|
لا يجدي مع القدَر التدارك
وليد الأسطل
الحوار المتمدن-العدد: 6303 - 2019 / 7 / 27 - 22:47
المحور:
الادب والفن
في فيلم the words يقول الكاتب الشّاب للكاتب الشيخ: لقد كان جون فونتي كاتباً كبيراً، غريبٌ أنّهُ لم يَنَل ما يستحقّ من التقدير! يجيبهُ الكاتب الشَّيخ: لا غَرَابَةَ في ذلك، إِنَّها الحياة.
إختلاف آراء النّاس و أحكامهم على الشيء الواحد أمرٌ يدعو إلى تأمّل عميق، فمِن غريب ما وقفت عليه من أمر الشاعر السوداني الكبير محمد الفيتوري، أنّه لم يكن مُعجَباً بأشعار درويش، و قد عبَّر عن عدَم إعجابه بشعر درويش عندما سُئِلَ عن شعر درويش، بقوله: إنّ درويش مجرَّد رجُلٍ أنيق! هل هذا هو رأيه الفعليّ أم هو صراع الأقران؟ لست أدري!
"جوزيف حرب" شاعر كبير، ظُلِمَ حَيّاً و ميتاً من قِبَل النقّاد لإختلافه معهم على مستوى الأفكار! و لا أقول لقد ظُلِمَ من قِبَل أفناء النّاس، لأنّ أغلب الناس عوامّ يُعجَبُونَ بكلِّ مشهور، و في الأدب النقّاد هم من يرفعون الأديب أو يخفضونه غالِباً.
كلّ يوم أقرأ قصائد جديدة، لا أقول هذا على سبيل المفاخرَة و المباهاة، و إنّما أقول هذا توطئةً للآتي:
رغم بغضي ل "سعيد عقل" على مستوى الأفكار؛ إلّا أنّي كقارئ كبير للشعر أرى أنّ "سعيد عقل" أعظم شعراء لبنان قولا واحداً. و على الرّغم من إعجابي ب "نزار قبّاني" على المستوى الإنساني و على الرغم من كونه الشاعر العربي الأكثر مبيعاً إلى الآن إلّا أنّي أرى "الماغوط" و "قاسم حدّاد" يتفوّقان عليه بكثير، بل إنّ أسلوب "جوزيف حرب" كثيراً ما يروقني أكثر من أسلوبه.
قصيدة "العشاء" "جوزيف حرب"
*********************************
كنّا معاً نختارُ شيئاً للجسد
ورداً.. مساء
قُبَلاً، عناقاً، شمعَةً، كَأسَيْ نبيذٍ للعشاء
قَمَراً.. أَحَد
و دفعت أيّاماً لِبائِعِها الّذي يُدعَى الزّمان
و حمَلتُ فوق يديَّ أكياساً معلَّبَةً بأشياء
اشتراها عاشقان
و معاً دخلنا بيتها
ثمّ ابتدأنا كالكلام نرتّبُ الأشياء فوقَ المائدة
هي زَيَّنَتها بالمساءِ مُحَمَّلاً قمَراً و أيلولاً و ريحاً بارِدَة
و غَمائِماً أطرافها كأصابِع متشابِكَة
و أنا أَضَأتُ الشَّمعَ، وَزَّعتُ العِناقَ، الهَمسَ
رَتَّبتُ القُبَلْ وَ وضَعتُ فيما بينَها جُمَلَ الغَزَلْ
ثمَّ التَفَتُّ لِكَي أناديَها
سمِعتُ البابَ يُقرَعُ
أسرَعَت، فَتَحَتهُ في لَهَفٍ و عادَت كالسّحابَة
ثُمَّ قالت ضاحِكَة:
وَصَلَ الّذينَ دَعَوتُهُم، شكرا لِهَذِي المائدة
فَمَضَيْتُ نحو البابِ، خلفي صوتها و وجوههم و المائدة
كنّا معاً لكنّني أصبحتُ بعدَ مجيئِهِم وحدي معاً
أنا في الطّريقِ مُبَلِّلٌ مَطَرُ المساءِ وجهي
وَ هُم في بيتِها بدأوا العَشاء.
لا ينبغي لنا أن نسقط من حساباتنا عنصر الحسد، فليس عالَم الأدَب عالَمَ ملائكة و إنّما عالَمَ شياطين، لقد قرأت مقالاً لروائيِّ مشهور، يقول فيه أنّه خلال حضوره لأحد معارض الكتاب وجد روايات جيّدة لروائيّين شباب غير معروفين، ثم أضاف: سيظلّون يحاربون بأقلامهم على الأوراق، إلى أن تأتي فرصة ترفعهم إلى فوق. أريد أن أسأل هذا الروائي الكبير، لماذا لم تخبرنا بأسماء هؤلاء الروائيّين الشباب كي نقرأ لهم؟ لماذا لم تعلن عن أسمائهم فتكون أنتَ الفرصة التي ترفعهم إلى فوق؟
ما أودّ قوله في الأخير، إنّ تفوّق الأديب لا يعني بالضرورة سطوع نجمه، و لي أن أضرب مثلا برواية "الشيخ و البحر" ل "همنجواي"، لقد كان "سانتياجو" رجلاً جَلداً، شجاعاً، و صيّاداً ماهراً، هزمَ التّونةَ العملاقة، قاتَلَ أسماك القرش بِبَسالَة، لكنّه انهزَمَ أمام قَدَرِه، و هكذا هي الأقدارُ لا تُغالَب.
لقد ألهمتني رواية "الشيخ و البحر" ذات مساء كتابة هذا النصّ.
جُهْدٌ ضائع ********* قالوا الأحلامُ تُزْهِدُ في الحياة
تَهْجُرُها الحقيقةُ كالسَّراب
اِرْجِعْ إلى صِدقِ التُّراب
يأسٌ، و قنطَرةٌ، وَ باب
يُفْضي إلى دنيا العذاب
أجتازُ وِديانَ الضَّباب
أمشي على الأرضِ اليباب
كالغولِ أمضِي بلا صِحاب
يا بائِعَ الفرَحِ اِنتظِرني
أشْحَذُ الإذنَ، مِنْ سُوءِ حَظِّي
مِنْ هَفوَةِ الأمسِ المُبارَكْ
فلستُ أبغي، سوى جِوارك
عذراً يا مَنْ طالَ اِنتظارُك
لا يُجدِي مع القَدَرِ التَّدارُك.
#وليد_الأسطل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على خطى نيرودا
-
صوت الوِحدَة
-
الرّشّاش
-
عِندَ النَّوْم
-
الدِّين إجابَةٌ تافِهَة
-
في ليلةٍ مقمِرَةٍ
-
هايكو
-
وحدها الكلمات تَفهَمُنِي ٢
-
وحدها الكلمات تَفهَمُني
-
قراءة في قصيدة -جراح للكتابة-
-
الكاتب و المفكّر عبد العزيز الكحلوت
-
ومضات
-
شذرات
-
ديوان:- لسنا شعراء.. إنّه الحبّ
-
قصيدة صغيرة و هايكو
-
قصائد قصيرة
-
الإغراء
-
في انتظار الّنُّور، و شَذَرَات
-
مقاطع من قصيدتَيْن
-
تأمّلات
المزيد.....
-
أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|