آدم الأخير


فوز حمزة
2024 / 5 / 21 - 11:45     

أخرج آدم المسدس الذي كان يخبئه في خزانة الأحذية، أخذ يقلّبه بين يديه مرددًا مع نفسه: إنها الرصاصة الأخيرة، على مَنْ سأطلقها؟
جميع السبل أغلقتْ أمامه، سدوا عليه كل المنافذ وتركوه في دائرة مغلقة، أقدامه مقيدة، يستطيع فقط تحريك رأسه ليدرك أن لا شيء يحيط به سوى المجهول.
مَنْ سيقتل بتلك الرصاصة؟
ترك الأمر لمشاعره التي أشارت إلى زوجته التي علِم بخيانتها له منذ زمن وحينما عرفت بانكشاف أمرها، لم تبالِ، اكتفت بهز أكتافها ولوي شفتيها.
ليست سوى لحظات تفصله عن استرداد الكرامة..
مرر أصابعه فوق المسدس قبل نهوضه من مكانه ليتوجه إلى غرفة النوم، عليه الاستسلام لأفكاره بسرعة وتنفيذها قبل استيقاظ الخانع الذي يسكنه ويقيد يداه.
وهو يضع يده على مقبض الباب، في تلك اللحظة تراءت له صورة رئيسه في العمل، يقهقه بصوتٍ عالٍ، يسخر منه دائمًا لأنهما تخرجا معًا من الجامعة، لا زال هو موظفًا يتقاضى راتبًا شهريًا، والأخير يقدم بمثل هذا الراتب هدية لإحدى عشيقاته.
بدأ في وضع الخطة وتنفيذها لولا أنه تذكر أنها الرصاصة الأخيرة، عليه اختيار مَنْ هو كفء لها.
فكر في قتل الرئيس، ابتسم للفكرة التي جملت نفسها له، سخريته منها جعلتها تتعرى في الحال وتتسرب. إنها الرصاصة الأخيرة، سأقتل بها صديقي الذي سرقني، لا! بل جاري الذي وشى بي!
لمعت عيناه فجأة، سأقتل بها رجال الدين ثم تنهد بعمق وانتفض وقد صدح بصوت مدوي، سأقتل الدين بدل رجاله، ماذا عن طبيبه الجشع؟ سأقتل الأستاذ الجامعي الفاسق الذي كان يدرّسني!
وقف أمام المرآة، حدّق طويلًا في وجهه وعينيه الغائرتين.
صوب المسدس نحو جبينه محدثًا نفسه:
هؤلاء جميعًا في رأسي، وهذه هي الرصاصة الأخيرة!