أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - الناشر والبوكر وحارس التبغ لعلي بدر















المزيد.....

الناشر والبوكر وحارس التبغ لعلي بدر


محمد مزيد

الحوار المتمدن-العدد: 2512 - 2008 / 12 / 31 - 06:21
المحور: الادب والفن
    


منذ السطور الاولى لرواية " حارس التبغ " للروائي الشاب علي بدر يحصل ما اعتقده بسوء الفهم بين الكاتب والقارئ، سوء الفهم من النوع الذي يربك المتلقي ويجعله بين خيارين اما ان يرمي بالرواية او يحاول مواصلة قراءتها مثلي مضطرا، لكي يفهم الأسباب التي جعلت رواية مثلها تتسلق إلى القائمة الطويلة للروايات المرشحة لجائزة البوكر العربية لهذا العام (وربما ستفوز! من يدري؟!).
سأعترف انني لم استطع تكملة قراءة الرواية الا بصعوبة بالغة، ليس لأن الرواية بالغة التعقيد او عملاً يضج بالاسئلة والالغاز ، بل جاءت الصعوبة من ما اسميه بانهيار اللغة والبناء الفني في معمار الرواية، وفقدان وظيفتهما الاساسية في التصوير والابلاغ والامتاع، وعدم تمكنها من الاحاطة بالوحدات السردية والحبكة وتقنية الحوار وجمال الوصف احاطة العارف الخبير، لدي عشرات الشواهد والامثلة تتضافر لاثبات ما أقول، لكنني ساترك ذلك جانبا واذهب فورا الى بنية اخرى في الرواية قد وجدتها حفلت بتناقضات لا يمكن الوقوع بها حتى عند انشاء طالب في الصف الرابع ثانوي .
وبالطبع لايمكننا تحميل تجربة علي بدر " البسيطة " في الكتابة حيازتها على شروط الاتقان التي يجب ان يتحلى بها الروائي قبل الشروع بكتابة منجزه ، ذلك لأننا سننسف هنا خارطة التنوع والتأثير والتناص و " الاقتناص " احيانا وكأنه الامر يستلزمك بتحديد يتخلى عن اسرار الابداع ، ولكن اية اسرار ؟
"حارس التبغ " اول رواية اقرأها لعلي بدر ، وهي كما يبدو لي آخر عمل صدر له عن " المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2008 " ، ووفق قواعد اجرائية متعارف عليها ، ولايمكن الالتباس بها ، ان آخر عمل لأي كاتب يجب ان يكون انضج اعماله ، بسبب تراكم الخبرة والمعرفة باليات الكتابة وحرفيتها ، ولذا كنت امني نفسي العثور في هذا الكتاب – وهو العاشر له – ما يساعدني في البحث عن كتب الروائي السابقة ، غير اني بعد صعوبة انجاز القراءة - اسميها انجازاً لان فعل القراءة يعد تأليفا ثانيا – لم اجد في نفسي الرغبة للبحث عن كتبه الاخرى خشية مما يبعثه في نفسي من مشاق وشعور بالملل والنفور وعدم القابلية على الهضم كما حصل لي مع هذه الرواية .
ونعود الى سؤالنا البديهي الذي تقدمنا به هذا العرض ، لماذا انهارت ليس اللغة وحسب بل كل ما له علاقة بالبناء الفني لألف باء الكتابة الروائية في هذه الرواية ؟
لااريد الخوض في بحث لغوي ، انا اصلا بعيد عنه كل البعد ، وليس لي فيه لاناقة ولا جمل ، وربما قد يدخلني في تفسير وتحليل ما يمكن قوله وما لايمكن ، ازاء معنى درسنا الاول من اصل الكتابة ، وبالتالي تنحرف هذه المقالة عن الجادة التي انا بصددها . ولكن الواضح في السؤال هو البحث عن هم الكتابة وهويتها ، عن حرفيتها أيضاً ، لماذا نكتب وماذا نكتب؟ بل كيف نكتب؟ وهل تندرج هذه الرواية بهم حقيقي يمكننا التأكيد من انها حازت على الاحاطة بالاسئلة الجوهرية التي نبحث عنها؟ ام انها مجرد حذلقة في وادي الروائيين . وذلك ما سأتحدث عنه منذ الآن.
