-زلزال 8 شتنبر 2023 بالمغرب: بين الجغرافيا والتاريخ والثقافة والتنمية المحلية المستدامة-. (1)


الحسين أيت باحسين
2023 / 11 / 29 - 20:54     

ⴳ ⵓⵎⵣⵡⴰⵔⵓ : ⴰⵔ ⵙⵏⵉⵎⵎⵉⵔⵖ ⴰⵙⵉⵏⴰⴳ ⴰⴳⵍⴷⴰⵏ ⵏ ⵜⵓⵙⵙⵏⴰ ⵜⴰⵎⴰⵣⵉⵖⵜ ⴼ ⵜⵖⵓⵔⵉ ⵏⵏⵙ, ⴼ ⴰⴷ ⴰⵡⵙⴰⵖ ⵖ ⵓⴽⵜⵜⴰⵢ ⴰⴷ ⵡⵉⵙⵙ ⵜⵙⵓⵜⵍⵜ ⵜⵉⵙ� ⵉⵙⴳⴳⵯⴰⵙⵏ ⴼ ⵉⵏⴰⵡ ⵏ ⵓⴳⵍⵍⵉⴷ ⴳ ⵓⵊⴷⵉⵔ-
ⴰⵔ ⵙⵏⵉⵎⵎⵉⵔⵖ ⵓⵍⴰ ⴰⴽⴽⵯ ⵎⴰ ⴷⴷ ⵖⵉⴷⵉⵎⵓⵏⴻⵏ
ⵖ ⵜⴳⵉⵔⴰ : ⴰⵢⵢⵓⵣ ⵉ ⵇⴰⵃ ⵜⵉⵍⵍⵉ ⴷ ⵡⵉⵍⵍⵉ ⵢⵓⵎⵥⵏ ⵜⵉⵙⵎⵖⵓⵔⵉⵏ ⵙ ⵓⵎⴰⵜⴰ ⵢⴰⴷ.

بداية أشكرالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على دعوته للمساهمة في تخليد الذكرى 22 للخطاب الملكي السامي بأجدير؛
كما أشكر كل الحاضرين؛
وأخيرا أهنيء كل الحاصلات والحاصلين؛ بهذه المناسبة؛ على الجوائز.

أولا: حول هوية الزلزال:
يقول الخبراء في مجال الجغرافيا والجيولوجيا بأن زلزال 8 شتنبر 2023 بالمغرب حدث نتيجة لصدع مائل ضحل تحث سلسلة جبال الأطلس الكبير؛ في "ئغيل" كمركز بؤرة الزلزال وكجماعة قروية في إقليم الحوز؛ ليأتي الإعلام العمومي والمدني برزنامة / برزمانة من أسماء ونعوث واصطلاحات للزلزال، تستدعي مدخلا اصطلاحيا.
فحين زلزلت الأرض زلزالها، تساءل قليل: ما لها؟ وتبارت الأغلبية على هوية الزلزال.
وفي ما يلي نستعرض "هوية الزلزال" كما وردت في بعض وسائل الإعلام الوطني، ثم نتطرق لتسمية "تالات ن يعقوب" كما وردت كتابتها وتمَّ نطقها وتحريفها وتأويلها في بعض وسائل الإعلام:

حول "هوية الزلزال" كما وردت في بعض وسائل الإعلام الوطنية:
1- "زلزال ئغيل"؛
2- "زلزال تالات ن يعقوب"؛
3- "زلزال الحوز"؛
4- "زلزال حاوز مراكش"؛
5- "زلزال المغرب "2023"؛
6- "زلزال 8 شتنبر 2023 بالمغرب"؛
7- "زلزال الأطلس" (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية IRCAM "إركام")،
8- "زلزال أدرار ن درن".

"تالات ن يعقوب" كما وردت كتابتها وتمَّ نطقها وتحريفها وتأويلها في بعض وسائل الإعلام:
"تالات ن يعقوب" كما تمَّ نطقها ووردت كتابتها في بعض وسائل الإعلام:
تلات ن يعقوب؛
تالات ن يعقوب؛
تلات نيعقوب.

