حول مؤتمر اتحاد النقابات


حسن مدن
2008 / 4 / 23 - 10:43     

كان الظفر بحرية العمل النقابي واحداً من أهم الأهداف التي ناضلت من أجلها الطبقة العاملة البحرينية منذ منتصف القرن العشرين، واتخذ هذا النضال أشكالاً مختلفة من الإضرابات العمالية والاعتصامات والمسيرات. وفي غمرة هذا النضال ابتكر المناضلون من العمال والنقابيين أشكالا متعددة من التنظيمات النقابية، على شكل لجان عمالية سرية حيناً وعلنية حيناً آخر، كما هو حال اللجنة التأسيسية للعمال والموظفين وأصحاب المهن الحرة، التي شكلت ائتلافاً عمالياً ووطنياً واسعاً في عام 1972، وفي ظروف الانفراجات الأمنية والسياسية بادر العمال إلى تشكيل نقابات حتى لو لم تعترف بها الدولة كما حدث إبان الحياة النيابية الأولى في سبعينات القرن العشرين، ومن أبرزها نقابات العاملين في كل من "ألبا" ووزارة الصحة وإدارة الكهرباء وفي أعمال الإنشاء والبناء. وفي هذا النضال حظي عمال البحرين بدعم أشقائهم من العمال العرب وعمال العالم، وفي هذا السياق علينا تذكر الدور المشرف الذي لعبه النقابي الراحل حميد إبراهيم عواجي مع رفيقه محمد المرباطي في حشد حملات التضامن العمالية في الخارج، من خلال تمثيلهم لاتحاد عمال البحرين، في صورته السرية، في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وفي المؤتمرات والفعاليات النقابية العربية والدولية وفي الصحافة العمالية والنقابية. وفي سبيل انتزاع الحق النقابي قدم عمال البحرين وطلائعهم المناضلة من الناشطين العماليين والحزبيين تضحيات جليلة، ولم تثنهم كل أنواع القمع والتنكيل عن التراجع عن هذا المطلب. لذا لا نبالغ حين نقول إن نيل هذا الحق الذي جاء ثمرة لهذه النضالات، هو من أبرز المكاسب التي جاء بها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، بصدور قانون النقابات، والذي بفضله أمكن تأسيس النقابات العمالية وفق القانون وتحت حمايته، وفي نتيجة ذلك أمكن تأسيس الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الذي أنهى أعمال مؤتمره الأخير منذ أيام. وإذ نهنئ حركتنا النقابية بانعقاد ونجاح أعمال مؤتمرها، فإننا لن نخوض هنا في الملابسات التي أحاطت بانتخاب الأمانة العامة الجديدة للاتحاد، فذلك أمر يعالجه النقابيون أنفسهم سواء كانوا مستقلين أو ممثلين للاتجاهات السياسية ذات الحضور والفعالية في الحركة العمالية. ولكن من موقع الحرص على دور هذه الحركة ووحدتها، وعلى مكانة الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بصفته أحد أبرز مؤسسات المجتمع المدني في الظرف الراهن، وأمام مخاطر الانقسام الطائفي والمذهبي في المجتمع التي تلقي بظلالها على الحركة العمالية أيضاً، فإننا نتطلع إلى أن يدرك النشطاء النقابيون أن وحدة اتحادهم واتساع درجة التمثيل العادل فيه للمكونات الناشطة في صفوفه داخل هيئاته القيادية، بما يتناسب وحجم وتأثير وتاريخ وفعالية هذه المكونات، هو الشرط الأساس لتعزيز الطابع الوطني الجامع للاتحاد الذي يجعله ممثلاً للحركة النقابية بكافة اتجاهاتها وللنقابات الفاعلة المنضوية في الاتحاد، ويحميه من أية شبهة طائفية. ولا يبدو أمراً طيباً أو منطقياً أن تكون أكبر نقابة في البلد من حيث حجم العضوية والتأثير مثل نقابة "ألبا" غائبة عن الأمانة العامة للاتحاد، وهو ما نثق في أن القيادة الجديدة في الاتحاد تدرك أبعاده السلبية وأثره على مصداقية الاتحاد، وهي قادرة على تفادي ذلك بالسرعة الممكنة.