3هلاليّات معاصرة (تَغْرِيبَةُ بَنِي سَ) العِرْفَانُ الأَصْغَرُ بِهُتَافٍ تَحْتَ نُصْبِ الحُرِّيَّةِ
سعد محمد مهدي غلام
2025 / 4 / 23 - 08:39
[(أنا ابن الحرفِ حين يُقْصَى من نَفَسه،
أنا النازحُ من ضفاف اليقين،
أحملني قلبي في رحيلٍ لا يُعرَف أوله من آخره،
أستدلُّ على وجهي بندبةٍ من ندم،
وأوقن أنّ الطوفان لم يكن ماءً، بل ذاكرةً تفيض.
كتبتُ هذه التغريبة لا لأسترجع أرضًا،
بل لأبحث عني بين تلافيف الأبجدية،
عن نايٍ ضائع، عن ظل نبيّ،
عن "شخينة" تهمس لي بشريعة الصمت،
عن غيمةٍ تسمّي نفسها أمّي، ثم ترحل...
أنا بني "س"،
١
مِنْ عَــلٍ يُرَاقِبُ نُوحَ الأَعْمَاقِ
وَهْوَ عَلَى تَخْتِ فُلْكِهِ
تَحْمِلُ مِرْسَاتُهُ فَاخْتَةً
فِي مِـنْقَارِهَا غُصْنُ زَيْتُونٍ
قَالَتْ:
ثُقْبُ الإِبْرَةِ يَتَّسِعُ
لِعُبُورِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ...
لَكِنْ: مَتَى الْمَوْعِدُ!!
الدُّفُوفُ تَنْقُرُهَا الْمَجَاذِيفُ
وَمَا قَالُوا لَهُ "أُفًّا"، وَمَا كَفَرُوا
٢
جُثَثُ غُرُورِ "عَادٍ"
أَجْدَاثُ بُورٍ،
دُبُورُ "ثَمُودَ"
شَمْسُ "ضَيْفِ لُوطٍ" الْمَالِحَةِ
قَمَرُ "بَرْدِ النَّشْوَةِ"
نُجُومُ رَمَادِ "الْجَاثَاتِ"
طَافِيَةٌ، تَعُومُ مَعَ الْجِنِّيَّةِ
ثَمَّ تَغُوصُ بِلَا أَثَرٍ
سِوَى الرَّمَادِ الزَّبَدْ
تَرْقُصُ مَعَ أَمْوَاجٍ...
الجَسَدُ البُرْتُقَالِيُّ يَغْرَقُ
النَّوَارِسُ،
وَالْغَاقُ،
وَالْأُفُقُ،
وَالْجِهَاتُ الأَرْبَعُ
فِي لُجَجٍ عَارِمَةِ الْعَتْمَةِ
تَغِيبُ نَدَمْ وَ"غَرَايْ"
٣
شِفَاهُ الْعَاشِقِ
مُتَشَقِّقَةٌ
مِنْ نَفْخِ نَايِ "التَّوْبَةِ الأَيُّوبِيِّ"
تَبَلَّلَتْ عُيُونُ "تِمْسَاحِ الصَّبْرِ"
نَزَفَ قَلْبُهُ زِئْبَقَ النَّبْضِ
صَدَى سَرَابٍ مَحْدُودِبٍ رُطَبٍ
يَفْصِلُ الأَزْرَقَ عَنِ الْمِرْآةِ
فِي عَيْنِ "زُلَيْخَا"
*ولا الحيُ مما يُحدث الدهر معتبٌ
ولا الميت إن لم يصبر الحيُ ناشرُ
وكل شبابٍ أو جديد إلى بِلى
وكل امرئ يوما إلى الله صائرُ
فأقسمتُ لا أنفكُ أبكيك ما دعت
على فننٍ ورقاءُ أو طار طائرُ*١
٤
مَقْبَرَةٌ هَائِلَةٌ
غَمَامُهَا صَحْوَةٌ
صَحْوُهَا غَمَامَةٌ
تَمِيدُ يَمِينًا وَشِمَالًا
ضَرَبَهَا الزَّلْزَالُ
٥
عِنْدَمَا زَعَقَتْ زَوْبَعَةٌ
امْرَأَةُ "الْعَزِيزِ" تَهَيَّأَتْ لَهُ
لَوْ لَا الْبُرْهَانُ،
مَا أَسْكَـنَتْ شَهْوَتَهَا
شَخِيـنَةُ ( اللّٰ..)
