أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوناب كمال - الثيموس والفايسبوك Thymos and Facebook














المزيد.....

الثيموس والفايسبوك Thymos and Facebook


بوناب كمال

الحوار المتمدن-العدد: 4863 - 2015 / 7 / 11 - 09:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ليس بغريب أن تجود قريحة داهية مثل " فرانسيس فوكوياما" بمسوغات فلسفية ، وإن اقتضى الأمر أسطورية، لتمرير مشروع الهيمنة الأمريكية على العالم في أدبيات علم السياسة، ففي كتابه ذائع الصيت " نهاية التاريخ" يستند فوكوياما إلى " جمهورية أفلاطون" لتبرير تنوعات سلوك الإنسان الذي تتحكم فيه على الدوام ثلاثة قوى متناقضة: الشهوة، العقل، الثيموس ( الهمة والشجاعة أو القوة الغضبية).
الثيموس هو أقرب إلى أن يكون إحساسا إنسانيا فطريا بالعدالة، ينتج إذا شعر الإنسان بأن تقييمه من الآخرين لم يتناسب ومكانته الحقيقية في المجتمع، فيكون رد فعله على ذلك " غضبيا" لنيل الاعتراف والتقدير.
بعد أن استلهم من أفلاطون، عرج فوكوياما في ذات السياق إلى " هيجل" الذي ذهب إلى أن رغبة الإنسان في نيل التقدير والاعتراف قد زجت به في معركة شبه أزلية لنيل " المنزلة"، انقسم نتيجتها المجتمع الإنساني إلى طبقتين: سادة وعبيد.
برع الباحث في الفلسفة " عبد القادر بوعرفة" في إبراز الاستثمار المعرفي لـ " فوكوياما" في الأسطورة، مفندا أن يكون غرضه تنظيم النهاية بقدر ماكان سعيه حثيثا لـ " تأسيس الهيمنة"، فـ " نهاية التاريخ" لا يعدو أن يكون مزيجا متأرجحا بين الثيولوجي والفلسفي.
وفي مشهد فانتازي محبك بشدة يستدل فوكوياما في الصفحة 153 بالمسار النضالي لـ " فاكلاف هافيل" قبل أن يصبح رئيسا لجمهورية تشيكوسلوفاكيا خريف 1989، أين سرد هذا الأخير قصة بائع خضروات يعتقد أنه أكبر من مجرد حيوان خائف، بل هو كائن أخلاقي في مقدوره الاختيار، إن درامية هذا المشهد أعادت لذهنية الكثيرين ، خاصة المدافعين عن فرضية المؤامرة، لحظة " البوعزيزي" صاحب عربة الخضار وهو يحرق نفسه مدفوعا بقوة " الثيموس" وانتقاما من صفعة امرأة نظامية له.
يحتاج مفهوم القوة الغضبية اليوم إلى إعادة ضبط له بعد أن أوثقه فوكوياما بُعقد شديدة التأدلج، و دون حاجة إلى توسيع نطاقه للوحدات الدولية يجب مراعاة نشأته الأولى في تمحوره حول " الفرد" كمستوى تحليلي أساسي له، ولعل الفايسبوك كمظهر ما بعد حداثي هو من أفضل الوجهات المناسبة لإسقاط تطبيقات " الثيموس" البشري .
يعتبر الفايسبوك أداة فعالة عابرة للحدود تتجاوز قدرة الحكومات على رقابة المعلومة وتوجيهها، فكل من تسنى له اكتساب حد أدنى من الثقافة الرقمية بإمكانه أن يساهم في هندسة التشكيلات الاجتماعية، ولعل الانتفاضات الجماهيرية الأخيرة في المنطقة العربية هي أحسن من احتضن جدلية العلاقة بين الثيموس والفايسبوك.
لا جديد في القول بأن الخلل الذي يكتنف طبيعة النظم السياسية العربية والمعاناة من الكبت في كافة الميادين هي التي جعلت من الفايسبوك مرتعا لتفجير الطاقة الغضبية، ولكن أن يستعمل هذا الفضاء الافتراضي لأغراض تتناقض مع ضوابط الكتابة الإعلامية والقواعد البلاغية المألوفة فذلك مربط الخلل الأكبر، لأن تدفق المعلومات غير العقلاني زالت معه أصلا أهمية المعلومة، و اختلط فيه المجال العام بالمجال الخاص، والحق بالباطل والواقع بالافتراض، والحقيقة بالخيال، والمجتمع المدني بالمجتمع المتعدد الثقافات، والدولة بالفرد. ويرافق هذا التضاد انزلاق عميق نحو أنماط من التواصل المرن المتحرر من كل أشكال الضبط الأخلاقي والأيديولوجي، يدور في حدودها صراع للفوز بالاعتراف وتحقيق الذات، تحقيق لن يتأتى إلا بجمع مئات الإعجابات ( تقنية Like أو J’aime ) وهو ما يطلق عليه باحثو الإعلام بـ " عصر الرومانسية الإعلامية" وهي في حقيقتها مقولة لا تخلو من إرهاصات فلسفية ترتبط بمقولة " الثيموس" أو " إثبات الذات"
في الجزائر ، مثلا، قام أحد الشباب المتحمسين بنشر فيديو له على اليوتيوب يقوم فيه بحرق وثيقة الهوية وشهادته التعليمية احتجاجا منه على السياسات العامة في البلد، وماهي إلى ساعات حتى تهاطلت آلاف الإعجابات على تعليقاته الفيسبوكية والتي تضاعفت مع دعواته الطائفية تزامنا مع أحداث غرداية الأخيرة، يمثل هذا مثالا حيا لما قد يفعله " الثيموس" بالإنسان في عصر الفيسبوك، دون مراعاة أدنى اعتبار لأمن الدولة، أمن الجماعة، وحتى أمن الفرد، وهو ما يستلزم وضع خط رفيع بين مجالات استخدام الفيسبوك وحدود حرية التعبير.
المراجع:
ـ فرانسيس فوكوياما " نهاية التاريخ وخاتم البشر" . ترجمة: حسين أحمد حسين
ـ عبد الله الحيدري " عصر الرومنسية الإعلامية"
ـ عبد القادر بوعرفة " الأساس الأسطوري لنهاية التاريخ"



#بوناب_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كردستان: بوليفيا الشرق، صداقة الجبال وعشق الحرب
- ماذا عن سنغافورة يا فوكوياما!
- علاقة السلطة بالمعرفة في أوروبا: من الصدام إلى الاحتواء
- أسباب بقاء الممالك الخليجية من منظور كريستوفر دافيدسون
- التدخل الإنساني: إعادة تسويق لنظرية الحرب العادلة


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بوناب كمال - الثيموس والفايسبوك Thymos and Facebook