قسمت الرواية الى ثلاثة اجزاء تعتمد على محاكاة قصيدة الشاعر البرتغالي بيسوا ، سنجدها تقع في تناص او اقتناص ( سيان الامر في كلا الحالتين لدى بدر ) لرواية عراقية اخرى تحمل عنوان " صورة يوسف " للروائي العراقي المعروف نجم والي والتي صدرت عام 2005 عن المركز الثقافي العربي في بيروت وقد استفادت " صورة يوسف " من تضمين بلغ مستوى عال من الحرفية لتعدد الاصوات في القصيدة اياها ، فيما سنرى عند بدر في "حارس التبغ " قد وقعت في تناقضات لا اول لها ولا اخر حيث يتصدى الكاتب الى استعراض حياة موسيقار عراقي اغتيل في شباط من العام 2006 ، ليضع اقنعة لهذا الموسيقار فيكون اسمه ، كمال مدحت او يوسف سلمان او حيدر سلمان . ثم تنتهي الرواية ، بطريقة بدت لنا ان الكاتب ينسى ما يسطره في الصفحات الاولى ليرسل معلومات مغلوطة عن مصائر ابطاله في صفحات تالية ، ويمنح اسماء لشخصيات ينساها في اماكن اخرى ، فضلا عن ارباك واضح في المعلومات التاريخية مما احدث شرخا بنيانيا واضحا سنأتي اليه مفصلا ، وسنرى احداثا مفتعلة وغير مقنعة ولاتحمل اية شروط فنية لازمة.
ففي الصفحة 9 نقرأ في " الخامس من فبراير من العام 2006 وُجدت جثة الموسيقار كمال مدحت مرمية على مقربة من جسر الجمهورية " ... ولكن الكاتب ينسى هذه المعلومة ليقول في الصفحة 23 "في الثالث ابريل من العام 2006 وجدت جثته مرمية قرب جسر الجمهورية " .. بل سنجد في الصفحة الواحدة اغلاطا في المعلومات لا يمكن ان يقع فيها حتى ابسط المبتدئين في الكتابة كقوله مثلا في صفحة 23 "في العشرين من شهر مارس (آذار: ) 2003 بدأت الولايات المتحدة حرب الخليج الثالثة لاسقاط الرئيس العراقي صدام حسين " وبعد سطر واحد يرجع بالتاريخ الى الوراء ليقول " وفي التاسع من اذار (مارس: مني!) دخلت القوات الامريكية مدينة بغداد" .
وعندما نتابع مسلسل نسيان الكاتب للتواريخ سنجد انفسنا في وسط تناقضات صارخة فمثلا في الصفحة 14 سنقرأ " ولد يوسف عام 1926 ويحصل في العام 1934 على منحه للسفر الى موسكو" .. اي ان عمر يوسف كان 8 سنوات، وعلى الرغم من ان ذلك اقرب الى المستحيل منه الى الواقع ، لكننا سنسلم به، بدواعي ما سنفاجئ به في الصفحة 116 عندما يخبرنا " ان يوسف اكمل دراسته للموسيقى عند دخوله المعهد الموسيقي في العام 1936 " اي انه في عمر العاشرة يكمل دراسته في معهد الموسيقي ، وهذه ايضا سنسلم بها ، برغم استحالة ذلك حتى في روايات الخيال العلمي، غير اننا نفاجئ بان المنحه التي حصل عليها يوسف للسفر الى موسكو كانت وهو في عمر الخامسة عشرة وليس كما جاء في الصفحة 14 ويبدو لنا ان الكاتب لايراجع ما يكتبه ، ورأى في الصفحة 116 انه اقرب الى الصدقية عندما ارسله بعمر 15 الى موسكو بدلا من 8 سنوات.
ومن مسلسل نسيان الكاتب وعدم دقته سنتابع ان يوسف في اذار من العام 1941 التقى بعازف الكمان الروسي الشهير وقدم اول عزف امامه في النادي الانكليزي في بغداد ، اي ان عمره كان في الخامسة عشرة وهو العمر الذي كان فيه بموسكو ، ومن المفارقات المضحكة انه وهو في موسكو يشهد تعرض الطائفة اليهودية في العراق الى الاعتداء والنهب ويرى كيف " احترقت مسعودة دلال خالة يوسف امام عينيه ونهبت اموالها " ص16 . ولاادري كيف فات المؤلف ان يذكرنا – في سبيل عدم وقوعه بهذه الاخطاء الجسيمة – انه استطاع ان يشهد احتراق خالته من خلال نقل الفضائيات للحادث الى موسكو ، حتى وان لم تكن في اعوام الاربعينيات ثمة اطباق للفضائيات !!!
