أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - تاج السر عثمان - تجربة مؤتمر الخريجين ( 1938 - 1947 )















المزيد.....

تجربة مؤتمر الخريجين ( 1938 - 1947 )


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 6595 - 2020 / 6 / 17 - 17:40
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


1
كُتب الكثير عن مؤتمر الخريجين ، وتوفرت لنا معرفة واسعة به، ومصادر أولية تأسيسه وأعماله علي سبيل المثال لا الحصر: كتاب أحمد خير المحامي "كفاح جيل"، وصدور محاضر مؤتمر الخريجين (1939 – 1947) في ثلاثة اجزاء أعدها د. المعتصم أحمد الحاج ، وصدرت عن مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية، 2009، وغير ذلك من الدراسات الكثيرة عن المؤتمر. تركيزنا في هذا المقال عن تجربة المؤتمرباعتبارها كانت من التجارب الرائدة التي تحتاج للمزيد من تسليط الضوء عليها، وباعتبارها شكلت الأساس لدور القوي الحديثة في الحركة السياسية والوطنية بعد الاستقلال.
كان للأزمة الاقتصادية في 1929 تأثيرها علي السودان ، كنتاج لارتباطه بالسوق الرأسمالي العالمي ، وما نتج عنها من انخفاض الصادرات والواردات ، وسياسة الحكومة لتقليص العمالة ، وتخفيض مرتبات الخريجين من 8 جنية مصري الي 5 جنية و500 مليم ، ونتيجة لذلك أضرب طلاب كلية غردون عام 1931 ، ورفع الخريجون مذكرة لجنة العشرة التي تجاهلتها الحكومة في المرة الأولي ، ولكن بعد اضراب الخريجين أعادت الحكومة النظر في قرارها فيما يتعلق بمرتب الخريج الجديد، اذ قررت أن يكون 6 جنيهات شهريا بدلا من 5 جنيهات و500 مليم ( للمزيد من التفاصيل ، راجع محمد عمر بشير، تاريخ الحركة الوطنية في السودان، ص 132)، وكان القرار في نظر لجنة العشرة انتصارا ومثارا للفخر، وشكل ذلك فترة جديدة استطاع فيها الخريجون الخروج للحياة العامة من جديد في اتجاه انتزاع حقوقهم ، وظهور أشكال جديدة للصراع : الاضرابات، العرائض والمذكرات. الخ.
بدأ يتعاظم ويزداد دور الخريجين في الحياة العامة بعد اضراب 1931 ، ومذكرة العشرة ، وتعيين سايمز حاكما عاما للسودان ، وما طرحه من أفكار تحررية حول التوسع في التعليم العالي، وتقليص نفوذ الإدارة الأهلية، وكان لسياسة سايمز أثرها في نشاط الخريجين الذين بدأوا يخرجون للحياة العامة بأشكال جديدة حيث ظهرت مجلتا النهضة التي اسسها المرحوم محمد عباس أبو الريش ، والفجر التي أسسها المرحوم عرفات محمد عبد الله، وظهرت الجماعات الأدبية المختلفة : جماعة أبي روف ، والهاشماب وازداد النشاط الثقافي والأدبي والفني في أندية الخريجين في أم درمان ومدني وبقية الأقاليم.
بعد اتفاقية 1936 التي تمّ فيها تجاهل السودانيين ، ازداد الشعور بالحاج الي تنظيم للخريجين يهتم بالمسائل القومية والاجتماعية والرياضية والثقافية ، ونبعت فكرة مؤتمر الخريجين التي رفع لواءها أحمد خير المحامي في احدى محاضراته في نادي الخريجين بمدني ( للمزيد من التفاصيل ، راجع أحمد خير ، كفاح جيل، دار الشروق القاهرة ، 1948).
بالفعل قام مؤتمر الخريجين عام 1938 ، وظهرت أشكال جديدة للصراع نبعت من طبيعة الفترة التي كانت تمر بها البلاد والمستوى السياسي والفكري الذي بلغته حركة المتعلمين وحاجتهم للمزيد من المشاركة في الحياة العامة.
2
- في تقييم تجربة مؤتمر الخريجين ، مهم تأكيد الدور الكبير الذي لعبه في الحركة الوطنية الحديثة ، باعتباره حلقة في سلسلة نضال الشعب السوداني ضد المستعمر حتى ظفر باستقلاله عام 1956.
- بطبيعة تكوينه ضم المؤتمر تيارات واتجاهات مختلفة كانت تعج بها حركة الخريجين باقسامها الثورية والمحافظة.
- برز المؤتمر في ظروف عالمية بدأت فيها نُذر الحرب العالمية الثانية ، بين دول الحلفاء ودول المحور ، وفي ظروف بدأت تتغير فيها عقلية الإدارة البريطانية بعد سياسة الحاكم العام سايمز ، وميله للتعاون مع الخريجين، واتجاهه للتوسع في التعليم العالي ،وتقليص دور الإدارة الأهلية ، وساعدت هذه الظروف في انتزاع شرعية المؤتمر.
