أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زيد كثير الحمداني - بيانات الحرف العاري: هل أتاكم حديث الباميا؟!















المزيد.....

بيانات الحرف العاري: هل أتاكم حديث الباميا؟!


زيد كثير الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 4066 - 2013 / 4 / 18 - 11:51
المحور: كتابات ساخرة
    


اذا كان الكلام من فضة فسكوت المغترين بمعارف يدعون حيازتها وثقافة يزعمون امتلاكها من الماس، وصدق علي ابن ابي طالب حينما قال: من كثر كلامه كثر خطؤه، وانما كان يقصد كلام اواسط الناس ممن يتداولون الأحاديث في النوادي والمجالس فكيف الحال بكلام من يتلفع بجلباب الحكمة ويعتمر عمامة المنطق وهيكله من تحت جلبابه المهترئ عار متهالك وذهنه من تحت عمامته عاطل عن التفكير؟!
*******
من تلك الأحاديث المتهالكة ما سمعته في مجلس عزاء أحد أقاربي قبل مايقرب من العشرين عام. يومها كنت أجلس جنب أحد أعمامي ويجلس امامنا تماما رجلان يتبادلان الحديث بصوت خافت. الا ان صوت احدهما وهو رجل خمسيني مكتنز اللحم و وافر الشحم يلبس قميصا بنيا ضيقا تكاد ازراه الصغيرة ان تتشظى من فرط الشد المسلط عليها قد ارتفع فجأة وسمعناه يقول لصاحبه:
" يا عزيزي اقولك انا قرأت عشرات الكتب عن أوضاع المرأة في مجتمعنا.. لكن حالها اليوم لا يعجبني ابدا.. وخصوصا ما يحصل في الجامعات من مجانة وتسيف في الجنس.. بناتنا انحدرت اخلاقهن".
كان صاحبه وهو اصغر منه سنا وارشق عودا يصغي اليه باهتمام وانبهار شديدين وكأنه يصغي لخطبة من خطب قس بن ساعدة الايادي او اكثم بن صيفي -من حكماء وخطباء العرب-.
" زيودي.. فهمت شي من هالكلام؟!" سالني عمي.
" والله يا عمي عمري ما سمعت هالكلمتين: مجانة و تسيف. اضنه يقصد: مجون، اسفاف!!"
زم عمي على شفتيه واكتفى بابتسامة خفيفة شعرت بانها تخفي من ورائها ضحكة مجلجلة لم يكن المقام ليسمح بها، ثم دنا مني قليلا وهمس في اذني:
" وليدي أنا متأكد من انو ابن ال....بة هذا لو مجرب الجنس والمجون مرة واحدة في حياته ما كان تكلم عنهم بهالطريقة".
*******
بعد سقوط نظام صدام منحتْ حرية الانتماء الى الاحزاب السياسية بمختلف توجهاتها فرصة التعبير عن الرأي لكثير ممن كان النظام السابق يجثم على افواههم ويصادر حقهم في التعبير، واحسب ان الحاج ابو أحمد صاحب محل غسل وكوي الملابس في حينا كان أحد اولئك المحرومين.
في ظهيرة يوم من ايام الجمعة وذلك في حوالي أواخرالعام الفين واربعة سمعت طرقات متتالية على باب بيتنا. صحت قبل ان افتح الباب:
" منو؟"
" انا حجي ابو احمد، محتاج اشوف الوالد بلا زحمة"
" اي تفضل حجي" قلت له وانا افتح له الباب.
دخل الحاج ابو احمد وجلس على كرسي اختاره بنفسه في حديقة البيت حيث رفض الدخول الى داخل المنزل و الجلوس في غرفة الضيوف قائلا انه يحب ان يستمتع بمنظر الزهور، وبينما كنا في انتظار أبي الذي كان ياخذ قيلولة ما بعد الغداء قال لي الحاج ابو احمد بعد ان تبادلنا بضعةاحاديثعناحوال البلد آنذاك:
" تعرف ابني زيد، مشاكل العراق ما راح تنحل الا بفدرالية المناطق لانه التاريخ اثبت نجاح الفدرالية في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية ونهاية نظامها الامبراطوري واحتلال القوات الامريكية لالمانيا".
طبعا لم اقل له أن فرنسا لم تعد امبراطورية منذ نهاية القرن الثامن عشر ولم اقل له أيضا انه ليست هناك فدرالية في فرنسا والقوات الامريكية لم تحتل المانيا ابدا، وانما اكتفيت بالسكوت الذي لم يكن ساعتها يعتبر من علامات الرضا ابدا. بعد دقائق قليلة جاء والدي وانقذني من لجة تصريحات الحاج أبو أحمد التاريخية التي كادت ان تنتهي بقوله أن سبب أحتلال الأمريكان للعراق هو الثأر لدم المغدور به لجمان الذي قتله غيلة شعلان أبو الجون قبل عقود بعيدة!
" انا متاسف دكتورعلى ازعاجك لكن والله عندي ألم بسني واريدك تشوفلي حل"
" حجي اذا تحب نروح للعيادة حتى اعالج سنك ما عندي مانع ولو اليوم عطلتنا" قال له أبي بعد أن اجرى فحصا سريعا لأسنانه.
" لا دكتور ماريد لا خلع ولا حشوة ولا مخدر، اعطيني مسكن فقط ارجوك"
" لكن المسكن ما ينفع حالتك لازم تخدير ورفع العصب"
" دكتور ما اقدر صدقني"
" ليش حجي؟!" ساله ابي متعجبا.