ليس التواريخ وحدها هي التي لها مسلسل هنا في مهرجان نسيان الكاتب بل اسماء الحبيبات ، ولننظر في الصفحة 20 ما جاء انه في الخامس والعشرين من آب بدأ يوسف بالتدريس .. واشيع عن علاقة بينه وبين عازفة البيانو الروسية ماريا ايفانوفا ابنة صديقه سيرجي ، لكننا نجدها في الصفحة 215 قد اصبح اسمها آدا برونشتين التي انفصل عنها وامضى عاما قاسيا نادما على ما فعله مع ابنة صديقه، ثم نرى في الصفحة 277 ان ماريا ستظهر فجأة في بغداد ليتعرف عليها ثانية وهي تعزف في فندق شيراتون!!!
ونرى في الصفحة 22 كيف تصبح لديه زوجة اسمها نادية العمري، لكنها في الصفحة 98 و345 نراها قد اصبحت فاتن العمري، ولا اعتقد ان الحفاظ على اسم البطلة الى نهاية العمل تحتاج الى نباهة كثيرة.
وكما ينسى كاتبنا التواريخ واسماء الشخصيات فانه بالوقت نفسه ينسى ايضا اين يدفع بابطاله في المدن والعواصم ، حيث نقرأ في صفحة 22 ان عمر ابن نادية او فاتن العمري ( لاندري أيهما الصحيح) يسافر للعيش عند خالته في مصر غير اننا نفاجئ ان نادية او فاتن العمري تقضي الصيف مع ابنها عمر في بيروت عند اختها وداد كما جاء في الصفحة 304.
اضافة الى نسيانه التواريخ واسماء النساء واسماء المدن سنجده يخطأ في الاحداث المهمة في التاريخ المعاصر ففي الصفحة 119 إلى الصفحة 121 يتحدث الكاتب عن علاقة يوسف بإبنة خالته كلاديس وكيف انه كان يعشقها، حيث يقول على ص 119 أنه عندما كان يجلس في بيت خالته يسمع الأحاديث عن "هتلر وموسيليني والنازية والمحور والحلفاء..." ان هذا يعني انه الان في أوساط الثلاثينات، النازية صعدت عام 1933 والحرب العالمية الثانية إندلعت عام 1939 ..وعلى الصفحة 121: نقرأ "تطلب منه كلاديس أن يمص حلمتيها " . فيما نرى انها أول تجربة جنسية له في نفس الفترة التي سمع بها الاحاديث المذكورة. وعلى الصفحة ذاتها نقرأ " حيث نعرف أن التجربة الجنسية تلك تركته أياماً طويلة دائخاً ومضطرباً، "وربما هو الذي هزه وأرجفه عندما بدأ بأول عزف له في الإذاعة لمقطوعة طويلة لموزارت"، والسؤال الذي نود طرحه : ألم يقل لنا بدر في البيلوغرافيا أنه عزف أول مقطوعة له في الإذاعة عام 1934 وكان له من العمر 8 سنوات؟
وفي الصفحة 129 يذكر بدر كيف يصف يوسف في رسالة طويلة انه كان يستمع بنهم لأخبار كلاديس أي في رسالة لزوجته فريدة، لأن الرواية ليس فيها رسائل غيرها، لكن كيف حدث ذلك وهو لم يكن متزوجاً؟ ثم أن بدر يقول في المقطع الثاني من الصفحة ذاتها، بأن يوسف تعرف في تلك الفترة، في "العام ذاته، عام كلاديس وفضائحها كان التقى بعازف الفيولين المشهور ميشيل بوريزنكو..وقدم معه...على صالة النادي الإنكليزي في بغداد ، لكن حسب ما قرأنا في البيلوغرافيا انه قد حصل العزف في النادي عام 1941، أي ان عمر يوسف كان في 15 عاماً، ولم يكن قد تزوج بعد ؟ على ص 216، نقرأ "وقد وصف لفريدة في واحدة من رسائل العام 1968، حوادث إعدام اليهود"، لكن الصحيح أن إعدامات اليهود تلك بدأت في 26 كانون الثاني 1969.
في الصفحة 132، سنجد مفارقة عجيبة بشأن البيت الذي سكنه يوسف وسنقرأ في ذلك وصفا يبلغ من الركة منتهاه مقارنة بالبيوت التي سكن بها يوسف وبين ما قاله عن إنتقال عائلته على صفحة 126 ، وهنا الفت النظر الى فارق المستويين في التعبير بين ماورد في 126 من لغة تعبيرية جيدة وماجاء في الصفحة 132 كأن الذي كتبها ليس هو نفسه الذي كتب ما جاء في الصفحة 132 .
