الملائكة في السماء لا على الأرض


أحمد حمدي سبح
2025 / 11 / 1 - 14:08     

لابد من إلغاء الحصانة عن البرلماني ، إلا في حدود الأعمال التي تتم تحت قبة البرلمان ، وهذا من أهم الوسائل للقضاء على فساد رأس المال السياسي وشراء الكراسي وفساد الغالبية العظمى من الأحزاب اللاتي تحولت لمشاريع تجارية لبيع كراسي البرلمان ، بما يضمن مستوى جيد من معايير ضمان ترشح النزهاء والأكفاء .

فالبرلماني الفاسد المشتري للكرسي ، يدفع عشرات الملايين تتراوح الأسعار حسب المعلن والمتداول ما بين ( 15-70 مليون جنيه وهذا في حد ذاته يثبت إفساد الديموقراطية ولو حتى الشكلية منها للمجتمع طالما كان منبعها مجتمع ونظام فاسدين ومختلَّيْ القيم والمعايير ، ولذلك فهي ديموقراطية شكلية أقرب للأوليجاركية - الأقلية - المنحلة في صيغتها البلوتوقراطية - حكم الأثرياء- ) لا لشئ إلا لحماية فساده المستشري أصلآ أو بناء امبراطورية فساد جديدة ، وكل ذلك على حساب شعب يئن من وطأة الفقر والتخلف والجهل .

فمثلآ .. لماذا وزير ما أو مسؤول يرسون مقاولات ومصالح على البرلماني الفاسد أو أتباعه... مؤكد من أجل الحصانة فيستطيعون بها أن يهرّبوا أو يستغلوا حصانته في تمرير وغسل فسادهم وأموالهم القذرة ، فهم أصلآ فاسدون مثله ، فكلهم يبحثون عن شبكة غطاء كاملة ، هذا طبعآ إلى جانب تجنب الوقوع تحت براثن ابتزازه بالإستدعاء لاستجوابات كشف الفساد تحت القبة .

وهذه حلها وجود حد أدنى من الإشتراطات والمعايير لإقامة التهمة أو حتى الشبهة ، فيكون الأمر أشبه لاستدعاءات النيابة للتحقيق دون توجيه اتهام مسبق قبل انتهاء التحقيق .

فإن انتهى الإستجواب دون إقامة التهمة على الوزير أو أتباعه ، أو قدم المسؤول الحكومي ما يثبت أو يشير لتلاعبات أو ابتزازات البرلماني أو أحد أتباعه المحسوبين عليه ، حُسب ذلك على عضو البرلمان ما بين إلقاء القبض عليه إن ثبت فعلآ استغلاله لنفوذه ، أو لا يلتفت بعد ذاك لأي طلبات استجواب يقدمها في ذات دورة الإنعقاد ، وذلك في حالة عدم إقامة الحجة البينة عليه في استجواب سابق ، ولتحوم حوله هو شبهات استغلال النفوذ لتحقيق مآرب شخصية .

ويجب أن يخضع البرلماني لرقابة مختصة ، حيث لابد من وجود جهاز رقابي خاص بالبرلمان غير جهاز الرقابة الإدارية ويتبع المجلس الأعلى للقضاء يختص بمراقبة المرشحين وأعضاء البرلمان ، فيما يقتصر جهاز الرقابة الإدارية بمراقبة مسؤولي الحكومة التنفيذية ، ويخرج من التبعية لرئاسة الجمهورية للتبعية أيضآ للمجلس الأعلى للقضاء ، وذلك لضمان الاستقلالية وعدم وجود ضغوط توجيهية حزبية أو تلاعبات ومساومات سياسية .

فيما يستمر جهاز التفتيش القضائي في الرقابة على أعمال السلك القضائي تابعاً للمجلس الأعلى للقضاء ، مع إلغاء ما يعرف بوزارة العدل لضمان استقلالية القضاة وأعضاء النيابة ، وضم مصالحها المتعلقة بالمعاملات الإدارية كالشهر العقاري لوزارة الداخلية ، مع تعزيز الشفافية والحوكمة والعلانية والوضوح لإجراءات الشكاية أو الطعن في أعمال وممارسات ونزاهات القضاة وأعضاء النيابة بمعايير محددة تضمن نزاهة وعدالة وشفافية العملية القضائية ، وعدم الجنوح بها على يد ضعاف الذمم والنفوس عن نهجها المراد والمرسوم لها .

ومن الضروري منح حصانة قضائية للصحفيين المعتمدين فقط من نقابة الصحفيين في الرقابة على كافة أجهزة الدولة ، وتيسير قوانين وإجراءات التقصي المعلوماتي وكشف الفساد في كافة أجهزة الدولة ، وفي نفس الوقت تشديد العقوبات على أي صحفي يثبت في حقه شأنه شأن أي مسؤول أو برلماني أو قاضي فاسد تهمة محاولة التلاعب والإبتزاز أو التستر على فساد بذات العقوبات المقررة على المسؤولين الفاسدين.

ومع ذلك ستظل هناك ألاعيب وتداخلات من رؤوس الأموال السياسية وأعداء ومنافسي المال والأعمال وفاسدي الذمم من برلمانيين ، وهذا ما يتطلب على الدوام تعزيز الرقابة وسن قوانين خاصة تقفز على الحصانة حين ثبوت استغلال النفوذ ، ولا تنتظر موافقة مجلس أغلب أعضاؤه فاسدون أو متواطؤون أو غائبون أو سذج .

فالحق هو فقط سيد قراره ... هذا إن كنا نبحث عن دولة عادلة هي فقط سيدة قرارها .