حكيم الاستثمارت في الاسواق الرمزية : راي داليو ..!!


مظهر محمد صالح
2025 / 1 / 22 - 23:40     

اشار لي رئيس منتدى بغداد الاقتصادي وهي واحدة من منظمات المجتمع المدني المعنية بالشأن الاقتصادي،الى ما قاله راي داليو (Ray Dalio) عن واقع الدين الحكومي البريطاني لهذا العام 2025 والذي فيه ستقترض المملكة المتحدة حوالي 300 مليار جنيه استرليني ليذهب 100 مليار جنية إسترليني منه لاطفاء اقساط خدمة الدين المتراكم او استهلاك الدين العام كما يعبر عنه ، ولاسيما بعد ان بلغ صافي ديون القطاع الحكومي، باستثناء البنوك المملوكة للدولة حوالي 2.8178 تريليون جنيه إسترليني حتى تشرين الثاني 2024، وهو يمثل 98.1% من الناتج المحلي الإجمالي لتلك البلاد.
اذ يقول راي داليو بشان سداد فوائد ديون المملكة للعام 2025 ((ان الأمر أشبه بالاقتراض من ماستركارد لسداد فيزا كارد …)) انها "دوامة الموت بالديون العامة كما يقول راي داليو. ". اذ يشير هذا المفهوم إلى حالة تقع فيها الدول أو الأفراد في حلقة مفرغة من الديون حيث يتم اقتراض الأموال لسداد ديون سابقة، مما يؤدي إلى تراكم المزيد من الالتزامات المالية مع مرور الوقت. وفي سياق الاقتصاد ، تكون هذه الدوامة خطيرة عندما تفوق تكاليف خدمة الديون (الفوائد والمدفوعات المستحقة) قدرة الاقتصاد على النمو أو توفير الإيرادات اللازمة ، و النتيجة غالبًا تكون زيادة الاعتماد على الاقتراض، والذي قد ينتهي بتراجع الثقة في النظام المالي أو حتى بلوغ أزمة اقتصادية.
ولكن من هو راي داليو (Ray Dalio) ….حقاً!!؟؟ هو مستثمر ورجل أعمال أمريكي بارز، ومؤسس شركة بريدجووتر أسوشيتس (Bridgewater Associates)، وهي واحدة من أكبر صناديق التحوط في العالم.
ولد داليو في 8 آب 1949 في مدينة نيويورك و يُعد من أبرز الشخصيات في عالم الاستثمار وإدارة الأموال، ويُعرف بنهجه التحليلي في فهم الاقتصاد والأسواق المالية.
بدأ راي داليو اهتمامه بالأسواق المالية وهو في سن 12 عامًا عندما اشترى أسهمًا لأول مرة، حيث استثمر في أسهم شركة خطوط جوية وحقق أرباحًا جيدة.
حصل داليو على درجة البكالوريوس في التمويل من جامعة لونغ آيلاند، ثم حصل على ماجستير في إدارة الأعمال (MBA) من جامعة هارفارد.
بدأ اعمال شركته عام 1975 من شقته المتواضعة ، ومنذ ذلك الحين، نمت لتصبح واحدة من أكبر وأنجح شركات صناديق التحوط.
ألف كتابًا شهيرًا بعنوان “Principles: Life and Work” (مبادئ: الحياة والعمل)، حيث يشارك فيه مبادئه الشخصية والمهنية التي ساهمت في نجاحه.وله كتاباً آخر بعنوان “The Changing World Order” يناقش فيه التحولات الاقتصادية والجيوسياسية الكبرى في العالم اليوم .
كما يؤمن راي داليو بأهمية اتخاذ القرارات بناءً على البيانات والتحليل المنهجي ، في وقت يركز على التعلم المستمر من الأخطاء.
وينظر الى راي داليو بكونه ليس مستثمرًا ناجحًا فحسب بل أيضًا مفكرًا استراتيجيًا له تأثيرا كبيراً على كيفية فهم الأسواق العالمية وعلاقاتها بالقضايا السياسية والاجتماعية.
اهتم راي داليو بدراسة الأنماط الاقتصادية العالمية طويلة الأجل ، وهو ويؤمن بأن الاقتصاد يسير في دورات ، حيث طرح نظرية تُسمى “النظام العالمي المتغير” في كتابه المشار اليه في اعلاه “The Changing World Order” تناول صعود وسقوط القوى العظمى عبر التاريخ ، اذ يربط بين الديون و الإنتاجية والعملات العالمية .ويرى داليو أن الاقتصاد يتحرك في دورات مدتها 50-75 عامًا.