٦
صَرَخَ بِالْبَحَّارَةِ:
عَلَيْكُمْ بِحِبَالِ السِّيرِينَاتِ
القُبْطَانُ يُرَاقِبُ الأَنْوَاءَ،
يَنْظُرُ فِي البُوصَلَةِ وَالأُسْطُرْلَابِ
سَادَ الصَّمْتُ،
تَسَمَّرَ عَلَى الدَّفَّةِ مَذْهُولًا
الفَانُوسُ يَتَمَايَلُ مَعَ المَقْصُورَةِ
الشِّرَاعُ حَوْلَ خَصْرِ الصَّارِيَةِ
يُصَفِّقُ لِلرِّيحِ
الجَمْعُ سُكَارَى
يَتَطَوَّحُ فِي بَحْرِ الظُّلُمَاتِ
عَلَى كَفِّ "بُوسِيدُونْ"
٧
الأَمْسُ: "أَعْرِفُ نَفْسِي"، قَالَ
اليَوْمُ: "أَعْرِفُ أَمْسِي"، قَالَ
الغَدُ: لَمْ يَعْرِفْ نَفْسَهُ
وَلَا أَمْسَهُ
قُلْتُ:
مَا بَعْدَ الغَدِ؟
"غَدٌ"
٨
رَجَعَ صَدَى حَجَرٍ
سَقَتْهُ خَمْرَةٌ "فَوْقَانِيَّةٌ"
فَانْهَمَرَ بِالْخُشُوعِ
يَتَضَرَّعُ بِقُنُوطٍ
حَتَّى وَهَنَتْ شَيْخُوخَتُهُ
بَيْنَ "الْكَوْنَيْنِ"
كَانُونٌ وَكَانُونْ
٩
*ای صبا نکهتی از کوی فلانی به من آر زار و بیمار غمم راحت جانی به من آر
قلب بیحاصل ما را بزن اکسیر مراد یعنی از خاک در دوست نشانی به من آر*٢
۱۰
بِبُكَاءِ التَّسْبِيحِ
وَمَزْمُورٍ تَحْتَ "الْكَلَّاهِ" سِمْتُهُ الْعُلْوِيَّةُ
فَسَاحَ عِطْرُ الْبَوَاحِ،
فَفَاحَ الرُّوَاحُ
غُلِّقَتْ بِيْبَانُ السَّمَاحِ
وَلْهَانٌ، فَرْحَانٌ، هَيْمَانٌ
يَرْقُصُ
يَرْقُصُ
يَرْقُصُ
بَعِيدًا
بَعِيدًا
بَعِيدْ
قَرِيبًا
قَرِيبًا
قَرِيبْ
١١
عِنْدَمَا فَغَرَ فَاهُ
الأُقْيَانُوسُ
ابْتَلَعَ:
الدَّوَّامَةَ،
سَمَكَ التُّونَةِ،
الْبَرْكُودَا،
الْقِرْشَ،
الْحِيتَانَ،
الطَّحْلَبَ يَخْلَعُ الْمَرْجَانَ
وَكُلَّ مَا يُبَقِّعُ وَجْهَهُ
وَتَحْمِلُهُ بَطْنُهُ رَغَدًا
ذَاكَ الْأَوَانْ
١٢
(قَالَ:)
المَوْعِدُ حِينٌ،
وَالْحِينُ وَقْتٌ،
وَالْوَقْتُ نَحْنُ،
فِي زَمَنِ الْـحَالِ.
إِنِ اتَّصَلَ بِنَا وَارِدٌ
مِنَ "الْـحَقِّ"،
سَنَجْعَلْهُ سِرًّا مُجْتَمِعًا فِينَا
لَا نَذْكُرُهُ فِي كَشْفٍ غَابِرٍ
وَلَا فِي إِسْفَارٍ عَنْ غَدٍ.
فَإِنْ نَحْضُرْ فِي "الْـحَالِ"،
كَانَ مِنْ تَصْرِيفِ "الْـحَقِّ"،
وَعَلَيْنَا:
القَبُولُ،
وَالرِّضَا،
وَالتَّسْلِيمُ.
وَإِنْ كَانَ مَا كَسَبْنَاهُ،
نَلْتَزِمْ مَا أَهَمَّنَا فِيهِ
بَعِيدًا عَنْ غَابِرٍ وَقَابِلْ.
إِنْ تُدَارِ "الأُنْسُ"،
ضَيَّعْنَا الْوَقْتَ الآنَ،
فَنَحْنُ أَبْنَاءُ "الْوَقْتِ"،
مُشْتَغِلُونَ عَمَّا هُوَ أَوْلَى بِهِ الْـحَالُ.
وَكَمَا قَالَ "الدَّقَّاقُ":
مَا كَانَ، هُوَ الْغَالِبُ:
إِنْ كُنْتَ بِالدُّنْيَا، فَوَقْتُكَ الدُّنْيَا.
