|
الازدواجية والصفقات المشبوهة بين الملالي والغرب بعد حرب أوكرانيا
سامي خاطر
الحوار المتمدن-العدد: 8107 - 2024 / 9 / 21 - 17:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا غرابة في ازدواجية الغرب لكن الغرابة في استعداد نظام كنظام الملالي ليكون أداة لهذا وذاك في إبادة الشعوب سواء في إيران أو فلسطين أو العراق أو سوريا أو اليمن أو أوكرانيا أو غزة، وقد شهدنا في هذا السياق بعد نشوب حرب أوكرانيا تقارير متزايدة حول صفقات مشبوهة بين إيران والغرب؛ من ضمن هذه الصفقات عادت بعض الدول الأوروبية للتفاوض مع إيران حول برنامجها النووي في محاولة للحد من تطويره، وذلك في إطار مساعٍ للحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط بالإضافة إلى ذلك، استمرت بعض الشركات الأوروبية في السعي إلى الحصول على عقود تجارية في إيران على الرغم من الضغوط السياسية والاقتصادية المرتبطة بالنظام الإيراني، وتثير هذه الصفقات تثير القلق من أن المصالح الاقتصادية قد تحظى بالأولوية على حساب القوانين والمبادئ والقيم الأساسية التي أسسوا عليها النظام العالمي ومؤسساته. التغاضي عن جرائم الملالي في المنطقة وانتهاكات حقوق الإنسان أحد أكبر الانتقادات التي تواجه الغرب في علاقته مع النظام الإيراني هو التغاضي عن الجرائم التي يرتكبها نظام الملالي سواء في الداخل الإيراني أو في المنطقة في حين إن ملالي إيران متهمون بنشر المخدرات في المنطقة كوسيلة لتعزيز نفوذهم وزعزعة استقرار الدول المجاورة، وإضافة إلى ذلك يستمرون بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل إيران بما في ذلك القمع الوحشي للاحتجاجات، وتنفيذ الإعدامات الجماعية، والاعتقالات التعسفية ضد النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق المرأة عدا إثارة الحروب والفتن ونشر الإرهاب في الخارج، ورغم ذلك يتعامل الغرب مع ملالي إيران بمرونة زائدة، ولا زال الانخراط الدبلوماسي والتجاري مع طهران مستمراً رغم العقوبات المفروضة عليهم بسبب السجل الحقوقي والنووي، وتعكس هذه الازدواجية وجود مصالح خفية قد تتجاوز المبادئ الأساسية التي يزعم الغرب الدفاع عنها. الغرب وتناقضاته في التعامل مع النظام الإيراني تُظهِر العلاقات المتشابكة بين النظام الإيراني والغرب خاصة بعد اندلاع حرب أوكرانيا أن التعامل مع ملالي إيران لا يزال يخضع لحسابات سياسية واقتصادية معقدة؛ ففي الوقت الذي يقدم فيه النظام الإيراني دعماً عسكرياً لروسيا وينتهك حقوق الإنسان في الداخل ويثير الفتن والحروب في الخارج نجد أن الغرب في كثير من الأحيان يتغاضى عن هذه الجرائم ويعقد صفقات مشبوهة معه/ وهنا يبقى السؤال مفتوحاً: هل ستستمر هذه الازدواجية؟ وهل سيدرك الغرب في النهاية أن التغاضي عن جرائم النظام الإيراني قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على السلم والاستقرار الدوليين؟ الكيل بمليار مكيال: الغرب والتعاون بين الملالي وروسيا في ظل توجيهات خامنئي أصبح التعاون بين النظام الإيراني وروسيا في السنوات الأخيرة محط اهتمام دولي خاصة بعد تورط طهران في دعم موسكو عسكريا خلال الحرب الأوكرانية رغم الانتقادات التي أطلقتها الدول الغربية تجاه هذا التعاون، ويبدو أن تصريحاتها تفتقر إلى الجدية والاتساق، وقد يكون من المناسب هنا القول بأن الغرب لا يكيل بمكيالين فقط بل يكيل بمليار مكيال عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع النظام الإيراني، وليست هذه الازدواجية بوليدة اللحظة بل تمتد لعقود من التجاهل والدعم الضمني لنظام الملالي. تصريحات