الدولة القومية، تقرير المصير والحكم الذاتي


امال الحسين
2025 / 11 / 7 - 08:36     

برزت ثورتين أساسيتين بالجنوب والشمال ولم تتوقف المقاومة طيلة أربعين سنة من الاستعمار المباشر، ساهمت الثورتين في المقاومة بالشرق وشمال إفريقيا والغرب الإفريقي، كما لم تتوقف الانتفاضات في ظل الاستعمار الجديد بالمغرب، واليوم بعد انتفاضة سوس لن يتوقف الهجوم على ثرواتنا الطبيعية إلا بالمقاومة في ظل الحكم الذاتي.
لا يتم إعادة التاريخ مرة ثانية إلا على شكل مهزلة كما قال ماركس، بعد انتفاضة الفلاحين حملة السلاح بحركة 03 مارس بسوس 1973، يتم اليوم إطلاق الرصاص بانتفاضة سوس 2025، وتم استشهاد ثلاثة منهم والعديد من الجرحى والمئات من المعتقلين أبناء الفلاحين والعمال الزراعيين، أي شكل من التضامن يوازي قيمة هذه التضحية..؟

حول تصريح رئاسة النيابة العامة

أعلنت رئاسة النيابة العامة بالرباط عن تفاصيل الاعتقالات والتحقيقات التي شملت عددا كبيرا من المعتقلين جراء مظاهرات جيل Z السلمية، تم خلالها اعتقال عدد من المتظاهرين ما تسبب في تحويلها إلى انتفاضة ليلتي 30 شتنبر-فاتح أكتوبر 2025،
وبلغت المواجهات أقصاها بأقاليم سوس ماسة جنوب المغرب، بعد تدخل السلطة لفضها بالقوة واعتقال عدد من المحتجين، مما تسبب في استشهاد ثلاثة شهداء بالرصاص الحي بالشارع العام وهم أبرياء، وتم دهس المتظاهرين بسيارات البوليس بوجدة شرق المغرب، نتج عنه بطر أطراف أحد المتظاهرين.
وحسب تصريح رئاسة النيابة العامة بلغ عدد المعتقلين 5800 معتقل، تم إطلاق سراح 3300 ومتابعة 2480، منهم 1473 في حالة اعتقال و959 في حالة سراح، وحفظ المسطرة في حق 48 آخرين.
كما أصدرت محاكم الاستئناف 66 قراراً، 61 منها بالإدانة لا تتجاوز 15 سنة، و5 بالبراءة، وأصدرت المحاكم الابتدائية 301 حكماً، 27 منها بالبراءة، منهم 162 حدثاً، وتسليم 83 منهم لأوليائهم.
إن تدخل السلطة بالعنف واعتقال المحتجين يؤكد عدم رغبتها بفضها بقدر ما تهدف إلى تأجيج الوضع، وهي قادرة على مسايرة الاحاجاجات بدل التدخل العنيف منذ بدايتها في 25 شتنبر 2025، وسرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى انتفاضة، واكبتها مظاهر التخريب وانسحاب السلطة تاركة الوضع يحترق، ذلك ما يؤكد تورطها في إشعال الوضع، مما تسبب في ضحايا بعد أمر قائد القيادة الجنوبية للدرك باستعمال الرصاص الحي.
يبقى أمام رئاسة النيابة العامة فتح التحقيق مع الطرف الآخر وهو السلطة التي لم تكن بريئة فيما جرى، حيث تتحمل الجزء الكبير من المسؤولية وقد أوضحنا ذلك في شكايتنا، ونؤكد على تشبثنا بما جاء فيها ومؤازرتنا لآباء وأمهات الشهداء والمعتقلين.

أسس الدفاع عن الحكم الذاتي بسوس

الأسس لا يمكن أن تكون إلا نضالية وتاريخية في الصراع الطبقي، في تجربة سوس تاريخيا هناك ما يكفي من التراكم السياسي والكفاحي للفلاحين المثقفين، في تجربة المقاومة المسلحة ضد الاستعمار تجربة ثورة الجنوب بتارودانت، في أزيد من أربعين سنة من الكفاح المسلح ذي الجذور التاريخية العميقة في تاريخ تأسيس الدول وإسقاطها، بل في تأسيس الإمبراطوريات العالمية والصراع بينها.
وبعد الاستقلال الشكلي تم امتداد هذا التاريخ العميق في الصراع بين اليسار الثوري والسلطة المركزية بلغ أوجه في حركة 03 مارس، وعلى مستوى الصراع الطبقي بين الفلاحين والعمال الزراعيين والملاكين العقاريين الكبار عرف ربع قرن الأخير أوجه في أشكال نضالية كفاحية، في التنظيم النقابي الكفاحي في أوساط الفلاحين والعمال الزراعيين في تعبيرات احتجاجية صدامية مع السلطة، عرفت اعتصامات، مسيرات واحتجاجات من أجل الحقوق المتعددة من أجل الأرض، الماء، الثروات الغابوية، الثقافة الأمازيغية والحقوق الشغلية، غالبا ما يتعرض مناضلو هذه الحركات للاعتقال والمحاكمات والإدانات الحبسية أو السجنية موقوفة التنفيذ.
تم تتويج هذا الزخم النضالي بانتفاضة سوس 2025 التي أعطت ثلاثة شهداء ومئات المعتقلين، ما يدل على أن الوعي بالحقوق بلغ أوجه على المستوى القاعدي، مما يتطلب الدفع به نحو مطلب الحكم الذاتي ليس عبثا بل كمعطى حاضر حاليا في الوعي الجمعي السياسي، بعد إعلانه عالميا بالنسبة للصحراء مما يوجب مناقشته علانية.

مطلب تقرير مصير ثرواتنا في طريق الحكم الذاتي

يشكل سوس إحدى المناطق الغنية بثرواته الطبيعية وأحد حصون مقاومة الاستعمار، كما شكل عبر تاريخه الطويل مركز تأسيس الدول وإسقاطها بشمال إفريقيا وجنوب أوروبا، بعد سقوط الإندلس قامت دول قومية بالمغرب تصدت للاستعمار الأوروبي، إلى أن انهارت الدولة المركزية في نهاية القرن 19 وقاومت القبائل الاستعمار.
الحكم الذاتي هو الطريق لتقرير مصير استغلال الشعب المغربي لثرواته الطبيعية، والانتفاضات الشعبية هي الحل الوحيد لهذا الطريق بعد انتفاضة سوس 2025 وبدون ذلك فهو وهم.
ماذا تنتظرون..؟
بعد الإبادة الجماعية بفلسطين أتنتظرون أن تحرركم غزة..؟ أم تنتظرون أن يحرركم المنتخبون البرجوازيون الصغار ببريطانيا وأمريكا..؟
إنه الخوف من الإمبريالية والصهيونية والرجعية العربية المنتشر في أوساطكم.

نحن في عصر الانتفاضات والحكم الذاتي، بعد انتفاضة سوس 2025 وإطلاق الرصاص بالشارع العام، المطلب المطروح هو الحكم الذاتي، لا بد من إحياء هذا المطلب السائد بسوس في عصر الفلاحين المثقفين حملة السلاح قبل الاستعمار لمباشر.
نحن في عصر شكل عنيف من أشكال الاستعمار الجديد، عصر الإبادة الجماعية والحروب الأهلية، لمواجهتها لا بد من تقرير مصير الشعوب، من أجل حماية ثرواتنا الطبيعية لا بد من الحكم الذاتي للمناطق الغنية بالمعادن الثمينة.