2هلاليات معاصرة (تغريبة بني كاف)


سعد محمد مهدي غلام
2025 / 4 / 22 - 22:11     

( الطريق إلى تدمر / الطريق من تدمر)

[(في هذه التغريبة، يتكلم لسان الكنعاني المخلوع من أرضه، والعربي الموجوع من تاريخه،
والشاعر الذي يزرع في التيه معنى، ويقطف من الرماد سؤالًا:

هل يُبعث مَن ضيّع التاريخ؟
هل تُشفى تدمر إذا صلّى على أنقاضها الشعر؟
وهل يكون للمغتصَب وطن، إذا كان قلبه القصيدة؟)]

*مُدنٌ بلا فجرٍ تنامْ
ناديتُ باسمكَ في شوارعِها ، فجاوبني الظلام
وسألتُ عنكَ الريحَ وهي تَئِنّ في قلبِ السكون
ورأيتُ وجهَكَ في المرايا والعيون
وفي زجاجِ نوافذِ الفجرِ البعيدْ
وفي بطاقاتِ البريدْ*
*عبد الوهاب البياتي*




1
صَهِيلُ أَرْصُو… غَبَاشُ غُرْبَةٍ،
تَدْمُرُ… دِيمَةُ حُلْمِي، مَنْدُوفَةُ النُّعَاسِ،
وَطِيسُ الأَوْطَانِ… سَافَرَ البَوَارُ.

أَحْجَارٌ… أَطْمَارٌ… رُكَامُ شَوَاهِدَ،
خَالٌ إِسْكَنْدَرُونِيٌّ فِي حَقْلِ
زَوَّادَةِ سِنْطُرُوقْ، يَنْزُّ عَرَقُ الصَّنْدَلِ وَالغَارِ...

2
لَا تَسَلْ، يَا صَدِيقِي، مَنْ لَمْ يَنَمْ
عَنْ تَرَفِ الأَحْلَامِ...

3
مَوْلَاتِي، إِنِّي حَزِينٌ…
بِعُمْقٍ حَزِينٍ، بِذُلِّ شُمُوخٍ حَزِينٍ.

اِنْتَحَرَ ظِلِّي، بِإِزْمِيلِ ضِلْعِي،
نَحَتَهُ تَجْوَالُ الشَّتَاتِ،
جَرَفَهُ هَارٌ… يَمْضِي،
وَالعَاصِفُ فِي خَاصِرَةِ التُّرْبَةِ الغَبْرَاءِ…

هَدْلَى، شَاحِبَةٌ… مِرْآةُ الأَيَّامِ.
مَنْ يُنْصِفُ سِيرَتَنَا؟
يُرَتِّبُ شَعْثَ مِيَاهِ الأَنْهَارِ،
يَمْسَحُ رَمَدَ مَرَايَا القِبَابِ،
يَفْتَحُ بَابَ الحَوَائِجِ؟

وَالشَّيْطَانُ… شَيْطَنَ مَجْمَعَ المَلَائِكَةِ!
أَقْصَىٰ نَتَنٍ… مُنْدَرِسِ اليَاسَمِينِ،
قِنْدِيلٌ خَاتَلَ رَمْشَ مِشْكَاتِهِ…

عَلَّمَهُ يَعْقُوبُ: التَّعْبِيرَ،
وَعَلَّمَنِي الثُّقْبُ الأَسْوَدُ: الحُبَّ!
خَلَّيْتُ قَمِيصِي… سَفَحْتُهُ صَوْبَ المَقَامِ،
وَاحَةٌ… فَوَّارَةُ القُزَحِ،
صَحْرَاءُ ثَلْجٍ… عَيْنُهَا
مَأْوًى… يَثْوِي إِلَيْهَا
كَلَأُ البَيَاضِ الأَعْمَىٰ، مَبْتُورُ السَّاقَيْنِ.

4
لَنْ يَأْتِيَ سَمْتُ النَّهَارِ…
مُوحِشَةٌ، مَرَاثِي عَرَبَايَا،
صَوْتُ خَرِيفٍ غَجَرِيٍّ،
يُحْرِقُ أَطْلَالَ خَمَّارَةِ الرَّصِيفِ…

دُبَي… دُبَي…
إِلَيَّ دَبِيبُ خَدَرِ جُفُونِ النُّعَاسِ،
وَهَيَّا… نَتَبَادَلُ الأَحْضَانَ،
نَقْضُمُ تُفَّاحَةَ الحَذَرِ!