" لانوا المخدر راح يجبرني اسكت اليوم كله على اقل تقدير.. وبصراحة ما اقدر أسكت.. أنا مهنتي الكلام!!" قال جملته الأخيرة في زهو وشموخ وظل يجول ببصره بيني وبين أبي ليكتشف مدى انبهارنا بمهنته المميزة تلك.
في الحقيقة الحاج ابو احمد كما عرفت من والدي فيما بعد هو المتحدث الرسمي باسم تجمع عشائر غرب العراق، كيان سياسي لا اعرف مصيره الآن بعد سنوات طويلة من النضال الكلامي والمناورات المتهورة فوق ولائم القوزي وعلب البقلاوة، لذلك من الطبيعي ان يعتبر الكلام مهنة له.
" اذن فعمله يشبه عمل فكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الامريكية، الا ان بينه وبينها فرق بسيط: ست نولاند ما عندها محل لغسل الملابس.. المسكينة تغسل ثيابها بيدها". قلت في نفسي وانا التهم قطعة الكليجة -المعمول- التي لم يستطع الحاج نولاند العراقي أكلها!
*******
حديث الرجل البدين عن "مساوئ الجنس" في مجلس عزاء اقاربي و"مهنة الكلام" للحاج أبو أحمد هما غيض من فيض هرطقات المتكلمين بما لا يفقهون والمتنابزين بجهل لا يدركون ابعاده ولا يصلون الى اعماقه السحيقة في ازمنة ما قبل شيوع الانترنت، فكيف الحال اليوم والحبل متروك لهم على غاربه ليتمنطقوا ويتفيقهوا ويثرثروا في المنتديات المتناثرة في الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي العديدة؟!! يارب سلم.. يارب سلم..
غير ان لأمثلة التبجح بالجهل التي تتكاثر يوما بعد يوم استثناءات قليلة الا انها متية وصلبة، ومن لطائف تلك الاستثناءات ما سمعته يوما من صديق مقرب جدا حينما سألته: لم أنت مصاب بوسواس الوقوع في خطل الحوار يا صديقي؟ قال لي: صدقني يا زيد منذ أن كنت في الصف السادس الابتدائي وبعد ان سمعت الآية القرآنية التي تقول "وما ينطق عن الهوى" صرت اتحاشى الحديث في موضوع لا أحيط بجوانبه ولا أعرف مقاصده لاني شعرت بضحالة من يذهي بما لا يفهم. طبعا الصديق المذكور حليق الذقن، قصير الشعر، يلبس شورتات تصل الى ركبتيه، و لا يلبس جلبابا يوم الجمعة و لا يضع طاقية فوق رأسه، ويعتبر النبيذ عنب عتيق لا غير، الا انه يردد مع نفسه دائما: تعالوا ايها الجهال واسمعوا: الله يعلم بالقلم لا بالوهم!
في الحقيقة مثلما هنالك متبجحون ومتفيقهون فهنالك متبجحات ومتفيقهات. وحيث أن عمتي الكبرى تعرف نصف نساء بغداد و نصفهن الآخر التقت بهن في مجالس النصف الأول، فأني اذكر واحدة من معارف عمتي و التي كانت تزورها في الايام الخوالي. وفي احدى تلك الزيارات كانت السيدة المقصودة ذات المئة ربيع تقريبا تلبس فستانا قصيرا يكشف عن ساقين نحيلتين جدا يبدو ان الدود بدأ باكلهما فعلا، وانامل ملونة بلون أحمر قانٍ ليدين لم يبق منهما غير عروق عتيقة جفت أوردتها منذ نهاية الاحتلال العثماني للعراق. كانت السيدة العجوز تضع ساقا فوق ساق و تتحدث بصوت مجلجل وتضحك بملء شدقيها وعمتي المسكينة تستمع اليها فقط حيث لم تترك لها الفرصة كي تنبس ببنت شفة. بعد أن خرجت، تنفست عمتي الصعداء، وقالت:
" عمت عينها للبانيا -الباميا- شكد تنفخ".
" عمه ليش تشتمين الباميا؟!" سالتها متعجبا.
" عماتي زيودي.. مو البانيا بيها مادة تخلي البني آدم من ياكلها يحس نفسه منفوخ بس على الفاضي".
من يومها وأنا اتحاشى تلك الأكلة اللذيذة، وان اكلتها تحت وطئة شراهتي المتجددة أنزوي في غرفتي انتظارا لزوال اعراضها. ومن يومها ايضا وانا أشكر عمتي على تلك النصيحة الثمينة وادعو الله ان يرزقها في فردوسه الاعلى صحن باميا لا انتفاخ بعده ولا تهويم -الشعور بالحاجة الى النوم-!!







#زيد_كثير_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات زوراء اليمامة: هوامش يحيى
- يا أيها الذين سقطوا...
- بيانات الحرف العاري: كشف اللثام عن أولاد المتعة اللئام
- تجليات زوراء اليمامة: أنسى بغداد
- بيانات الحرف العاري: خطيئة بريمر
- بيانات الحرف العاري: جنتي في بيجنغ
- بيانات الحرف العاري: فانك تُسمِعُ الموتى!!
- بيانات الحرف العاري: اشاعات من تأليفي
- بيانات الحرف العاري: أبناء الوادي الخسيف
- بيانات الحرف العاري: تساؤلات آخر الزمان
- أطراس الذكورة
- دليل المحتار في بيان أحوال الكفار
- الرجل العراقي منذ الف عام


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - زيد كثير الحمداني - بيانات الحرف العاري: هل أتاكم حديث الباميا؟!