أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة قي قصيدة -شيرينُ..يمامة توارت خلف الغيوم..- للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي














المزيد.....

قراءة قي قصيدة -شيرينُ..يمامة توارت خلف الغيوم..- للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي


محمد المحسن
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 7248 - 2022 / 5 / 14 - 00:42
المحور: الادب والفن
    


ليس الشعر إلا صياغة ساحرة وعذبة لما يختمر في داخلنا،ويعبر عن تجربة إنسانية ذاتية وشاملة.هو رؤية عميقة أداتها اللغة،وحصانها الخيال،تسافر وتجنح بدلالة اللغة الحقيقية إلى دلالات مبتكرة غير التي وضعت لها بالأصل،وتكون مليئة بالمعاني الجديدة والإشارات والإيحاءات المدهشة.والشاعر لا يقدر على فهم تجربة الحياة دون الغوص في المشاكل الإنسانية الكبرى.يتأمل ويتنقل في عالم الإنسان والكون الذي يعيش فيه.
‏تؤرق الكتابة الشاعر التونسي القدير د-طاعر مشي،والشعر بالنسبة له فعل حياة،وإبداعه الشعري يلتقط نبض الحياة،ويحاول الإمساك بلحظات فرح غير آبه بالوجع،وبجرأة مندفعة تغوص في الحياة الصاخبة التي لا تهدأ لإعادة اكتشافها من جديد.
إن الآلام التي يعبر عنها الشاعر نابعة من قلبه،وقلبه هو منبع وجعه،وكما يقول الشابي: "إن قلبي..هو مصدر آلام هاته النفس التائهة المعذبة، وهذا الجسد المُعنّى المنهوك.وما دمت أحمل بين أجنحتي مثل هذا القلب الكبير،وما دامت هاته الحياة تهد منه ولا ترحم فإنني أشقى أبنائها"
فحين تشعر بذلك الوميض من النبض في شعر الشاعر «د-طاهر مشي» تتضح لنا تلك الخافية التي يخفيها عن قرائه في واقعه واسلوبه البلاغي ومعجمه اللغوي اللفظي لتلك المفردات التي تكشف براعة شاعرنا وتألقه في كتابة الشعر،وبذلك برز شاعرنا في هذه القصيدة التي صاغها بحبر الروح،ترحما على "اليمامة الراحلة عبر الغيوم" كما وصفها شاعرنا ونقصد الشهيدة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي اغتالها حفاة الضمير..وىشذاذ الآفاق-رحمها الله رحمة واسعة-
لقد تأثرتُ كثيراً بهذه القصيدة على وجه التحديد لأنها نابعة من وجدان مفعم بالإنسانية..



شيرينُ..يمامة توارت خلف الغيوم..

فَكَمْ شيرينُ قد ذاقتْ وَذُقْنا

بساحاتِ الوَغى لا مَا افْتَرقْنا!

تجوبُ الرُّوحُ في كلِّ الدّروبِ

ويبقى في المَدى طيْفاً عَشِقنا

فنامي يا شِرينَ الشّرقِ نامي

فإنْ هبّ الهوى يوماً عُتِقْنا

وإن سالتْ دموعُ العيْن حيناً

فجرحُ الغدْرِ يبقى لوْ رَتَقْنا!

وصوتُ الحقِّ لا ي

علوهُ صوتٌ

رَصاصُ الغَدرِ من ظُلمٍ لَحِقْنا

سلامي لِلّتي في الحرب كانتْ

تُغَطّي في جِنينَ الثّأرَ لَحْنا

كما المَسجون في قفْرِ الصّحارى

نذوقُ المُر َّ ظنَّ الشّهدِ ذُقْنا

هوَى الإعلامِ في الأوْصال يسري

وكم كأسٍ من المُرّ ارْتَشفْنا!

لِتَمضِي شهيدةً مِنْ أجلِ أرضٍ

رصاصُ الغدر شيرينا سرَقْنا

ستبقَى شِرينُ جمْراً في حَشاكُمْ

صهايِنُ جُرْمُكمْ غَطّى وَعَنّى!

ونبقى راصدينَ لكم خَزايا

بإعلامٍ لَنا فَخُذوها رَنّا!