وعندما نستقرأ التناقضات الاخرى نجد مثلا في الصفحة 179: يقول الراوي أن يوسف وصل الى طهران في مايس 2006، ليبدأ بجمع المعلومات عنه ؟ وهنا نسأل : لماذا يعود الرواي مرة أخرى ليقول على الصفحة 339 أنه جمع كل هذه المعلومات بعد عودته باسبوع إلى بغداد من المدعو مصطفى شاكر؟ الا يعني ذلك خلطا واضحا وعدم قدرة على التركيز في بث المعلومات ؟
كما سنرى ان شخصيات فنية وادبية تدخل الى النص وتخرج بدون مبرر ، كمثل ما جاء في الصفحة 188 " بعد مغادرة جواد سليم برفقة ناهدة السعيد " كيف قفز جواد سليم وناهدة فجأة الى واجهة مشهد ليس فيه اي تمهيد ومن ثم اي تصعيد بشأنه .. اهو نوع من الحذلقة لانعرفها .
في الصفحة 197 يجعل الكاتب بطلنا لديه القدرة السحرية العجيبة لمعرفة الانقلابات والثورات قبل وقوعها ، وكلنا يعرف ان انقلابات الشرق الاوسط لا يعرف بها المثقفون والفنانون، دوائرها محصورة بالعسكر فقط الا اصحابهم المرتزقة وبطلنا الفنان حسب سيرته ليس مرتزقا كي يتسنى له العلم بانقلاب 8 شباط كي يخبرهم بان اليوم التالي يخفي انعطافه حقيقية في تاريخ البلاد وهناك بركان هائل سينفجر .
في الصفحة 198 سنقرأ ان "طاهرة ما زالت في موسكو، وان حسين ابنها في منزل جده إسماعيل الطباطبائي" ثم نقرأ بعدها في الصفحة 199 أن الجد في بغداد أيضا " !! عجيب !! ماذا يفعل الطفل حسين هناك في طهران لوحده؟ وعند من يسكن ؟ ولماذا الطفل الصغير بدون والديه؟ هل يعقل ذلك ؟ وفي الصفحة 204 يصف لنا الكاتب رحلة يوسف إلى طهران ثم إلى موسكو والسؤال: كيف لا يرى الأب الفنان الرقيق إبنه حسين؟ أي أب فظ هذا، هل يُعقل ذلك؟ ثم وبشكل مفاجيء نقرأ في الصفحة 205 ان الام تظهر وإبنها حسين في بغداد! ترى كيف جاءا؟ الأم من موسكو والإبن الصغير من طهران؟
وسنرى الكثير الكثير من الاخطاء المحتشدة بالرواية ولكن لضيق المساحة سنختصر بالقول ان الراوي يقول على لسان فريدة في ص 98 أنه تسلم الرسائل التي واظب على كتابتها يوسف بشكل دوري إليها من عام 1955 وحتى فترة قريبة من وفاته عن طريق وسطاء "وبما أنه لم يكن قادراً على إرسال رسائل لي من العراق مباشرة إلى إسرائيل فقد كان يرسلها عن طريق وسطاء موسيقيين موجودين في موسكو وبراغ" ص 98 (أنظر أيضاً إلى ص184)، لكن هل يُعقل أن الوسطاء كانوا حاضرين دائماً لرسائله؟ هل يُمكن تخيل ذلك؟ كيف تصل الرسائل بهذه السهولة حتى بعد عام 2003؟ ثم أن الوسيط الوحيد في براغ هو الموسيقي كارول بروش قد مات في الثمانينات كما تقول الرواية؟
في كل رسائله يتحدث يوسف لفريدة عن مغامراته العاطفية بكل تفاصيلها لدرجة أنه يصف لها جسد النساء التي ينام معها (أنظر صفحات 184، 195، 243، 268، 280، 302...ألخ؟ اي رجل رعديد هذا الذي يصف لزوجته السابقة تفاصيل كيف ينام مع النساء ؟ هل هو إنسان سوي؟ أما المطاردة التي يتعرض لها بطلنا يوسف في بغداد قبل قتله، وهو يصعد وينزل سطوح فنادق الدرجة الأولى العالية فلا يمكن أن يعقلها عاقل، هل يُعقل أن رجلاً قارب الثمانين من عمره قضى حياته يسكر ويدخن وينام مع النساء، ويبقى بمثل هذه الحيوية الرياضية، يهرب مهرولاً من مطارديه الشباب؟
المعضلة الأساسية في البناء