"تالات ن يعقوب" كما تمَّ تحريفها وتأويلها في بعض وسائل الإعلام:
- "الثلاثاء ن يعقوب"، يعتقد من استبدل "تالات ن يعقوب" ب "الثلاثاء ن يعقوب" أن هذا الموقع ينعقد فيه سوق أسبوعي يوم "الثلاثاء"، وهذا غير صحيح، إذ ينعقد فيه السوق الأسبوعي يوم "الأربعاء"؛
- "تالات ن يعقوب" تاسوقين خلال الأسبوع، المعتقد من طرف هذه الفئة أن "تالات ن يعقوب" تنعقد فيه، خلال الأسبوع، أسواق صغيرة (تاسوقين)؛
- "تالات ن يعقوب" سوق أسبوعي، هذه الفئة تميل هي أيضا إلى أن "تالات ن يعقوب" سميت كذلك لكونها ينعقد فيها سوق أسبوعي يوم "الثلاثاء"؛
من خلال النطق المحلي والسليم لتسمية: "تالات ن يعقوب"، واستقصاء لحقيقة اليوم الذي ينعقد فيه السوق الأسبوعي؛ وهو يوم "الأربعاء"؛ يتبين أن التحريف يطال النطق والكتابة وويتعدَّاهما إلى تحريف الدلالة التي تنغمس في الوهم ولا تتأسس على الواقع.

"تالات ن يعقوب" بين التأويل الوهمي والدلالة التاريخية:
- "... يعقوب" ــــــــ تذهب إحدى الروايات الشفوية إلى أن وافدا يهوديا على المنطقة إسمه "يعقوب" استقر بهذا الموقع "تالات" فنسبت إليه وَسُمِّيت باسمه: "تالات ن يعقوب"؛ وهو تأويل وهمي.
- "... يعقوب" ـــــــ بينما تحتفظ الذاكرة المحلية بكون يعقوب المنصور الموحدي كان يتخذ هذا الموقع "تالات" كرباط لجيوشه كلما استقر ب"تينمل"؛ الغير البعيدة عن الموقع؛ فنسب إليه وسمّي باسمه: "تالات ن يعقوب" واتخذ كدلالة تاريخية.

ثانيا: حول هوية الأطلس الكبير":
إن "الأطلس الكبير" ليس مجرد جبال؛ إنه ذاكرة وتاريخ ووجدان؛ تتقاطعه الجيولوجيا والإيكولوجيا، التاريخ والميثولوجيا، الجغرافيا والأيديولوجيا؛ وغيرها من الثنائيات التي تشكل ذاكرته وتاريخه جاعلة إياه؛ يتأبط أعطاب التنمية المحلية؛ لكونه؛ في نفس الوقت؛ مجالا جبليا ومجالا قرويا، يندرج ضمن ما سُمّي ب "حزام الفقر".
لنستحضر ما قاله "إيميل لاووست" عن "أدرار ن درن" (الأطلس الكبير):

« Adrar n Deren » – Emile LAOUST

« Les Berbères entendent par Adrar n Deren la partie du Haut Atlas comprise entre le Tizi n umachou et le Tizi n Tlwat appelé par les anciens cartographes la Porte du Deren (...).
Le Deren n est plus pour nous la montagne pleine de mystère qu il évoquait dans l antiquité ». (2)

يقصد "الأمازيغ" (3) ب "أدرار ن درن" الجزء من الأطلس الكبير الواقع بين "تيزي ن أوماشو" و"تيزي ن تلوات"، والذي يطلق عليه رسامو الخرائط القدماء "بوابة درن" (...).
لم يعد "درن"، بالنسبة لنا، الجبل المليء بالأسرار التي أثارها في العصور القديمة. (4)
ولنستحضر أيضا :
- صورة وأسطورة اليونان المتعلقتين ب"أطلس يحمل الكرة الأرضية"، (يمكن العودة إلى تلك الصورة وتلك الأسطورة في المصادر والمراجع اليونانية التي تتطرق لاسم "أطلس"؛
- وصورة صراع بين هيراقل وعنتي؛ حيث كلما كاد هيراقل أن يخنق أنفاس "عنتي" الأمازيغي، واستطاع هذا الأخير أن يلمس "الأرض"، يستعيد "عنتي" قوته؛ ولم يستطع "هيراقل" أن يخنق أنفسه إلا حين لامس السر في استعادة "عنتي" قوته كل حين، ففصله عن "الأرض" وتمكن من خنق أنفاسه.