وَإِنْ كُنْتَ بِالْعُقْبَى، فَوَقْتُكَ الْعُقْبَى.
وَإِنْ كُنْتَ بِالسُّرُورِ، فَوَقْتُكَ السُّرُورُ.
وَإِنْ كُنْتَ بِالْـحُزْنِ، فَوَقْتُكَ الْـحُزْنُ.
١٣
عِنْدَمَا بَاحَ "ظِلُّ الشَّيْخِ"
بِمَا عَرَفَهُ فِي "بَرْزَخِ الْـمَشْهَدِ"،
سَفَكَ دَمَهُ
ظَلَّ مَصْلُوبًا،
تَنْهَشُهُ "الْغِرْبَانُ"...
تَعَلَّمَ الْـمُرِيدُ،
وَالْعَاشِقُ،
وَقَاطِعُ وَرْدِ الطَّرِيقِ،
مَعْنَى "جَمْرِ الْـخُنُوعِ"
١٤
عِنْدَمَا صَاحَ "السِّينُ":
"أَنَا... أَنَا... أَنَا العَظِيمُ!"
ضَحِكَ "الرَّاءُ" مِنْهُ،
فَتَعَلَّمَ "الـمِيمُ":
الِاسْتِسْرَارَ،
وَطَاعَةَ
عَمُودِ "الْهَمْزَةِ الْـمَمْدُودَةِ"
١٥
عِنْدَمَا قَالَتْ "شَجَرَةُ السِّيكُويَا":
"لَنْ يَقْتَلِعَنِي الإِعْصَارُ!"
نَخَرَتْهَا "الأَرَضَةُ"،
فَتَهَاوَتْ:
هَبَاءً،
تَنَاهَبَهَا الإِعْصَارُ
١٦
تَعَلَّمَتْ "غَابَةُ التَّنُّوبِ"
دَرْسَ "النَّهْرِ وَرَوَافِدِهِ"
بَيْنَ "الـمُصَبِّ" وَ"الـمَنْبَعِ"
"الـفُرَاتِ"
فَتَسَاقَطَتْ "أَسْنَانُ"
"حَوَافِّ جُرُوفِ"
"حُرُوفِ الْـحُرُوفِ"...
حُرُوفٌ، وَحُرُوفٌ، وَحُرُوفْ
١٧
عِنْدَمَا نَفَخَ "الـمُرِيدُ" أَوْدَاجَهُ،
بَعْدَ تَلَقِّيهِ "دَرْسَ الْعَيْنِ وَالضَّادِ"،
هَجَرَ أُسْتَاذَهُ،
نَسِيَ "الأَبْجَدِيَّةَ"،
تَعَثَّرَ نِهَايَةَ العَامِ،
عَجَزَ عَنْ حَلِّ "مَسْأَلَةِ"
"امْتِحَانِ الزَّبَرْ"
١٨
(قَالَتْ:)
"مِشْعَلُ الْقِنْدِيلِ، أَيُّهَا الْكَبِيرُ
وَمَوْعِدُنَا: "الْـكَشْفُ"...
وَالـمَأْمُولُ: لَا رَيْبَ فِيهِ،
مَا دُمْنَا عَلَى الْـجِسْرِ
"شِـمَالَ الأُمْنِيَةِ"...
انْتِظَارَاتٌ وَمَحَبَّةٌ."
كُلُّ مَا كَانَ فِي الصَّفِّ،
أَخَذَ يَعْوِي كَنَاقُوسٍ،
الْعِبْرَةُ: حَزِينَةٌ، مُوجِعَةٌ،
أَنِينُهَا مَسْمُوعُ الرَّنِينِ.
مِنْهُمْ: تَجَاوَزَ،
مِنْهُمْ: رَكِبَهُ الرَّوْعُ، فَفَرَّ،
مِنْهُمْ: مَا زَالَتْ تَرْتَعِدُ،
لَدَيْهِ الرُّكْبَةُ،
وَهُوَ يَلْهَثُ كَالْكَلْبِ.
١٩
عِنْدَمَا قَالَ "فِرْعَوْنُ":
أَنَا... أَنَا...
أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، فَاتَّبِعُونِ!
اتَّبَعَهُ "هَامَانُ"، وَ"الْقِرْدُ"، وَ"الْـجُنُودُ"،
انْطَبَقَ الْبَحْرُ عَلَيْهِمْ،
فَاتَّعَظَ "فِرْعَوْنُ"، مَنْ كَانَ رَبَّ الْـجُنْدِ،
اتَّبَعَهُ الْغَاوُونَ
بَعْدَ فَوَاتِ الْأَوَانِ.
