مشاكل المجمع الصناعي العسكري الأمريكي على خلفية المواجهة المسلحة ‏الجديدة في الشرق الأوسط


فالح الحمراني
2024 / 12 / 22 - 16:47     

‏ ‏
‎ ‎فالح الحمـراني
اعتمدت المادة على تقارير في وسائل الاعلام الروسية
ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ، في مقال بعنوان "حرب حماس مع إسرائيل ‏تمثل اختبارا للقطاع الصناعي العسكري الأمريكي، الذي يتعرض بالفعل لضغوط بسبب ‏أوكرانيا"، أن الصناعة العسكرية الأمريكية تستعد لزيادة إمدادات الأسلحة والمعدات ‏العسكرية. لإسرائيل. ويأتي ذلك وسط الضغوط التي تتعرض لها لتسليح أوكرانيا وتجديد ‏احتياج البنتاغون المستنزف. وهذا الظرف، بحسب المحللين، سيزيد من الضغط على المجمع ‏الصناعي العسكري الأمريكي، الذي يعمل في اقصى حدود قوته وقدراته.‏
وعلى النقيض من أوكرانيا، التي تلقت مئات الدبابات والعربات المدرعة، فإن احتياج ‏إسرائيل الأساسي هو الذخيرة، حيث تتصدر قائمة طلباتها الصواريخ الاعتراضية لنظام ‏الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية". كما أن إسرائيل تطلب أسلحة طائرات عالية الدقة ‏وقذائف دبابات عيار 120 ملم. ومع ذلك، مع تطور الصراع، بدأ المحللون في التكهن بأن ‏الجيش الإسرائيلي قد يحتاج إلى نفس الصواريخ الموجهة التي تفتقر إليها أوكرانيا حاليا، ‏بالإضافة إلى طائرات هجومية بدون طيار وقذائف مدفعية عيار 155 ملم.‏
وزعم الرئيس الأمريكي بايدن، بعد أن وعد بتزويد إسرائيل وأوكرانيا بجميع الأسلحة ‏اللازمة لمواصلة حملاتهما العسكرية ضد حماس وروسيا، على التوالي، أن الولايات المتحدة ‏ستكون قادرة على تلبية احتياجاتهما، فضلاً عن الحفاظ على مخزون البنتاغون في حالة ‏حدوث نزاع آخر في حال نشوب ظروف غير متوقعة، مثل قيام الصين بالحرب على تايوان. ‏وقال بايدن في مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” على شبكة سي بي إس15 الي بُث في 15 ‏أكتوبر 2023: “ نحن، الولايات المتحدة الأمريكية، أقوى دولة في التاريخ – ليس في ‏العالم، بل في تاريخ العالم”.. " ويمكننا الاهتمام بالأمرين مع الاستمرار في الوفاء بالتزاماتنا ‏الدفاعية الدولية بشكل عام."‏
ومع ذلك، يعتقد المحللون العسكريون أن القتال في أوكرانيا أصبح بمثابة نداء ليقظة ‏الصناعة الدفاع الأمريكية، التي لم تكن تولي في السابق اهتماما كبيرا لإنتاج الأسلحة ‏والمعدات العسكرية اللازمة في الحروب البرية التقليدية، مما يضع التركيز بشكل أكبر على ‏أنظمة الاستخبارات المتطورة تقنيا اللازمة لمكافحة الإرهاب واحتواء الصين في منطقة ‏المحيط الهادئ.‏
وكانت الحاجة إلى التحول بسرعة إلى إنتاج المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية ‏التقليدية محدودة بسبب الخلل الوظيفي في التعاون العلمي والصناعي بعد وباء كورونا ونقص ‏الموظفين. وتقول سينثيا كوك، من مركز الدراسات الإستراتيجية والدراسات الدولية (‏CSIS‏): ‏‏" بمجرد أن نبدأ بتزويد إسرائيل بالأسلحة، يتعين علينا بالتأكيد تشغيل بقية قطاعات المجمع ‏الصناعي العسكري، وربما في وقت أقرب بكثير مما خططنا له سابقا"..‏
وعلى عكس أوكرانيا، تمتلك إسرائيل صناعة دفاعية فعالة وأسلحة عالية التقنية. وتتلقى ‏إسرائيل أيضا دعما كبيرا من الولايات المتحدة، التي تقدم لإسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة ‏‏3.8 مليار دولار سنويا، بما في ذلك حوالي 500 مليون دولار للدفاع الجوي والصاروخي. ‏كما تنفق إسرائيل مبالغ طائلة على الأسلحة الأميركية، بحسب وكالة التعاون الأمني الدفاعي ‏‏(‏DSCA‏)، فقد بلغ حوالي 53.5 مليار دولار على مدى العقود السبعة الماضية، منها 6.5 ‏مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية.‏
وعلى خلفية الحرب على غزة يستمر توريد الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل. وقال أحد ‏ممثلي وزارة الدفاع الأمريكية إن الأمريكيين يزودون الجيش الإسرائيلي بسرعة بموارد ‏إضافية، بما في ذلك الذخيرة والأسلحة. وقد وصلت بالفعل أول شحنتين من المساعدات ‏العسكرية الطارئة إلى إسرائيل، بما في ذلك قنابل جوية موجهة عالية الدقة ‏SDB‏ (قنابل ‏صغيرة القطر) وأسلحة أخرى.‏
