أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل مصر دولة ديمقراطية؟














المزيد.....

هل مصر دولة ديمقراطية؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 18:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا، بالقطع لا. مصر لم تكن أبداً دولة ديمقراطية لا في تاريخها القديم ولا الحديث ولا المعاصر.

ماذا تعني الديمقراطية؟
المشاركة. المشاركة في صنع السياسات العامة التي يتأثر بنتائجها بالضرورة كل الناس داخل حدود الدولة، سواء كانوا من الحكام أو المحكومين. هذه المشاركة الجماعية في صنع السياسات قد تأخذ أشكالاً لا حصر لها، لكن يبقى هناك شرط وحيد هو الحاكم: ألا يكون المتأثرون بنتائج السياسات العامة، في أغلبيتهم على الأقل، غير مشاركين فاعلين في صنع هذه السياسات. إذا كان الحال كذلك، تصبح هذه الأغلبية محكومة بسياسات ليست من صنعها وإنما من صنع إرادة أو إرادات من خارجها، سواء كانت إرادة شخص واحد أو نخبة معينة من الأشخاص. بذلك تكون الأغلبية مجرد توابع مأمورة ومغلوبة على أمرها، لا أفراد أحرار مستقلين يشاركون بفاعلية في صنع السياسات التي تمس أرزاقهم ومختلف جوانب حياتهم المادية والمعنوية.

أليس في مصر الحديثة دستور مُستفتى عليه من عامة الناس، برلمان منتخب منهم يسن القوانين باسمهم، قضاء مستقل قادر على إنصاف المظلومين من جور السلطة التشريعية والتنفيذية؟ أليست هذه هي المشاركة العامة التي تقصدها؟

صحيح، في مصر دستور وبرلمان وانتخابات وقضاء منذ أيام الملك إلى اليوم الحاضر. لكن أياً من ذلك لم يجعل من مصر دولة ديمقراطية أبداً. لماذا؟ لغياب الشرط الوحيد الحاكم الذي ذكرناه آنفاً: المشاركة الجماعية (الأغلبية) الفاعلة في صنع السياسات العامة. هذا الشرط لم يُستوفى أبداً إلى حد مغادرة حكم الفرد أو الدائرة الضيقة أو الأقلية النخبوية للولوج إلى حكم الأغلبية، بمعنى مشاركتها الفاعلة في صنع وتنفيذ السياسات عبر انتخاب نواب عنها سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية. في قول آخر، لم تستطع أغلبية المصريين قط، عبر الإمساك بعصى الانتخابات، أن تُخضع لإمرتها شاغلي المناصب التشريعية والتنفيذية. لذلك، بقي هؤلاء في حرية من أمرهم، يحكمون على هواهم، في خدمة مصالحهم الشخصية في المقام الأول.

هذا لا يعني أبداً أن دائرة المشاركة كانت دوماً حلقة فولاذية من مقاس واحدة. لا، أبداً. بل هي حلقة مطاطية ومرنة، تتسع أحياناً وتضيق في أخرى حسب ظروف ومتغيرات كثيرة. على سبيل المثال، شهدت مصر أزهى فترات الحراك السياسي خلال النصف الأول من القرن الماضي، ما جعل دائرة المشاركة تتسع لاستيعاب نخبة وجيهة من الوطنيين المصريين والأجانب. غير أن هذه البحبوحة الديمقراطية العابرة لم تتجاوز قط جزراً معزولة من النخب الثرية والمتعلمة داخل أسوار بعض الأحياء الراقية في المدن الكبرى، وبقيت الأغلبية الساحقة من عموم المصريين تعيش في الجهل والفقر والتهميش السياسي عبر أرياف وأقاليم القطر المصري وأحيائه الشعبية. بعد 1952 وإعلان الجمهورية، للمفارقة، تقلصت دائرة المشاركة الشعبية في صنع السياسات العامة، مقارنة بالبحبوحة الملكية، إلى ما يشبه العدم، لتصبح حكراً على بضع أفراد يمكن إحصائهم على أصابع اليد. بعد ذلك، مع الانفتاح الساداتي، اتسعت الدائرة كثيراً مقارنة بالحقبة الناصرية، لكنها مع ذلك بقيت حلقة ضيقة للغاية قياساً بحجم الجسد السياسي المصري. وفي حقبة مبارك اتسعت أكثر مما كانت في حقبة السادات، لكن بقيت المسافة شاسعة لا تزال بينها وبين الأغلبية. وأخيراً، خلال الحقبة الحالية، تكاد الدائرة تعاود أدراجها إلى نفس المقاسات الناصرية الخانقة.

