ثلاث رسائل وراء التصعيد الإسرائيلي
رضي السماك
2024 / 8 / 4 - 18:14
ثلاثة أحداث في منتهى الخطورة، من حيث التصعيد الجنوني، أقدمت عليها إسرائيل خلال ثلاثة أيام فقط من الإسبوع الماضي: الأول إسقاط صاروخ على ملعب للأطفال في بلدة مجدل شمس بالجولان العربي السوري المحتل، ولم تستطع إثبات مسؤولية حزب الله عنه بشكل مُقنع ، والثاني اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر بالعاصمة اللبنانية بيروت، والثالث اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية بالعاصمة الإيرانية طهران بعد سويعات قليلة من اغتيال شكر. إن نهج التصعيد بمعدلات جنونية متسارعة منذ بدء حربها الإبادية على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة في أكتوبر الماضي بات النهج المفضل الذي يحكم عقلية القيادة الصهيونية اليمينية المتطرفة في إسرائيل، بعد أن أدركت أن سمعتها الخُلقية في الحضيض أمام الرأي العام العالمي،سيما و قد تم توثيق وإدانة هذا الأنحطاط الأخلاقي في محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية دولية في العالم، وبالتالي ليس لديها ما ستخسره أكثر مما خسرته في هذا الجانب. والحق إن إسرائيل ما كانت لتقدم على تلك العمليات الخطيرة، لولا أنها وجدت من حليفتها الكبرى الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين كل أشكال الدعم اللامحدود، عسكرياً ومالياً وسياسياً، وبخاصة على إثر الاستقبال الأسطوري الذي حظي به رئيس حكومتها في الكونجرس،ومستغلةً أيضاً ما بدا على حزب الله وحماس العسكريين اللبناني واللذان يحظيان بدعم طهران من وهن في مواجهة التفوق التكنولوجي العسكري الإسرائيلي الساحق في الشهور القليلة الماضية بعد أكثر من عشرة شهور من حربها الوحشية العدوانية على القطاع، عدا أن ضربات هذين التنظيمين الانتقامية هي غير موجعة لإسرائيل في الغالب الأعم . ويمكن القول إن ثمة ثلاث رسائل رمت إسرائيل من ورائها في التصعيد الأخير: الرسالة الأولى: إضعاف معنويات "حماس" و "حزب الله" إلى أدنى الحدود الممكنة لحملهما على رفع راية الاستسلام بصورة أو أخرى . الرسالة الثانية: هز هيية الدولة الإيرانية وأمنها القومي من الداخل، والتي باتت سماواتها مكشوفة تماماً لإسرائيل تسرح فيها وتمرح كما يحلو لها لتنفيذ أية أهداف عسكرية ونووية ومدنية،ناهيك عما تحظى به على الأرض داخل إيران نفسها من أختراق أمني لتنفيذ عملياتها بالوكالة،لتقول بهذه الرسالة بأن أيديها باتت قادرة على أن تطال أكبر قياديي حماس( إسماعيل هنية)،حتى لو كان تحت حماية الحرس الثوري، ومن ثم البرهنة على فشل استخبارات إيران العسكرية والأمنية وعناصر أمنها في حمايته. الرسالة الثالثة: توجيه إنذار لقيادة حزب الله، بأن إسرائيل التي تمكنت من الوصول إلى أعلى رأس في هرم قيادة حماس، لقادرة أيضاً على الوصول إلى أعلى رأس في قيادة هذا الحزب،ولن يهدأ لها بال إلا إذا تمكنت منه،ومن ثم إثبات إن جهاز أمنه واستخباراته الحزبية ليس أقوى منها، وهذا ما قد يؤثر حالياً تأثيراً بالغ الخطورة على معنويات قيادات الحزب وقواعده،ومن ثم يفضي إلى إرباك كل تحوطاته الأمنية التي اعتادها لحماية قائده السيد حسن نصر الله والذي نجح في التخفي طوال أكثر من ثلاثين عاماً منذ توليه القيادة إثر تمكن إسرائيل من اغتيال زعيمه السابق السيد عباس الموسوي عام 1992. والحال فلئن تمكنت إسرائيل من اغتيال أعلى مسؤول قيادي في "حماس"، فإنها لتتعامى ولم تتعظ البتة من فشل نهج الاغتيالات فشلاً ذريعا في تركيع الشعب الفلسطيني عن ممارسة حقه المشروع دولياً في الكفاح من أجل حريته وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ذلك بأن هذا النهج التي ظلت تتبعه منذ نكبة 48، ثم مارسته على الأخص في أعقاب نكسة 67 لم يفت في عضد الشعب وقواه الوطنية عن مواصلة نضاله .