مسعود بزشكيان: دليل على سلطة الولي الفقيه المطلقة في هذا السياق تأتي تصريحات مسعود بزشكيان رئيس جمهورية الملالي الحالي، لتؤكد الحقيقة التي يعرفها الجميع؛ وهي أن الرئيس في نظام الملالي لا يمتلك سوى صلاحية تنفيذ توجيهات الولي الفقيه علي خامنئي، وقد صرّح بزشكيان بأنه لا يخطو أي خطوة بدون توجيهات خامنئي الأمر الذي يسلط الضوء على البنية الحقيقية للحكم في إيران، فالرئيس في نظام الملالي ليس سوى وجه آخر للنظام، ينفذ المخططات المرسومة مسبقاً من قبل الولي الفقيه وحرسه، وتعيد هذه التصريحات إلى الأذهان حقيقة ثابتة منذ تأسيس ما يسمونا بـ الجمهورية الإسلامية وهي أن كافة القرارات الاستراتيجية المتعلقة بالسياسة الخارجية والداخلية في إيران تصدر من مكتب الولي الفقيه وليس من القادة المنتخبين ظاهرياً. الكيل بمليار مكيال: تواطؤ الغرب مع النظام الإيراني إن التناقض بين التصريحات الغربية حول التعاون الإيراني مع روسيا وبين السياسات الغربية الفعلية تجاه النظام الإيراني يعكس ازدواجية واضحة؛ ففي الوقت الذي تنتقد فيه الدول الغربية دعم إيران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، فإنها في الواقع لم تتخذ خطوات حازمة لوقف هذا التعاون بل وأعطت الضوء الأخضر للملالي للتمدد والتوسع في دول الشرق الأوسط، ولم يبدأ هذا النهج المزدوج لم يبدأ مع الحرب الأوكرانية بل يمتد إلى مواقف الغرب منذ سنوات طويلة منذ أن قامت الثورة الوطنية في إيران عام 1979، حيث كان هناك دائماً توازن دقيق في السياسات الغربية تجاه النظام الإيراني؛ فبينما تم فرض عقوبات على طهران بسبب أنشطتها النووية وحقوق الإنسان استمرت الدول الغربية في الوقت نفسه بالتفاوض معها وعقد صفقات تجارية ودبلوماسية داعمة لها. ختاماً: الغرب وخطورة الازدواجية في التعامل مع إيران يتضح من خلال تصريحات مسعود بزشكيان أن رئيس جمهورية الملالي الحالي ليس سوى دمية في يد الولي الفقيه، ومع ذلك تستمر الدول الغربية في التظاهر بأنها تتعامل مع قادة إيران كمسؤولين مستقلين/ ويكشف هذا الكيل بمليار مكيال عن ازدواجية واضحة في السياسات الغربية تجاه إيران ويؤدي ذلك إلى استمرار دعم النظام الإيراني سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي حال استمر هذا النهج الغربي فإنه سيؤدي إلى تعزيز وجود النظام الإيراني ومواصلة انتهاكاته داخل وخارج إيران، واليوم يحتاج الغرب إلى مراجعة حقيقية لسياساته تجاه إيران إذا كان جاداً في الحد من نفوذ نظام الملالي وقوات حرسه وقواه العميلة في المنطقة.
#سامي_خاطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بزشكيان تخلى عن خدمة الشعب الإيراني قبل تعيينه رئيساً
المزيد.....
-
قوات الاحتلال تقتحم بلدة قراوة بني حسان غرب سلفيت شمالي الضف
...
-
إعادة ترميم كاتدرائية نوتردام في باريس هل تم استخدام رموز شي
...
-
كاتدرائية نوتردام: استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية إعادة ا
...
-
نعيم قاسم: سنقف إلى جانب سوريا لمواجهة الجماعات التكفيرية ال
...
-
كاتب فرنسي: نتنياهو أشعل الحرب ضد -اليهود السيئين-
-
استطلاع: 52% من الإسرائيليين اليهود يعارضون الاستيطان بغزة
-
السيد الحوثي:من اسوأ مواقف الانظمة العربية والاسلامية إمداد
...
-
السيد الحوثي:ماتبذله جبهات الاسناد واضح في ظل التخاذل العربي
...
-
السيد الحوثي: اليهود هم الاعداء رقم واحد لامتنا والاحداث تشه
...
-
السيد الحوثي: معظم الدول الكبرى العربية والاسلامية اكتفت بمو
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|