(أوَ تَسْأَلينَ عن الذِّياكَ؟)


سعد محمد مهدي غلام
2025 / 4 / 19 - 02:50     

وما تَزالُ أُغْنيَاتُ الحُبِّ ... والأضْواءْ
والعَرباتُ الفارِهاتُ ... والأَزْياءْ!
فأينَ أُخْفي وجْهيَ المُشوَّها
كي لا أُعكِّرَ الصَّفاء ... الأَبْلهَ ... المُموَّها
في أَعْيُنِ الرِّجالِ والنِّساءْ؟!

"أمل دنقل"

أَرْفَأْنَ قُمْرَاتُ الغُبَاشِ لِبابِ نَهْرٍ مُطْفَأِ الحَنْجَرَةِ حَزِينْ
عَلَى الشُّبَّاكِ نَوَارِسٌ كَسِيرَةٌ، نَجْمُ قُطْبٍ.
تَصَبَّبَ شَلَّالُ رِثَاءٍ قِبَابِ القَيْرَوَانِ،
ارْتَدَى زَنَابِقَ مَاءِ سَنَامٍ، غَسَقَ الزَّمْهَرِيرِ.
حَبَابُ دَمْعٍ كَانَ دِثَارُهَا حَوْصَلَةَ عَبِيرٍ سَيِّدِي الحُسَيْنِ *،
بِلا رِيشٍ، وَكَرَّتْ تَحْتَ أَرْبَاضِ الزِّيزَفُونِ عَفَارِيتُ ظِلَالْ
كَسِلَتْ تَوَاشِيحُ أَرِيجِ الخَيَالْ،
خَانَتْ مَرَايَاهَا سِحَنَ خُرْسِ الرِّجَالْ،
وَأَنْكَرَتْ جَلْجَلَةَ الرِّبَاطِ إِذْ أَنْكَرَتْ جَلِيلَ القَنَاطِرْ.
فَأَقْفَرَتْ كَاتِدْرَائِيَّةُ "تُولِيدُو"، وَقَسَا قَصَبُ الدُّرُوبْ
رَمِضَتْ إِذْ رَشَّتِ الوَسَائِدُ كَوَابِيسَ الحُرُوبْ.

أَدْبَرَتْ فَاهِيَةً، غَيْمَةُ الرَّشِيدِ
تَغْزِلُ المَنْدُوفَ،
مِنْ يَاسَمِينٍ، فَتَغْرُورِقُ
بَاحَةُ الحُجَّاجِ، بِالأُرْجُوَانْ.


لَيْلَةُ الوَحْشَةِ فِي الخَيْزُرَانِ
– يَا لَارَا –
مُتَّشِحَةٌ بِالبَلَلْ.
نَافُورَةٌ مِنْ أَنِينٍ، تُمَشِّطُ
غَابَةَ اللَّيْلِ، فِي الأَمَلِ.

بُومَةٌ عُشُّهَا
سِنْدِيَانَةٌ، حَمْرَاءُ، مِنْ سِنِينْ...

لَيْلَةُ الوَحْشَةِ فِي الغُرَبَاءِ
– يَا لَيْلَى –
مُوْجِعَةٌ،
حِدَاءُ صَعَالِيكَ.

فَسْقِيَّةٌ، مِنْ نَشِيدٍ،
تَغْسِلُ أَقْدَامَ غَزَالَةٍ،
رَشَأَتْ بَرَاقًا،
مِعْرَاجُهُ "بُخَارَى"، وَمِسْرَاهُ "الفُرَاتْ".

يَا حَبَّةَ القَلْبِ...
وَتَسْأَلِينَ عن الذِّيَاكَ؟
أَوْ تَسْأَلِينَ؟!

عَزَّتْ: الرَّايَاتُ، وَاللُّقَى، وَالعَنَاوِينْ
يَا حَبِيبَةَ، فِي الطَّلَلِ العَتِيقِ،
التَّذْكِرَةُ: وَجْهُ رِيحٍ،
المَحَطَّةُ: سَنَابِلُ شِيحٍ،
وَالمُسَافِرُ: أُقْنُومُ مَسِيحْ.

أَدْجَى مَخَاضُ الأُفُقِ، وَدَجَّ،
وَالصَّقْرُ يَضْرِبُ فَجًّا بِفَجْ.

القِطَارُ لَيْسَ آتْ...
تَشَجَّنَا، يَا صَبْرُ، فَنَسَّيْنَا،
دَغْدَغَ المِلْحُ مَنَاسِينَا.
صَلِيبُنَا صَارَ فِينَا: الأَحْلَامُ...

وَذَاكَ الذِّيَاكُ:
سَفْعُ أُورَاسَ لِسَفْحِ قَاسْيُونَ الحَنِينْ.

كَانَ يَوْمًا... بَهَارًا،
مَدَّ المَدَى،
دِيوَانَ "شَهْرَيَاد"،
نَدِيمًا...

أَخْرَفَ اليَوْمَ وَغَدًا،
بُسُطٌ مُهْتَرِئَةٌ،
وَأَوْرَاقُ تَقْوِيمٍ قَدِيم...