أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علا مجد الدين عبد النور - -حين ينسحب التشدد من دولة… ويزدهر في أخرى-














المزيد.....

-حين ينسحب التشدد من دولة… ويزدهر في أخرى-


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 8551 - 2025 / 12 / 9 - 06:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مشهدٍ مليء بالتناقضات، تحاول المملكة العربية السعودية إعادة تعريف علاقة الدين بالحياة العامة من خلال سياسات منفتحة جزئيًا تقودها الدولة، بينما تشهد مصر تصاعدًا ملحوظًا في أنماط التدين الشكلي والوصاية الأخلاقية التي تُضيّق مساحات التعبير العام.
وعلى الرغم من بقاء قيود سياسية في التجربة السعودية، فإن التحولات التي تشهدها تستحق التوقف عندها بوصفها محاولة جادة لتفكيك بعض أدوات الرقابة الدينية التقليدية، في وقت يبدو فيه التدين في مصر أكثر حضورًا في المظهر منه في الجوهر والأثر الاجتماعي.

منذ عام 2015، والأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية يسعى إلى تقديم نفسه بوصفه قائدًا للتحديث، حيث اتخذ خطوات واضحة لتقليص صلاحيات الشرطة الدينية الرسمية، وعلى رأسها تقييد دور هيئة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» ومنعها من الاعتقال أو الملاحقة المباشرة، في خطوة عكست نية معلنة لإعادة ضبط حضور المؤسسة الدينية في الفضاء العام.
وشملت الإصلاحات كذلك مراجعة شاملة للمناهج الدينية، بهدف إزالة المحتوى الذي يحضّ على الكراهية أو عدم التسامح مع الأديان والمذاهب الأخرى.

هذه التغييرات لم تمسّ الرمزية الدينية، لكنها
وسّعت من هامش الحياة اليومية العامة بشكل ملحوظ، فتقلصت بعض القيود التي كانت مفروضة على النساء، مثل السماح بالقيادة وتخفيف القيود المرتبطة بالحجاب، وإتاحة فرص اجتماعية أوسع لهن.
بالإضافه لإعادة افتتاح دور السينما، واحتضان صناعة سينمائية ومهرجانات ثقافية محلية ضمن رؤية اقتصادية وثقافية أوسع.

مصر: من المجتمع المدني إلى مطاردة الفنّ باسم الأخلاق

على الجانب الآخر تقف مصر، والتي كانت خلال الخمسينيات والستينيات، تتخذ نمطًا اجتماعيًا أكثر انفتاحًا، متأثرة بالتيارات القومية والاشتراكية، وبوجود طبقة وسطى منفتحة على الثقافة الغربية "رغم تدينها!".

شهدت تلك المرحلة حضورًا بارزًا للمرأة في المجالين السياسي والاجتماعي، مع مساحة أوسع للحريات الشخصية، وهيمنة للفكر القومي واليساري على الخطاب الثقافي والإعلامي، وازدهار واضح في السينما والموسيقى والأدب.
غير أن هذه الملامح بدأت في التغيّر منذ السبعينيات، مع صعود موجة “الصحوة الإسلامية”، وانتشار الحجاب بوصفه ظاهرة اجتماعية مرتبطة بتحولات سياسية واقتصادية وثقافية.

اليوم، تبدو مصر وكأنها حاضنة "لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي لفظتها السعودية!، ولكنها هيئة رسمية شعبية يلعب كل فرد فيها دور حامي حمى الإسلام والمدافع عن أخلاق المجتمع ، فانتشرت الملاحقات ضد الكتاب و المطربين والفنانين -بدعم معلن أو مخفي من الأزهر- بدعوى “خدش الحياء” أو “الإخلال بالقيم”، مع مطالبات متكررة من جهات رسمية أو نقابية بضبط المحتوى الفني.
كما تصاعدت وتيرة قضايا “ازدراء الأديان”، وأصبحت المادة 98 من قانون العقوبات أداة قانونية تُستخدم لتقييد حرية التعبير .
ما أسفر عن صدور أحكام قضائية مشددة في عدد من القضايا، هذه الممارسات الشعبية والرسمية أنتجت مناخًا خانقاً للإبداع، ومقيداً للحريات ومفقداً مصر قوتها الناعمة.