أَلَا أَشُمُّكِ؟
أَلَا تَشُمِّينَنِي؟
ضَعِي شَفَتَكِ عَلَىٰ شَفَتِي…
أَرْضَعْ… فَأَرْضَعِي!

لِنَسْكَرْ فَرَاشَةَ لَهْفَتِنَا،
نَنْثُرْ عَرَقَ جَسَدَيْنَا فَوْقَ سُنْدُسِ سَرِيرِنَا،
نَطْرُدْ مَسْرُورَ المَكْرُوهِ،
نُلْهِمْ الدِّيكَ فِلْفِلَ نِسْيَانِ النَّمَارِقِ…

5
لَعِقْتُ دَمْعَ شَمْعَةٍ،
أَوْهَامُ السِّيمَافُورْ…
مَلَأَتْ زَنَابِقَ رُوحِي نَدًى،
قَاءَهُ بَرْزَخٌ خَامِدٌ.

مَرَارَةُ وَدَاعِ مَنْبِجَ لِلْـحَمْدَانِيِّ،
لَوَّحَ طَرْفُهَا… تَرْنِيمَةٌ ثَقِيلَةٌ،
مَعْصُوبَةُ اللِّسَانِ…

شِعْرُ خَوَاطِرِي… مَنْزُوعُ الخُصَلَاتِ،
تَسَرَّبَتْ، بِرِقَّةِ لَحْظِهَا الخَامِلِ،
مَسَحَتْ عَزْقَ نُعَاسٍ،
هَشًّا، عَصًا لِمُوسَى.

رَفَلَ عِهْنُ وَجْنَتَيْهَا المُنْفُوشِ،
خَرْمَشَتْهَا، ثُمَّ اِحْتَفَتْ،
عِيدَانُ مِشْطِ أَبْيَاتِ عُدَيِّ بْنِ زَيْدٍ،
المَنْسِيَّةِ… بَطْنُ حُوتٍ.

6
أَنْغَامٌ…
كَلِمَاتُ صَفِيرٍ، تَجَاعِيدُ غَارِبَةٍ،
تَخِيطُ نِيَاسِمَ القَوَافِلِ،
تَعْبُرُ وَادِي عَرَبَةَ،
تُرَطِّبُ حَرِيرَ هَوَامِشِ أَرَارَاتَ،
تَضْطَجِعُ جُرُوفُ عَطَايَا سُوَيْبِ،
لِسَهْلِ الغَابِ…

إِمِيسَا…
جُرُودُ ذَاكِرَتِي المُتَوَرِّمَةِ،
حَتَّىٰ التَّقَيُّحِ!

7
أُرِيدُ لَارَاي، أُرِيدُ لَارَاي!
أَبْطَنُ عَيْنَ سَحَابَةِ الرَّشِيدِ،
بِوُجُومِ أَنْفَاسٍ، كَوَابِيسِ ضَبَابٍ،
مُحْتَجَزٍ خَلْفَ الجُزُرِ النَّائِيَةِ.

كَوَالِحُ نَفْسٍ، فَجْرُ ضَرِيرٍ،
بِخَنْجَرٍ مَخْمُورٍ، نَضَجَتْ أَنَامِلُهُ،
أَضَاءَتْ نَحْرَ وَرْدِ الجِنِّ…

مَيْتَمُ العَاصِي… أَرْضٌ حَرَامٌ!
قَيْصَرُ… حُوذِيٌّ يَمْتَطِي عَرَبَةَ بَانِيبَال،
فِي تِيفُولِي…
تَقْذِفُ حَمَامَ الزَّاجِلِ!

8
هَزَلَ كُرْدُوسُ طَابِيَةِ مَفِسْتُوفُولِيس،
فِي يَوْمِيَّاتِ شَيْطَانِ رُوزَنْبَرْخ،
زَوْبَعَةُ جُزُرٍ نَائِيَةٍ مَلَأَتْ وَجْهَ البَادِيَةِ!

زَبِيبَةُ… يُغْوِيهَا النَّبَطِي،
تَرْحَلُ خَلْفَ أَسْوَارٍ تَعَوْشَبَتْ شَهْقَتُهَا.

