تفاهة (محنة خلق القرآن ) !.


صادق العلي
2021 / 5 / 7 - 16:54     

مدخل :
س : هل القرآن مخلوق ام لا ؟.
ج : القرآن كلام الله .
س : يعني مخلوق ام لا ؟.
ج : انا اقوم بكل واجباتي الدينية التي وردت في القرآن .
س:اعطني جواب محدد , هل القرآن مخلوق ام لا ؟
ج:لا اعرف .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
طروحات وافكار ادت الى ما يسمى محنة خلق القرآن :
1-( ليس كمثلهه شيء) الشورى 11:
المقصود هنا الله ولا تنطبق هذه الاية على القرآن لانه يحتوي على اوامر ونواهي وهو شيء موجود عند الانسان ايضاً يحتوي على حروف متداولة بين الناس وكل حرف وكل كلمة وردت فيه لها طريقة خاصة بها بالكتابة والقراءة وعليه فالقرآن مخلوق قطعاً إذ يتشابه مع الكثير من الكتب المتداولة بين الناس حتى بطريقة الطباعة ,,, هذا رأي البعض ممن قالوا بخلق القرآن .
2-القرآن وعيسى بن مريم :
يؤمن المسلم بان عيسى بن مريم ليس ابن الله ولكنه كلمته التي القاها على مريم البتول ( البتول تعني العذراء ) فهو مخلوق كباقي الناس وهو رسول الله , هذا عكس ما يؤمن به المسيحيين الذين يؤمنون بأنه ابن الله المتجسد , بالمقابل القرآن كلمة الله التي انزلها على الرسول وهو ليس مخلوق فكيف يُعقل هذا ؟, بالقياس على ما تقدم اما كلاهما مخلوق او لا ,,, هذا رأي البعض الاخر في قضية خلق القرآن .
3-(جعلناه قرآنا عربياً ) الزخرف 3:
يؤمن البعض ( ممن استندوا على هذه الاية ) إن القرآن مُحدث بمعنى انه حدث ( ككل الاحداث التي قرر الله تشكيلها ) في زمان ومكان محددين لان القرآن نزل على الرسول وعليه لم يكن شيء قبل هذا النزول ,,, هذا رأي البعض الاخر .
4- الحياة عبارة عن خالق ومخلوق :
ليس هناك احتمال ثالث في هذه الدنيا ( بحسب ايمان المسلم ) وبما ان القرآن ليس الخالق فهو قطعاً مخلوق فمن سياق الاية اعلاه جعله الله بهذه الصورة ولو شاء لقام بتغييره الى شيء اخر وهكذا في كل مرة كما هو الحال مع باقي مخلوقاته ,,, هذا رأي البعض الاخر .
تناول العقل الاسلامي هذه الافكار ليس من ناحية الالحاد (نكران وجود الخالق ) ولكن من ناحية المعرفة التي يحث عليها الاسلام , صحيح انها ادت الى صدامات بين المختلفين ولكن لابد من طرحها للنقاش من باب ايماني خصوصاً لمن يتصدر المشهد الاسلامي ( المقصود هنا رجال الدين بمختلف درجاتهم الوظيفية ) .
طلب احد خلفاء بني العباس من رجال الدين وقتئذ بأن يقرروا ما يعتقدوه بخصوص القرآن إن كان مخلوقاً ام لا ؟!, بمعنى ان يقوم رجل الدين بالتوقيع على قرار الخليفة بأن القرأن مخلوق إم لا وسوف يتعرض للحساب كل من يختلف مع قرار الخليفة ( يبدو ان خليفة المسلمين مقتنع بان القرآن مخلوق ).
