مقامة حكايات دبلوماسية .


صباح حزمي الزهيري
2024 / 4 / 6 - 03:47     

مقامة حكايات دبلوماسية :
عام 1989 عقد مؤتمر قمة عدم الأنحياز في زمبابوي ( روديسيا ) سابقا , سافرنا من بغداد مع وفد ال juniors) ) اي صغار الدبلوماسيين المعنيين بالتهيئة ولجنة صياغة قرارات وزراء الخارجية ليصادقوا عليها ويتلوها, كتهيئة لقمة الرؤساء .
كان العراق نجم ألأجتماع بعد ان خرج منتصرا من الحرب العراقية الأيرانية , وكان من اعضاء الوفد الذين أذكرهم ألأستاذ ناجي الحديثي والدكتور محسن الموسوي و د. سمير النعمة قادما من نيويورك , أضافة لسفيرنا في هراري العاصمة ألأستاذ عصام محبوبة .
أقام السفير محبوبة دعوة غذاء في منزله للوفود العربية , حضرها معظم الوزراء الموجودين ووكلائهم , كان منزل السفير قصر كبير وفخم اشتراه العراق من صاحبه الذي ترك البلاد بعد انتصار الثورة الزمبابويةعلى نظام روديسيا العنصري , مساحته بالدوانم تحيطه حديقة واسعة , وكان الجو حينها ربيعيا ساحرا بحيث فتحت ابواب غرف القصر على الحديقة وحوض السباحة , كان في الدعوة كل مالذ وطاب , والجلسة حميمية , كان الجميع يتحدثون وكأنهم ساهموا بأنتصار العراق , د. عصمت عبد المجيد وزير خارجية مصر والسفير عمر موسى بقفشاته الظريفة , وسفير الكويت في نيويورك محمد ابو الحسن , وكثيرين ممن شاهدتهم في مؤتمرات سابقة قد وقفوا وتحركوا لصياغة مواقف وبيانات مساندة للموقف العراقي .
بعد الغذاء وانتهاء الحديث عن التحركات السياسية المطلوبة وتنسيقها لمواجهة خطط ايران السياسية لأستثمار انعقاد المؤتمر والتحوط لها , بدأت الحوارات تتجه الى التنكيت والقفشات التي قادها ألأخوة المصريون , وأصبح الجو ساخرا شارك في الضحك كبار وصغار الدبلوماسيين ( seniors and juniors ) , هنا أنبرى السفير عصام محبوبة ليدلي بدلوه ( وهو كرادي أصلي يتحدث ألأنكليزية والفرنسية بطلاقة , ومن كوادر الخارجية العراقية المرموقين ) , فحكى نكته مفادها : أنه كانت لسيدة انكليزية ثلاث بنات تزوجن في ليلة واحدة وسافرن لقضاء شهر العسل في احدى الجزر النائية , ولما كانت السيدة تريد معرفة نتائج الليلة الأولى لكل منهن فقد طلبت أن ترسل كل واحدة برقية رمزية توضح النتيجة , في اليوم التالي رن جرس الباب , فكان موزع البريد الذي ناولها برقية البنت الكبرى , كان نص البرقية كلمة واحدة ( Rothman ) , وهي ماركة سجائر معروفة حينها , لم تفهم المغزى ألا انها بعد ان جلبت علبة السجائر وقرأت عبارة ( King Size ) فهمت وأرتاحت .
البرقية التالية كانت من البنت الوسطى و كانت ايضا من كلمة واحدة ( Nescafe ) وهي اسم القهوة الشهيرة , لم تفهم المعنى وبدأت تقلب بعلبة القهوة كثيرا , وحين كانت هناك جملة مكتوبة بأحرف صغيرة أضطرت لجلب نظاراتها لقرائتها وجدتها تقول :
Delicious to last drop) ) فهمت وفرحت .
البرقية الثالثة تأخرت كثيرا , وأستغرقت النهار بأنتظارها , كتبت ابنتها الصغرى عبارة لوفتهانزا ( Lufthansa ) وهي شركة طيران معروفة , الا انها لاتدل على شيء ولايمكن فهم مغزاها , وظلت في حيرة الى ان توصلت لحل هو ان تتصل بفرع الشركة في لندن علها تفسر البرقية , عندما استخرجت رقم هاتف الشركة من الدليل ودورت الرقم فوجئت بالسكرتير الآلي للشركة يقول :
Lufthansa, every minute one up one down ) ( , فهمت وأرتاحت ونامت ملء الجفون.
كانت أيام عمل وفرح لم يطول.