اليوم الثامن


فوز حمزة
2024 / 5 / 24 - 13:06     

وأنا أنعطف إلى الشارع المؤدي نحو مطعم المدينة، هالني ما رأيت، لقد تشابهتْ البنايات إلى حد ملفت للنظر، بينما خلو المكان من الناس والسيارات زاده وحشة وغموضًا باستثناء كلب أسود كان يتبعني.
هبط الظلام وخيم المساء قبل عثوري على المطعم.
مساحة المطعم الصغيرة أشعرتني بالحميمية، النباتات الخضراء المنتشرة في الأركان و قطع السجاد المعلقة على الجدران، تدل على الذوق والأناقة.
خلعت معطفي قبل جلوسي في مكان بعيد.
ثمة رجل يجلس وحيدًا على كرسي من الخيزران المطعم بالبرونز، بينما باقي الكراسي قد صُنعت من السنديان، بدا لي الرجل مضطربًا، يوزع نظراته بين الباب والنافذة التي وقفت خلفها حمامة بيضاء.
قلت لنفسي: ربما ينتظر امرأة تأخرت عليه، مثلما تأخر حبيبي الذي تواعدت معه.
أشار للنادل وطلب شايًا. بدأ ينفث دخان سيجارته التي كانت في يده الشمال، بينما سحب بيده اليمين منديلًا ورقيًا وبدأ يمسح دموعه.
بغياب النادل، سمحت لنفسي بالسير نحوه وسؤاله إن كان يرغب بمساعدة.
لم يُجبْ، كأنه لا يراني.
لحقت بالنادل أسأله عن الرجل الغريب.
قال لي بصوت منخفض:
- حبيبة هذا الرجل دهستها سيارة وهي في طريقها إلى المطعم. كان معها كلبها، منذ ذلك النهار يأتي كل يوم يبكي رحيلها.
اندهشت من النادل وهو يروي لي الواقعة كأنها شيئًا عاديًا.
التفتُ، لم أجد الرجل، التفت ثانية للنادل، لقد اختفى هو الآخر.
لم يكن في المطعم غيري، شعرت بدوار في رأسي وأفكار غريبة تتجاذبني، ذهبت لدورة المياه لأغسل وجهي، فزعت مما رأيت، لم أجد انعكاس وجهي حينما نظرت في المرآة.