وهنا يُعرف داليو بتحليلاته العميقة للدورات الاقتصادية والمالية، والتي يسميها “الدورات الكبيرة للديون تحديداً ” أو “Big Cycles”. فهذه الدورات هي إطار لفهم كيفية تطور الاقتصادات والأسواق والمجتمعات على مر الزمن. وان أبرز أفكاره حول هذه الدورات تشمل الدورة الاقتصادية قصيرة الأجل (Short-Term Debt Cycle) . اذ تدور هذه الدورة حول تقلبات الازدهار والانكماش الاقتصادي، وتستمر عادة من 5 إلى 10 سنوات وسببها الرئيس هو السياسات النقدية والمالية التي تؤثر على الطلب والعرض للائتمان.
وتشمل حالاتها :ظاهرة التوسع (زيادة الاقتراض والإنفاق)
وظاهرة التضخم و رفع أسعار الفائدة ثم الركود.
كما يتناول داليو الدورة الاقتصادية طويلة الأجل للديون (Long-Term Debt Cycle)
التي تستمر لعقود وهي مرتبطة بتراكم الديون على مدى سنوات طويلة.تبدأ بفترات من النمو المستدام ثم تتطور إلى مستويات عالية من الديون غير المستدامة.وتنتهي عادة بإعادة هيكلة الديون أو التضخم المفرط.
وهنا يركز داليو على أهمية السياسات النقدية (مثل طباعة الأموال) لتخفيف هذه الأزمات.
ثم ينتقل الى مايسمى بالدورة الاجتماعية والسياسية (Big Cycles)
وتشمل هذه الدورة التغيرات في ميزان القوى الاقتصادية والسياسية داخل الدول أو بين القوى العالمية وتحدث عندما تصل التفاوتات في الثروة والقوة إلى مستويات متطرفة، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي والصراعات ويتحدث داليو عن انتقال القوى العظمى (مثل انتقال القوة من بريطانيا إلى الولايات المتحدة ، والآن من الولايات المتحدة إلى الصين).
وآخرها الدورة الجيوسياسية ، التي ترتبط بتحولات القوى العالمية والنظام الدولي.اذ يُظهر كيف أن صعود وهبوط الدول مرتبط بعوامل اقتصادية وعسكرية وتعليمية. وياتي الهدف من دراسة هذه الدورات هو التنبؤ بالتغيرات الكبرى ، ذلك من خلال فهم الأنماط التاريخية ولاسيما إدارة المخاطر التي تقتضي تطبيق سياسات واستراتيجيات تحمي من الأزمات المالية.
فضلا عن التخطيط المستقبلي ، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو الدول.
ويظهر ان من أشهر أعمال داليو عن الدورات جاءت في كتابه “Principles for Navigating Big Debt Crises” (2018): الذي يشرح فيه كيفية التعامل مع الأزمات الكبرى. اضافة الى كتاباته الشهيرة التي جاءت تحت عنوان تبدل القواعد الدولية كما ذكرنا آنفاً ، والذي ذهب فيه الى تحليل الدورات التاريخية الكبرى.
ويعتمد داليو في حياته على ما يُسميه “المبادئ”، وهي مجموعة قواعد وأطر تساعده على اتخاذ القرارات الصحيحة ، ويرى أن الفشل هو فرصة للتعلم وأن الأخطاء يجب أن تُحلل بدقة للاستفادة منها. ثم يركز على التفكير طويل الأجل ويُشجع على العيش وفقًا لمجموعة واضحة من القيم.
ويعُد (راي داليو) اليوم مصدر إلهام لكثيرين في عالم الاستثمار بسبب رؤيته العميقة وطريقته المميزة في التفكير، التي تجمع بين الحكمة العملية والنظرة المستقبلية.
وفي النطاق الاجتماعي يساهم داليو في الأعمال الخيرية والتعليمية، وهو داعم كبير للأبحاث التي تركز على تقليل الفجوة الاقتصادية بين الفقراء والأغنياء. كما أقام لنفسه مؤسسة Dalio Philanthropies التي تُركز على القضايا الاجتماعية مثل التعليم، الصحة، والحفاظ على البيئة.
وتبرع بمليارات الدولارات لدعم الأبحاث والتعليم والتنمية المستدامة.
وأخيراً، يؤمن داليو أن التوازن بين العمل والحياة الشخصية أمر ضروري ، وانه كثيراً ما يتحدث عن أهمية الأسرة والدروس التي تعلمها من حياته الشخصية، مثل تخصيص الوقت لتربية أبنائه وهي عوامل جوهرية ساعدته في بناء شخصيته نفسها.
انها قصة نجاح في عالم الاستثمار مرتكزاً على مباديء
الحكمة في اتخاذ القرارات.