وقالت الولايات المتحدة إنها ستزيد إمدادات الصواريخ الاعتراضية لنظام القبة الحديدية ‏الإسرائيلي، وهو نظام دفاع صاروخي متطور قصير المدى مصمم لحماية المنشآت من ‏الهجمات الصاروخية والمدفعية مثل تلك التي تطلق من قطاع غزة. وقال متحدث باسم وزارة ‏الدفاع الأمريكية: “تم أخذ جزء من نظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية من المخزون ‏العسكري الأمريكي وتم تسليمه بسرعة إلى الإسرائيليين". وأضاف: “سنقدم صواريخ ‏اعتراضية إضافية للقبة الحديدية حتى تمتلك إسرائيل القدرات اللازمة لضمان استمرار عمل ‏نظام الدفاع الصاروخي القبة الحديدية وحماية مواطنيها ومدنها”.‏
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن إسرائيل ستحتاج إلى صواريخ اعتراضية إضافية ‏بالإضافة إلى الكمية التي تم تضمينها بالفعل في حزمة الأسلحة النارية المنقولة عبر ‏المساعدات العسكرية. ومن المتوقع أن يرسل بايدن قريبا طلبات إضافية إلى الكونغرس بشأن ‏إسرائيل وأوكرانيا، على الرغم من أن الخلافات بين الجمهوريين في مجلس النواب تركت ‏المجلس دون رئيس، وبالتالي غير قادر على القيام بالأنشطة التشريعية أو الموافقة على ‏طلبات البيت الأبيض. وتم تعليق المساعدات لأوكرانيا حتى تم حل المأزق مع رئيس ‏مجلس النواب في الكونجرس.‏
ويتم إنتاج الصواريخ الاعتراضية المذكورة أعلاه، والمعروفة باسم تامير، بشكل ‏مشترك من قبل شركة الدفاع الأمريكية ‏RTX‏ (‏Raytheon Technologies‏ سابقًا)، ‏ومجموعة الصناعات الدفاعية الإسرائيلية رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة. ويتم تجميعهم ‏النهائي في إسرائيل. ورفضت شركة ‏RTX‏ التعليق على الوضع الحالي لإنتاج الدفاع ‏الصاروخي من طراز ‏Tamir‏. وتشمل الفئات الأخرى من الأسلحة التي تحتاجها إسرائيل ‏الأسلحة المحمولة جواً مثل ‏JDAM‏ (ذخائر الهجوم المباشر المشترك) والقنابل الموجهة ‏SDB‏ وصواريخ ‏Hellfire‏ الموجهة. ومن الأسهل توريدها إلى الأميركيين، وذلك بفضل ‏الاستثمارات الكبيرة السابقة في إنتاج الذخيرة
ويتم تصنيع صواريخ هيلفاير بواسطة شركة لوكهيد مارتن؛ وتنتج شركة ‏Boeing‏ ‏القنابل الموجهة: ‏JDAM‏ وSDB‏. ووفقاً للمحللين العسكريين، سيكون من السهل زيادة إنتاج ‏أسلحة ‏JDAM‏ على وجه الخصوص، نظراً لوجود طاقة فائضة لإنتاج صواريخ ‏Hellfire‏ ‏‏(لقد أبطأت الحكومة وتيرة المشتريات في السنوات الأخيرة لصالح وزارة الدفاع). وستحتاج ‏إسرائيل أيضا إلى قذائف دبابات عيار 120 ملم من إنتاج شركة جنرال دايناميكس. وارتفعت ‏قيمة أسهم شركات ‏Lockheed Martin‏ وRTX‏ وNorthrop Grumman‏ و ‏General ‎Dynamics‏ – وهي أربعة من كبار مقاولي البنتاغون - في أعقاب هجوم حماس على ‏إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. ولم ترتفع سوى أسهم شركة بوينغ، وهي مقاول رئيسي آخر ‏للوزارة العسكرية الأمريكية.‏
‏ وستعتمد إمدادات الأسلحة لإسرائيل على التطور اللاحق للحرب، وما إذا كان الهجوم ‏البري المتوقع لإسرائيل في غزة سيدفع الجماعات المسلحة الأخرى بما في ذلك حزب الله ‏للمشاركة في مواجهتها، وتقوم إسرائيل وحزب الله الحدود اللبنانية بتبادل اطلاق النار بشكل ‏متقطع. ووفقاً لمحللين عسكريين، فإن اندلاع مواجهة مسلحة مع حزب الله من شأنها أن تزيد ‏بشكل كبير حاجة إسرائيل إلى الأسلحة، مما يجعلها منافساً مباشراً لأوكرانيا.‏
يراقب الجميع الحدود الشمالية لإسرائيل حيث يرابط حزب الله. وقال مارك كانسيان، ‏الخبير البارز في برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (‏CSIS‏): ‏‏"إذا تصاعد الوضع، فسيتعين علينا التحدث عن نزاع من طراز مختلف". وأضاف:" وحتى ‏لو نجحت جهود أمريكا الدبلوماسية الأخيرة في منع حزب الله من فتح جبهة شمالية في هذا ‏النزاع المسلح، فإن شكل وأسلوب العمليات التي ستقوم بها القوات المسلحة الإسرائيلية في ‏غزة هي التي ستحدد أنواع الأسلحة والمعدات التي تحتاجها". ووفقا لما قاله كانسيان، إذا ‏استمرت إسرائيل في ضرب مواقع حماس من الجو، فسوف تحتاج إلى أسلحة أقل، لأن ‏الجيش لن يشارك في قتال في مواجهات قريبة مع الخصم. أما الغزو لمدة زمنية أطول ‏ونطاق واسع لمدينة مكتظة بالسكان فهو مسألة أخرى، وفي هذه الحالة، فإن الطلب ‏الإسرائيلي على الإمدادات الأميركية سيزداد بشكل حاد .‏