العنف المدرسي : من التلميذ الى المدرس


محمد الاغظف بوية
2022 / 7 / 21 - 17:22     

عندما يهاجم أحد المترشحين مراقبا للإجراء بهدف السماح له بالغش او التغاضي عنه دليل قاطع على فساد العلاقة بين التلميذ والمدرسة من جهة ووجود خلل بنيوي لا يمكن اصلاحه بالشعارات او العبارات الرنانة او بالأداء الرديء.

ما يحدث بالمدارس بالوطن هو نفسه ما يحدث في بلدان اخرى.

وانني اتساءل هل نملك خططا استراتيجية مواطنة لمكافحة العنف في المدارس ؟وهل مثل تلك الخطط موجودة على ارض الواقع ومتاحة على موقع وزارة التربية الوطنية ليطلع عليها الجميع بما فيها التلاميذ واولياء امورهم ؟ وهل توجد بالوزارة جهات تقوم بالتخطيط المحكم للتصدي لهذه الظاهرة المقيتة؟ واين الخطط المتعلقة بالعنف المدرسي او التحرش ؟ ولو افترضنا وجود مراصد لتتبع هذه الافة ،هل لدينا قدرة على وضع نتائج اي دراسة بكل موضوعية وشفافية لمناقشتها ومعرفة مكامن القوة أو الضعف في هذه الدراسات ؟

ما العنف المدرسي؟

يعرف العنف المدرسي بأنه أي نشاط يعيق سير العملية التعليمية في المؤسسات المدرسية ،ويمكن أن يقع في اماكن متعددة سواء داخل الحرم المدرسي ،أو خارج المؤسسات التربوية ،أو خلال أية انشطة خارجية تقيمها المؤسسة ،وتتعدد أشكال العنف المدرسي فمنها ما هو جسدي ومنها ما هو جنسي ،كما يشمل تسلط الزملاء على زميلهم أو هجوم متعلم على مدرسه ،وقد يتطور الشكل لهجوم خارجي على المدرس والتلميذ معا ،وكما هو معلوم فإن العنف المدرسي اتسم مؤخرا بالعالمية والشمولية. فلا تكاد تخلو بلدان منه ،كالعنف المسلح الذي يجتاح المدارس الامريكية من إطلاق للنار أو تسميم.

كيف نحد من العنف المدرسي ؟

تتطلب عملية الحد من العنف بحسب الدراسات الاجتماعية والنفسية تضافر الجهود الاسرية والمدرسية، وذلك حتى يتم حماية التلاميذ من كافة الاضرار التي يتسبب بها العنف المدرسي ،فالمطلوب من الاسرة مثلا تقديم الرعاية الفائقة والدعم السليم والتعليم للمتعلم ومراقبة الاسرة له منذ صغره والانتباه الى نوعية سلوكياته اتجاه نفسه واتجاه الغير بشكل يقلل من امكانية انحرافه وانجراره لسلوكيات عقيمة ومتوحشة ،كما يطلب من الاهل التوفر على قدرات معرفية للمساهمة في خلق جو من النقاش والتفاهم الإيجابي لمساعدة الأبناء على التمييز بين السلوك الخاطئ والسلوك المتزن.

العنف المسكوت عنه : عنف ضد المدرس

شكلت ظاهرة العنف الموجه ضد المدرسين نمطا جديدا من النقاش داخل أورقة المؤسسات التعليمية المغربية ،بعدما تعرض عدد كبير من أسرة التعليم الى عنف مادي ،وتنامت الشكاوى ضد بعض التلاميذ . مما اعاد النقاش مرة أخرى حول واقع التدريس وأثره على السير العادي للمنظومة التعليمية ،مما استدعى تدخلا مباشرا للوزارة الوصية على القطاع وتطلب منها وضع برنامج لتشخيص الظاهرة ووضع حد لإحداث قد تزداد سوءا اذا لم تتوقف.

يعتقد بعض المحللين الاجتماعيين والنفسانيين أن المدارس الوطنية باتت تشهد تغييرات ترتبط بتغير نمط التفكير والرؤية الجديدة للمدرس والتي تقطع مع منظومة الاخلاق والقيم التي تمنح حيزا مهما من الاحترام والتقدير للمدرس.

من وراء العنف ضد المدرس ؟

لا شك أن المجتمع يعرف تحولات تؤثر بشكل مباشر على التلميذ. بدوره لا يستوعب التلميذ هذه التحولات بشكل ايجابي ،فينخرط في عالم المخدرات والاقراص المهلوسة وولوجه الشبكة العنكبوتية.

يتخبط التلميذ في هذا العالم الجديد ،ليخلق عالمه الخاص المبني على تفجير مطالبه وأزماته النفسية في وجه المدرس. ولذلك تتكرر أدبيات وسلوكات المعتدي من كسر انف مدرس او هجوم على مدرسة اثناء القيام بواجبها المهني.

ارهاب يومي قد يتحول إلى حالات نابتة تمس جوهر المنظومة التعليمية إذا لم تتدخل الحكومة والمجتمع المدني لوضع حد لهذه الظاهرة المستفزة والمقبولة من طرف المجتمع.

إن غياب وسيط بين التلميذ والمدرسة يغذي التطرف والعنف. فلا معنى مثلا لبناء مؤسسات تربوية في أحياء خالية تماما أو لا تتوفر على بنية تؤهل المتعلم ليركز على بلورة شخصيته بعيدا عن تأثيرات جماعات الاقران.

بناء المدرسة وسط تجمع تربوي كالنوادي الرياضية والثقافية من شأنه إبعاد التلميذ عن جماعات الضغط اللاأخلاقية.

وضع خطط لمتابعة نفسية التلاميذ وملاحظة سلوكيات التغير من شأن ذلك الحد من التطرف و العدمية.

محمد الاغظف بوية كاتب مغربي / العيون