محمد المرتضى مصطفى
المنصور جعفر
2024 / 11 / 24 - 14:53
1- بعد تاريخ دراسي حافل في خورطقت وجامعات الخرطوم ولندن وهارفارد انتصب محمد المرتضى مصطفى عام 1970 على إدارة نظم عمل الموظفين في الدولة السودانية. وقد كان هو والأساتذة (جمع أستاذ) عبدالرحمن عبدالله عنصري نقل البيروقراطيا السودانية من العصر الاسلامي العثماني والعصر الاستعماري الانجليزي إلى العصر السوداني بعد قرابة 20 عاما من بدايات الاستقلال المنقوص.
2- جدل الخدمة العامة:
عالج المرتضى أجزاء مهمة من علل الخدمة العامة في السودان. وفي هذا السياق يتبين عمله الحليل بالنظر إلى ازمة النظام الحكومي، أو جزء منه. ومن أهم ملامح أزمة العمل الحكومي تنوع الموارد البشرية والاقتصادية وحاجات التعامل معها أكبر من الحجم الكلي للموظفين والمحاسبين والمعلمين والأطباء والحقوقيين المتوفر لحكومة السودان، وضعف إمكاناتهم وقدرتهم على الأداء، وفي نفس الوقت تزيد بمعدل يومي حاجات المجتمع وطلباته لزيادة العمل الحكومي كانت قدرة الحكومات على زيادة هذا العمل قدرة مختلة قد تزيد أو حتى تسرف في أمر غير ضروري وقد تشح في الإنفاق على الضروري بحكم عدد من الأسباب متنوعة كضعف الرواتب أو صعوبة التعيين أو صعوبة الترقي أو كثرة ضغوط ومسؤوليات الوظائف الحكومية أو قلة شأنها وأهمية بعضها بالنسبة لمن يتولاها، أو بحكم ظروف وأدوات أو مكان العمل أو الانتقال إليه.
كان على محمد مرتضى ان يصلح و ينظم كل هذا الخبوب ضمن إرث تاريخي سلبي.
3- الارث الانجليزي الإستعماري والنخبوي:
رغم أكذوبة الاستعمار"أحسن خدمة حكومية في إفريقيا موجودة في السودان" ورثت منظومات العمل في مكاتب حكومة السودان من الاستعمار الانجليزي أزمات بنيوية شتى منها: 1- تنافر المركزية واللامركزية ، 2- كثرة العمل وقلة المكافأة أو المبالغة فيها، 3- تنافر حاجات وقدرات وتمويلات المدن والريف، 4- تباين أساليب الادارة العامة ما بين أهلية قبيلية وحكومية، 5- وتباين نهوج اختيار وتشغيل وتقييم الموظفين فقد تجد لنفس وظائف عمل واحد أهميات أو رسوم أو مرتبات مختلفة، 6- إختلاف نهج تقرير الأمور ما بين أوتوقراطية و ميتروقراطية وبيروقراطية وتكنوقراطية، 7- تباين نظم تخطيط وتقييم وتنمية العمل، 8- التغير المفرد لأوضاع جزء من العمل (بحضور أو غياب موظف معين او بنقل مكتب الأداء من منطقة الى أخرى أو بضم قسم إلى اخر أو فصله عنه) 10- تباين التقدير السياسي والتقدير الإقتصادي وتباين التقدير الإجتماعي لتلبية حاجة معينة 11- تباين التقدير الإداري والتقديرات الإقتصادية، 12- التلازم او التباين غير الضروري بين الموظف والمكان والمنطقة والمال والتنفيذ. إلخ. كذلك إضافة السوءات الإستعمار الانجليزي ورث العمل الحكومي كل سوءات الإمازات الطائفية والحزبية والعسكرية ومجاملاتهم ومحسوبياتهم التجارية والقبيلية وتغييرهم لأمور العمل والموظفين.
4- وضع بدايات الحلول:
أسهم محمد المرتضى في تجفيف وتنظيم هذا الخبوب من خلال تقسيم العمل الى ثلاثة نظم: الأول نظام لترتيب وادارة العمل الحكومي لأمور الحكومة، والثاني للتعامل بين هيئاتها والدولة أو للتعامل مع القضايا الاقتصادية الإجتماعية الكبيرة كالصناعة والزراعة والدفاع والخارجية والتجارة والبنوك والثالث وسمته اكثر لامركزية لتلبية احتياجات الجمهور المتفرقة في مجال حقوق وخدمات المياه والكهرباء والإسكان والمواصلات. وهو عمل ضخم تضمن على الأقل عشرة ألف موضوع قي تلبية حاجات المجتمع المباشرة وحاجات إدارة موارده وشؤونه وشؤون دولته الأهم الحاجة إلى تنمية كل هذه الأمور لأن عدم تنميتها يعني تاكل الدولة من الداخل أو تأكلها من الخارج.
5-كانت أسفار تعليم محمد المرتضى ورحلات نشاطه العملي مثل رحلات الشمس شملت كل العالم وللعالم منها فائدة حيوية وكانت للمرتضى كسوداني في منظمة العمل الدولية سطوع خاص في مصر مع افذاذ من النقابيين الراحلين أحمد العماوي والبدري فرغلي وأبو العز الحريري والأسواني مختار نوح عليهم رحمة الله.
6- أشعة الشمس:
كانت الفقرات السابقة مجرد ملامح لطبيعة شمسه اما مظهر هذه الشمس في تعامله الشخصي فقد كان مظهراً لطيفاً يشوشاً فقد محمد مرتضى من نوع البشر الذي تجتمع فيه بهدوء وراحة خصال المعرفة والتواضع والوقار. وفي سخونة كلام الونسة أو في برودتها كانت للعالم العامل المعلم مزية ذكية وزاكية فإن أكثرت عند الكلام معه في طرق أمور الاستراتيجية سألك بلطف عن أمرين تاكتيكيين وان أكثرت في التفاصيل سألك منيهاً عن أمر إستراتيجي. من ثم ينتبه من يحدثه لتذكرها وللتعلم أكثر من اهتمامه بالاستخلاص أو بالتقرير.
حقيقة كان زول لطيف عالج جزء من الازمات التي خلفها الاستعمار والظلم الطبقي والإقليمي والجهل في بلاده.