذ مشاريعها بعيد عن مصالح العمال وحقوقهم وخصوصا بعد إبعادها القطاع العام الذي يضم اكبر عدد من العمال . إذا شعرت الدولة بان هناك تنظيم نقابي في شركة أو مرفق حكومي سرعان ما تصدر أوامرها بمنع هذا التنظيم وتهديد قادته وهذا ما حصل لنقابة نفط الجنوب أو ما حصل لنقابة الموانئ العراقية إضافة لما يحصل في وزارة الصناعة حتى وصل الحال في بعض كراجات النقل الخاص قامت الهيئة العامة للنقل الخاص والتي هي إحدى تشكيلات وزارة النقل بمنع التنظيم النقابي لسواق القطاع الخاص داخل هذه الكراجات متجاوزة حتى على قراراتهم وقوانينهم الجائرة والتعسفية والتي أعطت الحق للقطاع الخاص والمختلط بالتنظيم النقابي وهذا دليل على ضعف الحركة العمالية وعدم استطاعتها التصدي لجلادي الشعوب الجدد أنها الدكتاتورية بوجه جديد .