٢٠
"الْهَرَمُ الْكَبِيرُ" شَاهِدٌ،
كَيْفَ تَقَمَّصَ "السِّفِنِيكْسُ"؟
هَيُولَى الْبَدَنِ،
بَيْنَ "الْفَسْخِ وَالرَّسْخِ"،
كَيْنُونَةُ "الْمَنْسُوخِ"،
فَفَقَدَ رَاحَةَ "الْوَجْدِ".
٢١
عِنْدَمَا قَالَتِ "الْـجِنُّ":
"إِنَّهَا سَيِّدَةُ الْكَيْدِ،
لَكِنَّهَا تَهَابُ الْـمَأْمُورَ..."
٢٢
وَإِذْ تَهَاوَى عَلَى حِينِ غِرَّةٍ،
لَمْ تَكُنْ "مِنْسَأَتُهُ" إِلَّا رَسْمًا.
٢٣
سَجَدَ "مُلُوكُ الْإِنْسِ وَالْـجِنِّ"،
لِرَحْمَةِ "الْكَائِدِ الْأَكْبَرِ"،
خَالِيَةٌ "مَعَاصِمُهَا"
مِنَ: الْأَسَاوِرِ، وَالْقُيُودِ، وَالنِّيرَانِ.
٢٤
لَازَمَنِي حُلْمٌ شَاحِبٌ،
رَأَيْتُ بُومَةً بَاغَتَهَا النُّورُ،
تَرْمُقُنِي كَثَدْيٍ مُمتَلِئٍ
بِكَرَزٍ مَطْبُوخٍ،
صَقَلْتُ خُشُونَةَ الوَحْدَةِ الجَارِحَةِ
بِمِلْحِ الصَّدَى البَاهِتِ،
انْخَمَشَ صَدَأُ النِّسْيَانِ
أَصْفَرَ، كَوَجْهِ مَسْلُولٍ
تَعْكِسُهُ مِرْآةُ العُزْلَةِ،
فَتَحْتُ صَدْرِي
حَشَرْتُهُ قُرْبَ الشَّمْعَةِ الزَّرْقَاءِ
الوَاجِمَةِ، المُطْفَأَةِ فِي الرُّكْنِ البَارِدِ...
٢٥
كَانَ "الْبُلْبُلُ" يَنْقُرُ "تِينَ بُسْتَانِ الْـخِيَامِ"،
يُغَرِّدُ: بِاسْمِ "عَائِشَةَ" طَرَبًا
أَغْرَتْهُ "فُلْفُلَةٌ" حَمْرَاءُ "شَعْشَاعَةٌ"،
الْتَهَمَتْهَا "خَضْرَاءُ دِمَنٍ"
أَصَابَتْهُ "جَائِحَةٌ"
بُكْمٌ
وَوُجُومْ
٢٦
"جَمَارًا": النُّقْطَةُ
دَائِرَةٌ
خَطٌّ
فِرْجَارٌ
الْبِدَايَةُ: غَيْرُ الْوَسَطِ، غَيْرُ "الْـخَاتِمَةِ"
فَوْقَ الْـحَرْفِ: غَيْرُ تَحْتِ الْـحَرْفِ
مِنْهَا الدَّائِرَةُ،
مِنْهَا الْـخَطُّ
النُّقْطَةُ: دُونَ نِقَاطٍ!
