الرفيق عثمان حاجي الشهيد الثامن في صفوف مجموعة مراكش 1984..
حسن أحراث
2025 / 4 / 21 - 00:49
تجربة مجموعة مراكش 1984، معتقلون سياسيون (44) وعائلاتهم، لم تنصف بعد؛ ومن عاشها عن قرب أو عن بعد أو بأي معنى نضالي معني أكثر من غيره بإنصافها، إعلاما وتوثيقا وتدوينا..
وأجدني مضطرا من باب المسؤولية النضالية لإبراز أهم لحظاتها ومنعرجاتها وحتى خباياها. ويأتي هذا البوح المر والصادق في سياق المساهمة في إنتاج بعض التراكم الذي يغني الذاكرة، ذاكرة جرح، ذاكرة الانتفاضة الشعبية ليناير 1984 وشهدائها، ذاكرة معركة الشهيدين الدريدي وبلهواري، معركة "لا للولاء"، ويتيح الفرصة للمناضلين الصادقين حقا من أجل ربط الماضي المشرق بالحاضر النضالي واستشراف المستقبل.
مجموعة مراكش 1984 معروفة أكثر بشهيديها بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري، ولأن الرفاق الذين رحلوا قبل الأوان (محمد عباد وعبد الرحيم علول وصالح بوحمزة والحبيب لقدور وعبد المجيد موفتاح) قد نالوا حصتهم من التعذيب بالمخافر السرية بمراكش والدار البيضاء (درب م. الشريف) وقاوموا المعاناة داخل مختلف السجون والكاشوات والدهاليز الباردة والمظلمة وذاقت عائلاتهم مرارة الغياب القسري، فأعتبرهم نضاليا شهداء، "ضحايا" إجرام النظام القائم. قد رحلوا جراء مخلفات الاعتقال المدمرة التي لازمتهم طيلة فترة الاعتقال وبعدها، ولم تعن شيئا لكذبة "الإنصاف والمصالحة". والرفيق عثمان حاجي واحد منهم، إنه الشهيد الثامن في صفوف مجموعتنا، مجموعة مراكش 1984.
لقد عانى الرفيق عثمان في صمت وبشموخ وبتحد مثالي، قاوم المرض بشجاعة نادرة، وكذلك محن الحياة القاسية بعد مغادرة السجن، بما في ذلك فتات ما سمي ب"التقاعد" المجحف؛ وإنها معركة مستمرة لرفاق عثمان..
كانت قوة الرفيق عثمان تكمن في هدوئه، كان مناضلا هادئا داخل السجن وخارجه. واجهنا معا شراسة السجان وبشاعة الجلاد والأحكام القاسية، حيث حكم على الرفيق عثمان ب12 سنة سجنا نافذا بتهمة "المؤامرة الغاية منها إسقاط النظام"..
تقاسمنا لحظات حزن ولحظات فرح، داخل السجن، خاصة سجني بولمهارز بمراكش ومول البركي باسفي، وخارج السجن؛ وحتى خارج المغرب بإيطاليا (مدينة نابولي)، ولعل الرفيق الصديق كبوري يذكر ذلك..
كنا (عثمان وأنا) محاوران عن مجموعتينا المضربتين عن الطعام اللامحدود سنة 1984. وإثر حوار بمستشفى محمد الخامس باسفي بحضورنا معا والجمعية المغربية لحقوق الإنسان في شخص رئيسها حينداك علي أومليل وبعد الالتزام بتحقيق كافة مطالبنا توقف الإضراب/الإضرابان..
كان الرفيق عثمان دينامو الزنزانة رقم 03 بحي العزلة (الجربة فيما سبق)، كما كان الرفيق الشهيد مصطفى بلهواري دينامو الزنزانة رقم 01، ومبدع شعار"لا للولاء"..
ساهم الرفيق عثمان الى جانبنا ونور الدين أخ الشهيد بلهواري، بل كان أول المساهمين في ترميم قبري الشهيدين الدريدي وبلهواري وقبور بعض أفراد عائلتي الشهيدين بمقبرة الشهداء بباب دكالة بمراكش..
زرنا معا ورفاق آخرون عائلتي الرفيقين الفقيد الشهيد الحبيب لقدور بهوارة (منطقة اكادير) وعبد الرحيم سايف بوادي زم..
زرنا الرفيق الحسين العلواني بقلعة مكونة..
انطلقت دينامية إنسانية واجتماعية في صفوف المجموعة البطلة، لكنها "توقفت"؛ ويا ليتها لم "تتوقف"..!!
كان الرفيق عثمان داعما كبيرا للقضية الفلسطينية من خلال المشاركة في كل الأشكال الداعمة لها بمراكش والدار البيضاء والرباط. وكان مشاركا قبل اعتقاله في المسيرة التي نظمت يوم 30 مارس 1983 (يوم الأرض) بباب تاغزوت بمراكش..
حبنا للرفيق عثمان جزء من حبنا للشهداء، كافة الشهداء والرفاق المخلصين للعهد النضالي..
إن الترجمة النضالية الفعلية والمطلوبة لهذا الحب والتقدير النضاليين نريدها دعما فعليا مستمرا لابنه الشاب يحي من طرف رفاق وأصدقاء رفيقنا الشهيد عثمان، علما أن ابننا يحي قد فقد والدته قبل فقدان والده عثمان الحي فينا ومن خلالنا..
إنها تحديات نضالية وأخلاقية تطوق عنقنا نحن الاستمرارية السياسية والنضالية لتجربة اعتقال قاسية ولرصيد الشهداء وعائلاتهم والقضية، قضية شعبنا المغربي المكافح..
لنكن سند رفاقنا الحاضرين والغائبين وعائلاتهم دون حسابات سياسوية انتهازية...