خلاصة القول، المسألة ليست دستور أو انتخابات أو ملكية أو جمهورية. المسألة الحقيقية هي مشاركة أغلبية الأمة في حكم نفسها. هل تحققت؟ إذا كان، سمها، إن شئت، شيطانية أو باذنجانية أو مهلبية أو أياً ما قد يخطر ببالك. المهم هو أن يخضع هؤلاء الناس في حكم أنفسهم لإراداتهم أنفسهم، وليس إرادة فرد واحد أو آخرين قلة منهم أو من خارجهم. من هنا تستمد قوانين الدولة شرعيتها لأننا، نحن المتأثرون بها أنفسنا، قد ساهمنا في صناعتها. هي، في النهاية، اختياراتنا أنفسنا ولم يمليها علينا أحد. لذلك، في الديمقراطية، حين يذعن المواطن للقانون هو يذعن لواجب أخلاقي، لأن القانون يصبح بمثابة وعد وعهد منه أمام بقية أخوته المواطنين، حتى لو كان من الأقلية التي قد صوتت ضد هذا القانون بالذات. هو في جميع الأحوال سيذعن للقانون لأن عهد الإذعان متبادل بين عامة المواطنين؛ هو تعهد لهم باحترام إرادتهم في مقابل أن يحترموا هم بدورهم إرادته أيضاً. فإذا صادف، في مرة قادمة، كونه مع الأغلبية وهم مع الأقلية، سينتظر منهم الوفاء بالعهد والإذعان لقانونه مثلما أذعن لقانونهم.

في الديمقراطية، المواطنون أحرار وكرماء لأنهم يخضعون لإرادتهم العامة أنفسهم لا إرادة غيرهم. هل يُتصور أن يخضع رجل، أو امرأة، لإرادة رجل آخر أو امرأة أخرى ويبقى رغم ذلك حراً وكريماً حتى لو ردد بينه وبين نفسه شعارات الحرية والكرامة ألف مرة؟!



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الساداتيىة وتهافت الأنظمة الثورية
- الله حائر بين اليهود والفرس
- عن طبيعة الجسم السياسي
- هل الثورة اختيار حقاً؟
- هل ينتج الاستبداد تنمية مستدامة؟ (1)
- الضمير بين الوعي والدين (3)
- الضمير بين الوعي والدين (2)
- الضمير بين الوعي والدين (1)
- هل ضاعت غزة حقاً؟
- بين العقيدة والسلطة، أزمة الدين
- بين الوحي والعقل، المأزق الديني
- ليس طمعاً في نعيم الجَنَّة ولا خوفاً من جَحيم النار
- كيف أزاح الشيطان الإله من مُلْكه - أحمد الشرع
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (6)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (5)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (4)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (3)
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا (2)
- في مآلات المشروع العربي الناصري
- عن الله- قراءة في فلسفة سبينوزا


المزيد.....




- تطور جديد بشأن -الرئيس التنفيذي- بعد فيديو عناقه موظفة في حف ...
- -يريد أن يأكل-.. فلسطيني يحمل طفله المصاب بطلقات إسرائيلية: ...
- بنعبد الله يقصف اخنوش ويصف حكومته بالغائبة سياسيا وتواصليا
- سوريا: اليوم السابع من القتال الدامي في السويداء رغم إعلان و ...
- حبس مصرفييْن ليبييْن بسبب الكسب غير المشروع
- ترامب مجددا: دمرنا المواقع النووية الإيرانية بالكامل
- تصاعد التوتر بين روسيا وأذربيجان يهدد -تعاون الحلفاء- ومستقب ...
- لماذا اتفاق السويداء هذه المرة يختلف عن سابقه؟
- ما وراء الخبر: هل سيصمد اتفاق السويداء؟
- متطرفون إسرائيليون يهاجمون عضو الكنيست أيمن عودة ويهتفون -ال ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - هل مصر دولة ديمقراطية؟