أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شريف حتاتة - المرأة من العبودية الى العولمة














المزيد.....

المرأة من العبودية الى العولمة


شريف حتاتة

الحوار المتمدن-العدد: 8047 - 2024 / 7 / 23 - 22:12
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


===========
=============================================

ان أنواع العمل ، التى لا يدفع عنها أجر ، هي جزء حيوى من النظام الاقتصادي الرأسمالي تسمح باستمراره ، وتساهم بقسط أساسي في عملية التراكم التي تشكل المحور الذي يستند إليه ، بل لا يمكن أن نتصور الحياة كما عشناها حتى الآن واستمرار النشاط الإنتاجي ، والخدمى اللازم لها بدونها . فإذا أضرب جميع النساء عن القيام بمسئولياتهن الأسرية ، والمنزلية يتوقف دولاب العمل تماما. وقد حدث هذا مرة في أيسلندا وإن كنت لا أذكر في أي سنة ، وأصيبت الحياة في البلاد بالشلل التام.
فالرجل لا يستطيع أن يذهب إلى عمله دون أن يكون قد تناول إفطاره ، وارتدى ملابسه المغسولة ، النظيفة، ونام ليلته علي سريره ، واطمأن على أولاده وعلي الرعاية المطلوبة لهم. والأعمال التي تقوم بها المرأة في بيتها هي التي تصون قوة عمل الرجل ، وتحافظ عليها. الوجبات التي يتناولها والتي تعدها له الأم، أو الزوجة تدخل فى تكوين خلايا مخه، في عضلاته وشرايينه، وأعصابه التي يعمل بها ، وهي وجبات تستنزف من المرأة جهدا ، وتأخذ من تفكيرها ، وطاقتها ، ومع ذلك لا تتقاضى مقابلها أجرا. إنها تدخل في صميم قوة العمل التي يبيعها الرجل في سوق العمالة، أو التي يوظفها لذاته إن كان من أرباب العمل، أو من أصحاب المهن، أو الحرف . إنها جزء لا يتجزأ من صيانتها ، وتجديدها تجعلها قادرة على الاستمرار في الإنتاج ، وبدونها تنتهى قوة العمل وتصبح عاجزة عن القيام بمهامها. ولكن رجال الاقتصاد يصرون على إهمالها حتى الآن، ولا يسعون إلى تطوير أدواتهم حتى يستطيعوا تقييمها كجزء من قوة العمل الصانعة للقيمة.
ليس هذا فحسب فالمرأة هى الخالفة لقوة العمل ، وعمليات إعادة إنتاج القوة البشرية تعتمد حتى الآن على المرأة أساسا لأنها هي التي تنجب الأطفال، وتقوم على تنشئتهم ورعايتهم حتى يكبروا وينضموا إلى سوق العمل وهذه الجهود اللازمة لإعادة إنتاج القوى العاملة لا تحظى باهتمام الاقتصاديين والباحثين حتى الآن رغم أنها ركن أساسي من أركان المنظومة الاقتصادية الاجتماعية التي نعيش في ظلها. إنهم يدرسون حركة البورصات والأسهم والسندات وأسعار الفائدة، أما حركة البشر فلا تهمهم في شئ ، فكل ما يتعلق بالمرأة تحصيل حاصل لا يستحق الاهتمام ، ولا يحتاج إلى أن نتساءل عنه . إن المرأة لم تدخل في الدراسات التي أجريت ، أو تجرى عن المجتمع الرأسمالي، خلال مراحله ، وتطوراته المختلفة ، حتى من جانب اقتصاديي اليسار الذين يكتبون عن السعي نحو المساواة بين كل البشر.
فالمرأة لها وضع خاص في البنية الاقتصادية الاجتماعية يختلف عن وضع الرجل ولذلك يستحق أن نتوقف عنده . إنها تقوم بأعمال حيوية دون أجر، بينما الرجل لا يقوم بعمل إلا إذا تقاضى عنه أجرا ، أو دخلا . ومع ذلك فعملها يدخل في دائرة رأس المال لأنه يصنع قيمة، ويشكل جزءا مهما من عملية التراكم التي صنعت الرأسمالية فى مختلف مراحلها ، والتي توجت بتكوين الشركات متعددة الجنسية وظاهرة العولمة التي نشهدها اليوم.
هذا الفارق الجوهرى بين الرجل والمرأة في العمل هو سمة من سمات المجتمع الطبقى الأبوى الذي نعيش في ظله ، ورثناه منذ عصور العبودية في التاريخ . فالعبد وحده هو الذي يقوم بعمل بدون أجر، وإنما مقابل الإعاشة التي تسمح له بالبقاء على قيد الحياة، والقيام بالجهود التي يطلبها منه مالكه ، أو سيده في الحقل ، أو المنجم، أو الحرفة ، أو لخدمته في العزبة، أو البيت . والمرأة كذلك تقوم بالعمل في البيت ، وأحيانا خارجه مقابل إعاشتها . وكانت كلمة «فاميليا عند الرومان تعنى ما يملكه الرجل من حيوانات وعبيد، ونساء».
في عصر الصناعة الرأسمالية الأولى والمراحل التي تلته دخلت أعداد متزايدة من النساء إلى سوق العمل وعلى الأخص أثناء الحروب .وفي عصر العولمة الذي نعيشه الآن نشهد من جديد حركة جذب قوية للمرأة إلى العمل كجزء من التراكم المضاعف الذى تسعى إليه الشركات المتعددة الجنسية. فالمرأة من وجهة نظر هذه الشركات أفضل من الرجل في كثير من الأعمال . إنها مطيعة لا تنتمى إلى منظمات نقابية أو روابط من أى نوع إلا نادراً ، أجرها أقل ، تقبل ما لا يقبله الرجل، وتصلح للعمل جزءا من الوقت في القطاع غير الرسمى ، أو في الحرف ، أو للصناعات المكملة ، أو الخدمات . أو في الأشياء التي تنتج في البيت حيث يوجد تقارب بين الأعمال المنزلية وكثير من الأنشطة الإنتاجية التى انتشرت فى السوق . ونشهد هذه الظاهرة في بلاد العالم الثالث وكذلك في بلاد العالم الأول بين الجماهير الفقيرة وبالذات المهاجرين أو الذين ينتمون إلي الأقليات الذين لا تتوافر لهم أية ضمانات تعاقدية ، أو تأمينية أو صحية . وعندما حدث الهجوم الرأسمالي على ضمانات العمل الاجتماعية أثناء حكم ريجان في أمريكا ، وتاتشر في إنجلترا ، نزلت المرأة إلى سوق العمل بأعداد متزايدة لتعوض ما فقده رجال الأسرة نتيجة البطالة، أو تقليص الضمانات والميزات التي كان يتمتع بها .
================================================== من كتاب : " العولمة والاسلام السياسى " 1999 كتاب الأهالى
=======================================



