في إصطلاح الوطنية
المنصور جعفر
2025 / 2 / 12 - 13:19
هذا تأثيل وتمحيص خفيف لجزء من صراع الطبقات في مجال تبيين اصطلاح "الوطنية" وبعض التصورات عن طبيعته المتنوعة.
1■ تناول عدد من الآداب الشيوعية موضوعات شتى في مسألة "الوطنية" وما إليها ومن هذه الاداب كتاب "أصل العائلة والدولة والملكية الخاصة...". وكتاب "في المسألة اليهودية"، وفقرات من كتاب "...نقض الإقتصاد السياسي" المتكلمة عن "التشريعات الدموية" وأخرى متكلمة عن "طرد الأغنام للبشر" وكذلك مقالات ماركس الداعمة للمقاومة الوطنية الصينية وشن الحرب الشعبية وعمليات الإرهاب على الإستعمار وأيضاً ما كتبه نفس ماركس عن الدور التحديثي لليبرالية ضد النظم الاستعبادية والإقطاعية، وكذلك ما كتبه ضد دولة البراجزة في كتابه "نقض برنامج غوتا" كاشفاً به زيف الكلام عن عمومية الدولة الوطنية. يضاف إلى هذا النضال والجهد الفلسفي العلمي الذي رادته أسئلة وتركيزات الرابطة العالمية للكادحين أكثر من 70 مكتوب قدمها بعد فترة من وفاة ماركس وانجلز الرفيق إلياس (لينين) عن أسس وصور وأهداف وتنظيم الدور الثوري للبروليتاريا في مسألة "الوطنية" وحوالى 30 مكتوباً قدمها جهد الرفيق مسؤول قسم تحرر القوميات ثم سكرتير اللجنة المركزية وزعيم الشيوعيين يوسف ستالين في موضوعات "المسألة الوطنية" وأكثر من 100 مكتوب للرفيق ماو زيدونغ في شؤون "الوطنية" وقد شملت هذه الآداب ومئات مثلها في مختلف قارات ودول العالم بذور وتجليات "الوطنية" وتنوعات تأثرها وتأثيرها في مسائل القوميات المحلية ومسائل الأممية واتساق قضايا ونضال كادحين العالم وشعوبه المستغلة والمهمشة ضد أسس وأشكال الراسمالية والإستعمار والإمبريالية.
2■ في تأثيل وتمحيص ما ركزت عليه هذه الآداب والآداب التي تناولتها يبدو إصطلاح "الوطنية" كما كل الكلمات السياسية مجالاً فسيحاً لمؤثرات كثيرة فيها عناصر وعلاقات وبنى من أوضاع مختلفة للمجتمعات والجغرافيا والتاريخ والمعيشة والصراع الطبقي و الثقافة والإرادات السياسية المحلية والإقليمية والعالمية، وما يرتبط بهذه الأوضاع وتغراتها من أنواع الإنتظام أو التشتت ومن أمور القوة أو الضعف العسكري.
3■ من الحصيلة التاريخية لوجود فهوم "الوطنية" الحديثة خلال الـ500 عام الأخيرة وجدت إن كينونة إصطلاح "الوطنية" في الثقافة الشيوعية تمتاز على المشهور من كينونات "الوطنية" الليبرالية بانها -أي الكينونة الشيوعية لإصطلاح "الوطنية"- كينونة شعبية وأممية مضادة لأسس وصور الإنعزال القومجي ومضادة لأسس وصور الاستعمار والهيمنة، سواء في المجال الثقافي والفكري أو في المجال العملي وعلى مختلف النطاقات الإقتصادية الإجتماعية السياسية وثقافاتها وكل أشكالها الإدارية السياسية في المحليات والدولة والعالم.
4■في الأوضاع الليبرالية لاصطلاح "الوطنية" التي رتبتها سيطرة البرجواز التجارية والسياسية على أهم موارد البلاد ومعيشة كادحيها صار إصطلاح "الوطنية" اداة تعزيز لانفراد البرجواز بالتحكم في موارد مختلف مجتمعات دولتهم أو مد نفوذهم فيها أو وسيلة لإقصاء منافسين لهم.