ثالثا: بين الزلزال الطبيعي وزلزال الذاكرة:
لكن لا ينبغي أن تنسينا هذه الفاجعة والنكبة والكارثة الأسماء المرتبطة بالذاكرة والثقافة والتاريخ، إذ على كل إعادة إعمار أن يعمل على الحفاظ على الذاكرة الإسمية الناطقة باللغة والثقافة والهوية والتاريخ والحضارة المغربية. فمن حيث المقاربة الطوبونيمة، المناطق المنكوبة تتحدث الأمازيغية؛ لكن الإعلام، في مجمله، حَرَّف بعض الأسماء، وتجنب تسميات جل المناطق الناطقة بالأمازيغية؛ لا أجزم بأن ذلك حدث عن قصد لكنه يضيف لمأساة الزلزال الطبيعي زلزالا لغويا وثقافيا وبالتالي زلزالا هوياتيا وتاريخيا وحضاريا.

رابعا: الموروث الثقافي بين الإعصار الزلزالي والقيم الأصيلة:
تجدر الإشارة إلى أن تدبير المغاربة وصمودهم أمام هذا الإعصار الزلزالي؛ المتمثل في تداعيات تأثر البنيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الكارثة وآثارها؛ يمتح (هذا التدبير) رصيده من الموروث الثقافي المادي واللامادي العريق والأصيل؛ يتمثل في قيم التضامن والتآزر والتعاضد المحايثة؛ بدورها؛ في كثير من عادات وتقاليد وطقوس وأعراف المغاربة.

خامسا: انتظارات المنكوبين بين مرحلة الإنقاذ وبين أعطاب التنمية المحلية المستدامة:
على سبيل الختم؛ وبعد مرحلة الإنقاذ؛ تلوح في الأفق المنظور وغير المنظور، إشكالات بلورة الآفاق والتحديات وانتظارات المنكوبين المتعلقة بإعادة التأهيل، وتنبجس أسئلة وتساؤلات أولية حول الرهانات الأساسية المرتبطة بالتنمية المحلية المستدامة، وكذا التساؤلات حول العدالة المجالية في ظل آفاق تفعيل الجهوية، وفك العزلة عن قمم الجبال والوديان العميقة، وعن العالم القروي، باعتماد مقاربة تشاركية بين كل من يهمه أمر إعادة الإعمار: الخبراء، الساكنة المنكوبة، السلطات العمومية، المجتمع المدني في إطار الإنصات المتبادل. إن التنوع الجغرافي والجيولوجي والإيكولوجي والثقافي والسوسيولوجي؛ للمغرب عامة وللمنطقة المنكوبة خاصة؛ يستدعي تنوع التساؤلات والأسئلة ولا يستسيغ نفس الحلول أو الحلول المستوردة. فأعطاب التنمية المحلية، قبل الزلزال كانت هشة، وبعد الزلزال أصبحت أكثر هشاشة.
فرحمة الله على الشهداء، والشفاء العاجل للجرحى، ودوام الطمأنينة للناجين، ومزيدا من التضامن والتآزر والتعاضد والعدالة الاجتماعية والمجالية للمغاربة كافة.

الحسين أيت باحسين
باحث في الثقافة الأمازيغية
الرباط: 18 أكتوبر 2023

(1) في إطار تخليد الذكرى الثانية والعشرين للخطاب الملكي السامي بأجدير؛ الذكرى التي ينظم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمناسبتها مائدة مستديرة في موضوع: "الثقافة الأمازيغية وتداعيات زلزال الأطلس"؛ وذلك يوم الأربعاء 18 أكتوبر 2023 بمقر المعهد، ابتداء من الساعة الثالثة بعد الزوال، بمقر المعهد.


---------------
(2) Emile LAOUST (1942) Contribution à une étude de la toponymie du Haut Atlas (Adrar n Deren) d après les cartes de Jean DRESCH. Extrait de la Revue des Etudes Islamiques, Année 1939, Cahiers III-IV - 1940, Cahiers I-II, Paris, Librairie orientaliste, Paul Geuthner, 12, rue Vavin, VI, 1942, p.2.

(3) استعمل إيميل لاووست مصطلح "البربر".

(4) إميل لاوست (1942) مساهمة في دراسة أسماء المواقع الجغرافية في الأطلس الكبير (أدرار ن درن) حسب خرائط جان دريش. مقتطف من مجلة الدراسات الإسلامية، سنة 1939، المجلدان الثالث والرابع – 1940، المجلدان الأول والثاني، باريس، مكتبة المستشرقين، بول غيثنر، 12، شارع فافان، 6، 1942، ص 2