- لم يطرح المؤتمر في بداية تكوينه أهدافا سياسية واضحة ، كما لم يطرح المسألة الوطنية ، ويبلورها في موقف موحد يلف حوله الشعب السوداني.
- بدأ المؤتمر إصلاحيا حيث طرح مشاريع لتوسيع التعليم والحركة الرياضية والثقافية والاجتماعية والمهرجانات الأدبية . الخ.
- لعب المؤتمر دورا كبيرا في ميدان التعليم حيث ساهم في انشاء المدارس الأهلية ، ودعمها وتقديم المساعدات المادية للطلاب الذين كانوا يدرسون في مصر وبريطانيا، وحقق المؤتمر نجاحا كبيرا في هذا المضمار، واستطاع أن يواجه خط الإدارة البريطانية الرامي لتقليص قاعدة التعليم.
- حاول المؤتمر أن يعبر عن مطالب الخريجين المهنية ، الا أن الإدارة البريطانية لم تسمح بذلك.
- مع تطور الحياة السياسية والأحداث ، وازدياد موجة الوعي محليا وعالميا بعد بداية الحرب العالمية الثانية واشتراك السودانيين فيها، الي جاء إعلان ميثاق الأطلسي الذي دعا الي حق تقرير المصير لشعوب المستعمرات بعد نهاية الحرب ، بدأ المؤتمر يدخل الحياة السياسية.
- كانت مذكرة مؤتمر الخريجين عام 1942 معلما بارزا في تاريخ الحركة الوطنية ، وفي تطور الحياة السياسية فيما بعد ، فلأول مرة يدخل المؤتمر مباشرةً في معترك الحياة السياسية ويطرح مطالب مثل: تقرير المصير بعد الحرب ، اشراك السودانيين في الوظائف السياسية ، إعطاء السودانيين مزيد من الفرص للاستثمار الزراعي والصناعي، قانون للجنسية السودانية ، فصل السلطات القضائية عن السلطات التنفيذية، إلغاء قانون المناطق المقفولة والسماح للسودانيين بالتنقل داخل المناطق المختلفة في السودان. الخ ( راجع نص المذكرة في كتاب " كفاح جيل" لأحمد خير المحامي).
3
عبرت المطالب التي جاءت في مذكرة الخريجين عن وعي قومي ووطني، وعن اتجاه فئات التجار والرأسماليين الي مزيد من الحريات في ميدان الاستثمار والتجارة والتحرك بحرية في سوق واسع يضم مناطق السودان المختلفة ( تجارة الجلابة في الجنوب ودارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وشرق السودان)، اضافة الي مطامح الفئات العليا من الخريجين للاستحواذ علي وظائف قيادية في الخدمة المدنية، ومزيد من اشراك السودانيين في وضع الميزانية والسياسة العامة.
- لم يكن المؤتمر مقتصرا علي في نشاطه علي الخريجين ، بل احتك بالجماهير بأقسامها المختلفة وتزايد نفوذه الجماهيري بعد مذكرته الشهيرة 1942 ، بل هناك أقسام من الجماهير والعاملين كانت تلجأ للمؤتمر لطرح مشاكلها ورفعها للإدارة البريطانية ، وكانت لجنة المؤتمر ترفع هذه المشاكل للإدارة الاستعمارية.
- من نقاط الضعف أن عضوية المؤتمر اقتصرت علي الخريجين ، مما قلّص قاعدته الاجتماعية ، وكان يمكن أن يكون حركة جماهيرية أعمق وأوسع، اضافة الي أن المؤتمر لم يبلور بوضوح آمال السودانيين في الحرية والاستقلال في البداية.
- لم يستند المؤتمر الي قوى اجتماعية منظمة ، وكان يمكن أن يكون جبهة واسعة ، اذا سبقت تكوين المؤتمر أحزاب علنية أو سرية لها أهداف واضحة في الحرية والاستقلال ، ويعبر عن الحد الأدني لمطالب الحركة الوطنية السودانية، ولكن الواقع حدث العكس فمن أحشاء المؤتمر وُلدت الأحزاب السياسية بعد الحرب العالمية الثانية، وانفرط عقد المؤتمر بعد ذلك ، ودخلت الحركة الوطنية فترة جديدة في نضالها توجتها بإعلان الاستقلال عام 1956، بعد أن وضع المؤتمر الأساس لتلك التطورات.
- من النواقص ، لم يستند المؤتمر علي حركة نقابية يكون لها تمثيل فيه، لكن المؤتمر ساعد في تكوين وانشاء الحركة النقابية ، وكان واضعا المهمة في جدول أعماله، فالحركة النقابية قامت بعد انفراط عقد مؤتمر الخريجين بعد انتزاع عمال السكة الحديد لهيئة شؤون العمال بعطبرة عام 1947 م.