صَارَ "إِيَّهَا" لَمَّا ظَلَّ يَدُورُ
صَارَتْ "إِيَّاهُ" لَمَّا ظَلَّ يَسِيرُ
نُقْطَةٌ فِيهِ: هُوَ
وَفِيهَا: هُوَ نُقْطَةٌ
"إِيَّهَا" هُوَ
وَ"إِيَّاهُ" هِيَ
٢٧
"عَبَاءَةُ مُولَايَ": عِبَارَةٌ،
مِفْتَاحٌ
مِنْ لَوْنٍ وَاحِدٍ: كَسَمَاءِ "الْـفِرْدَوْسِ"
مِنْ لَوْنَيْنِ: كَتَمَيُّزِ "فُؤَادِ جَهَنَّمَ"
مِنْ أَرْبَعَةِ أَلْوَانٍ: دَوْرَةُ "فُصُولِ السِّيقَانِ"
٢٨
(أَوْقَفَنِي فِي "الـتِّيهِ"
وَقَالَ لِي:
اقْعُدْ فِي "ثُقْبِ الْإِبْرَةِ"،
لَا تَبْرَحْ
فَإِذَا دَخَلَ "الْخَيْطُ"
فِي "الْإِبْرَةِ"
لَا تُمْسِكْهُ)*٣
٢٩
الْبِدَايَةُ: زَحْفٌ لِلْعُشْبَةِ
وَقَبْلَ "طَمْثِ" "حَضِينَتِهَا"
بِالطِّينِ الْأَوَّلِ
مُجَرَّدُ أَعْوَادٍ
يَحْتَضِنُ "الزَّمَنَ" "الشَّفِيعَانِ"
عِنْدَ "كَسْرِ ظَهْرِ"
"جَنَازَةِ الْوُسْطَى"
٣٠
تَوَقَّفْتُ فِي "مَوْقِفِهِ"،
قُلْتُ: أَعْرِفُكَ
قَالَ: مَنْ عَرَفْتَهُ: صِرْتُهُ
قُلْتُ: مَنْ عَرَفْتُهُ: صَارَنِي
قَالَ: مَنْ صَارَنِي: صِرْتُهُ
قُلْتُ: مَنْ صِرْتُهُ: صَارَنِي
قُلْتُ: قَالَ
قَالَ: قُلْتُ
٣١
مِنْ سَبْعَةِ أَلْوَانٍ: "كَوَاكِبُ دُرِّيَّةٌ"
يُنَقِّيهَا "مَوْشُورُ بَخُورٍ"
تَنْبَلِجُ "نُورِيَّةٌ بَدْرِيَّةٌ"
"فَجْرُ تَرْجُمَانٍ"،
"نَبْعٌ رَيَّانٌ"،
يَجْرِي "نَهْرُ نَبِيذِ الرُّمَّانِ"
يَسْكَرُ كُلُّ الْوِلْدَانِ،
وَالْـحُورُ الْعِينُ،
وَالْإِنْسُ،
وَالْـجَانُّ
لَكِنْ... أَبَدًا...
لَا يَسْكَرُ!
٣٢
موسى، الطوفان، الوطن
عِنْدَمَا قَالَ "مُوسَى" لِلرَّجُلِ:
"سَأُطِيقُ"،
وَلَمْ يُعْقَلْ "حِصَانَةً" مَرَّاتٍ عِدَّةً،
أَخْبَرَهُ "الصَّالِحُ" بِجَهْلِهِ،
لِفِطْرَةِ "غَفْلَتِهِ"،
وَفَقْرِ "طَاقَتِهِ"،
صَرَفَهُ – فَلْتَةً – عَنْهُ.
كُلُّ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ،
أَطَاعُوا "حِكْمَةَ الْقَدَرِ"،
تَوَاضَعُوا،
حِيَالَ "الْوَحْيِ"،
"مَلَكِ الْعَزْمِ الْـمَعْصُومِ"
٣٣
عِنْدَمَا تَفَاخَرَ "جَبَلُ أَيُّوبَ"،
اِكْتَسَحَهُ "هِـيَجَانُ الطُّوفَانِ"
عِنْدَمَا "عَهِرَ" طُوفَانُ "طَيْفِ يُوسُفَ"،
جَرَفَهُ "جُبُّ الزَّوْبَعَةِ"
وَطَنِي!
مَلْعُونَةٌ نُجُومُكَ،
سَرَقَتْ "عَيْنِي"،
وَسَرَّحَتْنِي...
بِوَادِي "غَضَى الْعِشْقِ"
مَعَ "سِرْبِ قَطَا
مَوْلَايَ،
قَدْ يَبْقَى أَحْيَانًا "نَسْمُ رَيْحَانٍ"
دُونَ "أِهَابِ هَبَّاتِ النَّاسُوتِ"،
مَحْضُ "رُوحٍ" هَائِمٍ،
بِلَا دِرَاعَةٍ،
تَطُوفُ "عَرْشَ مَلَكُوتِ جَهَانْ"،
"لَاهُوتِ الْمَأْوَى"،
الْعَارِي مِنْ "زِنَّارِ كُلِّ الْأَلْوَانِ"،
لِوَهْجِ "يَمِينٍ" مَفْتُوحٍ،
وَ"الثَّرَى": "شِمَالٌ" مُوصَدٌ،
بَيْنَ "الْفَجْرِ" وَ"الْغُرُوبِ"
"فَيْضُ رُؤْيَا الْـمَشْهَدِ"،
عِنْدَ "خَطِّ اسْتِوَاءِ"
"لَيْلٍ" وَ"نَهَارٍ": "خَانَقَاهْ"
"مِشْكَاةُ الْـجَوْنَلَةِ"،
"مِحْرَابُ الْـحَضْرَةِ"،
"رُكْنُ الْـخَلْوَةِ"
فِي "رَازُونَةِ الزَّاوِيَةِ"
"يَاقُوتَةٌ سَوْدَاءُ"
وَطَنِي!
