القمة العربية الاولى في الكويت : ذكريات حزينة برفقة الرئيس الراحل جلال طلباني.


مظهر محمد صالح
2025 / 5 / 18 - 00:48     

عُقدت القمة الاقتصادية العربية في الكويت عام 2009 و كانت هي الأولى من نوعها، وحملت الاسم الرسمي “الدورة الأولى للقمة العربية التنموية : الاقتصادية والاجتماعية”.
حيث انعقدت هذه القمة في 20 كانون الثاني 2009 بمشاركة جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.
وفي وفد عراقي كبير ضم مفاصل من الدولة العراقية برئاسة الرئيس الراحل جلال طلباني ، يومها حطت طائرتنا مطار الكويت قبل يوم من انعقاد القمة ، وانا اتدبر من المطار حتى وصولنا الى قصر بيان معالم اطراف المدينة التي تقلبت في يوم ما على حرب مدمرة لم أفهم دوافعها في العام 1990 حتى دخول اقامتي في مجموعة قصر بيان ، وعلى الرغم من ذلك ، كل قد طوى صفحة الماضي بهذا الوفد الذي حمل بيده حمامة السلام لنستقر في مكان احتشد فيه القادة العرب .
فمن اجمل ذكريات هوامش تلك القمة هو الحديث والاجتماع المباشر مع الراحل جلال طلباني الذي كان بصدد تعديل مسودة خطاب العراق الذي ينبغي إلقاءه في المؤتمر ، ولاسيما التفاوتات في وظائف منظمات العمل الاقتصادي العربي ماضيها وحاضرها ومستقبلها …فوجه رحمه الله ، باجتماع برئاسته وطلب الاستماع الى وجهات نظرنا لكي يعدل الخطاب وقت ذاك … قبل إلقاءه امام الملوك والرؤساء العرب ، فكل منا أدلى بدلوه … وكان اللافت في الأمر ان الرئيس الراحل طلباني قد عدل الخطاب في نهاية الاستماع الذي دام لاكثر من ساعتين بسطر واحد وكأنما استخدم طريقة Caption اي التعليق تحت الصورة في عالم الصحافة المتقدمة ، لكي يكون أوضح من كان في الصورة كما يقال في دنُيا النشر . قلت في سري كم يحمل هذا الرجل من ذكاء ، متذكراً من فوري انه في ستينيات القرن الماضي وانا امر في مقدمة شارع الرشيد تواجهني اسماء كبار المهنين بقطع بيضاء تتصدر ابنية بغدادية قديمة على الجهة اليمنى او اليسرى من ذلك الشارع التاريخي وانت تغادر ساحة الميدان احداها كان قد خط عليها .. المحامي جلال طالباني.. قلت في سري ثانية لما لا انه المحامي والسياسي والمناضل العريق من اجل قضيته في الجبال فانه يستحق رئاسة جمهورية العراق .
انتهى الاجتماع الفني ودعانا نحن الوفد الكبير الذي ضم طائرة من مختلف صنوف الدولة العراقية وقت ذاك .
وخلال وجبة طعام في قصر بيان ، ذكر الرئيس جلال طلباني رواية واقعية جمعته بالرئيس المصري جمال عبد الناصر على مائدة فخمة في ستينيات القرن الماضي ، اذ كان جزءاً من مكونات الطعام المقدم طبق ((فريكا)) واذا بالرئيس الراحل عبد الناصر يحدث جلال طلباني انها افريكا مصرية يا استاذ جلال …. هنا استدرك جلال طلباني و بالتفاته ذكية قائلاً ان هذا الطبق مصدره التاريخي كردستان، فرد عليه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ، حقاً انها من العراق وجاء بها صلاح الدين الايوبي يوم دخل مصر في العام 1164م (559 هـ)
هكذا جاءت القمة الاولى استجابةً لتوصية صادرة عن مؤتمر القمة العربي التاسع عشر الذي عُقد في الرياض في آذار 2007، وكانت تهدف إلى تعزيز التعاون العربي في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ومن أبرز مخرجاتها وقت ذاك إنشاء صندوق عربي لدعم وتمويل المشاريع التنموية برأسمال قدره ملياري دولار أمريكي.
الا ان الغريب والمحزن فيها ، و بعد المكوث لمدة يومين ونيف في قصر بيان ، وانصراف الرئيس وثلاثة من الوزراء الى قصر الاجتماعات ، وتشتت البقية الباقية من الوفد الكبير الى اسواق الكويت ، وبقيت مغترباً لوحدي بعدما تم حجب باج التجوال الخاص بي ، كي ابقى اسير ذلك القصر اطالع الصحف ، حيث عجزت يومها سكرتيرة الوفد عن معرفة سبب حجب باج التجوال عني ، وانا اقلب المواجع مستمرا في القراءة ، كأني سجين بين غرفتي وقاعة الطعام ،
وانتهينا باليوم الثالث مغادرين بطائرة العودة الى بغداد ، بابتسامات من الود عبر عنها السياسي الراحل جلال طلباني وانا مشاركاً مغترباً في عزلة كان اسمها العمل العربي المشترك و مؤتمر عنوانه قمة الكويت الاقتصادي العربي الاول …؟؟