- من النواقص ايضا، لم يواصل المؤتمر تقاليد الاضراب كأداة لانتزاع الحقوق والمطالب ، وخاصة بعد تجربة اضراب طلبة كلية غردون عام 1931 ، أو دعوة لاضراب عام لتحقيق هدف أو مطلب محدد أو عصيان مدني كما كان يفعل المؤتمر في الهند بقيادة غاندى ، وكان هذا بعيدا عن وسائل المؤتمر لتحقيق أهدافه والذي بدأ متعاون مع الإدارة البريطانية.
- أشكال نضال وعمل المؤتمر اقتصرت علي : المذكرات والعرائض التي كانت تقابل بالرفض أو التجاهل من قبل الإدارة البريطانية مثال : المذكرة حول الموظفين ، ومذكرة 1942 ، والمذكرة حول توسيع التعليم، ولكن المهم اتسع شكل العرائض والمذكرات، اضافة لأشكال نضال الحركة الوطنية منذ الاحتلال البريطاني للسودان.
- رغم أن المؤتمر كانت تتجاذبه التيارات المختلفة ، ولم يكن منعزلا عن الصراع الذي كان دائرا وسط حركة الخريجين وفي المجتمع والذي شكل الصراع بين طائفتي الختمية والأنصار قطبيه الرئيسيين ، ولم يكن غريبا بعد إعلان الإدارة البريطانية تكوين المجلس الاستشاري لشمال السودان عام 1943 أن تختلف وجهات النظر حوله ، فقد أيده المحافظون وساندهم في ذلك السيد عبد الرحمن المهدي وطائفة الأنصار، مما ادي الي الانفصال عن المؤتمر وتأسيس حزب الأمة عام 1945 ، ورد الآخرون بتكوين حزب الأشقاء بدعم من الختمية والحكومة المصرية ، كما تاسست الحركة السودانية للتحرر الوطني ( الحزب الشيوعي فيما بعد) عام 1946 ، اضافة للحزب الجمهوري عام 1945 . الخ.
هكذا ظهرت الأحزاب السياسية علي مسرح الحياة السياسية السودانية لتبدأ فترة جديدة في الصراع السياسي والوطني في السودان.
وأخيرا ، نشير الي أن مؤتمر الخريجين عبر عن الدور الكبير الذي لعبه الخريجون في الحركة الوطنية ، ووضع حجر الأساس لدور الكبير الذي لعبته القوى الحديثة في التطورات السياسية والاجتماعية بعد الاستقلال، وفي اسقاط الأنظمة الديكتاتورية ( عبود ، النميري ، البشير) كما هو الحال في : جبهة الهيئات في ثورة أكتوبر 1964، التجمع النقابي في انتفاضة مارس- أبريل 1985 ، تجمع المهنيين في ثورة ديسمبر 2018.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى 30 يونيو وتصحيح مسار الثورة
- إدانة ونبش جذور الإبادة الجماعية والعنصرية
- تسليم كوشيب للجنائية خطوة نحو العدالة والسلام
- تزايد هلع ونشاط القوى المضادة للثورة
- استغلال الدين واتساع التكفير في عهد نظام الإنقاذ
- لكل حزبه والنقابة للجميع
- حديث رئيس الوزراء د .حمدوك بين الواقع والمأمول
- عام من المجزرة بلا عدالة ومحاسبة
- أمريكا : مصادرة حق التنفس والحياة
- هل الحل في الانتخابات المبكرة والانقلاب علي الثورة؟
- الصراع والتصدع داخل السلطة
- هل اشترك الحزب الشيوعي في التخطيط لانقلاب مايو 1969؟
- الذكرى 51 لانقلاب 25 مايو 1969
- جرائم الإرهاب لا يتحمل مسؤوليتها شعب السودان
- الصادق المهدي تاريخ ممتد من شق الصفوف
- الذكرى الأولي لمجزرة فض الاعتصام
- تصاعد المخاطر ضد الثورة
- جائحة الجدري في سلطنة سنار
- حتى لا يتكرر فشل الفترة الانتقالية (4/4)
- حتى لا يتكرر فشل الفترة الانتقالية (3/4)


المزيد.....




- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- أبو شحادة يدعو لمشاركة واسعة في مسير يوم الأرض
- الوقت ينفد في غزة..تح‍ذير أممي من المجاعة، والحراك الشعبي في ...
- في ذكرى 20 و23 مارس: لا نفسٌ جديد للنضال التحرري إلا بانخراط ...
- برسي کردني خ??کي کوردستان و س?رکوتي نا??زاي?تيي?کانيان، ماي? ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28 مارس 2024
- تهنئة تنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في الخارج بالذكرى 9 ...
- الحرب على الاونروا لا تقل عدوانية عن حرب الابادة التي يتعرض ...
- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - تاج السر عثمان - تجربة مؤتمر الخريجين ( 1938 - 1947 )