سلسة الشتائم بين الصحابة في الأسلام ...الجزء الأخير
عبد الحسين سلمان عاتي
2025 / 8 / 7 - 20:11
26
لما كلم عروة بن مسعود الثقفي النبي ، كان خلال ذلك ربما مس لحية النبي ، فقال له المغيرة بن شعبة ، ابن أخيه : نع يدك عن لحية رسول الله ، قبل أن لا ترجع إليك يدك ، فالتفت إليه عروة ، قال له : يا غدر ، هل غسلت رأسي من غدرتك إلا بالأمس . ( البيان والتبيين 12/3)
أقول : أشار عروة إلي ما صنعه المغيرة ، إذ غدر برفاق له في سفر ، فقتلهم ، وأخذ أموالهم ، ولجأ إلي النبي فأسلم ، فقبل النبي إسلامه ، فعرض عليه المال الذي أخذه ، وأخبره بمصدره ، فقال النبي : أما الإسلام فقد قبلنا ، وأما المال فإنه مال غدر لا حاجة لنا فيه ، وكان عروة بن مسعود عم المغيرة تحمل ديات القتلي الذين قتلهم المغيرة ، وكني عن أدائه الديات ، بغسل رأسه من الغدرة ( الطبري 627/2).
27
ولما انقضي أمر حرب الجمل ، خطب أمير المؤمنين علي ، في أهل البصرة ، فبدأ خطبته بعد حمد الله والثناء عليه ، قال : يا أنصار المرأة ، وأتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق . راجع التفصيل في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 251/1 والعقد الفريد 4 / 328.
28
وشتم عبد الملك بن مروان ، علي منبر المدينة ، ثلاثة من الخلفاء الذين سبقوه ، قال : أما بعد، فلست بالخليفة المستضعف . يعني عثمان - ولا بالخليفة المداهن - يعني معاوية . ولا بالخليفة المأفون - يعني يزيد بن معاوية - ألا وإن من كان قبلي من الخلفاء ، كانوا يأكلون ويطعمون من هذه الأموال ، ألا واني لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف ، من قال برأسه
29
وأراد قتيبة بن مسلم ، أمير خراسان ، أصحابه وجنده ، علي خلع سليمان بن عبد الملك ، فلم يجبه أحد منهم ، فغضب ، وشتمهم ، فقال : لا أعز الله من نصرتم، والله ، لو اجتمعتم علي عنز ما كسرتم قرنها ، يا أهل السافلة ، ولا أقول أهل العالية ، يا أوباش الصدقة ، جمعتكم كما تجمع إبل الصدقة من كل أوب ، يا معشر بكر بن وائل ، يا أهل النفج والكذب والبخل ، بأي يوميكم تفخرون ؟ بيوم حربكم ، أو بيوم سلمكم ، يا أصحاب مسيلمة ، با بني ذميم ، ولا أقول تميم ، يا أهل الخور والقصف ، كنتم تسمون الغدر في الجاهلية كيسانا ، يا أصحاب سجاح ، يا معشر عبد القيس الفساة ، تبدلتم بأبر النخل أعنة الخيل ، يا معشر الأزد ، تبذلتم بقلوس السفن ، أعنة الخيل الحصن، الأعراب وما الأعراب ، لعنة الله علي الأعراب ، يا كناسة المصرين ، جمعتكم من منابت الشيح والقيصوم ، ومنابت القلقل ، تركبون البقر والحمير ، في جزيرة ابن كاوان ، يا أهل خرسان ، هل تدرون من وليكم ؟ وليكم يزيد بن ثروان ، كأني بأمير من حاء وحكم ، قد جاءكم ، فغلبكم علي فيئكم ، قد استخلف عليكم أبو نافع ذو الودعات ، إن الشام أب مبرور ، والعراق أب مكفور ، حتي متي يبطح أهل الشام بأفنيتكم وظلال دياركم ، يا أهل خراسان ، انسبوني ، تجدوني عراقي الأم ، عراقي الأب ، عراقي المولد ، عراقي الهوي والرأي ( الطبري 509/6 و 510 ، وابن الأثير 12/5-14 والعقد الفريد 125/4 - 127 ).
30
وفي السنة 76 بعث الحجاج ، الحارث بن عميرة الهمداني ، في ثلاثة آلاف رجل لقتال الخوارج ، فحصروا شبيب وأصحابه في حصن ، ثم صاح بهم بعض أفراد الجند: يا بني الزواني ، ألم يخزكم الله ؟ فغضب أصحاب شبيب ، وصاحوا بهم : با فساق ، ما عذركم عند الله في الفري علي أمهاتنا ؟ فقال لهم رجال من الجند : إنما هذا من قول شباب فينا سفهاء ، والله ما يعجبنا قولهم ولا نستحله ( الطبري 6/ 223) .