مَلْعُونٌ أَنْتَ،
اقْتَلَعْتَ "قَلْبِي"،
وَزَرَعْتَ مَكَانَهُ:
"ضَرِيحَ الجُنْدِيِّ الْـمَجْهُولِ"
"ذَاتُ الإِبْرِيقِ"
تَارَةً: لِلْعِطْرِ
تَارَةً: لِلْخَمْرِ
تَارَةً: لِلسُّمِّ
تَارَةً: لِلْوُضُوءِ
تَارَةً: لِلْعَطَشِ
تَارَةً: لِلْفَرَغِ
تَوَقَّفَ فِي "مَوْقِفِي"،
قَالَ: "تَخَافُنِي؟"
قُلْتُ: "لَا أَعْرِفُكَ"
قَالَ: "سَتُحِبُّنِي"
٣٤
الْوَرْدُ: وَرْدٌ
حَتَّى لَوْ طَوَاهُ "النِّسْيَانُ"،
وَالْوِرْدُ: وِرْدٌ
حَتَّى لَوْ نَسَاهُ "الْإِنْسَانُ"
*حمامةَ بطنِ الواديينِ إلا انعمي
سَقاكَ من الغُر الغَوادي مَطيرهُا
أبيني لنا لا زالَ ريشُك ناعماً
ولا زلتِ في خضراءَ غَضٍّ نضيرُها
فإن سَجعتْ هاجتْ لعينيكَ عبرةً
وإنْ زفرتْ هاجَ الهوى قر قريرها*٥
عَرَفَ "الْعَارِفُ"،
فَوْقَهُ: أَعْرَفُ
وَعَرَفَ:
عَارِفُ "عُرَفَاءِ الْغَيْبِ"
جَهْلُهُ "الـمُطْبَقُ" فِي "مَعْرِفَةٍ"
"وَقْفَةُ غَيْبٍ"
٣٥
"الْغَيْبُ":
غَسَلَ "عِزَّتَهُ" بِـ"الإِثْمِ"،
سَجَدَ "خَاطِبُ الْغُفْرَانِ"،
أَرَادَ "بَذْرَةَ الْغَسَقِ" تَوَسُّلًا،
أَرَادَ "شَجَرَةَ الشَّفَقِ" تَشَفُّعًا
"عِرْفَانٌ"، "عِرْفَانُهُ"،
"عَرَفَةٌ" – صَمْتٌ،
"جَهْلٌ" – "تَبَرُّ حَوَافِرِ دَابَّةِ جِبْرِيلَ"
"عُرْجُونٌ مَسْنُونٌ"
مَخْفِيٌّ تَحْتَ "وِسَادَةِ قَهْرَمَانَةِ السُّلْطَانِ"،
فِي "غُرْفَةِ هَيْكَلِ الصَّمْتِ"
"نَارٌ كَافِرَةٌ الْقُطْبِيَّةِ"
تَرَاهَصَتْ بِالْبَرْدِ وَ"السِّكِّينِ"
التوقُّف، الهدهد، الوصال، ومشهد الانطفاء
٣٦
تَوَقَّفَ فِي "مَوْقِفِي"،
قَالَ: "تَخَافُنِي؟"
قُلْتُ: "لَا أَعْرِفُكَ"
قَالَ: "سَتُحِبُّنِي"
٣٧
"رِيشَةُ عُنُقِ هُدْهُدِ سُلَيْمَانَ"
ذَاكَ "فَرَجُ التَّسْلِيمِ"،
وَ"تَوَكُّلُ الْوَاصِلِ"،
وَ"حَقُّ الْـحَقِّ"،
وَقَدْ نَزَعَ "فِتْنَةَ بِلْقِيسَ"
٣٨
اِرْتَدَى "الْوِصَالَ"،
فَاحْتَرَقَ بِالْأَشْوَاقِ:
سَعِيرًا،
زَمْهَرِيرًا...
نَـحْدُسُهُ يَمْلَأُ "الأَجْوَاءَ"
لَا نَرَاهُ
لَا نَشُمُّهُ
لَا نَسْمَعُهُ
لَا نُـحِسُّهُ
٣٩
خُذِي عَيْنِي، وَأَهْمِلِي صُورَتَكِ،
اِقْتَبِسِي شَفَتَيَّ، وَأُغْفُلِي قُبْلَتَكِ...
٤٠
أَوْقَفَنِي فِي "الْمَوْقِفِ"،
قَالَ: "تُـحِبِّي؟"
قُلْتُ: "لَا أَعْرِفُكَ"
قَالَ: "أَبْـحَثُ عَنِّي"
٤١
"ثُقْبُ الإِبْرَةِ": صَيْرٌ فِي "بَابِ الْهُوَ"...
"الـمُكُوثُ" هُنَاكَ: امْتِحَانٌ،
"لِـحَاقُ الْعَقْلِ": مِحْنَةٌ،
"الْقَبْضُ عَلَى الْقَلْبِ": مِحْنَةٌ
طَالَمَا كُنْتُ فِي "ثُقْبِ الإِبْرَةِ"،
فِي "ثُقْبِ الإِبْرَةِ"،
يَلِجُ "اللَّيْلُ" "النَّهَارَ"،
فِي "ثُقْبِ الإِبْرَةِ"،
يَلْبَسُ "النَّهَارُ" "اللَّيْلَ"...
٤٢
وَطَنِي!
مَلْعُونَةٌ "شَوَارِعُكَ"،
أَكَلَتْ "أَقْدَامِي"،
وَعَلَّقَتْ "حِذَائِي"
أَيْقُونَةً فِي "الـمَتْـحَفِ الـحَرْبِيِّ"
٤٣
"عَيْنَاهُ": "مَنْـجَمًا"،
"زَفِيرٌ": يَـحْبِسَانِ "عِطْرَ اللهِ"،
"الْوَرْدَةُ النَّحِيلَةُ" الْـمَزْرُوعَةُ فِي قَلْبِهِ
وَهُوَ: يُسْقِيهَا "دَمَهُ"
سَمِعْتُهَا: تَبْكِي فِي اللَّيْلِ،
عِنْدَمَا "مَنَعَ عَنْهَا الْـفَرَاشَاتِ"
تِلْكَ "الْوَرْدَةُ الْـمَزْرُوعَةُ فِي قَلْبِهِ"
"حَمْرَاءُ" عَمِيقَةٌ،
كَـ"جُرْحٍ غَائِرٍ"
سَالَ "الْيَاقُوتُ" عَلَى "شَفَتَيْهِ"،
"غَسَقٌ خَاثِرٌ"...
سَمِعْتُهَا تَبْكِي،
فَبَكَيْتُ...
النشوة، التجلي، الحُلم
٤٤
كَأَنَّهُ يَقْرَأُنِي...
قَالَ:
"لَا وَصَالَ، يَا صَاحِبُ،
لِمَنْ بِلَا قَلْبٍ
وَلَا عَقْلٍ،
وَلَكِنَّكَ،
سَتُصِيبُ نَشْوَةَ الْعِنَاقِ
لَوْ ثَمِلْتَ..."
٤٥
وَمْضَةٌ لَامِعَةٌ فِي الْعَتْمَةِ،
صُورَةُ "نَجْمَةٍ"
عَلَى "طَسْتِ نُحَاسٍ"...
مَعْشُوقَتِي:
قَمَرٌ أَسْوَدُ فِي مِرْآةِ الصُّبْحِ...
مَوْلَاتِي...
٤٦
مَنَاقِيرُ الرِّيحِ تَلْتَقِطُ
سَنَابِلَ "جَسَدِي"،
كَغَيْمَةٍ
تَنْدُفُهَا "أَنْفَاسُ الشَّوْقِ"
تَبَدَّدْتُ "سَرَابًا سِمْتِيًّا"
وَرَاءَ "أُفُقِ الْـحَدَثِ"
سَبَخَ "جَسَدِي"،
ذَرَّ "هَشِيمَ فَرَاشَاتٍ"
مُحْتَرِقَةٍ
مَغْسُولَةٍ
بِشَغَفِ "شَمْعَةِ صَدْرِي الْخَاوِي"
تَنَهَّدْتُ فِي الْأَرْجَاءِ
"وَحْشَةَ زَفَرَاتٍ قُرْنُفُلِيَّةٍ"
"بَنَفْسَجِيَّةٍ"
زَكِمَتْ،
فَتَجَعَّدَتْ
كَطَحَالِبَ "يَابِسَةٍ"
فَوْقَ "بُرْكَةٍ رَاكِدَةٍ"
دَخَلْتُ "النَّوْمَ" مَوْجُوعًا،
تَغُصُّ "رِئَتِي" بِدُخَانِ "الْغِيَابِ"...
٤٧
أَوْقَفَنِي فِي "الـتِّيهِ"،
وَقَالَ لِي:
"اقْعُدْ فِي ثُقْبِ الإِبْرَةِ،
لَا تَبْرَحْ،
فَإِذَا دَخَلَ "الْخَيْطُ" فِي "الْإِبْرَةِ"،
لَا تُمْسِكْهُ..."
٤٨
أَقْعَيْتُ وَسْطَ "ثُقْبِ الإِبْرَةِ"،
"شِمَالِي": قَبْوٌ،
"يَمِينِي": هُوَّةٌ...
"شَمْعُ لِسَانِي": رُضَابٌ سَاخِنٌ،
نَفَضْ
٤٩
"ثُقْبُ الإِبْرَةِ": قَارِسٌ، نَاصِعٌ
لَا "رَمَادَ" فِي "صَقْعِهِ"،
لَا "شُرُوقٌ"،
لَا "غُرُوبٌ"
ارْتَدَانِي "الْـحُزْنُ اللَّزِجُ"،
عَرَشْتُ كَـ"الشَّبَحِ"
"ثُقْبُ الإِبْرَةِ"
"نَارٌ" تَتَمَيَّزُ
كَـ"ثَلْجٍ أَسْوَدَ" – "حَارِقٍ"
٥٠
لَصِيقٌ بِي "حُزْنِي"، "كَسْرَتِي"،
"لِسَانُ الْغَيْبِ"...
"نَسَمٌ" هَبَّ، بَلَّلَنِي بِـ"التَّبَلْبُلِ"،
فَزِعَتْ "سُنُونُوَاتُ الدَّمْعِ"،
تَقَطَّرَتْ "لِلْـكَأْسِ"،
فَيْضُ "وِشَامٍ" عَلَى "وَجْهِهَا"
٥١
سَمِعْتُ "لِسَانَ الْغَيْبِ" يُنَادِينِي:
"اِشْرَبْ عَصَارَةَ بُسْتَانِكَ،
لِيَفْرَحَكَ الْفَرَجُ..."
٥٢
وَثَبْتُ "مِنْ نَفْسِي لِنَفْسِي،
بِنَفْسِي..."
لِأُمْسِكَ "أَذْيَالَ حِجَابِ الطَّيْفِ"
اِكْتَسَيْتُ "بِضَبَابٍ مَالِحٍ"،
سَمِعْتُ "لِسَانَ الْغَيْبِ" يَقُولُ:
"لِلتَّوِّ وَصَلْتَ، يَا صَاحِبُ، لِـجَلْوَةِ الثَّمِلِ،
فَتَمَتَّعْ، يَا صَاحِبُ، بِالْوِصَالِ،
هُنَا... لَا تَهَاوِيمَ غُبَاشٍ"
..............
....
(((وحين ضاق الكون بثقله،
عدتُ من غربتي إليّ،
فلم أجد في داخلي إلا
ثقب الإبرة...
بابًا لا يُفتح،
ولا يُغلق،
ولا يُشترط له أن يكون.
أدركتُ أن كلّ هذه الرحلة
كانت لي،
وأن الذي كنتُ أبحث عنه
كان يسكنني
منذ البكاء الأول.
أنا هو من جُرِّد من اسمه،
من نُفي إلى جسده،
ثم عاد،
وفي قلبه
نقطة.)))
١*
من قصيدة للخواجة حافظ شيرازي وهذه ترجمتها بتصرف
((يَا "صَبَا"،
عَجِّلْ بِنَفْحِ "طِيبِ الْـحَبِيبِ"،
يُفْرِغْ عَلَيَّ "السَّكِينَةَ"
فَالْـفُؤَادُ "كَسِيرٌ"،
وَالرُّوحُ "عَلِيلَةٌ"،
"عُمْرِي" نَقَشَتْهُ "الْأَحْزَانُ"
يَتَرَقَّبُ "مِنْكَ الْـمُنَى"
"قَلْبِي الْعَقِيمُ"،
"إِكْسِيرُ شَغَفٍ"
أَشُمُّهُ مِنْ "ثَرَى قَدَمِهِ"،
إِشَارَةٌ لِلِّقَاءِ "مُجِيبٍ"))
*١ ليلى الأخيلية
*٢ من قصيدة للخواجة حافظ شيرازي وهذه ترجمتها بتصرف
((يَا "صَبَا"،
عَجِّلْ بِنَفْحِ "طِيبِ الْـحَبِيبِ"،
يُفْرِغْ عَلَيَّ "السَّكِينَةَ"
فَالْـفُؤَادُ "كَسِيرٌ"،
وَالرُّوحُ "عَلِيلَةٌ"،
"عُمْرِي" نَقَشَتْهُ "الْأَحْزَانُ"
يَتَرَقَّبُ "مِنْكَ الْـمُنَى"
"قَلْبِي الْعَقِيمُ"،
"إِكْسِيرُ شَغَفٍ"
أَشُمُّهُ مِنْ "ثَرَى قَدَمِهِ"،
إِشَارَةٌ لِلِّقَاءِ "مُجِيبٍ"))
*٣ -النفري
*٤توبة بن الحمير الخفاجي