نقد منصور حكمت والأحزاب اليسارية وعي متأخر أم تصفية حساب؟ الجزء الاخير
قاسم علي فنجان
2025 / 3 / 10 - 17:43
يستكمل الصديق العزيز فلاح في الجزء الثاني من مقالته ما يعتقد او يظن من ان النقابات العمالية والعمال ذاتهم قد اداروا الصراع نيابة عن الأحزاب والقوى السياسية اليسارية، فهو يقول:
" نقل النضال الإقتصادي والنقابي من ميدان المطلبية الى ميدان المواجهة مع سياسات رأس المال وبلورة موقف طبقي منها. وهذا في إحدى أوجهه يعكس غياب المنظمة السياسية للطبقة العاملة في عموم العراق، حيث تقوم النقابات بالمهام السياسية للطبقة العاملة".
هذا المنطق غير واقعي تماما، نحن نعيش ونعاصر ونشارك في بعض الأحيان الحركات الاحتجاجية للعمال؛ انها لغة "فخمة"، "بلورة موقف طبقي"! اين هذه البلورة؟ ثم ان المؤتمر العمالي الذي يشير اليه الصديق فلاح كان قد شارك في تنظيمه قوى يسارية واشخاص فاعلين من تلك القوى، لا تستطيع اية نقابة او اتحاد ان تجمع القادة العماليين في مؤتمر، الجميع يعرف ذلك، النقابات والاتحادات العمالية هي قوى ميتة، ينفخ فيها "الروح" بين الحين والآخر، عسى ان تنشط او تكون فاعلة.
في أيام انتفاضة تشرين-أكتوبر 2019، لم يوجد أي أثر للنقابات والاتحادات العمالية، لم يساهموا او يشاركوا المنتفضين في الساحات والاحتجاجات، لم يصدروا بيانا او يعقدوا مؤتمر "يبلورا" فيه موقفا داعما للانتفاضة، حتى لم توجد لهم خيمة وسط الساحات المحتجة؛ المشكلة الإصرار على وجود اعمال للنقابات والاتحادات العمالية هو توجه سياسي ليس فقط من قبل الصديق العزيز فلاح، بل حتى عند بعض القوى اليسارية، بذريعة انه لا يمكن للعمال من خلق نقابات او اتحادات أخرى، ويجب العمل مع هذه النقابات والاتحادات الموجود، الميتة أصلا، والعمل مع "حانوتييها".
هل سمع أحد من العمال ان هناك جريدة خاصة تصدر من هذه النقابات والاتحادات العمالية تخص الشأن العمالي؟ ام ان هذه أفكار طوباوية للعمال ذاتهم؛ هل لدى النقابات والاتحادات العمالية معرفة بأوضاع العمال في القطاع الخاص؟ هل يملكون احصائيات بأعداد العمال في القطاع الخاص والهش؟ هل يعرفون مستويات الأجور وساعات العمل؟
احتجاجات العمال واعتراضاتهم ومظاهراتهم وتجمعاتهم يغلب عليها طابع العفوية، ثم بعد ذلك تأتي هذه النقابة او ذلك الاتحاد ليلتصق بها ويجيرها لنفسه؛ لا فضل لأي نقابة او اتحاد "عمالي" على العمال، تلك أوهام ترسخت لدى الكثيرين، ويجب التخلص منها.
تصفية حساب مع منصور حكمت
لم تكن متماسكة مقالة الصديق العزيز فلاح، فهو فجأة ينتقل مما يسميه "مواجهة النيوليبرالية والهيكلة والخصخصة من قبل الطبقة العاملة" ونقاباتها واتحاداتها!، الى نقد منصور حكمت، وبالحقيقة فان هذا الانتقال بعد التدقيق لا يكون مفاجئا، فالصديق فلاح يريد ان يصفي الحساب مع ارثه وتاريخه السياسي، ومنصور حكمت شكل يوما ما "قائدا" له، بل مثالا ونموذجا كان يفتخر به؛ على العموم فان "النقد" الذي وجهه لمنصور حكمت لا يمكن ان يسمى نقدا، بل هو في أفضل الحالات نستطيع ان نقول عنه "انفعالات غاضب".
قبل أيام ظهر السيد مفيد الجزائري "رئيس المكتب الثقافي في الحزب الشيوعي العراق ورئيس تحرير جريدة طريق الشعب"، ظهر في لقاء تلفزيوني على احدى الفضائيات، وقد ادلى بتصريحات في هذا اللقاء أحدثت ضجة داخل أوساط اليسار، خصوصا داخل الحزب الشيوعي العراقي، فهو يقول "حبي للإمام الحسين قادني الى الانضمام للحزب الشيوعي"؛ اذكر هذه الحاثة فقط للتذكير لمن يريد نقد منصور حكمت عليه ان ينظر للساحة الثقافية والسياسية ماذا تحوي؟
يمكننا ان نردد ابيات شهيرة للشاعر الروسي نيكراسوف، مع اجراء بعض التعديل عليها:
انه -فلاح-لم يخون، لكنه قد تعب من حمل تاريخه وارثه السياسي؛ تخلى عنه روح الغضب والحزن في نهاية الطريق".
في النهاية خالص تحياتنا للصديق العزيز فلاح، ونتمنى له موفور الصحة والعافية.