31
وفي السنة 190 كان المهدي ينظر في المظالم ، فتقدم إليه رجل من آل زياد بن أبيه ، فقال له : من أنت ؟ قال أنا ابن عمك ، فقال : من أي بني عمي أنت ؟ فأنتسب إلي زياد ، فقال له المهدي : يا ابن سمية الزانية ، وأمر به فوجيء في عنقه ، وأخرج ، ثم كتب برد نسب آل زياد واخراجهم من قريش ( الطبري 8/ 129 ).
32
وتشاتم بشار بن برد ، وأصحابه ، فقالوا له : يا ابن الزانية .
وسبب ذلك : إن بشارة جلس إليه أصدقاء له كوفيون ، وسألوه أن ينشدهم من شعره ، فأنشدهم ، حتي وصل إلي البيت :
في حلتي جسم فتي ناحل***لو هبت الريح به طاحا
فقالوا : يا ابن الزانية ، أتقول هذا ، وأنت كأنك فيل ، عرضك أكثر من طولك ؟ فقال : قوموا عني يا بني الزناء ، فإني مشغول القلب ، لست أنشط اليهم لمشاتمتكم ( الأغاني 3/ 233 )
33
تكلمت أروي بنت الحارث بن عبد المطلب ، في مجلس معاوية ، فخاشنها عمرو بن العاص ، فقالت له : أتكلمني يا ابن اللحناء ؟ (( بلاغات النساء 33)
اللخن : نتن الريح عامة
34
ودخل جرير علي عبد الملك بن مروان ، فأنشده قصيدة امتدحه بها ، فلما أنشده المطلع :
أتصحو أم فؤادك غير صاح
قال له عبد الملك : بل فؤادك يا أبن اللخناء ( الهفوات النادرة 131)
35
وأحضر الحجاج بن يوسف الثقفي ، حطيط الزيات الكوفي ، وكان عابدا ، زاهدأ ، يصدع بالحق ، فحاوره الحجاج ، ثم شتمه ، فقال له : يا ابن اللغناء ، ثم قتله ( النجوم الزاهرة 208/1 ).
36
ولما ولي محمد بن مسروق الكندي ، قضاء مصر (177 - 184)، خاشن الناس ، فأكثر أهل المسجد من ذمه ، فوقف بباب المقصورة في الجامع ونادي بأعلي صوته : أين أصحاب الأكسية العسلية ، أين بنو البغايا ؟ ( القضاة للكندي 390 ).
37
عبد الله بن الزبير ، وقد كان بينه ، وبين سلمي بن نوفل ، جد مطيع بن إياس ، مقارضة فلما بويع عبد الله ، بمكة ، دخل سلمي ، وابن الزبير يخطب ، فرآه ، ولما أتم خطبته ، بعث من أحضره ، وقال له : اتك لها هنا ، يا عاض بظر أمه ؟ فقال له سلمي : أعيذك بالله ، أن يتحدث العرب ، أن الشيطان نطق علي فيك ، بما تنطق به الأمة الفسلة ( الأغاني 275/13 ).
38
ونازع الشحاج الموصلي ، في مجلس سليمان بن عبد الملك ، أخاه ، في ميراث أبيه ، فلحن ، فصاح به سليمان : لا رحم الله أباك ، ولا بارك لك فيما ورثت أخرجوا عني هذا اللحان ، فأخذ بيده بعض الشاكرية ، وقال له : قم فقد آذيت أمير المؤمنين ( قالها بالضم ) ، فقال سليمان : وهذا العاض بظر أمه ، إسحبوا برجله ( معجم الأدباء 24/1 ).
39
وقال عمر بن عبد العزيز ، في صباه ، لجارية : أعضك الله بكذا، فقال له المؤدب قل : أعضك عبد العزيز بكذا ( يعني أباه ) ، فقال : الأمير أجل من ذلك ، قال المؤدب : ليكن الله أجل في صدرك ، فما عاود كلمة خنا ( البصائر والذخائر 458/2/2 ) .
40
ولما بايع الوليد بن يزيد ، لولديه عثمان والحكم ، قال له بعض مواليه : إن الناس قد أنكروا مبايعتك لمن لم يبلغ الحلم ، فقال له : عضوا ببطور أمهاتكم ، أنا أدخل بيني وبين إبني غيري ، فيلقي منه ما لقيت من الأحول ؟ ( يريد هشام بن عبد الملك ) ( الأغاني 70/7 ).