مَنْ سَيَدُلُّنِي فِي المَتَاهَةِ؟
فَاضَ رُوحُ وَهْبِ اللَّاتِ،
ضُحًى، مَوَاعِيدُ مَنْخُورَةٌ،
ظَرَّجَهَا عَطَبُ السَّاعَاتِ،
بِذُبُولِ التَّكْتَكَاتِ!

أَدْرَجَ عُمْرًا صَلَاةَ النُّشُورِ
عَلَىٰ حَصِيرَةِ النَّوَافِلِ،
نَسَجَتْهَا مَزَقُ اهْتِرَاءِ أَكْفَانِ الوَصَايَا العَشْر،
وَمُذَكِّرَاتِ البَحَّارَةِ الأَمْوَات.

فَمَا عَادَتِ الأَهِلَّةُ بَشَارَاتٍ!

9
العُمْرُ… فَاتْ،
سُرَّةُ سَقْفٍ،
صَوْمَعَتِي "غَزَّةُ"…

رِهَامٌ يَنْهَمِرُ فَحْمًا،
مَنَاجِمُ مَهْجُورَةٌ،
وَبَارُودٌ!

10
طَيْفُهَا…
قَيَّدَتْهُ لَارَا،
خُيُوطُ عَنْكَبُوتٍ،
نَاقُوسُ قَصْرِ كَافْكَا…

الغَفْلَةُ…
بَلَّلَتْ حِيطَانَ طَوَاحِينِ الهَوَاءِ،
نَخَرَتْ أَطْقُمَ أَسْنَانِ صَرْخَتِهَا…

أَغْفُو عَلَى لَحْنِ خَيْبَةٍ
تَكْنُسُ وَبَاءَ البُقَعِ الخَضْرَاءِ،
بَرَصُ حِضْنِ أُذَيْنَةَ…

جَادَّةٌ… مُوحِشَةُ الأَقْنِعَةِ!

تُعْطِي فُؤَادًا…
صَغْتَ جَوَارِحَهُ لِلْحُزْنِ المُعَتَّقِ…

زَنُوبِيَا… زَنُوبِيَا!
بِلَاطُ خَيْبَتِنَا الفَاقِعِ،
مَرَايَا… تَقُرُّ بِسَحِيقِ الأَمْسِ،
بِقَحْطِ مُقَلٍ جَوْفَاءَ، تُومِضُ… مُطْفَأَةً.

رَبَابَةٌ أَضَاعَ وَتَرَهَا هَدَّاد،
دَفْتَرٌ يُعَدِّدُ نَكْهَةَ الخُزَامَى، رَجْفَةَ الطَّلِّ،
شَوْكُ شَذَاهَا…
يَلْبَسُهُ الجُوغْرَقْ: عِصَابَةً، وَوِشَاحًا
عَلَىٰ أَسْمَاعِ صَقِيعٍ… تَمِيدُ!

11
خَنَقَنِي…
عَطَشُ العَبْرَةِ!

مُقْفَلَةٌ…
الطُّرُقُ المَأهُولَةُ وَغَيْرُ المَأهُولَةِ!

عَلَّقْتُ شَخِيرَ الأَرْزِ،
نَدَمًا، مَرَّ اللَّمْعُ…
كَنَارِ رُومَا، أَنْقَاضُ آشُورَ،
قَصِيدَةٌ عَلَى الوَجْهِ الدَّاخِلِيِّ
لِبَابِ دَوْرَةِ مِيَاهٍ فِي سِينَمَا شَعْبِيَّةٍ!
12
عَلَىٰ أَغْصَانِ لَذَّةٍ… لَمْ أَنَلْهَا،
خُذِينِي سُورَةً،
رَعْدَةَ الفُرَاتِ… بَارِدَةً كَتَرَاتِيلِ نِنْكَاسِي!

أَخَذَتْنِي صَيْحَةُ الأَقْوَامِ…
صُورَةً بِالْعُرْيِ المُدَوِّي،
قَلْبٌ… قِشْرُ بَشَرَةٍ…
نَبْضَاتُهُ خَفْقَةٌ…

سَنَدِيَانَةُ المُنْتَهَى… نَاشِفَةُ النَّزْغِ!
13
أَقْسَىٰ كَابُوسٍ…
اِنْتَشَىٰ تَوَجُّسٌ…
يَرْهَجُ تَوَجُّسًا فِي بَابِ اللهِ!

مَاءُ تَضَرُّعٍ شَرَّعَهُ إِمَامُ الضَّرِيحِ الرَّمَادِيِّ،
فِي ضَاحِيَةِ سَدُوم!

