الأخوة عمال القطاع العام :استعدوا , نظموا أنفسكم فالمواجهة قادمة !!


مازن كم الماز
2007 / 11 / 23 - 11:58     

بعد أن خرج لبنان من دائرة سيطرة و نهب النظام و مع تراجع إنتاج النفط يعيد النظام ترتيب الوضع الاقتصادي بما يضمن أعلى ريع للطغمة الحاكمة..هذا ليس جديدا لكن المختلف فيه هذه المرة هو درجة الهجوم على حصة الجماهير من الدخل الوطني لصالح البيروقراطية الحاكمة..إن السياسات الليبرالية للحكومات المتعاقبة و خاصة هذه الأخيرة ليست محض صدفة أو مجرد محاولة لمغازلة صندوق النقد الدولي و من وراءه , إنها نتيجة لهذه الضرورة , إنها الخيار المنطقي و الطبيعي للقوى التي تسيطر على سوريا..كان القطاع العام إلى حد كبير الأساس الاجتماعي و الاقتصادي لسيطرة هذه الطغم و أشباهها على المجتمع لكن تفاقم أزمات و خسائر هذا القطاع جراء النهب المنفلت للطغمة الحاكمة و حاشيتها من جهة و الذي جعل من المستحيل استمراره بوضعيته الحالية إضافة إلى رغبة النظام في تأكيد صعود البرجوازية الجديدة المرتبطة بالنظام بشكل عضوي بغرض قوننة سيطرتها على الاقتصاد و الإنتاج في ظروف قابلة للاستمرار ( تماما كما شاهدنا في دول أوروبا الشرقية عندما قامت البيروقراطية التي كانت على رأس الأحزاب الشيوعية في مرحلة رأسمالية الدولة نفسها بشراء القطاع العام في إطار عملية خصخصته على التوازي مع انتقالها إلى الخندق المقابل فكريا و سياسيا لتواصل سيطرتها على المجتمع تحت ظروف سياسية و اجتماعية مختلفة تماما ) و أيضا بفضل ضغط رأس المال في دول المركز بغرض زيادة مساهمة نصيبه من نهب الاقتصاديات المحلية باسم حرية حركة رأس المال و جذب الاستثمارات الأجنبية..في مصر البلد العربي الذي يحقق أكبر الخطوات باتجاه خصخصة القطاع العام كان عناصر بارزون من النظام بالاشتراك مع مستثمرين عرب و أجانب هم المالكون الجدد لتلك الشركات التي تمت خصخصتها..إن إيمان النظام و حاجته لتنفيذ سياسات كهذه لا يقل عن سواه و هو مقدم بلا شك على بيع القطاع العام أيضا و المانع الحقيقي من إقدامه على هذه الخطوة حتى الآن هو , و يا للغرابة , الضغوط الخارجية التي لا توفر له الجو الهادئ المناسب لتنفيذ هذه الإجراءات التي تحتاج على الأقل إلى درجة استقرار عالية لاستيعاب أية احتجاجات شعبية محتملة..إن آثار عملية خصخصة القطاع العام في سوريا تختلف عنها في مصر أو دول أوروبا الشرقية مثلا , ففي مصر لا يشكل راتب العامل في القطاع العام جزءا هاما من دخله الفعلي و في أوروبا الشرقية ساعد رأس المال القادم من أوروبا الغربية و احتمالات الهجرة التي وفرها انضمام معظم هذه الدول إلى السوق الأوروبية المشتركة على التخفيف من آثار هذا التحول المؤلمة..إن الوضع مختلف تماما في سوريا , فالبطالة المرتفعة أساسا و قلة فرص العمل المتاحة سيعني أن خصخصة القطاع العام هنا ستكون ذات نتائج مدمرة على حياة مئات آلاف عمال القطاع العام و أسرهم..إن قضية الخصخصة ليست قضية إيديولوجية كما يحلو لليسار الستاليني و الليبراليين أن يعرضوها , إنها قضية تتعلق بقوننة سيطرة الطغمة الحاكمة اليوم على حساب مئات آلاف السوريين , إنه يعني إلقاء مئات آلاف العمال و أولادهم و نسائهم إلى شوارع البطالة و المجهول , إنه حكم بتجويع قطاع عريض من جماهير الشعب لزيادة أرباح الطغمة الحاكمة و زمرتها..لا يعني هذا بكل تأكيد القبول بحالة القطاع العام الراهنة , يجب ألا نرضى بمحاولة النظام وضع عمال القطاع العام و من ورائهم الشعب أمام خيارين على هذا النحو : إما قطاع عام يسيطر عليه بيروقراطيو النظام و ينهبونه دون قيد أو محاسبة و إما بيعه لأزلامهم أو لأفراد من النظام أو لعناصر مرتبطة به..ليس في جعبة اليسار الستاليني إلا دعوة غامضة لإصلاح هذا القطاع العام من داخل سياسات و سيطرة النظام القائم , إنه لا يستطيع أن يذهب أبعد من إصلاح مؤسسات الدولة التي تقوم أساسا على استغلال الجماهير و اضطهادها و ليست مواجهة هذه السياسات اعتمادا على الحراك الحر للجماهير المتحررة من قمع النظام و من أوهام إمكانية إصلاحه من الداخل..إن وقائع المؤتمر الأخير ال 25 لنقابات العمال و ردود تنظيمات اليسار الستاليني على قرارات الحكومة المتتالية بزيادة الأسعار و رفع الدعم يعني أنه على جماهير العمال أن تعتمد على قواها الذاتية فقط..ما يسمى بنقابات العمال ليست إلا أجهزة بيروقراطية و أمنية مرتبطة بالقوى التي تنهب القطاع العام..إن النظام ليس غبيا بالتأكيد و سيحاول عند وضع سياسات الخصخصة هذه اعتماد سياسات تهدف ( كما هو الحال اليوم ) إلى تقسيم العمال و ضرب روح التضامن بينهم للحيلولة دون أية إمكانية جدية للعمل المشترك بينهم و إلى تدجين أية مقاومة ضد سياساته..لا يمكن الرد على الهجوم المتصاعد للنظام على أوضاع الجماهير سوى بأساليب النضال الحازمة و بإدراك أهمية التضامن بين العمال و ضرورة الأعمال المشتركة بينهم و اعتماد أقصى درجات الديمقراطية في نضالهم و في الهيئات التي يفترض أن تتشكل في سياق النضال ضد سياسات النظام أو في مطالبهم لحل أزمات القطاع العام , ليس بإبقائه تحت رحمة البيروقراطية بل بتحويله إلى ملكية مباشرة للعمل و المجتمع دون تحكم البيروقراطية..بسبب المساومات التي جرت بين فئات من الطبقة العاملة السورية و النظام و بين اليسار الستاليني و النظام فقد توقفت تقاليد النضال العمالية و تريد قوى القهر و الاستغلال أن تحولها إلى غياهب النسيان , إلا أن الرغبة في الحرية و العدالة أقوى من أي قمع يظن النظام أنه قادر على تأبيد استبداده و قهره للجماهير..إن التغيير الجذري للمجتمع لن يتحقق إلا ببناء مجتمع يقوم فعلا على العدالة و المساواة و الحرية الحقيقية لكل البشر دون أية مساومة , إن المواجهة الناجحة لنظام الطغمة الحاكمة لا ينقذ فقط مئات آلاف العمال و أسرهم من مصير مجهول فحسب بل إنه أيضا يقرب لحظة ولادة مجتمع جديد..