ولم تتوقف مظاهر "الدروشة" عند هذا الحد فقد
تسللت مظاهر التدين إلى المناهج المدرسية بطرق معقّدة -على الرغم من الإعلان المتكرر عن “مراجعات” وإصلاحات في الخطاب الديني- تزال نصوص دينية صريحة حاضرة في مناهج اللغة العربية والمواد الاجتماعية وحتى المناهج العلمية، بل وتتحول مادة الدين إلى مادة أساسية في جميع مراحل التعليم، ويُشترط للنجاح فيها حصول الطالب على ٧٠٪؜ من درجتها، وهو ما يؤدي عمليًا إلى تحويل المرجعية الأخلاقية للمدرسة، إلى خطاب أحادي، ويضعف فرص تعليم مهارات الفهم النقدي للنصوص الدينية لصالح الحفظ والتكرار.

أما في الحياة اليومية، فقد تجسدت ملامح التدين الشكلي في ممارسات عدة منها غلق المحال التجارية مع كل صلاة حتى في المناطق السياحية، موظفون يتركون مواقع عملهم لأداء الشعائر بصورة تعطل سير العمل، وسائقو توصيل وعاملون في الخدمات يرفضون نقل سلع أو تقديم خدمات يعتبرونها “مخالفة لتصوراتهم الدينية”.
هذه السلوكيات، وإن بدت للوهلة الأولى تعبيرًا عن التزام ديني، فإنها في الواقع تؤسس لمنطق يُقدّم المظهر على حساب الحقوق العامة والخدمة المجتمعية.

المفارقة الأكثر إيلامًا أن تصاعد أنماط التدين الشكلي لم ينعكس في صورة حماية اجتماعية حقيقية للنساء وحتى الأطفال!

فقد وثّق تقرير بحثي صادر عن منظمات غير حكومية 1195 جريمة عنف ضد النساء في مصر خلال عام 2024 بأكمله، وفي النصف الأول من عام 2025 وحده تم توثيق 495 جريمة عنف ضد النساء، وهي أرقام تطرح سؤالًا حادًا حول الفجوة بين الخطاب الديني السائد وبين الواقع الاجتماعي.
يبقى سؤال واحد لا يحتاج إلى إجابة هل افضت هذه الممارسات إلى خلق مجتمع أكثر صلاحاً أو تقدماً ؟ هل حد التدين الشكلي من الجريمة والفساد؟، منذ سنوات كنا نرى ملصقات في الشوارع كتب عليها (سيزول الغلاء حين تتحجب النساء)، واليوم وبعد أن تحجبت نساء مصر هل حقاً إختفى الغلاء؟!.



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علّمني الخيبة يا با!!
- أبجدية السياسة (الاخيرة): سياسة واقتصاد
- أبجدية السياسة _7_ نظم الحكم عبر التاريخ
- أبجدية السياسة (6): اللامبالاة السياسية
- أبجدية السياسة_5_ الأحزاب السياسية
- العلمانية الدينية بين المستحيل والممكن..
- أبجدية السياسة (4): مجلس الشيوخ
- -حين يصبح التفكير تهمة.. أزمة حرية الاعتقاد في مصر”
- أربعة وثلاثون عامًا من اللاجدوى
- أبجديّة السياسة (3): -مجلس النواب-
- حرب المال والبلطجة من أجل عيون المواطن!!
- أبجدية السياسة ....-الحياة السياسية-
- لن يرضى عنك المتأسلمون حتى تتبع ملتهم!!
- أبجديّة السياسة: لماذا يجب أن نفهم السياسة؟
- بين الجهل و التجهيل ,,متى ننضج ديمقراطياً؟!
- ولنا في الخيال حب ...حين تلمع الاغنية ويبهت الفيلم!!
- الخروج من اللعبة_ الأخيرة
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية_ سيدات السلطة2
- المرأه المصريه و حقوقها السياسيه_ (سيدات السلطة)
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية (2)


المزيد.....




- ميلانشون يواجه اتهامات بالتواطؤ مع الإسلاميين في البرلمان ال ...
- هل يتذرع بعض السياسيين الفرنسيين بالدفاع عن العلمانية وقيم ا ...
- مسيحيو سوريا.. شهادات عن جرائم مروّعة
- معرض دولي -100 مغارة ميلاد في الفاتيكان- يعرض مغارات ميلاد م ...
- تقرير ألماني: المسلمون والسود يواجهون تمييزا ممنهجا في السكن ...
- تحولت لمخيم إيواء.. الجامعة الإسلامية بغزة تستأنف التعليم بي ...
- الجامعة الإسلامية بغزة: من مخيم للنازحين إلى منارة علم رغم ا ...
- إمام رقمي، أفاتار المسيح، روبوت بوذي، بوتات دردشة دينية: هل ...
- تصعيد غير مسبوق.. تكساس وفلوريدا تقودان حملة تجريم الإخوان
- الإخوان المسلمون: عودة الجدل العالمي في ظل تحولات إقليمية ود ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علا مجد الدين عبد النور - -حين ينسحب التشدد من دولة… ويزدهر في أخرى-