تَثَاؤُبٌ أَقْلَعَ مِنْ جَوْفِ الظَّلِيمِ،
تَطْعَنُ أَبْعَاضِي…
مَغَارِزُ ضَيْمِ عِطْرِكِ!

تُطْلِقُهَا هُلُوكُوسَات…

زَنْزَانَةُ حُبِّي المُصْمَتَةُ،
خَالِيَةٌ مِنِّي…
كَمَا فَرِغَ دَمْعُ مَحَاجِرِي!

تَكَرْسَلَتْ سَاوَاهَا،
ذَابَتْ فِيهَا أَسْمَاكُ الإِبْصَارِ…
14
أَحْلُمُ بِوَجْهِ الدِّفْءِ،
مُحْتَشِدًا بِنَحِيبٍ،
رُزَمُ رَعَشَاتِ لَهِيبِ مَشَاعِلِ الإِنْكِشَارِيَّةِ المَكْسُورِ الظَّهْرِ،
تُنِيرُ مَذَابِحَ الشَّامِ…

العُنُقُ… مَقْطُوعُ الوَتِينِ!

بُحَيْرَةٌ مَنْكُوسَةُ الرَّأْسِ… هَامِدَةٌ،
وَقَدْ ذَاعَ أَنَّ دِجْلَةَ العَذْرَاءَ اغْتُصِبَت،
وَاليَوْمَ تُعْرَضُ عَلَىٰ خَشَبَةِ النَّخَّاسِ!

يَمُصُّ ثَبَجَ نَهْدِهَا المحقونِ بوتكس،
وَرَمَادُ نَقَاءِ الحَلِيبِ المُتَخَثِّرِ…
مِنْ أَيَّامِ المَغُولِ!

سُفْرَةُ السِّيَاحِ،
عَلَىٰ حَصِيرَةٍ فِي سَلَفٍ وَسَطَ الهُورِ!

15
لَارَاي… تَقَمَّصْتُكِ زَبَاءَ!
لَارَاي… أَخْفَتْكِ أَنْفَاقُ التَّارِيخِ الجَائِفَةِ.

رَمْلُ شَفَةٍ، مُنْحَدَرُهَا أَزْرَقُ،
كَسَحْجَةِ مَنْ دَاسَتْهُ حَوَافِرُ الرِّحْلَاتِ الخَائِبَةِ…
16
عَلَّمْتُهَا…
عَلَى الرُّوحِ أَصَابِعَ جَمْرِ الزَّمَانِ!

صُورَتُكِ النَّاحِلَةُ، النَّاشِفَةُ، الصَّفْرَاءُ…
اِنْدَحَرَتْ،
مَائِدَةُ اللهِ كَنَسَهَا أُفُقُ المَسَاغِبِ!

شُحُوبُ غِيَابٍ بِلَا دُعَاء،
دُمْيَةٌ تَسْجُدُ…
مَنَابِتُ جُذُورِهَا
دُمُوعٌ مُقْتَلَعَةٌ مِنْ مَشَارِبِ المَقَالِعِ،
لِمَنَاجِمِ القَهْرِ،
ثَرَى جَبَّانَاتٍ…
رَمَادِيًّا كَمِسْمَارِ فَحْمٍ مَمْطُورٍ.

الغَسَقُ أَحَالَهُ وَرْدَةَ مَحَابِرَ،
مِدَادُهَا زَفَرَاتٌ نِيلِيَّةٌ،
كَرَزَتْهَا نُجُومُ شَرْبِ الشَّامَانِ،
تُمَيِّزُهَا…

تَعَذَّرَ عَلَى الحَوَارِيِّينَ
حُضُورُ قِيَامِ ابْنِ الرَّبِّ!
17
هَمَدَتْ…
صَرْخَةُ الصَّاعِقَةِ!

تَفُحُّ أَفَاعِيهَا،
تَمْرُقُ قَافِلَةٌ
مِنْ شَبَابِيكِ الغَيْبَةِ الكُبْرَى،
نَافِرَةً مِنْ جَوْرِ مَا تَهْتِفُ بِهِ المَآذِنُ!

تُوَزِّعُ أَرْغِفَةَ تَنَانِيرِ الصَّدَى،
اللَّاهِجَةِ بِاسْمِكَ المُقَدَّسِ…
سُدًى!