#شريف_حتاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العولمة والحرب الصليبية الجديدة
- العولمة والفكر فى مصر
- الاعلام وبرمجة الانسان
- اسلام مجاهدى خلق
- شفافية أم تغطية ؟
- عمل المرأة فى العولمة
- حول الاقتصاد العالمى الجديد
- لحظات من الدفء فى بلاد الثلج
- حديث الهجرة
- أحاديث الترحال
- ليس مهما جواز السفر
- فى سوق الخلفاوى
- هل يمكن أن نصنع مواطنا عالميا ؟
- بنات الباليه المائى وبائع الخس
- دفن - ذات - المرأة فى عيدها العالمى
- بابل
- عودة الحرباية
- ثلاثة أيام فى تونس الخضراء
- تأملات فى صورة
- لماذا يبعون ؟؟ يوميات أستاذ زائر


المزيد.....




- عندما راجع كاميرا المراقبة كانت الصدمة.. شاهد كيف كشف رجل سر ...
- محمد بن زايد والسيسي يشهدان إعلان مخطط -رأس الحكمة-.. وهذا م ...
- -وُلدت خلال الحرب وقُتلت بعد أشهر-.. جدة تنعى حفيدتها بعد غا ...
- من بدائية إلى -مدينة صواريخ-.. هل تحولت أنفاق وملاجئ حزب الل ...
- خامنئي: الهجوم الصاروخي على إسرائيل مشروع تماماً، وإسرائيل ت ...
- نازحون يعبرون الحدود سيرًا على الأقدام بعد غارة إسرائيلية قط ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عسكريين وإصابة 23 آخرين جراء هجوم ...
- لافروف: الغرب يمنع تنمية أفغانستان
- مصر توجه رسالة جديدة للبنان بعد الاعتداءات الإسرائيلية
- مراسل RT: انفجارات عنيفة تهز العاصمة اليمنية صنعاء (صور)


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شريف حتاتة - المرأة من العبودية الى العولمة