(طاهر مشّي)

إني أرى هذا الشاعر الفذ يحمل بين طياته الكثير من الحزن والوجع ..وبالرغم من سوداوية الشعور العام هنا ..إلا أن ذلك لم ينتقص شيئاً من جمال هذه القصيدة وعذوبتها التي بالفعل لامست شغافَ قلبي ..
لقد مضى الشاعر في تطريز قصيدته تطريزًا نابعا من صدق الإحساس المفجّر لصور إبداعيّة فيها عمق الألم المولّد لقوة العبارة والاختلاف تجعلنا ندرك الفرق بين حزين وحزين فَحَدَثُ الفَقْد تجد له ألف حزين،بينما تجد حزينا متفرّدًا في حزنه يعبّر عنه بشكل يغوص في أعماق جُرحِهِ فيبدع ويعلو وهو يحلّق بعيدًا خارج السرب.
إن الفقد لا يمثل حالة إنسانية طارئة،ومن خلال الشعر وحده يمكن أن نشعر بالمعنى متجدداً، بالقفز على فجوة الفراغ الذي تخلفه أكثر أحزاننا قتامة،وباللغة التي تنطلق لتعكس هذه السمة الإنسانية الأصيلة في البشرية،فتقدم لنا التجارب الشعرية المختلفة في هذا الاتجاه،كنوع من أنواع الحراك الاجتماعي والثقافي.
وهنا أضيف : إن الفكرة لدى كاتب الشعر لا توجه لغة الخارج، فالشاعر نفسه شبيه بلغة جديدة تبني نفسها، وتبتكر لِنفسها وسائل تعبيرية وتتنوع حسب معناها الخاص.هنا ما نسمّيه شعراً ليس سوى فرع من الادب الذي تتأكد فيه الاستقلالية في أبهى صورها. فالكثير من المتذوقين للشعر الحديث لا يعتبرون القصيدة شعراً ما لم يكن بها أنين وحكمة أو استغاثة،لذلك واحد من أصعب الأمور في كتابة الشعر هو أن يعرف المرء ما هو موضوعه ؟!.
إن جلّ الناس يعرفون ولا يكتبون الشعر لأنهم واعون جداً للفكرة..وبعبارة أخرى أكثر تحديداً وسيولة،إن القصيدة هي التي تخبر الشاعر بم يفكر وليس العكس..ولقد أخبرت هذه القصيدة شاعرنا"الطاهر" بمَ يجول في خاطره..
قاصرٌ هو الحرف عن الإمساك بكل خيوط إبداعك أيها الشاعر السامق..وأتمنى أن أكون قد طرقت بعضاً من ملامح الجمال بين ربوع قصيدتك الخلابة..رغم الأسى والحزن..



#محمد_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يقيم الشاعر التونسي الفذ د-طاهر مشي على تخوم الردهة المض ...
- البعد الفني والإبداعي في قصيدة الشاعر التونسي الكبير د-طاهر ...
- قراءة في -تمظهرات-الدلالة داخل المتن الأدبي في قصة “رحلة نحو ...
- تجليات الصور البيانية والأجراس الموسيقية..في قصيدة الشاعر ال ...
- حوار مع الشاعرة التونسية المتميزة فائزة بنمسعود
- هي ذي المبدعة التونسية فائزة بنمسعود..كما أراها (قصيدتها الر ...
- إشراقات القصيدة..ولمعانها في الأفق الشعري لدى الشاعرة التونس ...
- حين يعدو-دون كلل أوملل- الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي-خلف ...
- حوار مع الشاعر التونسي السامق كمل العرفاوي
- حين تكتب الشاعرة التونسية فايزة بنمسعود أشعارها..بحبر الرّوح ...
- حين يقيم الشاعر التونسي القدير كمال العرفاوي ..على تخوم البر ...
- لغة الترميز والإيحاء والتكثيف في الحدث السردي لدى الشاعر وال ...
- قراءة فنية في قصيدة الشاعرة التونسية السامقة فائزة بنمسعود-ز ...
- اقراءة نقدية في نص (عمالقة الهذيان) للكاتبة التونسية القديرة ...
- حين تتحوّل الكلمات..إلى لوحة فنية بأنامل شاعر كبير بحجم هذا ...
- قراءة فنية-متعجلة-في قصة قصيرة (العفة ) للمبدع السعودي د-خال ...
- حين يستنفر الشاعر التونسي السامق د-طاهر مشي قلمه..تترنّح الح ...
- لمسة وفاء إلى الشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي..ذاك الذي يعز ...
- رؤية الفكر..نمذجة الفن : قراءة-متعجلة- في قصيدة-هنا كنا..- ل ...
- نوافذ مفتوحة..على إشراقات صبح جميل..بقلم الشاعر والكاتب التو ...


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد المحسن - قراءة قي قصيدة -شيرينُ..يمامة توارت خلف الغيوم..- للشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي