الاثنوغرافيا وتراثية الاعتقادات البشرية - الصافات صفا


طلعت خيري
2024 / 9 / 10 - 10:46     

لم تسجل المجتمعات الدينية البدائية اي تاريخ لها، لان شعوبها دمرت بالكوارث الطبيعية، ولكن يمكننا ان نضع لها حقب تاريخية حسب بعثة كل رسول ، نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، فلم يستعين الله بذرية أي من الرسل الخمسة للدعوة إليه ، فكلما ظهرت حقبه رسول جديد نجا الله الذين امنوا معه ثم اهلك الباقين، وفي أسلاف الناجين من الكوارث الطبيعة تظهر الحقب التاريخية من جديد ، ترجع الجذور التاريخية للمؤمنين في جميع الحقب الى الحقبة الأولى الى ذرية ممن حملنا مع نوح ، ذكرها التنزيل للوصول الى إبراهيم ، فإبراهيم أول نبي استعان الله بذريته للدعوة إليه

فلا تستغرب عندما أقول ان الاعتقادات الاسترولوجية والكسمولوجية والظنية والدين السياسي ، انبثقت في خلائف المؤمنين بالله واليوم الآخر، وهذا ما أكدته الحقب التاريخية الخمسة التي قضت على المكذبين ليستخلف الله من بعدهم المؤمنين في الأرض ، وبين خلائف المؤمنين ، نشر منظري الاعتقادات أفكارهم السياسية لصناعة اثنوغرافيا الاعتقاد كثقافة مجتمعية تتلاءم مع الأهواء والرغبات الشخصية ، التي تهدف الى نفي وجود الله واستحالة البعث والنشور الأخروي ، ولكي تكتسب الاثنوغرافيا أصالة تراثية جعلوا لها تزامنا تاريخيا مع جميع الأنبياء والرسل، فعندما فرض التراث الرجعي للآباء وجوده السياسي على الديانة الكوكبية، بات المجتمع المكي غير قادر على التخلص من الكريبكائية الاسترولوجية، مما اضطر التنزيل الى تصحيح الماضي الغيبي لإطلاع الديانة الكوكبية على دور الرسل والأنبياء في بث الوعي الهادف الى التقدمية ، التي تتناسب مع الإيمان بالله واليوم الأخر، ذكرت منهم نوح وإبراهيم في المقالة السابقة ، وفي هذا الموضوع سنسرد ما بقي منهم

نسب شياطين استرولوجيا الكواكب تعليم تراثهم الديني الى موسى وهارون،لاستنباط أصالة لمعتقدهم من عمق التاريخ ، فعرض التنزيل على الديانة الكوكبية تلك الحقبة ، للاطلاع على اثنوغرافيا قومهما وثقافته الإيمانية التي أنجته من التسلط الفرعوني ودور موسى وهارون في بث الوعي الهادف الى التقدمية العقائدية ، في دعوة أخروية للإيمان بالله واليوم الأخر، النافية للمزاعم السياسية التي ادعت إيمانها بتعدد إلوهية الكواكب فقال ، إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ{114} وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ{115} وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ{116} وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ{117} وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ{118} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ{119} سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ{120} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{121} إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ{122}

من الاعتقادات التي انبثقت في خلائف المؤمنين بالله واليوم الأخر عبادة البشر، وفيها يدعي شخص ما له كرامة دنيوية واتصال روحي بآلهة السماء ، فيكتب بعض التعاليم الإنسانية المتفاعلة مع الأهواء والحريات الرغبوية الدنيوية ، فيحتل مكانة لها تأثير اثنوغرافي روحي ثقافي سياسي داخل المجتمع ، وبعد وفاته يضع له المعتقدين به، نصبا أو تمثالا في معبد ليتقربوا إليه ، كالعبادة البعلية والبوذية والبهائية، فالبعل هو شخص ادعى له ارتباط روحي بآلهة السماء ظهرت كرامتة الاعتقادية في أحدى طوائف الدين السياسي لأهل الكتاب في القرن الثاني الميلادي ، وفي القرن السادس الميلادي ادعى منظري الديانة الكوكبية ان الرسول إيليا الياس كان من المعتقدين بتعدد إلوهية الكواكب، مما اضطر التنزيل الى تصحيح الماضي الغيبي لاطلاع الديانة الكوكبية على دعوة إيليا الياس في قومه ، كدعوة تقدمية للتخلص من كريبكائية الاعتقاد الرجعي التاريخي فقال إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ{123} إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ{124} أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ{125} اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ{126} فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ{127} إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ{128} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ{129} سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ{130} إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{131} إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ{132}

ان تصحح التراث الرجعي التاريخي للديانة الكوكبية بات ضرورة ملحة ، للتخلص من براثن تعدد الآلهة والاعتقادات التي سنها شياطين الاسترولوجيا والدين السياسي ، المحرفة لدعوات الرسل والأنبياء والكتب المنزلة ، مستغلة اللاوعي العقائدي لأهداف سياسية واقتصادية ، طرح التنزيل على الديانة الكوكبية بعض الحقب التاريخية للأمم السابقة ، للاطلاع على اثنوغرافيا المجتمعات وثقافتها الاعتقادية ودور الرسل والأنبياء في بث الوعي الهادف الى التقدمية ، في دعوة أخروية للإيمان بالله واليوم الأخر

وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ الْمُرْسَلِينَ{133} إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ{134} إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغَابِرِينَ{135} ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ{136} وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ{137} وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ{138} وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ{139} إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ{140} فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ{141} فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ{142} فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ{143} لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{144} فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ{145} وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ{146} وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ{147} فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ{148}