من ثم إرتبطت تلك "الوطنية" التجارية الأصل في النظم الليبرالية بمنع أو بتخفيض أو بفرزعة أي تمثيل مباشر للفئات الكادحة في هيئات تقرير أمور وسياسات الدولة الداخلية أو الخارجية. فأضحت وطنية البرجواز هذه مرادفة أو مواشجة لنشاط الإستغلال والإستعمار والتبعية والخضوع لإرادة رأس المال الأعظم وامتيازاته.
المثير للتفكير الوطني ان رأس المال الأعظم ونزعته للدولة العمومية الشكل -بعد نهاية دولة القرامطة وفي بدايات السياسة الليبرالية في فينسيا وفي فلورنسا وفي جنوا وفي هولاند وإنجلترا وباقي العالم- ان هذا الرأسمال الأعظم في كل بلد نشط فيه وتحكم تحت زعوم وطنية كان ولم يزل رأسمالاً أجنبي العصبية والقومية وأجنبي الثقافة وأجنبي الإرتباط وأجنبي الهدف وأجنبي التأمين، سواء في نطاق بلد نشاطه الأول أو في صورته الإمبريالية.
5■ في آداب الشيوعية عن طبيعة السياسة ونوعية ترتيب شؤون المجتمع والدولة والتحكم في الموارد تتمازج عناصر الوطنية بديكتاتورية البروليتاريا وتحكم الكادحين في موارد معيشتهم وإمكانات تطورهم وتأسيسهم بها لمنظومات ديمقراطية شعبية ترتب أمور وسياسات الدولة وموقفها في الصراع العالمي بين إرادة عامة الناس للحرية والسلام وإرادة نخب رأس المال في مختلف ساحات وأشكال هذا الصراع الوجودي بين القوتين الطبقيتين الأعظم: قوى الإمبريالية ومذاهبها المتنوعة الشكل في سيطرة النخبة الراسمالية وأنشطتها التجارية على موارد معيشة وحياة الناس وقوى الإشتراكية العلمية ومذهبها في التنظيم الديمقراطي الإجتماعي لموارد المعيشة الأساسية والحرية المتكاملة لمختلف المجتمعات.
6■ ككل أوضاع الحياة البشرية واختلاف تصورات الطبقات المتصارعة فيها لتسيير شؤون المجتمع والدولة وكيفية ترتيب وتلبية حاجات المعيشة والتقدم المتناسق لحيوية وفعالية الناس فيها تختلف الرؤى والمحاولات السياسية لتغييرها حسب تأثير كثرة من الظروف ودرجات النجاح أو الفشل في محاولاتها لتحقيق هذا التقدم وطبيعة إتعاظ أعمال التغيير من أخطاءها وطبيعة تجديد أو تقوية تقدمها ودرجة قوة أو ضعف إزاحتها لخصومها واستنفادها مصادر قوتهم وتغذيتها وتقويتها لنفسها كتغييرات شمولية متكاملة في مختلف المجالات الفكرية والعملية.
لكن في خضم عمليات التقدم والتراجع وعمليات التركز والانتشار والصلابة والمرونة وفروق وجسور العمل في النظر والممارسة تبقى متجددة في أذهان الطليعيين شمس الإنتقال من نواقص وتناقضات الحالة الاجتماعية وهندساتها المختلفة والدخول إلى حال جديدة متنوعة من أنساق الفنون والجمال المبتعدة بطبيعتيها المتداخلتين الوجدانية والاجتماعية عن قيام أنانيات ووطنيات وعولمات وخصخصة بعض النخب الراسمالية باستغلال حاجات وقدرات وجود الكادحين.
●□●□●□●□●□●□●□●□●□●□ انتهى ●□●□●□●□●□●□●□●□●□●