أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - بين المونديال الكروي في الجنوب و المونديال الحربي في الشمال














المزيد.....

بين المونديال الكروي في الجنوب و المونديال الحربي في الشمال


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7447 - 2022 / 11 / 29 - 00:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما أعجب عالمنا المعاصر. و ما أغرب تناقضاته السياسية و الثقافيّة و الإيديولوجية و العقائديّة و القوليّة و الفعليّة .عالمنا اليوم ، وقع ضحيّة إنسان ساديّ المشاعر و الأفكار، أنانيّ المصالح و المنافع ، ميكيافيلي الوسيلة و الغاية .
ما أشبه الحرب بمقابلة في كرة القدم . فالحرب بين فريقين ، مثلما مقابلة كرة القدم بين فريقين ، لكن الاختلاف الوحيد بينهما ؛ هو الوسائل المستعملة ، و تكاليف البدايات و النهايات .
في مقابلة كرة القدم ، لاعبون لكل فريق ، و لكل منهما قائد محنّك . فيها نصر لطرف و هزيمة لطرف آخرأو تعادل بينهما . فيها الهجوم و الدفاع ، فيها البطاقات الصفراء و الحمراء ، فيها من يصاب بجروح طفيفة أو بليغة ، و ربّما إلى حدّ الموت . بين الفريقين حكم له صفارة ، يدير المقابلة بعدل و إنصاف ، و فيها البداية والمخالفات و التسلل و ضربات الجزاء و خطط و تكتيكات و مهارات و حيل و نهاية . و في مدرجات الملعب جمهور متفرّج و مشجّع ، ساخط حتى الثمالة أو راض حتى النخاع .
و هي الصورة نفسها في الحرب ، فهي تدور دوائرها و رحاها بين فريقين ، و لكل فريق قائد مجرّب و شجاع و مقدام ، لا يخشى الموت ، و لا هو عن المعارك محجام . و للحرب جمهور غفير ، و ضحايا أكثر ، و أهداف داميّة ، و كرتها رصاص و قنابل و طائرات و مدافع و صواريخ قصيرة المدى و بعيدة ، عابرة للبلدان و القارات . و في الحرب انتصار أو هزيمة أو تعادل أيضا . تبدأ بضربة واحدة ، أو قبسة عود ثقاب ، فتكبر وتنتشر نارها و لهيبها كالضباب في ليل صقيع . و إذا كانت مقابلة كرة القدم معلومة التوقيت ، و لها شوطان أو أربعة أشواط في حالة الإضافة ، فإنّ الحرب لها بداية معلومة ، لكنّ نهايتها مجهولة الحين .
و شاء القدر ، أن يجري ، في وقت واحد ، موندياليين مختلفين إلى حدّ التناقض المدهش ، واحد في الجنوب ، و الآخر في الشمال .. فالمونديال الكروي في الجنوب ، ففيه من البهجة و الفرح و الأنوار و الغناء و الحبّ و العشق ، ما يعجز اللسان عن وصفه .. أما المونديال الحربي في الشمال ، و على أرض أوكرانيا ، فطرفاه ، فريقان لا ثالث لهما : روسي معتد ، مغترّ بعدد جنوده ، و بقوته الماديّة و أوكرانيّ معتدى عليه . لا يملك من العدد و العدّة ، ما يملك خصمه الروسي ، و هما الفريقان المنشّطان لمقابلة الافتتاح و المقابلات التي تفضي إلى النهائي المرتقب ، عفوا للمعارك الضاريّة ، التي حصدت – و ستحصد – لا قدّر الله الآلاف و الملايين .
لا أدري ، لماذا صار الإنسان المعاصر يستهين بقتل النفس البشريّة ، ببرودة أعصاب مذهلة ، في زمن ادّعى فيه العصرنة ، و أسس منظمات حقوق الإنسان و الحيوان و الطبيعة . إنّه لأمر عجيب ، في هذا العصر الغريب . يجتمع العالم في شرم الشيخ ، لبحث ملّف البيئة ، بينما الإنسان ، الذي سُخّرت له تلك البيئة ، ليعيش فيه بسلام و أمان ، يُقتل ببشاعة و دون شفقة أو رحمة في الشمال و الجنوب على حدّ سواء . إنسان يموت في صمت ، لا يُسمع له غير أنين الاحتضار ، و أخوه في أوكرانيا يموت في صخب أتون حرب مجنونة ، يعلو فضاءها صراخ الاستغاثة و عويل الفقد و آلام الجراح . و كأن تلك الدول المهتمة بالبيئة و المناخ ، ترى بعين واحدة ، و تفكّر بنصف عقل أو ربعه . اجتمعوا من أجل ( السيّدة ) البيئة ، بينا الإنسان يُقتل بالرصاص و القنابل و المدافع في أوكرانيا ، و يموت جوعا و مرضا في الجنوب المُعدم . فلأجل من يجتمع هؤلاء القوم ( القادة ) ؟ أليس من أجل سعادة الإنسان و سلامة بيئته ، التي أمعن فيها فسادا ، و مناخه المحاصر تلوّثا ؟ أليس توقيف الحروب في أوكرانيا و في كل أنحاء الكوكب الأرضي أولى الأوليات ، و أوجب الواجبات ؟ أليس ، من الأفضل و الأقدس ، البدء في تدمير الأسلحة الفتاكة ، و تطهير الأرض من أسلحة الدمار الشامل ؟ إنّ العالم المعاصر ، في حاجة ماسة و أكيدة للسلام و الطمأنينة و المتعة و العودة إلى سبيل الرشاد ..



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكتب لكم من الجنوب ( 8 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 7 )
- قمّة المناخ في شرم الشيخ وما تنتظره البشريّة منها .
- أكتب لكم من الجنوب ( 6 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 5 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 4 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 3 )
- أكتب لكم من الجنوب ( 2 )
- أكتب لكم من الجنوب
- ليلة إلقاء فاطمة بيدار في نهر السين
- حديث عن أم ريفيّة ( 5 )
- موسم الهجرة نحو الجنوب
- متى تعتذر فرنسا عن تاريخها الأسود في الجزائر ؟
- جوع في الجنوب و حرب في الشمال
- ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربيّة ... تلك القنبلة الموقوتة ...
- حديث عن أم ريفيّة ( 4 )
- حديث عن أم ريفيّة ( 3 )
- العقل قبل كل شيء
- حديث عن أم ريفيّة ( 2 )
- حديث عن أم ريفيّة


المزيد.....




- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - بين المونديال الكروي في الجنوب و المونديال الحربي في الشمال