المعضلة البنائية الكبيرة حسب اعتقادنا تتلخص بالسؤال التالي : كيف أن شخصاً مشهوراً مثل يوسف، حصل على جائزة الملك فيصل وهو مايزال طفلا، وعلى جائزة ملكة بلجيكا السابقة إليزابيث، واشترك في مسابقة جاك تيبو بباريس عام 1965 وفي مسابقة ليفنتريت في نيويورك عام 1966 ورفض العزف في أوركسترا السيمفوني لمدينة نيويورك احتجاجاً على العدوان إلى العراق، يستطيع تغيير أسمه بسهولة ولا يتعرف عليه أحد؟ ألم تنشر الصحف صوراً له؟ ثم كيف يعقل ان شخصاً بشهرته حصل على شرف أول من عزف في الإذاعة عند تأسيسها، ولعب دوراً بارزاً بتأسيس جمعية بغداد الفولهارمونيك مع بطرس حنا، ساندو ألبو، جميل سعيد وأندريه تورير (ص 16)، وكان يملك صداقات ربطته بشخصيات أدبية وثقافية مشهورة مثل، جواد سليم (ص17 وص19)، ورافق وهو في "العشرين من عمره الكثير من الادباء والكتاب والأدباء كالسياب والبياتي وفؤاد التكرلي في مقهى البرازيلية، وكان يعرف حسين مردان الشاعر الصعلوك والمتمرد" ص 146، كما جمعته صداقة مع محمد غني حكمت ومنير بشير و خالد الرحال وعازفة البيانو الأرمنية بياتريس أوهانسيان ص 284 ، بل كان قد تعرف حتى على أحمد صادق النجفي ..الخ، كيف يمكن لشخص مثله، ان يعود وقتما يشاء ويعمل في نفس عمله ولا يتعرف عليه أحد، كما حدث عندما عاد في المرة الأولى عام 1958 بعد ثمان سنوات من هجرته بإسم آخر؟ وفي المرة الثانية وهي الأكثر غرابة، لأنه كان قد عاد بعد سنتين من تركه للعمل في الفرقة السمفونية ؟ ثم كيف أن شخصاً مشهوراً مثله يُسفر بصفته تبعية إيرانية عام 1980 وكان في حينه يعزف في السمفونية الوطنية العراقية (الطريف أن علي بدر يجعله يعمل عازفاً في الفرقة السمفونية الإيرانية أيضاً ص 115)، ثم يعود عام 1982، أي بعد عامين فقط، ليعمل في نفس الفرقة السمفونية العراقية مع العازفين انفسهم وبإسم آخر ولم يتعرف عليه أحد؟ والأدهى من ذلك، أنه يدخل على صدام حسين (لا تسأل عنه المخابرات، ولا تعرف أنه سبق وأن هرب من ثلاث دول معادية للعراق في حينه: إسرائيل وإيران وسوريا)، ثم يعزف مع وليد غلمية؟ هل من المعقول أن فناناً مشهوراً مثله حتى وقت تسفيره لم يتعرف عليه كوليد غلمية أو الآخرون ؟ هل من المعقول أن شخصاً مثله لم تكن له صورة منشورة على الجرائد أو غيرها؟ أنه يتحرك مثل الشبح، حتى عندما يدخل مقهى الروضة (261) في دمشق التي تزدحم بالمثقفين الهاربين لا يتعرف عليه أحد؟
ان المشكلة البنائية عند علي بدر انه يعتقد، ما أن يغير الشخص أسمه حتى يصبح شخصاً آخراً ؟ حتى إذا كان يوسف جيمس بوند فإن من المستحيل أن يتحرك بمثل هذه الحرية ، وان يسافر من بلاد إلى أخرى دون مشاكل؟ إلا إذا كان يوسف مثل طرزان ؟ او الرجل الوطاط . وإذا كانت رواية "صورة يوسف" استفادت من تعدد الاصوات في قصيدة بيسوا ونجحت في خلق اجوائها الروائية المحكمة البناء ، فإننا نجد أن علي بدر اساء للقصيدة في تقريره الصحفي "المفبرك" والذي اسماه رواية "حارس التبغ " ظلما وعدوانا .
والآن لابد أن يطرح السؤال نفسه: إذا كان لا الروائي ولا الناشر راجعا الرواية، فكيف فات ذلك على أعضاء لجنة البوكر العربية التي رشحوها على القائمة الطويلة لجائزة البوكر؟ سؤال غير بريء طبعاً!



#محمد_مزيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحراء نيسابور
- نجيب محفوظ .. الصانع الامهر
- كيف ينبغي قراءة نجيب محفوظ


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد مزيد - الناشر والبوكر وحارس التبغ لعلي بدر