( مِرْآةُ الظِّلِّ ، مَقامُ الصَّبْرِ، المَصْلُوبُ ،حالُ الشَّوْقِ)


سعد محمد مهدي غلام
2025 / 5 / 16 - 02:47     

المشهد الأول: تعويذة الانغلاق

مِنْ بَيْنِنَا انْسَلَّ نُورٌ مَائِلَا
فَلمْ أَعُدْ أَدْري المَصيرَ حَائِلَا
هَلْ كُنتُ في عَيْنَيْكِ أَمْ في ظِلِّيا
أَمْ في انْكِسارِ الرُّوحِ بَيْنَ الحِجا

فِي مُعْتَكَفِي
أَحْكَمْتُ مَغَالِيقَ الكَرَى،
وَجَافَيْتُ الحُلْمَ،
قَلَعْتُ أَوْتَادَ النُّورِ،
مَحَوْتُ آثَاري،
وَعَلَّقْتُ طَيْفَها نَجَفَةً.

أَدْخُلُ العَيْنَيْنِ كَمَرِّ الرِّيحَا
وَأَخْرُجُ الظِّلَّ كطَيْفٍ شَاحِبَا
لَا صدًى إِلَّا سُكُونُ البَارِحَا
والمَدى نَفْسي وأَنْتِ الجَارِحَا

********
*****
المشهد الثاني: الطقس النجفيّ

خَلَّطْتُ البَرْقَ بِتُرَابِ النَّجْمِ مَعَ رَمَادِ الظِّلِّ
ضَرَبْتُ الرَّمْلَ عَلَى بِسَاطِ البَدْرِ
الغَيْمَةُ عَرَبَةُ خُزَامَى تَجُرُّهَا أَيَائِلُ
تَقِلُّ لَارَا وَتُخَدَّجُهَا فِي مِخْدَعٍ

غَيْبِيٍّ، عَلَى الجَوْدَلَةِ، بَيْنَ العَتَبَتَيْنِ.

لَسْتُ أَدْري هَلْ أُرَاوِدُ ظِلِّيَا
أَمْ يُرَاوِدُنِي فَينْأَى مِثْليَا
صَلْبُهُ فِي جِذْعِ رُوحيَ انْطَمسَا
وخُطايَ تَتْبعُهُ تَحْتَ السَّمَا
------------
المشهد الثالث: نزول الغيمة / احتراق الظل

سَمَّتِ الرِّيحُ،
فَأَحْرَقَتِ الأَخْضَرَ وَاليَابِسَ،
وَفَجْأَةً، هَبَطَ غَيْثُ السُّدَى
عَلَى طُولِ المَدَى.

وأَنا المَصْلُوبُ في هَذا الغِيابِ
في سُؤالِ الدَّهْرِ والأَجْوابِ
أَرْقُبُ الرُّؤْيا وفي مَثْواكِ
نُقْطةُ النُّورِ ذَوَتْ أَشْواكِ
...........
المشهد الرابع: تيه الظل في النهر

أَنْتِ تَمْضِينَ سِيرًا،
يَنَابِيعُ وَهْمٍ تَفَيَّأَتْ ظِلِّي،
فَفَيَّأَنِي، وَسَرَى إِلَى
حَائِطِ نَهْرٍ مُتَهَدِّمٍ،
وَغَابَ ظِلِّي عَنِّي.

ما بَيْنَنا إِلَّا سِواكِ الفِتْنهْ
وَبَيْنَنا فِيكِ انْشَقاقٌ وَسِنهْ
أَيُّنا يُخْفي المَرايا قُولي لي
أَيُّنا يُطْفيءُ هَذا الجَمْرَ في

------------
................
المشهد الخامس: نداء المزارِيب / بارقة الخلاص

شَخْشَخَتُكِ سَمِعْتُ صَمْتَهَا فِي صَدْرِي

لَسَوْفَ تَأْوِي إِلَى حِضْنِ النَّارِ،
أَوِ احْتَفَنكِ مِنْكِ بَارِقَةُ خَلَاص،
وَلُذْ بِعُشِّ مَزَارِيبِ المَاءِ،
وَتَنَفَّسْ تَارِيخَ الدَّمِ
مِنْ عِطْرِ شِتَاءِ الجَنَائِن.

الدَّرْبُ صَدًى والجُذُورُ تَئِنُّ
وظِلِّيَ استَقرَّ فَوْقَ الحِصْنِ
كَجُنْديٍّ خَانتْهُ الرِّيحُ
وكفَانُوسٍ غَرَقَ في المِيحِ

...............
........
المشهد السادس: تابوتي *1تتجلى

لَسْتَ وَحْدَكَ فِي وَحْدَتِكَ،
كُلَّمَا أَوْغَلْتَ، وَجَدْتَنِي فِيكَ،
أَشُدُّكَ بِالشَّدْوِ المَهْمُوسِ،
فَتَوَسَّلْ، تَابُوتِي!
قُلْ لَهَا: تَابُوتِي!
تُوبِي عَنْ تَابُوتِ الطِّينِ، وَظَلَامِ التَّابُو، وَظَلَّام...
قُومِي مِلْحًا فِي عَرَبَةِ الأَيَائِلِ وَغَيْمَةِ العَبِيرِ،
أَرِيقِي دَوْرَقَكِ عَلَيَّ،
وَفِي مَهْدِ صَدْرِي عَلَيْهَا،
ثُمَّ هَدْهِدْنِي، هَدْهَدَنِي
لِينُوسُ طَيْفِي
بَيْنَ اليَقَظَةِ وَالمَنَامِ،
فَأَحْرِقِ الصَّفْصَافَةَ،
وَارْسُمِ بِفَحْمَتِهَا غَيْبَكِ.

تَاهَتْ مَرايا الوُجُودِ الحَالِما
وَارْتكبَ البَصرُ الظَّلامَ السَّاجِما
في جَانِبٍ أَنا... وَعَيْنُكِ المَدى
وصَمْتُكِ البَاقي هُو الفِدى

-----------
------
---
المشهد السابع: ترنيمة دِلِلّولْ

دِلِلّولْ يَا بِضْعَتِي،
دِلِلّولْ يَا طِفْلَتِي،

لَا وَجْهَ لي في المَاءِ إِنْ غِبْتِ أَنْتِ
ولَا صدًى يَبْقَى إِذا مَا مِلْتِ
في عَيْنِكِ اِنْغَلقَ الدَّربُ
وَفي ظِلِّيَ اِنْفَتحَ الغَرقُ

دِلِلّولْ يَا نَفْسِي،
دِلِلّولْ يَا نَجَفَةَ ظِلِّي.

فَدعيني أَدْخُلُ العَيْنَيْنِ
وأَخْرُجُ الآنَ مِنَ العَيْنيْنِ
كمَا بَدأْتُ وَكمَا كُنتُ
أَنا البِدايةُ وفِيكِ الصَّمْتُ

دِلِلّولْ يَا طِفْلَتِي،
دِلِلّولْ يَا نَجَفَةَ ظِلِّي.


**********


1*تابوتي - بيلاتكاليم هي صانعةُ عُطورٍ، وكِيميائيَّةٌ مَلَكِيَّةٌ بابِلِيَّة، بارعةٌ في تَركيبِ الزُّيوتِ مِنَ الزُّهورِ، مَذكورةٌ في لوحٍ مِسماريٍّ يعودُ إلى أكثرَ مِنْ 3200 عام.