أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - العالم بتغيّر














المزيد.....

العالم بتغيّر


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 7579 - 2023 / 4 / 12 - 16:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العالم يتغيّر بشكل جذري.
لقد اختفى النظام العالمي ثنائي القطبية منذ سقط جدار برلين. وانفردت الولايات المتحدة الأمريكية بالعالم لمدة ثلاثين عامًا. وبزغ خلال السنوات القليلة الماضية نظام عالمي متعدّد الأقطاب، ثم بدأ بالتشكّل على نحو واضح مع إنشاء مجموعة "بريكس" ككيان اقتصادي يسعى لتغيير قواعد النظام الدولي، ونقله من منطق الهيمنة إلى منطق التعاون، حتى تستطيع البشرية مواجهة التحديات البيئية والجيوسياسية والاقتصادية والمجتمعية والتكنولوجية.
فهذه التحديات التي تواجه البشرية قاطبة، تتجاوز الحدود والثقافات ومجالات النفوذ. ولذلك ولدت مجموعة ال"بريكس" مختلفة تماما عن بقية التكتلات الرأسمالية والمنظمات والأحلاف العسكرية الاستعمارية التي تحكمت في الساحة الدولية منذ آواخر القرن التاسع عشر.

هذه الدول الخمس: روسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا والبرازيل، متباعدة جغرافيا ومختلفة حضاريا فيما بينها. وتشترك جميعها في كونها لا تنتمي إلى دائرة "الحضارة الغربية"، بل تُشكِّل مزيجاً متميزاً من حضارات مختلفة: الحضارة الشرقية العريقة الهندوسية. حضارة الصين البوذية. الحضارة السلافية الأرثوذكسية المتميزة عن الشرق والغرب معاً في روسيا. الحضارة اللاتينية البرازيلية المتميزة عن الجميع. والحضارة الأفريقية في جنوب أفريقيا.
أما الرابط السياسي الذي نشأت على أساسه هذه المجموعة المتفرقة جغرافيا، فهو حتمًا رفض الهيمنة الغربية، التي تسببت في إغراق البشرية في أزمات وحروب ومآسي لا تُحصى ولا تُعدّ.

منذ عام 2014، بدأت مجموعة البريكس في إنشاء مؤسساتها المالية الخاصة، البديلة عن عناصر النظام الدولي الحالية. فدشنت "بنك التنمية الجديد" برأس مال ابتدائي قدره 50 مليار دولار كبديل على البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. ثمّ أنشأت "صندوق احتياطي للطوارئ" لدعم الدول الأعضاء التي تكافح من أجل سداد الديون، وتجنّب النّهب الذي عانت منه تحت وطأة برامج التقشف القاسية التي فرضها صندوق النقد.

من الناحية الدبلوماسية، رسمت الحرب في أوكرانيا خطا فاصلا بيِّنًا بين روسيا المدعومة من الشرق من جهة، وبين الغرب من جهة أخرى. ولقد رأينا كيف نأت دول مجموعة "بريكس" بنفسها عن السياسة العدوانية التي انتهجتها الولايات المتحدة والاتحاد الأروبي. فلم تشارك في تطبيق العقوبات التي فُرضت ضد روسيا. بل ارتفعت مستويات تجارتها مع روسيا إلى معدلات غير مسبوقة خاصة الهند والصين.

ملاحظة أخرى جوهرية تدعو للتّأمّل، وتوحي بأن هذه المجموعة لا تحمل مشروعًا مُربحًا لأعضائها فحسب، بل تحمل مشروعا للإنسانية، هي انتصار البُعد السياسي على البُعد الرّبحي المباشر، بدليل التباعد الجغرافي، والتفاوت الاقتصادي الكبير بين هذه الدول. فللصين 64.5٪ من إجمالي الناتج المحلي لبلدان مجموعة البريكس. والهند (14.07٪)، والبرازيل (11.06٪)، وروسيا (8.22٪) وجنوب أفريقيا (1.88٪) فقط.
وهذا يعني أن الغاية البعيدة هي إنهاء الهيمنة الغربية، وإعادة توزيع جديد للقوى في العالم، وتأسس نظام دولي آخر، تُشكِّل "بریکس" أحد أهم أقطابه ومحددات تطوره في اتجاه إحداث نوع من التوازن، وخلق سياسة عالمية جديدة تقوم على التعاون والتنمية، بدل سياسة النهب وعسكرة العالم وإشعال الحروب.

ولأن مجموعة "بريكس" ليست كيانا عدوانيا، وليست معادية للغرب، بقدر ما هي مناهضة لسياساته. فهي بمثابة منتدى لتحقيق مزيد من السيادة والاستقلال. فالذي يعني بلادنا في هذه المتغيرات الكبرى، هو أن وجود عالم متعدد الأقطاب سوف يصبُّ في مصالح الدول الضعيفة.

في مارس الماضي، قالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا "ناليدي باندور" إن الاهتمام العالمي بمجموعة "بريكس" أصبح "هائلا"، مشيرة إلى أن هناك 12 رسالة من دول أبدت رغبتها بالتعاون مع المجموعة. وقالت بأن "السعودية ضمن هذه الدول بالإضافة إلى الإمارات ومصر والجزائر والأرجنتين والمكسيك ونيجيريا. كما أضافت أنه "بمجرد تشكيل المعايير الخاصة بالإقراض، سنتخذ القرار بعد ذلك".

في هذا السياق، أمضت تونس سنة 2018 على اتفاقية الانضمام إلى مبادرة "الحزام والطريق"، وهذه المبادرة هي الأساس المادي الذي يقف عليه القطب الجديد. وفي إطار الأزمة الاقتصادية التي باتت تُهدّد تونس تهديدا جدّيًّا، سيما في ضوء الضغوط الغربية الرّامية لمزيد ارتهان البلاد لصندوق النقد الدّولي، من المهمّ أن تُقدّم السّلطات التونسية، على غرار الجزائر، رسالة انضمام لمجموعة البريكس، مصحوبة ببرنامج تنمية شامل للبلد، دون الدّخول في مواجهة مع أيّ طرف. فتونس قادرة بحكم موقعها الجيواستراتيجي بين عالمين، أن تستفيد في كلّ الحالات، ومن كلّ الأقطاب، شرط أن تتمسّك بسيادتها الوطنية، وتعرف كيف تُخاطب العالم.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد هو الأساس المادّي لحكم الأقليات المافيوزية في تونس من ...
- ضدّ التّضليل، ضدّ تزوير الذّاكرة.
- المتعاونون الجُدُد مع نظام الإرهاب والفساد.
- العَلمَنَة مسار تاريخي، وليست قرارًا إداريًّا.
- أحزاب القبيلة وحُكم الأقلّيات
- الإسلام السياسي والاستعمار، مشروع واحد.
- أُفول اليسار التّونسي على يد قيادات اليمينيّة.
- في غياب تحالف شعبي ديمقراطي، لا خيار إلا الرئيس
- حركة النهضة سقطت بسبب جرائمها
- هذا ما حدث في تونس
- برقية إلى شباب اليسار التونسي
- أزمة الأحزاب السياسية في تونس
- التدخل الروسي في أوكرانيا: هل هو غزو للأخت الصغرى؟ أم مواجهة ...
- هل يمكن الحديث عن أزمة في الإسلام؟
- حضور حركة النهضة، يساوي غياب المشترك الوطني.
- حركة النهضة أصبحت -مافيا- ولم تعُد حزبًا سياسيًا.
- ثورة، بلا ثوريين.
- نَكبتُها، في نُخْبَتِهَا، بما في ذلك الرّئيس.
- إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد.
- الاتحاد العام التونسي للشغل جزء من النظام العام ومحور توازن ...


المزيد.....




- بعد اعتراف طبيب بالذنب.. إليكم آخر تطورات قضية وفاة ماثيو بي ...
- شاهد.. فيديو يظهر انفجارات ضخمة في وسط بيروت
- لأول مرة..غارة إسرائيلية تستهدف قلب بيروت والصحة اللبنانية ت ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل عسكري وإصابة آخر بقصف إسرائيلي جنوب ...
- إعصار -كراثون- يصل تايوان: مقتل شخصين وإجلاء الآلاف في المنا ...
- تفاصيل جديدة: خامنئي حذر نصر الله قبل أيام من الاغتيال والأم ...
- ترقبا للرد الإسرائيلي...دعوات للتهدئة وتنديد بقصف بيروت
- ” ملتقى دعم المقاومـ.ـة” يطالب الجانب الرسمي ببناء رؤية وطني ...
- الأمين العام “لأخبار البلد”: الضربة الإيرانية أصابت الكيان ف ...
- مصر.. سر عمره 20 سنة سبب تخلص المتهمين من -طالب الرحاب-


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - العالم بتغيّر