(رقمٌ ورُقيمٌ)
سعد محمد مهدي غلام
2025 / 4 / 24 - 04:49
في مَهابِّ الحنينِ تَسَرْبَلَ ظِلِّي،
فَنادَتْكِ أَشْجارُ رُؤيايَ صَوتاً،
تَدَفَّقَ في القلبِ مِئذَنَةً
وَارْتَقى في دُموعي نُبوءَةْ...
شَتَلْتُكِ فِي نافِذَةِ القَصيدَةِ وَرْدَةً،
فَأَمْطَرَتْ كُلَّ المَعاجِمِ فَراشاتٍ،
وَأَفْتَضْتُ مِن شَفَتَيْكِ سِرَّ الغِناءِ،
لأَكْتُبَني فِي سُطُورِ النَّدى.
حبيبتي !!
كِلانا شَجَرةٌ مُكْتَظَّةٌ بالدَّهْشَةِ،
باسِقَةُ العِطرِ أَنتِ،
باهِظُ اللَّهفَةِ أَنا،
تَتَسَلَّقُ
جَسَدَيْنا ظِلالُ الأَوْراقِ المُتَساقِطَةِ،
هَفَواتُ لَحْظِكِ الكافِرِ
يَشْتَعِلُ بِرَعُونَةٍ،
فَتَشِيخُ ضَفائِرُهُ الذّابِلَةُ،
يَتَنَفَّسُ غُصْنُكِ
لَوْنَ الشَّفَقِ الخَريفيِّ،
فَتَرْتَوي أَنْغامٌ فَجْريَّةٌ
حَتّى التُّخْمَةِ،
تَيْنَعُ بَساتيني
عُلَبَ هَذَيانِ العَصافيرِ
الماكِرَةِ...
القَلْبُ وَحامِلُهُ،
ناحَتْ حَمائِمُ القَلْبِ
يا رَفيقَ النّايِ،
وطالَ...
دَرْبُ النّحيبِ وَالتّينِ،
قَريحَةُ حَنْجَرَةٍ،
الثُّقوبِ؛ وَاللُّؤْلُؤِ،
جَفَّتْ الآن،
أَما حانَ
لِمِلْحٍ أَن يَلْبَسَ صَليباً
وَيَتَنَكَّبَ نَياسِمَ
أَصْدِقاءِ الماءِ
على ضِفَّةِ
الهَوْرِ السّليبِ؟
وَجَعُ قَصَبَةٍ
صَوْتُكِ...
نَحيبُ كِيتارٍ
بالغُرْبَةِ،
صَوْتي
أَواهْ... أَواهْ...
سَقَمٌ...
يُؤَرِّقُني،
يُطْفِئُ أَريجَ
حَديقَةِ النُّورِ وَالصَّندَلِ
الخافِتِ الأَنْفاسِ
القَديمِ...
مَضَيْتُ أُقَلِّبُ فيكِ
صَفَحاتِ كِتابٍ
فِهْرِسْتِ ابنِ النَّديمِ،
كانَتْ طُروساً
لَحْنُ صَمْتِكِ
وَصَريرُ أَقْراطِكِ
تُكَفِّنُ الدّموعَ،
تُناجي صَوْتي
الضّريرْ...
نَحيبُ كِيتارٍ
سَقِيمٌ...
أَغْفَلَ تَدْوينَ
سيرَتِنا ابْنُ النَّديمْ...
إذ نَبيتُ على حافَةِ الماءِ،
نَكْتُبُ أسماءَنا بِالمِدادِ الغَريبْ،
فَيَمْحو الهَوَى ما كَتبْنا،
ويُبقي مِنَ الدَّهْشَةِ الآخِرَهْ...
أُحِبُّكِ،
يَعْني:
كُلَّ عُزْلَةٍ تُفَجِّرُ نَبْضَ القَصيدْ،
كُلَّ مَوْجَةٍ
لَمْ تُجَرِّبْ دَمْعَ المَرايا،
كُلَّ طِفْلٍ
لَمْ تَلُفَّهُ قُبْلَةُ الأُمِّ
في لَيْلَةِ العِيدْ.
يَعْني:
أنْ أَصُوغَكِ
في مِرآةِ أَنْفاسي،
حَرْفاً يُؤَجِّجُ نَجْمَ الحَنينِ،
صَوْتاً يُقَلِّبُ أَلْوَاحَنا
فِي فِهْرِسِ الرُّوحِ،
طَيْفاً يُعَلِّقُ أَيامَنا
فِي زُنَّارِ غَيْبٍ…
أُحِبُّكِ،
كأَنّي أُحِبُّ انْكِسارَ الزَّمَنْ،
إذا رَآكِ
يُرَتِّقُ ما انْفَضَّ من نَفْسِهِ
ويَخْتَمُ بالنُّورِ وَجْهَ الرَّمادْ...
كُلَّ امْرَأَةٍ لَمْ يَلْفَحِهَا الهَوَى،
كُلَّ وَاحَةٍ
غَيْرِ مَأْهُولَةٍ بِالضَّيَاعْ،
كُلَّ قِمَّةٍ
لَمْ يَصِلْهَا أَحَدْ،
كُلَّ رَبَّةٍ مُحَجَّلَةٍ
فِي خَيَالِ الرُّؤَى،
كُلَّ نَجْمَةٍ
فَاتَهَا أَنْ تُضِيءَ...
أُهَذِّبُ ظِلَّكِ فِي لَحْنِ نَفْسي،
وَأَحْفُرُ أَسْماءَنَا فِي الغُيُومْ،
فَإِنْ عادَ لَيْلُكِ سَاكِناً مُسْتَريحاً،
فَفي صَوْتِكِ البُعْدُ... وَالاقْتِرابْ.