طبعاً كان هناك بعض الاعتراضات من قبل رجال الدين عند تبليغهم القرار إذ يُطرح عليهم الجزء الثاني من القرار وهو الاعتراضات (اعلاه وغيرها ) عندها تكون موافقة مبدئية ( بحكم منظقية الطرح ) التي ستؤدي بالضرورة الى موافقة نهايئة على ان القرآن مخلوق وهذه مغالظة عند البعض لعدم افتناعهم الكامل , بعض رجال الدين وضعوا تواقيعهم على قرار الخليفة البعض الاخر رفض التوقيع منهم ربما الاهم بينهم هو الامام احمد بن حنبل الذي رفض بشكل قاطع التوقيع على ان القرآن مخلوق مما ادى به الى الدخول في مشكلة كبيرة مع الخليفة سميت فيما بعد ( محنة الامام احمد بن حنبل ) فما هي تفاصيل هذه القصة ؟:
عند طرح قرار الخليفة العباسي المأمون بن هارون الرشيد ( الذي تبنى فكرة خلق القرآن ) على الامام احمد بن حنبل وسؤاله حول خلق القرآن ؟ اجاب الامام ان القرآن كلام الله ولا ازيد على هذا الكلام اي شيء اخر , وماذا عن الاعتراضات ( اعلاه وغيرها ) ؟ كان الامام احمد متمسك بجواب واحد فقط وهو ان القرآن كلام الله ولا ازيد على هذا الكلام شيء اخر , كما اسلفت لم يضع الامام احمد توقيعه على قرارالخليفة وهو بذلك يكون معارض للخليفة وسوف يكون رهن الاعتقال هنا بداية المحنة التي ستؤدي الى ما تؤدي اليه .
تم القاء القبض على الامام احمد ليأخذوه الى الخليفة المامون ولكن لم يلتقي به لان الخليفة قد مات وبذلك يدخل الامام احمد الى السجن لحين النظر بقضيته ,,, هنا مكث الامام فترة غير متفق عليها في السجن ( فترة سجن الامام من سنتين الى ثلاث سنوات تقريبا).
بعد فترة سجنه اصطحب الحرس الامام احمد الى الخليفة المعتصم الذي كان موافقاً على فكرة خلق القرآن التي تبناها المأمون ( اخوه وهما ابناء هارون الرشيد ) , عند الخليفة مجموعة من رجال الدين ( يُطلق عليهم خطأ علماء الدين ) ليعلن بداية المناظرة بينهما .
من طروحات هذه المناظرة ومن الطرفين :
القرآن من علم الله ,,, هل يستطيع احد ما ان يقول ان علم الله مخلوق ؟! ( الذي يقول بأن علم الله مخلوق فقد كفر )!.
كان الله ولم يكن هناك قرآن ... وعليها فأن القرآن مخلوق فيما بعد ؟.
اذا كان كلام الله مخلوقاً فهل فعله ( الفعل الذي يقوم به الله ) ايضاً مخلوق ؟ ,,, رجوعاً الى الاية ( انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون )82 من سورة يس هذا يعني ان القرآن ليس موجود من قبل .
عند الانتهاء من هذه المناظرة التي لم تفضي الى قناعة موحدة بين الطرفين تعرض احمد بن حنبل الى الضرب لانه متمسك بمعارضته للخليفة فهو بذلك خارج على الدين الذي يمثله الخليفة كما هو معروف .
لم تحسم قضية خلق القرآن في خلافة المعتصم وانتقلت بعد موته الى الواثق الخليفة العباسي التاسع وابن المعتصم الذي دامت خلافته خمس سنوات فقط , واصل فيها تبنيه قضية خلق القرآن ولم يضع لها حلاً نهائياً وبذلك سوف تنتقل الخلافة وقضية خلق القرآن الى اخيه المتوكل الذي عمل على وضع نهاية منطقية ومقنعة للجميع , لقد منع الحديث بها وعنها واعتبارها قناعة شخصية لكل من يريد ان يناقشها على ان لا تكون قضية عامة وهو بذلك قد رفعها عن كاهل الجميع سواءاً ممن قالوا بخلق القرآن ام ممن عارضوه .
الخلاصة :
1-بداية قضية او مشكلة او محنة خلق القرآن لم تكن من اساس الدين بشيء وانما هي من بنات افكار اناس يعتقدون بتمثيلهم للدين .
2- المنكر للقضية برمتها ليس بالضرورة منكر للدين او للقرآن وانما منكر للطرح فقط.
3-ليس من حق الخليفة او غيره محاسبة المختلف( ايمانياً وليس سياسياً) معه الا اذا تأكدنا بأنه ممثل الله على الارض وان قائم مقام الله .
4-ما الاختلاف اذا كان القرآن مخلوقاً ام لا اذا ما اتفق الجميع على محتواه وليس هناك اي تغيير او تبديل في كلماته .
5- بما ان الجميع ( الموافق والمعترض على خلق القرآن ) يؤدون ذات الفروض القرأنية ومصدقين لما ورد فيه فالقضية برمتها محض تفاهة .