عن روما القديمة وعن ترامب الآتي وعن مجلس الإنقاذ


جعفر المظفر
2024 / 2 / 1 - 16:50     

أول ديمقراطية مؤسساتية كانت قد نشأت في روما التي بنت امبراطوريتها الخلف لدولتها السابقة قبل ستة قرون من ميلاد السيد المسيح.
الحُكم في تلك الإمبراطورية كان قد آلَ إلى مجلس الشيو خ ورئيسه الذي يتبدل في كل عام, والشيخ في اللاتينية التي كانت لغة روما في البدايات تعني (السَنًت) ومنها اشتقت كلمة السناتور.
المثير هنا أن دستور تلك الديمقراطية كان أقرّ أن ينصب على قيادتها دكتاتوراً لفترة ستة أشهر (رجل انقاذ) كلما استدعت الحاجة, وذلك لغرض اجراء اصلاحات فورية لا تتطلب على الأقل الخضوع لبيرقراطية مجلس الشيوخ, أو أن تتخذ لها مكاناً في جدول العرض الذي ربما يستغرق شهوراً أو حتى سنوات, على أن يعود الحكم مرة أخرى ديمقراطياً ويعود مجلس الشيوخ إلى دوره السابق في حكم البلاد. وقد جرى الأمر على هذه الشاكلة قبل إختيار يوليوس قيصر دكتاتوراً , والذي أغتيل بعد ذلك على يد الشيوخ أنفسهم وفي داخل مجلسهم الموقر !.
أما الرئيس ترامب الذي يتطلع إلى ولاية ثانية على حساب بايدن الديمقراطي فقد صرح في احدى جولاته الانتخابية الأخيرة أنه سيطلب من مجلس الشيوخ منحه شرعية الحكم كدكتاتور لمدة يوم واحد, على أن يعود البلد إلى ديمقراطيته مرةاخرى.
وأجزم أن يوم ترامب الدكتاتوري سيكون على شاكلة (ألف سنة مما تعدون) وذلك بحساب ما سيقره من قوانين لتفيذ أغلب فقرات إختلاف الحمهوريين مع الديمقراطيين من جهة واختلاف الترامبيين مع الجمهوريين على الجهة الأخرى.
وإن من ضمن المختلَف عليه هنا قضية الجدار مع المكسيك ومعضلة الهجرة غير الشرعية التي وصلت إلى حدود العشرة آلاف يومياً, والتي تتضرر منها ولاية تكساس بشكل خاص وصار من تأثيرها نشوء تيار محافظ يطالب بالإستقلال عن الفدرالية الأمريكية, إضافة إلى قضية الإجهاض التي يقف ضدها الجمهوريون بشكل صارم. وهناك الإصلاحات الإقتصادية التي تتناول بداية نظام الضرائب, وتقديم حل سريع لقضية الحرب الروسية الأوكرانية التي وعد ترامب بإيقافها خلال يوم واحد, وأيضاً على صعيد العلاقات مع إيران وخاصة بما يتعلق بالملف النووي.
أما فيما يتعلق بمشروع الدولتين المقترح كحل لقضية الصراع الفسطيني الإسرائيلي فمن المتوقع ان ينقلب السيد ترامب عليه لأنه محسوب على تيار الصهيونية المسيحية البروتستانتي أكثر من بايدن الكاثوليكي, وعندها فإن من المتوقع ان يكون مشروح حل الدولتين من أحلام الماضي. كما وسيأتي إنتخاب ترامب في صالح نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف (إبن غفير مثالاً), الذي أعتبر منح الفلسطنيين 22% فقط من أراضيهم المحتلة وذلك وفق (اتفاقية أوسلو) خيانة للدولة الصهيونية وتخلٍ عن التوراة المقدسة التي تقر امتدادالدولة الإسرائيلية من النيل إلى الفرات وإلغاء (ما يسمى) بالشعب الفلسطيني.
عراقياً من الواضح أن مجلس الإنقاذ المقترح كحل للقضية العراقية والحاجة إلى الدكتاتور العادل ليسا مشروعَيْن عراقيَيْن خالصين وإنما هما يمتدان إلى عمق التاريخ ولو بصيغ وتوقيتات مختلفة.