جَاعَتْ ذَوَائِبُ البَرْدِ لِلدِّفْءِ،
بُقْعَةٌ مَشْتُولَةٌ بِحُلْمٍ…
آلَ لِلسُّقُوطِ!
18
وَيْلَتِي… وِيلَاتٌ،
وَيْحِي… وَيْحَاتٌ،
آهَتِي… آهَاتٌ!

لَارَا… فِي كُوخِ الصَّيَّادِ،
مِنْ أَلْفِ عَامٍ… تَبِيتُ!

قَالَ:
مَاتَ المَلِكُ الضَّلِيلُ،
مَاتَ الخَلِيلُ،
مَاتَ الدَّلِيلُ…

قُلْتُ: لَكِنِّي مِنْ سَرِيَّةِ العَطْشَانِينَ!
مَشْرُوبِي؟
مَشْرُوبُ الحَاجَاتِ!

فَتَحَ البَابَ،
وَلَجْتُ الحَوْضَ،
شُعْلَةٌ… مَشْقُوقَةٌ،
مُشَرَّمَةُ الدُّخَانِ،
تَنُوسُ فِي المِحْرَابِ،
تُرَاقِصُ نَفْسِي،
فِي طَرَبِ الوَلَهِ!
19
تَوَسَّلَ أُورْوِيلُ…
إِلَىٰ حُرَّاسِ البَرْزَخِ،
مُهْلَةً…
لِيُعِيدَ التَّدْوِينَ!

١٩٨٤… الآن،
لَا مَوْعِدَ مَزْرَعَةِ الحَيَوَانِ!

تَضُجُّ إِسْلَامْبُولُ…
بِالزَّعِيقِ،
المَوْجُ يَأْكُلُ قَوَارِبَ النَّجَاةِ،
عُيُونُ عَزَازِيلَ نُحِرَتْ…
وَتَدْمُرُ… أَضَاعَهَا الطَّرِيقُ!

الزَّبَاءُ… فِي حَمَّامِ تِيفُولِي،
يُضَاجِعُهَا نَبِيلٌ عَجُوزُ الحِقْدِ…

قَدْرَةُ رَبِّ الفَلَقِ…
يَخْلُقُ صَلْصَالَ نَبِيٍّ
يَنْفُخُ الرُّوحَ فِيهِ!
20
أَرْمَلَةُ النُّصُوصِ السَّوْدَاءِ،
تَلَبَّدَتْ فِي صُدُوعِ الثُّقُوبِ،
وَلَيْسَ فِي تَنُّورِ خُبْزِ الحُرُوفِ
المَلْسَاءِ المَجْهُورَةِ…

تُسِيحُنِي رِيحُ التِّرْيَاقِ،
حَمَامَةُ دَوْحٍ سِيمِرْغِيَّةٌ…
تَنُوحُ…

حَسْبِيَ اللهُ
حَسْبِيَ اللهُ
حَسْبِيَ اللهُ

21
القَبِيلَةُ… قَابِلَةُ المِقْصَلَةِ!

مَا تَفْعَلُ مِئْذَنَةٌ فِي بُسْتَانٍ؟
وَمَنْ شَتَلَ الوَرْدَ عَلَىٰ حَائِطِ السُّلْطَانِ؟

الغِيَابُ… قِيثَارَةٌ نَسْمَعُهَا وَلَا نَرَاهَا،
الحُضُورُ… أُورْغُنٌ نَرَاهُ وَلَا نَسْمَعُهُ!

مَا حَاجَتُكَ لِلشَّمْعَةِ وَأَنْتَ تَحْتَ المَاء؟
فَانُوسُكَ… مَا نَفْعُهُ وَأَنْتَ أَعْمَى؟

تَوَضَّأْتُ بِمَطَرِ الغُرُوبِ،
وَدَّعْتُ نَفْسِي،
نَزَعْتُ غِلَّةَ اللِّسَانِ،
وَاسْتَوْدَعْتُ جِذْعَ صَفْصَافَةٍ… ظِلِّي!

حَمَلْتُ جَنَازَةَ القَصِيدَةِ العَارِيَةِ…
دُونَ تَابُوتٍ…
لِمَدْفَنٍ… أُفُقٍ…

في حَضْرَةِ… تَدْمُر،
الزَّبَاء… الخَالِيَة،
كَمَا قَلْبِ المُومِسِ…
قَلْبُ ضَمِيرِ التَّارِيخِ!