أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أليفة رفعت .. تحطيم الأقلام














المزيد.....

أليفة رفعت .. تحطيم الأقلام


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6965 - 2021 / 7 / 21 - 18:25
المحور: الادب والفن
    


رن الهاتف وجاءني صوت غليظ قوي يقول: " يا أوستاذ.. أنا ابنتي تكتب الشعر وتريد أن تنشر قصائدها؟ هل تساعدها؟". قلت مستغربا الطريقة :" نعم". قال: " فإذا نشرتم قصيدة لها هل تدفعون فلوس مكافأة يعني ؟". قلت : " لابد أولا أن أقرأ شيئا مما تكتبه". قال : " طيب لحظة واحدة. خليك معايا". وسمعت صوت دبدبة أقدام ذهبت وعادت وإذا به الرجل يتنحنح ويبسمل ويصيح كتلاميذ المدارس في نشيد الصباح :" قصيدة الحب الأول للشاعرة ولاء حسن"! وراح يقرأ علي ما كتبته ابنته! حط على ذهول فقد أدركت أن ابنته ممنوعة من مخاطبة الرجال! وجاءني الصوت الخشن يزعق مثل أسياخ بيت يتساقط: "حلوة القصيدة يا أوستاذ؟". لزمت الصمت فعاجلني: " هي تقصد بالحب الأول حب الأم.. يا أوستاذ". غمرني ألم من وضع شابة صغيرة موهوبة محاصرة، اتخذت من الحب المتاح رسميا غطاء للتعبير عن عاطفة أخرى. تذكرت تلك السجون الصغيرة المنتشرة التي تحبس فيها مواهب المرأة، وتذبل بين جدرانها، وتساءلت: كم من المواهب والعقول والمشاعر نخسر بسبب الزنازين المغلقة؟ تذكرت قصة الكاتبة الموهوبة أليفة رفعت التي احتفل جوجل بذكرى ميلادها من أسابيع، واسمها الحقيقي " فاطمة عبد الله رفعت" من مواليد القاهرة يونيو 1930، انتبهت إلى موهبتها مبكرا، ولكنها خلافا لكل مايفترض أن تكتبه المرأة " المهذبة" سجلت مشاعرها الحقيقية فوبختها أختها الكبرى، وعنفتها، وحاولت أن تردها إلى زنزانة القيم الاجتماعية التي ترى المرأة دائما " وراء الرجل" عظيما كان أم تافها، المهم أن تكون " وراء" وليس في المقدمة. وفي الأربعينيات التحقت أليفة بجامعة القاهرة رغم اعتراض أهلها في البداية. ومابين 1955 – 1965 لجأت الكاتبة إلى نشر قصصها باسم مستعار اتقاء للمشاكل، فحاول شقيقها اسكاتها، ورفض زوجها أن تنشر أعمالها لأكثر من عشر سنوات كاملة. والغريب في الأمر أن اسمها لم يلمع في جيل الستينيات، ولم نسمع باسمها حينذاك قط ! وفي عام 1983 نشرت أولى مجموعاتها القصصية " المنظر البعيد للمئذنة" وضمت خمس عشرة قصة طرقت بقوة وعنف كل قضايا المرأة من الحرمان الجنسي، إلى الحصار الاجتماعي، إلى استبداد الرجل، وفي قصتها البديعة " المنظر البعيد للمئذنة" تطرح بوضوح قضية عدم اشباع المرأة جنسيا في العلاقة الزوجية، تطرحها äبصراحة لكن برهافة، وبقوة بجمال القلب والعقل الموهوبين من دون ابتذال. توفيت أليفة رفعت في 4 يناير 1996 في القاهرة بعد أن ترجمت معظم أعمالها إلى عدد كبير من اللغات الأجنبية. وقصة أليفة رفعت هي في الواقع قصة تحطيم الأقلام ، وكسرها، لمجرد أنها بين أصابع النساء، ويذكرني ذلك بحكاية روسية عن مغنية كانت تشدو بين الجبال في إحدى القرى، تصدح أغنياتها بصوتها الرنان بعطفها على الفلاحين والفقراء في القرية ، فأمسك بها الاقطاعي الكبير وأمر أعوانه فخاطوا فمها ليسكتوا صوتها. هكذا تتكسر الأقلام، وتختنق الأصوات، ونخسر ما لايقدر بثمن حين نضع المرأة داخل زنزانة فكرية واجتماعية.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى غسان كنفاني
- وفاة جيهان السادات
- واشنطن بين الدب والتنين
- جوائز العلومي والبحوثي .. لغادة وبوسي !
- حقول الموت قصة قصيرة
- الكتب في حياتي
- نكسة 67 .. الظاهرة خارج السياق
- 21 كــلــمــة عــلــى شــــرف ايــفــلـــيــــن بــــوريــــ ...
- الورش الأدبية .. الثقافة والمال
- جون بولوك وكتابه حروب المياه
- فلسطين .. أغاني الشعب وثواره
- حصان فلسطيني أحمر - قصة قصيرة
- اسـمـاعــيــــل يـــس .. الــطــيــبــــة والـــــفـــــن
- أمريكان وأفغان
- النيل في خطر
- يا ملطشة القلوب
- اللغة والحقيقة .. تجميل أم تدجيل ؟
- د. شاكر عبد الحميد .. الأسس النفسية للإبداع
- دينيس سميث .. الأجندة الخفية للعولمة
- عندما تعيش على أنك مصطفى وأنت إبراهيم


المزيد.....




- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - أليفة رفعت .. تحطيم الأقلام