أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - الأردن بين فخ إسرائيلي ناعم وحدود مفتوحة على الخطر















المزيد.....

الأردن بين فخ إسرائيلي ناعم وحدود مفتوحة على الخطر


ميساء المصري
(Mayssa Almasri)


الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 00:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في لحظة إقليمية مليئة بالتحولات، وعلى وقع صمت عربي ودولي متفق عليه، ينسج الكيان الصهيوني خيوط مشروع جيوسياسي بالغ الخطورة عند الخاصرة الشمالية الأردنية، وما يسمى بمنطقة منزوعة السلاح وممرات آمنة إنسانيا، مشروع مدفوع بحلف إقليمي غير معلن، تتقاطع فيه مصالح متنافرة لكنها تتوحد على هدف واحد، حدود الأردن، بنيته، وسحبه من دوره التأريخي المركزي، تمهيدًا لخرائط نفوذ جديدة، تعيد إنتاج المشرق على أسس أمنية وظيفية مغايرة.
ما يحدث في الجنوب السوري بات أكثر من مجرد ملف حدودي ، وهو بعيد تماماً عن مجرد مكافحة التهريب أو ضبط التسللات. إنه إعادة تركيب ممنهجة للمشهد الميداني، تحيك من خلف الستار صيغة أمنية هجينة، توظف فوضى مُدارة عن بُعد، عبر وكلاء مدعومين من تل أبيب، وبتقنيات رصد ومراقبة استخباراتية متقدمة.
المحور الأخطر في هذا المخطط (محافظة السويداء)، التي انزلقت إلى فراغ أمني مخيف، تُركت فيه الأرض لقوى متعددة، مستندة إلى غطاء كامل من تل أبيب، ضمن سيناريو يحمل بصمات عملية تطهير طائفي صامتة، هدفها إعادة ترتيب التوازنات الديموغرافية والسياسية عبر أدوات (الحرب الأمنية الناعمة) التي لا تقل قسوة عن الإشتباكات المسلحة.
وسط هذا الإطار المتفجر، تم إطلاق نداءات (إنسانية) ،تبدو على السطح وكأنها دعوات مساعدات عاجلة، لكنها في جوهرها طلبات مُبطنة و يُطالب الأردن بالإحتضان والمساهمة بالحجة الإنسانية ، والسؤال الجوهري الذي يجب أن يُطرح بقوة، هل الأردن مستعد للغوص في المتاهة التي لا يستطيع التنبؤ بحدودها ؟ فالواقع أبعد ما يكون عن مجرد استجابة إنسانية. إنه خطر متكامل الأركان، يشمل اندساس خلايا استخباراتية، مرور فصائل مسلحة عبر خطوط حدودية رخوة، وتحول الأراضي الأردنية إلى ميدان للإستخدام السياسي والأمني في صراع إقليمي أشد تعقيدًا من أي حسابات عابرة.
ولا نغفل أن التشكيل الذي سيولد ، بنكهته المشوهة واللا مركزية، هو كيان رمادي، لا ينتمي للنظام ولا للمعارضة، بل يفتح أبوابه لكل السيناريوهات المحتملة، من قاعدة إسرائيلية أمامية مرسخة إلى مركز عبور للفوضى المنظمة. هذا المخطط هو فخ استراتيجي ناعم يُحاك للأردن ولغيره، خاصة في ظل غياب سلطة مركزية قوية في السويداء، وتداخل الأجندات العشائرية والفصائلية هناك والتي يصعب ضبطها أو التنبؤ بردود فعلها.
أي خطوة أردنية غير مدروسة قد تتحول لاحقًا أو تفهم بأنها إعتراف ضمني بهذا التشكيل ونحن في غنى عن ذلك، وستفتح الباب أمام مشاريع انفصالية أخرى في مناطق استراتيجية تستنزف أمن واستقرار الأردن. و سيواجه الأردن اختبارًا صعبا بين حماية سيادته وأمنه الوطني وبين الإنجراف الإقليمي إلى متاهات جيوسياسية معقدة. فالقصة أبعد من المدنيين والممرات، إذ تشمل استغلال الأراضي لأغراض خفية مثل التجنيد، وتحريك خلايا نائمة، وتحويل الجغرافيا إلى ساحة ضغط سياسي وأمني إقليمي.
لنحذر أشد الحذر من مصيدة مزدوجة تقود الأردن إلى الفخ، الأول على الحدود والثاني في عمق الأرض الأردنية ذاتها، فنحن جبهة تماس مفتوحة، وقد تكون معرضة للإختراقات والتدخلات. فتل أبيب، عبر وكلائها تحاول إنشاء منطقة نفوذ منزوعة السلاح تُدار عبر واجهات دينية وأهلية، تُراقب بدقة أمنية، لتشكّل مدخلًا لتقويض الاستقرار للدول المجاورة، بعد السيطرة على الجنوب السوري.
الرد الحكيم هو التروي والرفض الصارم لأي (تطبيع جغرافي) ، فكيف نقبل بمنطقة منزوعة السلاح بيد إسرائيل، بلا غطاء دولي أو أممي، حيث لا يُقصد منها العزل الدفاعي، بل إنشاء منطقة نفوذ أمني ممتدة من الجولان المحتل مرورًا بالقنيطرة ودرعا وصولًا إلى حدود معبر نصيب، حيث تنتشر وحدات استخبارات إسرائيلية متقدمة وفصائل عميلة تخدم المشروع الصهيوني لممر داوود.
هذا الحزام الأمني المرن لا يعترف بسيادة دمشق، ولا يتم التنسيق معه من قبل عمان، بل يتعامل مع الجنوب السوري كأرض مشاع استخبارية وأمنية يمكن تشكيلها كيفما شاء الكيان الصهيوني، والذي يسعى عبره لتهيئة المسرح وإعادة التعريفات الجيوسياسية. بالمقابل تُثار مسألة بناء جدار أمني على الحدود الأردنية الغربية، لا بوصفه حاجزًا ماديًا فحسب، بل كجزء من منظومة مراقبة وتحكم استخبارية متكاملة، تعمل بالتوازي مع الحزام الأمني في الجنوب السوري، مما يشكل آداة استراتيجيًة للإحتواء والتأزيم حين تستدعي الحاجة.
في ضوء هذه المخاطر المتسارعة، لا بد من تحرك أردني حازم يتجاوز الكلمات الدبلوماسية، ويعتمد قواعد استراتيجية واضحة، تشمل رفضًا قاطعًا لأي مشروع لمنطقة منزوعة السلاح دون تفاهم مباشر مع دمشق وبرعاية محايدة، مع تعزيز منظومات الرصد والمراقبة الوطنية، واستئناف الإتصال الأمني والسياسي مع سوريا، بعيدًا عن الوصاية الأمريكية أو ضغوط الحلفاء العابرين.
كما يجب تحصين الداخل الأردني ، و رفع الوعي الوطني، وكشف ومحاربة أدوات التغلغل الناعم، مثل الإعلام الموجه، التمويل المشبوه، والتنظيمات المتماهية مع أجندات خارجية، فالمعركة لم تعد تقتصر على الحدود.
بالختام، لا بد من إطلاق تحذير حقيقي، من منطق الدفاع عن الكينونة والسيادة، إزاء ما يُنسج بصمت على تخوم الجغرافيا الأردنية. ما يجري ليس حركة تكتيكية ولا استجابة طارئة، بل شيفرة عسكرية سياسية ذات أهداف بعيدة، تتخفى خلف شعارات قديمة استُهلكت حتى صارت عبئاً لا نقبله.
فكل ما تذرّعت به إسرائيل سابقًا من (قطع شرايين الإرهاب)، أو (مكافحة التهريب، أو حماية الحدود) لم يعد ينطلي على أحد، وقد تهاوت هذه السرديات أمام الوقائع، لتنكشف كستار لشرعنة التمدد وفرض الأمر الواقع بالقوة الناعمة حينًا، وبالخرائط الحربية أحيانًا.
إن ما يُطرح من سيناريوهات ممرات انسانية أو مناطق منزوعة السلاح والخلط بينهما امر خطير جدا و ليس إلا محاولة لإلباس إسرائيل قناع الحياد، ولتحويل الجوار الأردني إلى نطاق رمادي، يُدار من غرف مغلقة ويُرسم بما يخدم مشروع العزل الاستراتيجي لا الأمن الحدودي.
لذا، فإن رفض الأردن لأي حزام أمني بمواصفات إسرائيلية، سواء جغرافيًا أو وظيفيًا، ليس موقفًا سياسيًا عابرًا، بل فعل دفاع عن النفس، وعن الحق في أن يبقى الأردن دولة لها سيادتها، لا تُستدرج إلى مربعات التوظيف الأمني، ولا تُختزل بوظيفة العازل بين الأطراف المتصارعة. وإن اتخاذ موقف واضح في هذا المقام ليس تصعيدًا، بل دفاع مشروع عن حق القرار..



#ميساء_المصري (هاشتاغ)       Mayssa_Almasri#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورقة الدُّرْز، الجبل الذي ستزرع فيه إسرائيل علمها.
- الفلسطيني في دول الشرق الأوسط… اللاجئ الذي خُطف مرتين
- العراق: من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة؟
- التطبيع أولًا... والفاتورة إيرانية المصدر
- هدنة غزة بين مراوغة ترامب وسقوط نتنياهو
- العمامة والكيباه: متى يأتي إنفجار الشرق الأوسط الأخير؟
- رقعة شطرنج الشرق الأوسط: من يسقط أولاً؟
- من مصر إلى إيران :هل تخون الشعوب ؟؟
- نحو لحظة شمشون: هل تتهيأ إسرائيل لسيناريو السقوط الكبير؟
- الأردن و تحديات الهوية السياسية في زمن المال والقوة
- التهجير الناعم.. والإقليم المباح
- الكيان الصهيوني والسعودية ..صفقات سلاح ولوبي وديناميكية إقلي ...
- الكابوس الاسرائيلي : العدد
- عهر سياسي ليس أكثر
- تطبيع ملزم بأموال عربية ..
- الأردن : الفساد و إشكالية رجل الدولة ورجل السياسة والإقتصاد.
- جاسوس نتنياهو ... من مجرم الرصاص المصبوب الى دسائس أمنية شخص ...
- كتاب بولتون ..إحذروا أحجية الجهل العالمي
- خطة الضم ...الأردن وفلسطين ..والتدرج الزمني لنتنياهو ...
- الأردن ..ما بعد صدمة كورونا


المزيد.....




- -اكتفيت إلى هنا-.. دانا مارديني تعلن اعتزالها -كممثلة في مجا ...
- اليابان: رئيس الوزراء ينوي البقاء في منصبه بعد توقعات بهزيمة ...
- إسرائيل تأمر الفلسطينيين في وسط غزة بالتوجه جنوبًا.. ومنتدى ...
- -آليات لأعداء الأمة-.. ضاحي خلفان يحذر من مخاطر الميليشيات و ...
- أزمة السويداء: ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في سوريا؟
- إذا اندلعت حرب جديدة مع إيران.. ما الجديد في حسابات تل أبيب؟ ...
- ألمانيا ودول أوربية أخرى تستعد لبدء محادثات جديدة مع إيران
- طواف فرنسا: البلجيكي تيم ويلينس بطلا للمرحلة الخامسة عشرة
- غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث
- دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نت ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميساء المصري - الأردن بين فخ إسرائيلي ناعم وحدود مفتوحة على الخطر